الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مازق الاسلام السياسي و ازمة العقلانيين العرب

جهاد الرنتيسي

2013 / 10 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


تحمل حركة اصطفافات ، قوى الاسلام السياسي ، بثنائياتها ، السني والشيعي ، المعتدل والمتطرف ، اكثر من غيرها ، ملامح فوضى منطقة ، تنتقل مربكة ، بين حالتين من اللاستقرار .
الرسالة التي وجهها ، زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري ، الى انصاره والمقربين منه ، وبثتها مواقع الكترونية ، قريبة من تيار السلفية الجهادية، تعبر بشكل او بآخر عن تغير ، قد يكون تكتيكيا ، في اولويات وطريقة تفكير هذه الجماعة .
ففي هذه الرسالة ، اعادة لجدولة الاولويات ، في التعامل مع تطورات المنطقة والعالم ، بحيث تقترب في نظرتها للغرب ، من التفكير الايراني ، قبل ظهور مؤشرات التحول ، نحو البحث عن تسوية ، للملف النووي ، ولا تبتعد عن ذهنية تصدير الثورة ، التي طرحها نظام الملالي ، غداة استيلائه على الثورة والحكم في ايران .
كما تميل مقاربات الظواهري ، لتهدئة مخاوف الطوائف الاسلامية الاخرى ، من عنف السلفية الجهادية ، مما يكشف عن رغبة ، في وراثة حضور حزب الله اللبناني ، قبل تورطه في الازمة السورية ، وظهوره بصورة الحزب الطائفي ، بعدما كان يعبر عن حالة تحرر وطني ، اجبرت الاحتلال الاسرائيلي على الانسحاب من جنوب لبنان.
اطروحة الظواهري الجديدة ، التي جاءت نتيجة لمجريات الصراع في المنطقة ، لم تغادر المربع الطائفي في العراق ، وابقت تعريف عملاء الولايات المتحدة في سوريا غامضا ـ لا سيما وانه ينطبق على النظام ، الذي استجاب للرغبة الامريكية ، واظهر تعاونا مع عمليات نزع سلاحه الكيماوي ، مثلما ينطبق على المعارضة ، المتحالفة مع الغرب ـ وابقت حدود التهدئة مع من تصفهم بالمرتدين غائمة ، مما يعني مقتل المئات من الابرياء ، دون وجه حق ، الى ان تحين الفرص ، لمقاربات اكثر وضوحا .
في المقابل ، كان المرشد الاعلى للجمهورية الايرانية علي خامنئي ، في كلمته الموجهة للحجاج ، وهم على جبل عرفة ، بعيدا عن السياسات التي تتبعها بلاده ، في الوقت الراهن ، للتقارب مع الغرب ، على امل التوصل الى حل ، لازمة الملف النووي .
فقد حمل القوى "الاستكبارية" و"الشيطانية" وهي الاوصاف ، المعتمدة ايرانيا للولايات المتحدة ، مسؤولية التوتر ، في الخليج وغرب اسيا وشمال افريقيا ، ولدى دعوته المسلمين ، الى الاتحاد والتآخي ، تحت لواء التوحيد ، اعتبر العناصر التكفيرية العوبة بيد الساسة الصهاينة .
اندفاع خامنئي في تنظيره الديني ، انطوى على مخالفة اخرى ، للسياسة التي يتبعها الرئيس حسن روحاني ، الذي لا يستطيع الخروج من تحت عباءة المرشد الاعلى .
فقد التقى خامنئي ، بشكل او بآخر ، مع اسامة بن لادن ، في تقسيمه العالم ، الى فسطاطي الكفر والايمان ، بحديثه عن تكفير المذاهب ، الذي يخدم الكفر والشرك ، وتحديده العدو بجبهة الاستعمار العالمي والشبكة الصهيونية ، فيما يجري روحاني ، اتصالات مع الرئيس الامريكي باراك اوباما ، ويبدي حسن النوايا تجاه اليهود ، في الوقت الذي يتهرب من زيارة السعودية ، التي من شأنها تهدئة توترات في المنطقة ، وحفظ دماء المسلمين ، ولا يخلو الدور الايراني في العراق وسوريا من شبهات طائفية .
