الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر اللغة الشركسية في أنقرة

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2013 / 10 / 20
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


مؤتمر اللغة الشركسية الثاني في أنقرة- تركيا

بقلم: عدنان غوركوز* - كفر كما

يقول المثل الشركسي: "لا يوجد عمل غير منجز، هناك عمل لم يباشروا به بعد."
الشعب الشركسي يعيش اليوم في الشتات في بلدان العالم. هذا الوضع ما زال مستمرا منذ مئة وخمسين عاما. هذا الشتات يقسم الشعب الى أجزاء، ليس من الناحية الجغرافية فقط انما والثقافية أيضا. هذا الشتات يضع الشعب على مسار الانصهار. تشير الأبحاث العلمية التي أجريت على موضوع الانصهار أن ضياع اللغة والزواج المختلط هما من العوامل المحفزة في هذه السيرورة. وللأسف كلاهما موجود عندنا. من جهة، الزواج المختلط يحدث قليلا أو كثيرا عند شعبنا في كل البلدان، وللأسف بدأ يلقى القبول أكثر وأكثر من قبل الشعب. ومن جهة أخرى، لم تعد اللغة الشركسية اليوم مستخدمة كثيرا من قبل الشباب. قلائل فقط هم الذين يتقنونها ويستخدمونها جزئيا. هاتان الظاهرتان معا اللتان تحدثان عند شعبنا تحفزان الانصهار والخطورة قائمة بأن النور الذي في نهاية النفق آيل الى الانطفاء لدى أجزاء من شعبنا أو ربما يكون قد انطفأ تماما.
في السنوات الأخيرة بات شعبنا، أو على الأقل جزء منه، يشعر بالخطورة، وباشر بالتفكير بعمل شيء ما إزاء الموضوع. تم تنفيذ بعض الأعمال على المستوى الشخصي وعلى المستوى الجماعي من أجل إيجاد الحل المناسب لهذا الوضع الخطير. من ضمن تلك الأعمال التي
تم تنفيذها كان المؤتمر الأول بموضوع اللغة الشركسية التي أقيمت في عمان في المملكة الأردنية عام 2008. وقد شارك فيه ممثلون عن الشركس في بلدان ودول كثيرة، من ضمنها إسرائيل. جرت نقاشات مهنية مهمة ومثيرة للاهتمام. أنا شخصيا كان لدي سؤال واحد للمشاركين في المؤتمر، وقد بقي الى اليوم دون جواب. لذا، كان لزاما عليّ أن أحيله الى المشاركين في المؤتمر الثاني في أنقرة. وسؤالي هو: على افتراض أننا وجدنا حلا مطلقا لمشكلة اللغة، أي حلا يمكن لأبناء شعبنا أن يطبقه وهم سيباشرون فورا في استخدام اللغة بشكل كامل، هل توجد سلطة لكل جالية في الشتات حتى يُفرض الحل على كل فرد من الأفراد؟ يمكن تلقي السلطة فقط من قبل الحكومة التي يعيشون فيها أو من قبل أنفسهم نتيجة زيادة التوعية في الموضوع للتحدث باللغة الشركسية من إيمانهم بأهميتها.
وعليه، شخصيا، توصلت الى الاستنتاج أن مهمة كل جالية شركسية في العالم هي الحصول على هذه السلطة، والأفضل أن يكون ذلك بشكل رسمي، أي موافقة الحكومة، والأهم هو خلق معتقد أو إيمان لدى أبناء الشعب بأهمية الحفاظ على الشعب، ثقافته وكيانه.
مؤتمر أنقرة هو عمل آخر ضمن تلك الأعمال التي بدأها الشعب الشركسي.
استمر المؤتمر على مدى ثلاثة أيام بين 27 الى 29 من أيلول 2013 وكانت النقاشات مهنية على مستوى علمي وأكاديمي. وقد شارك فيه أناس يمارسون يوميا تعليم اللغة الشركسية (معلمون ومعلمات). كلهم أقروا بصعوبة وضع لغتنا الشركسية وبالمخاطر التي تعترضها وتهددها بالانقراض. وكانوا شركاء في الاستنتاج اللازم من هذا الوضع وهو وجوب اتخاذ خطوات صحيحة من أجل تقليص الخطورة.
واليكم تلخيص ما قدمته للمؤتمر عن وضع الشركس في دولة إسرائيل:

نحن الشركس موجودون هنا منذ عام 78-1876. وتحيطنا بيئة ليست شركسية. تطورت علاقات بيننا وبين هذه البيئة، ومعنى ذلك أن هناك تأثيرا متبادلا باستمرار. لا شك أن البيئة الكبيرة هي المسيطرة في هذه العلاقات في كل الجوانب: المضمون، المكان والخ... وأحيانا تكون هي وحدها المؤثرة. هذا التأثير هو بشكل سيرورة تتميز بأنها غالبا ما تتكون من ثلاث مراحل:
في المرحلة الأولى، الأقلية لا تتأثر على الإطلاق وهي تستمر في الحفاظ على كل ممتلكاتها (ثقافة، لغة وحتى المساحة). في المرحلة الثانية، يوجد صراع بين الأقلية والبيئة المحيطة بها على الثقافة، اللغة والمساحة. وفي المرحلة الثالثة البيئة الكبيرة "تخضع" الأقلية وتصهرها بداخلها. أحيانا يبدو كأن الأقلية "ترغب" في ذلك الانصهار في البيئة الكبيرة. برأيي، نحن الشركس في قريتي كفر كما والريحانية، موجودون في بداية المرحلة الثانية من هذه السيرورة.
اللغة الشركسية هي اللغة السائدة الحصرية في القريتين. ولكن السؤال هو: ما هي هذه اللغة الشركسية؟ وما مميزاتها؟
1- هذه اللغة اليوم تحتوي بداخلها على كلمات عديدة ليست شركسية. انها كلمات "اجتاحت" اليها لأسباب كثيرة. منذ القرن العشرين يشهد العالم تفجرا تكنولوجيا سريعا جدا، غنيا بمستجدات مكثفة ألزمت كل المحتكين بها (أي تقريبا كل شعوب العالم) على تجديد لغتهم وتمييز المستجدات الكثيرة والسريعة. نحن أيضا كنا بمواجهة هذه الضرورة وكل جالية شركسية في أرجاء العالم تبنت المستجدات اللغوية، استوعبتها في داخل اللغة الشركسية. سبب آخر لاجتياح الكلمات الأجنبية الى لغتنا يكمن في حاجتنا "لفهم" و"التأقلم" في البيئة الكبيرة. ومرة أخرى، بهذا التفسير استوعبنا كلمات ليست شركسية (تركية، عربية، عبرية، وربما انكليزية وعالمية)، حتى أن هذه الكلمات، بنظر الأجيال الشابة، "تشركست" اذ باتوا يعتقدون أنها كلمات شركسية.
2- نحن بطبيعة الحال المفروض أن ننقل حمولتنا اللغوية الى الأجيال القادمة. بتنا ننقل بشكل متناقص من جيل الى جيل. يعني أنا تلقيت من والدَي ومن البيئة الشركسية في قريتي حمولة من الكلمات أقل مما تلقاها والداي، وأولادي يتلقون أقل مما تلقيته أنا. باختصار، النقل اللغوي في تناقص من جيل الى جيل. والنتيجة هي تكوّن الفقر اللغوي وتزايده.
3- كل لغة تتكون من كلمات ملموسة وكلمات مجردة. حين ننقل الحمولة اللغوية يجب نقل هذين النوعين من الكلمات. النقل المتناقص يكبر ويتضخم فيما يخص الكلمات المجردة
نحن اليوم بالكاد ننقل هذا النوع من الكلمات الشركسية. بدل الكلمات الشركسية المجردة نستخدم الكلمات الأجنبية المجردة (من البيئة الكبيرة المحيطة بنا) بحجة أنها "أسهل" أو "لأنني لا أعرف" أو "هذه الكلمة ليست موجودة بلغتنا". والنتيجة هي تعميق الفقر اللغوي.
4- في الأحاديث بيننا هناك ظاهرة أسميها "ظاهرة الأكورديون" المنفتح والمنغلق لإنتاج أصوات مختلفة. يبدأ الحديث بيننا دائما بلغة شركسية نظيفة، الا أنها سرعان ما يبدأ أحد المتحدثين بإقحام كلمات غير شركسية. وبعد حين يرد المتحدث أو المتحدثون الآخرون أيضا بإقحام كلمات غير شركسية الى الحديث. من هذا الوضع، تماما مثل الآلية التي وصفتها سابقا، يبدأ إقحام متبادل لجمل في نهايتها يتحول الحديث كله الى لغة ليست شركسية (تركية، عربية، عبرية، انكليزية، روسية...) بعد ذلك يعود الحديث مرة أخرى الى الشركسية، أحيانا، فتعاود نفس السيرورة. هذه الميزة أيضا تساهم في الفقر اللغوي المتراكم للغتنا الشركسية في البلاد.
أعترف أن وضعنا أفضل من وضع جاليات شركسية أخرى ولكن هذا الأمر لا يواسي لأننا نحن أيضا موجودون عميقا بما يكفي في سيرورة الانصهار الخطيرة. ما العمل؟ سؤال صعب للغاية إذ من الممكن دائما إحضار الحصان الى الماء ولكن لا يمكن إجباره على الشرب اذا لم يمتلك الرغبة. الجواب على هذا السؤال الصعب يتعلق تماما إذا كان الحصان يرغب في الشرب أم لا، وهل هناك طرق يمكن إقناعه بها كي يرغب في الشرب؟
أنا متفائل بطبيعتي وأؤمن أن بالإمكان إقناعه بالشرب ولكن القيادة (الخلية العائلية، القيادة الرسمية المنتخبة في الانتخابات الديمقراطية، المؤسسات التربوية) عليها أن تؤمن بهذا الأمر وتلائم سلوكها لهذه الغاية. مع ذلك، أنا واقعي جدا أيضا ولهذا أدرك أننا مثل بقية شعوب العالم الأخرى علينا أن نكون واعيين ومنتبهين للتغيرات التي تحدث في العالم ومستعدين "لاستيعاب" تلك التغيرات بمختلف تجلياتها (بما فيها اللغوية) والقيام بالتعديلات الضرورية كي لا تشكل خطرا على لغتنا القومية. كل ذلك اليوم يمكن فعله بالتنسيق بين الجاليات الشركسية في العالم في الوقت ذاته بفضل أجهزة التكنولوجيا الحديثة، التي "خلقت المشكلة"، وهي المتوفرة لدى مختلف شعوب العالم.

(ترجمتي من العبرية)

....................................................................................

*مربي متقاعد وباحث في موضوع الشركس بكل جوانبه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مشاركة الكاتب الكريم مقاله
MUSA TOGHOZ ( 2015 / 6 / 16 - 18:20 )
تحياتي
بعد أن قرأت المقال أعلاه والمعنون ب (مؤتمر اللغة الشركسية الثاني في أنقرة تركيا) لقد وجدت واقعيه ومنطقيه في سرد الحال تدل على ذكاء الكاتب وحرصه على اللغة الشركسيه، ما أود أن أضيف أن من أسباب عدم الإقبال على الإهتمام باللغه من قبل الفرد العادي هو ضعف ما نعرف عن لغتنا الشركسيه بسبب الظروف الصعبه والويلات والحروب وأطماع مستبده بمقدراتنا وبما نملك بالماضي والحاضر ومنوط بمثقفينا بلورة كل ما نجهل عن لغتنا ومنها حروفنا القديمه التي كتب به السلف من أجدادنا ما قبل 4000 عام ويزيد، وهي كتابه مثلت مقاطعنا الصوتيه ال (36،37) بأرقى التصورات اللغويه حتى تخلى آخرون عن حروفهم وكتبوا بها هي، حيث تحوي في طياتها الحروف اللاتينيه جميعها، فيها نبقي كنز الماضي، ونوفي الحاضر وتكون المنطلق للمستقبل، هي توجب الفخر بأسلافنا وبشركسيتنا، كل ما يتطلب أن تقر مؤتمراتنا اللغويه إنشاء مجلس لغوي عالمي يقرها من جديد ليتعلمها الفرد الشركسي أينما كان ليكون على إضطلاع بما يكتب له ويؤرقه ويؤرقنا من ملمات دائمه تجمد طموحاتنا وآمالنا وأحلامنا الكبيره للإلتقاء ولم الشتات والعوده للوطن، وليفرغ كل ما في جعبته للبناء


2 - تكمله لما سبق-
MUSA TOGHOZ ( 2015 / 6 / 16 - 19:08 )
- أما وجود كلمات دخيله أو متشابهه واللغات الأخرى أو مشركسه فشيء طبيعي ونحن في عصر الإنفتاح على الثقافات الأخرى وهذا حاصل وملحوظ في قواميس من تعتبر نفسها دول متقدمه أيضاً وهي ظاهره صحيه حسنه تقرب الشعوب ،لبعضها، وتبقى اللغة الشركسيه أكبر وأجزل معنى من أن تتأثر بغيرهارغم الدخيل ما غير مرضي عن أن نبقى في الشتات بعيدين فكرياً عن بعضنا رغم أن طموحاتنا وآمالنا واحلامنا واحده، وليكون لنا حريةالقرار في وطننا، لا نريد تجاهل الآخرين لحقوقنا ولا أن تستمر سياسات الطامع المحتل ومحاولات إسكاتنا بإملاءاته التي ليس لها هدف سوى السيطره وتحقيق المنافع والمكاسب لذاته على حساب أمتنا الشركسيه التي نحترم ونجل ، أما محاولات الكاتب بإسقاء الحصان فأرجوا أن يترك له الخيار ما دام الماء والخير موجود ومتوفرإلا إن قصد أخذه إلى الماء لتعقيمه وإبقاءه في حال حسن وجاهز للإستفاده منه لأغراض تجلب النفع المتبادل أما بخصوص الأجهزه الألكترونيه الحديثه فيجب أن ننتفع منها ونسخرها لخدمة أغراضنا وأهدافنا على الدوام ، إيجاداً الحلول للمشكلات التي هي ثانويه وبسيطه مقابل ما تقدم من خدمه نافعة


3 - تكمله لما سبق-
MUSA TOGHOZ ( 2015 / 6 / 16 - 19:08 )
وأم يا وطن أنت بلمس الدفء في الحضنا
مع التفكير في عمر برضع العز منعنا
بنهل منك الخير كنزنا منك في الكونا
بتخليد الحلا فيك نعد يوماً بلا منَّا
فداك الروح في دأب بشمخ للعلا صونا

اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج