الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يعلمنا القرآن في تيه بني اسرائيل :

ثامر ابراهيم الجهماني

2013 / 10 / 21
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تقديم لابد منه :
لا أزعم على الاطلاق أن هذه الكلمات هي شروح او تفسيرات بل فكرة طرأت ، احاول أن استفيد منها واياكم للفهم والاسقاط والمقاربة مع وضعنا في الثورة السورية المباركة .
التيه :
حُكِمَ على بني إسرائيل بالتيه 40 عاماً و يرجع هذا المسمى بسبب التيه الذي كتبه الله على بنى إسرائيل بعد رفضهم لقتال القبائل الكنعانية التي كانت تسكن المدينه المقدسه في فلسطين ، ((﴿-;---;--يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ)) .
جاء رفضهم لخوفهم من العماليق ولتشبع ذواتهم بالعبودية التي اعتادوا عليها ((قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ)) ارادوا معجزة من السماء لتخلصهم وتحرر الارض التي وعدوا بها ..تواكلوا ولم يتكلوا على الله فكان منطقهم : (( قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ )) ،
تشجع نفر منهم لخوض التجربة ، استجابة لامر الهي ولثقتهم بالنصر ان عزموا واخلصوا النية وكانو من المتوكلين وليس المتواكلين ((قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) ، شكى موسى عليه السلام ربه قومه وحكم الله عليهم بالتيه وحرّم عليهم دخول الارض المقدسة ((قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ۝-;---;--25قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ )) .

ما هي حكمة التيه ؟:
هي عقوبة و شيء آخر ، فقد اعتاد العبرانيون العبودية عند اسيادهم المصريين ، لم يتعودوا الحرية لم يتمرسوا عليها ولم يناضلوا من أجلها ، فوجئوا بشخص يدعي النبوة وأنه نبيهم المرسل المخلّص ..هو من جائهم وبحث عنهم ..وليس هم من بحثوا عنه وعن الحرية ، فروا لوعود بالنعيم بلا تعب ..بعد أن استمرئوا العبودية والذل . قلوبهم خانعة مرتجفة دب فيها الرعب ...أراد الله عقابهم ..ومن الحكمة أن يبقى الوعد في عقولهم ومكنونات قلوبهم ..لابد اذاً من جيل لم يعش خوفهم وجبنهم ، جيل ولد بالصحراء حرا ً كريماً لا عبداً ذليلاً ...فالاوطان لاتتحرر بالعبيد بل الاحرار هم من يحرر الاوطان .

خرج جيل من الشباب والرجال تعود جلافة الصحراء وقوامة اللسان وكابد الجر والقر وراح يحلم وتجدد الحلم والوعد ... وفنى المرجفون العبيد وزال تأثيرهم ..وكان ما كان ..
نعم الاحرار هم من يحررون الاوطان لا العبيد ...عندما أحرق نيرون عاصمة روما ..هرع عبيد روما الى إطفاء النار ...نعم ..ليس في روما أولاً ولا بيوتهم ثانياً بل بيت نيرون ...لانهم عبيد وعقلهم مكبل بترهات العبودية المغروسة في بواطنهم ...فلمن تقرع الاجراس اليوم ..نعم انه بروتوس الذي افتقدناه في هذه الايام ...

الاسقاط والمقاربة :

هل كان الشعب السوري الذي عاش ذل العبودية لعقود طويلة الى تيه جديد ، هل نحيا التيه بكل تفاصيله الموحشة والمفجعة ...أعتقد أن اختلاف التفاصيل والازمان وترتيباتها المرحلية بين الحدثين ينفي التشابه بينهما لا ختلاف المشبه والمشبه به الغاية هي مسألة التيه كوسيلة للتحلص من العبودية ..لاسيما وأن أن هذا النظام الآسدي المافيوي قد عمل حثيثا لزرع الخوف وفكرة الرعب التي عششت في عقول الاغلبية أنه قدر لا مفر منه ..وعمل على افساد المجتمع وتغيير القيم عبر منظومة فساد مؤسس لها بعناية ..قبل سنوات كان المواطن السوري يخشى ان يحلم وإن فعل يخشى تذكر حلمه ..فخلق كل باب مخبر وتحت المخدة مخير حتى الحيطان لها أذن تسمع وتشي بما تسمع ....زرع بيننا كل عهر العالم وانحطاطه واستبعد وحارب كل جماليات الاخلاق ..ففسد المجتمع الا قلة قليلة ظلت تناضل وتصرخ حتى احتوتها السجون والاقبية والقبور والبقية الباقية حوصرت بكل سبل الحياة .

فجر الثورة واغترابها :

الثورة في سوريا الحبيبة كانت ناراً تتقد تحت رماد كثيف ،تحتاج الى محراك يخرج لهيبها ولان الظلم طال الجميع الصغير قبل الكبير ...الهم الله اطفالنا فخطّوا على جدران قلوبنا أن كفا رقاد ..قوموا من رقادكم حان وقت العمل والتضحيات هب الشباب بلا تيه جديد ..ليرسموا لنا ملامح ذلك الوهج ..كانت الارادة الالهية حاضرة بكل التفاصيل وهيّئة الاسباب وثارت النفوس لتنزع عن عيونها الغمامة السوداء والقهر الجاثم على الصدور ...فتقلبت القلوب وتجمعت وصرخت (( من حوران هلّت البشاير لعيونك يا شعب يا ثاير )) جاوب الصدى كل البقاع المقدسة في الوطن الطهور ....وصنعوا المعجزة أن قالوا كفا للظلم والقهر والاعتراب ...
طال أمد الصراع عندما ابتعد البعض عن تلك الارادة . وتفرق الصوت الواحد الى أصوات واختلفت النوايا ...ودخلنا أتون التيه ....هل هو التيه الذي نستحق ؟ هل نحتاج الى عفوبة وجيل جديد ؟
ليست نظرة تشاؤمية بقدر ما هي قراءة واقعية لحجم الاستنزاف والتعب والارهاق والفجيعة التي طالت الجميع ..ان طول الامد في الصراع بين الحق والباطل بين الخير والشر بين الحرية والاستعباد صراع أبدي مستمر ، ولا يوجد حرب حتى أخر طلقة ولا ثورة حتى أخر ثائر لا بد من نهاية ، فمن يرسم ملامح تلك النهاية ؟ لو عدنا الى ألق ذلك النزق الثوري الاول حتى نتلمس ملامح أخطائنا ، ونرسم بالوجع الحاصل خطوط التيه الذي سنحترق في أتونه ...استطعنا وقتها تلمس بقعة الألق والتوق للحرية والانعتاق ..هي دعوة الى التأكيد أننا لا نحتاج تيه جديد كتيه بني اسرائيل ولا نحتاج الى نبي جديد ولا الى معجزة فعصر المعجزات أفل المعجزة هي ما نصنعه بأيدينا لا ما يهدى إلينا ...الذاهب الى جنان الخلد عليه الاتصاف بصفات أهل الجنة ... والمؤمن الحق هو الذي يمارس ايمانه بسلوكياته لا بملامبسه واقواله ..والباجث عن الحرية يجب أن يمارسها في بيته وعمله وثورته ...كل من يؤمن بمعتقده عليه أن يحترم ما يعتقد حتى يحترمه الاخرون . وليكن هدفنا هو ما خرجنا اليه في اليوم الاول ..لا ما طرأ في عقول البعض ...كل الاحلام حلال لكنها مؤجلة الا الحرية ...فإن فقدناها ..سنبكي عليها ابد الدهر وستلنا الاجيال القادمة ..ودمتم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح


.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا




.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