والواضح ان المرشد الاعلى ، كان يراهن خلال توجيه خطابه للحجاج ، على خشوع المؤمنين ، وضعف ذاكرتهم ، وقلة قدرتهم على الربط ، بين التنظير الديني والاحداث الجارية على الارض ، في لحظة تاديتهم لشعائر الحج.
حركة حماس ، قدمت مساهمتها ، في حالة التأرجح ، بين التنظير الديني وتعقيدات السياسة ، بمحاولتها وضع احدى قدميها في الدوحة ، حيث الشيخ يوسف القرضاوي ، والاخرى في طهران ، بعد فشل المراهنة ، على الزمن الاخواني ، الذي بدات نهاياته ، مع الاطاحة بالرئيس محمد مرسي .
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ، التقط خلل المعادلة ، وحاول ايجاد الغطاء النظري ، الذي يتيح الالتفاف ، على حالة التشوه ، التي ينطوي عليها تارجح حركات الاسلام السياسي .
دعوة مشعل لتوجيه البنادق نحو القدس ، وحديثه عن الطائفية ، خلال مؤتمر في بيروت ، يندرج في هذا السياق الا ان الدعوة والحديث اثارا حساسية " جيش الاسلام " احد فصائل السلفية الجهادية في سوريا ، الذي لم يتوان عن اصدار بيان ، يهاجم راس الهرم الحمساوي ، ويرفض الدعوة لتوجيه البنادق الى القدس ، بدلا من مخيم اليرموك .
محاولات الاسلام السياسي ، بشقيه السني والشيعي ، للتناغم مع ايقاع التحولات ، التي تمر بها المنطقة والعالم ، دفعت تنظيم القاعدة ، بكل تشدده المذهبي ، الى محاكاة النموذج الايراني ، الاكثر اتقانا لاخفاء مذهبيته ، وتعويم خطابه ، ليشمل عموم المسلمين.
راوح الجانبان ، بين المناورة في تكفير المذاهب الاخرى ، واعادتها درجة في سلم الاولويات ، كما فعل الظواهري ، وادانتها بالمطلق ، دون القدرة على درء شبهاتها ، مثلما جاء في رسالة خامنئي الى الحجيج ، التي تفتقر الى الانسجام مع الدور الايراني في اكثر من مكان ، وفي الحالتين ، لا يستدعي الخطابان المستخدمان ، وتجلياتهما على الارض ، تدخلا خارجيا ، لتاجيج الصراع المذهبي والطائفي ، القائم في المنطقة ، فهما كفيلان باذكائه ، وجر الفئات البائسة اجتماعيا وفكريا للانغماس فيه .
والرغبة بالافلات من المنعطف الاقليمي ـ الكوني المزدوج ، دفع مشعل ، الى ما يشبه سياسة تبادل المنافع ، مع ملالي ايران مرة ، و القرضاوي مرات ، مما اتاح للرئيس السوري بشار الاسد ، تمرير شكواه من غدر حماس ، مع اعترافه المبطن بخطئ تجاهل اخوانية الحركة ، حين تعامل معها باعتبارها حركة مقاومة ، دون ان يجد ردا منها وهي تحاول العودة الى المعسكر الذي غادرته .
اتساع المأزق ، الذي يعاني منه الخطاب المذهبي ، لحركات الاسلام السياسي ، بثنائياتها المتعددة ، وهو يلاحق زمن التحولات الاقليمية والدولية ، لا يعني بالضرورة ، انحسار حضور هذه الحركات ، التي تجد في عودة المجتمعات الى مكوناتها البدائية ، مناخا ملائما للتمدد .
يضاف بذلك ، مظهرا اخر ، الى مظاهر الانكفاء الحضاري ، الذي تمر به الشعوب العربية والاسلامية منذ قرون ، كشف عنه ما يعرف بالربيع العربي ، الذي اخفق حتى الان في تحديث وعقلنة الحياة السياسية ، مما يزيد من صعوبة مهمة العقلانيين العرب ، في التعامل مع واقعهم الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مغامرات وأسرار.. بيكي تكشف أبرز التحديات التي تواجه البنات ا


.. استطلاعات: الولايات الأميركية المتأرجحة تبدي تغيرًا لصالح با




.. ناريندرا مودي يتولى رئاسة وزراء الهند للمرة الثالثة


.. لأول مرة.. مقاتلة أوكرانية تقصف العمق الروسي وتدمير مقاتلة ا




.. قتلى وجرحى من جراء استهداف الجيش الإسرائيلي مبنى سكنيًّا وسط