الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفراغات الاقليمية لضعف القوة الأميركية

محمد سيد رصاص

2013 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


في عام2003اعترض الحلفاء الاقليميون لواشنطن في الرياض والقاهرة وأنقرة على الغزو الأميركي للعراق،الذي تحالف فيه الأميركي مع الايراني. لم يستطع أولئك الحلفاء المعترضون زعزعة جورج بوش الابن عن قراره،وهو كان أيضاً مصير وأثر اعتراضات باريس وبرلين وموسكو على ذلك الغزو. كان القطب الواحد للعالم في ذروة قوته.
قاد فشل الأميركي في "إعادة صياغة المنطقة"عبر البوابة البغدادية إلى تزعزع القوة الأميركية،أولاً اقليمياً منذ2007أمام بروز المد الايراني،ثم عالمياً أمام الاستيقاظ الروسي بدءاً من عام 2008أثناء الحرب الروسية – الجيورجية:في عام2013تحول تزعزع القوة الأميركية إلى حالة ضعف لواشنطن في اقليم الشرق الأوسط،وهو ماأنشأ فراغات اقليمية،حاولت ملئها واستغلالها كل من طهران وموسكو.
لم يقتصر هذا على خامنئي وبوتين،بل شمل هذا حلفاء واشنطن أيضاً الذين استطاعوا،أمام الضعف الأميركي،أخذ حرية حركة لم تكن متوفرة لهم في أيام غزو العراق لماكانت واشنطن لاتلتفت لاللحلفاء ولاللخصوم:ظهر هذا أولاً في يوم 3يوليو2013 بالقاهرة لمادعمت الرياض وأبوظبي وعمًان انقلاب الفريق السيسي ضد الرئيس مرسي،فيماكانت واشنطن في حالة تردد وحيرة تجاه اضطرابات داخلية واجهت حكم (الاخوان المسلمون)،الذين لم تقتصر واشنطن على نسج تحالف مع فرعهم المصري في فترة مابعد الرئيس مبارك بل شمل هذا أيضاً فرعهم التونسي واليمني والسوري وتولية الاسلامي أردوغان،بالتضافر مع قطر،إدارة الملف السوري المعارض لحساب واشنطن منذ تشكيل"المجلس الوطني السوري" في يوم2تشرين أولأوكتوبر2011.أتاح اضطراب وتردد واشنطن أمام عقابيل هذا التحالف مع الاسلاميين، بعدما حصل مقتل السفير الأميركي في ليبيا بيد اسلاميين في بنغازي بأيلول2012بينما كانت واشنطن قد رعت عملية الناتو لإزاحة نظام القذافي وبعدما بان للفرنسيين في مالي بالشهر الأول من عام2013بأن الأسلحة قد أتت للاسلاميين هناك من مخازن ليبية لمحاربة الفرنسيين الذين قادوا عملية الناتو بعام2011ضد القذافي، المجال لحلفاء واشنطن لكي يتحركوا ضد حكم (الاخوان)في القاهرة عبر دعم خصوم الرئيس مرسي الذي ظلت واشنطن حتى اللحظة الأخيرة تدعمه. في سورية كان الوضع أوضح،لماكانت تولية واشنطن لأنقرة والدوحة الملف السوري المعارض مثار عدم رضا من قبل الرياض،وهو ماظهر جلياً في الموقف السعودي غير الداعم ل(المجلس الوطني السوري) الذي كان يهيمن عليه (الاخوان المسلمون) وتدعمه واشنطن من خلف الستارة التركية- القطرية،حيث أتاح بدء ظهور عقابيل التحالف الأميركي- الاخواني عبر (محطة بنغازي) المجال لتجاوز (المجلس) نحو ( الائتلاف السوري) في 11112012والذي كانت أوراق الرياض متعادلة الكفة فيه مع أنقرة – الدوحة عند ولادته ثم فاقتهما مع التوسعة التي جرت في (الائتلاف) بالأسبوع الأخير من شهر أيار مايو2013: عبر (المجلس) و(الائتلاف) ظهر مقدار التخبط الأميركي في الملف السوري المعارض،وهو ماكان الأرضية لتنازع الحلفاء الاقليميين لواشنطن على إدارة الملف،برضا الأميركي في حالة أنقرة والدوحة، وبتردد أميركي أقرب لعدم الرضا تجاه حالة نفوذ الرياض في (الائتلاف).
تدرك واشنطن في عام2013حالة ضعفها الاقليمي بمنطقة الشرق الأوسط:ظهر هذا أولاً في (اتفاقية موسكو)يوم 7أيار مايو بين لافروف وكيري حول سوريا،ثم في اتفاقية 14أيلول سبتمبر بينهما حول (الكيماوي السوري)،حيث من الواضح فيهما الأرجحية الروسية على الأميركية.لم تسلم واشنطن في هاتين المحطتين فقط بضعفها أمام موسكو،بل عملياً أعطت موسكو إدارة الملف السوري من خلال (جنيف2) الذي يتزامن فيه تنفيذ (الحل السياسي) المتضمن في (جنيف1)مع تنفيذ(القرار2118)الصادر عن مجلس الأمن بيوم27أيلولسبتمبر بمايخص(الكيماوي السوري).تريد واشنطن من خلال تنازلها في سورية لروسيا تعاون موسكو معها في إدارة فراغ مابعد الانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان المقرر في تموزيوليو2014والذي يريد البيت الأبيض أن لايكون مشابهاً لمصير عراق مابعد انسحاب31كانون أولديسمبر2011الأميركي من هناك لماظهرت أرجحية النفوذ الايراني على الأميركي في"العراق الجديد". على الأرجح أن دوافع تقاربات أوباما من روحاني تشمل أفغانستان أيضاً،التي يدرك البيت الأبيض مدى النفوذ الايراني هناك ليس فقط على الأحزاب الشيعية وإنما أيضاًعند مكونات (تحالف الشمال) الذي تشاركت طهران مع موسكو في دعمه ضد حكم حركة طالبان(1996-2001) إضافة للنفوذ الايراني في المنطقة الغربية الأفغانية عند سُنًة مدينة ومنطقة هيرات. في هذا الإطار الأفغاني،يقود الضعف الأميركي الراهن إلى تنامي الدورين الباكستاني والسعودي في الملف الأفغاني من حيث دورهما في اقناع (حركة طالبان) بالتخلي عن المقاومة المسلحة والدخول في حكومة انتقالية أفغانية لفترة مابعد الانسحاب العسكري الأميركي مع (جماعة كرزاي) و(تحالف الشمال) و(الأحزاب الشيعية).
كل تلك التطورات التي نتجت عن الضعف الاقليمي الأميركي في الشرق الأوسط قادت إلى فراغات قوة ساهمت في تنامي نفوذ طهران الاقليمي ،وبروز حضور موسكو بالمنطقة بعد كسوف نفوذ الكرملين الشرق أوسطي في مرحلة مابعد بريجنيف(توفي في 10تشرين ثاني1982). ساهم هذا الضعف الأميركي في تنامي الدور الاقليمي للرياض، وفي إعادة الحضور الباكستاني لأفغانستان بعد غروب شهده هذا الحضور في زمن مابعد الغزو الأميركي لأفغانستان الذي حصل بعد أربعة أسابيع من (11سبتمبر2011). أيضاً يلاحظ في فترة (مابعد 3يوليو2013)أن السلطة المصرية الجديدة تملك مسافة عن واشنطن لم تكن موجودة في عهد الرئيس مبارك. بالمقابل قاد الضعف الأميركي الاقليمي إلى تزعزع الدور التركي في عام2013 بالقياس لعام2011،وإلى تضعضع واختفاء الدور القطري، وإلى سقوط مرسي، وإلى جعل مد التيار الاسلامي السياسي بحالة جزر وتراجع.
هل يمكن أن توحي كل هذه التطورات بإمكانية قرب حصول (يالطا دولية – اقليمية) حول تقاسم النفوذ في الشرق الأوسط، بعدما كانت هذه المنطقة هي المنطقة الوحيد المستثناة من خرائط النفوذ التي رسمت في (مؤتمر يالطا)شباط- فبراير1945؟...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل