الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيخرج التونسيون إلى الشارع؟

محمد الحمّار

2013 / 10 / 22
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


يبدو لنا أنّ حكومة النهضة لم تجلب مساوئها من العدم وإنما سلوكها يظهر للعيان كتضخيم فج وركيك لمساوئ فئات عديدة من الشعب. فعَبرَ ما نلمسه من تعامل "أقوى حكومة في التاريخ" مع الشأن العام ومع المجريات في المجالات كافة نلاحظ استنساخ هذه الحكومة بصفة مُركزة لأهم العيوب التي تنخر المجتمع التونسي والذي يتحمل مسؤوليتها الفرد والمجموعة على حدٍّ سواء. وما حزب النهضة إلا حمّال متطوع لهذا العبء أي أنّ "أقوى حكومة" هي أقوى انعكاس لأقوى المساوئ المجتمعية.

من خلال مماطلتها في تناول مختلف الملفات المطروحة للتدارس وللحلحلة ومن خلال تلكئها بشأن الحوار الوطني ومن خلال سياسة التسويف واستراتيجيا ربح الوقت التي تنتهجها ومن خلال الإخلال بالواجب ونكث العهود، وكأنّ النهضة تشهر بالبند العريض الوجه البغيض دون سواه للإنسان التونسي عموما.

و قبول النهضة بأن تنتحل شخصية حمالة الحطب في بلد يأوي للأسف الآلاف من أبي لهب، إنْ في مجال تبييض الأموال و الفساد الجبائي أم في مجال الاحتكار التجاري والغش الصناعي وغيرها من المجالات التي تشكل دولةً داخل الدولة و يتهرب أسيادها من المحاسبة القانونية والشعبية، هذا القبول هو في الآن ذاته قبول غير معلن من طرف المجموعة بدوام الحال الفاسد.

بينما الحل في مثل هذه الحالة الفُصامية لا يكمن حسب اعتقادنا لا في اللجوء إلى الشارع في يوم 23 أكتوبر الجاري (إحدى القنوات الخاصة تبث ومضة إشهارية بشان ضرورة النزول إلى الشارع، مما يجعلنا نرتب الحدث كظاهرة إشهارية أكثر منه نضالا سياسيا حقيقيا)، ولا في التظاهر الفاقد للوعي بالمشكلات الحقيقية ولا في تنظيم حلقات هي أقرب للحوار البيزنطي منه للحوار الجدي.

بينما الحل يتمثل بكل بساطة في توليد روح جدية تتكفل بتكريسها في السلوك السياسي حكومة فكروقراط تعيد للأخلاق تحديدا المكانة التي تتناسب مع الخراب متعدد الأبعاد الذي وصفنا البعض منه.

ولكي تكون الحكومة متمتعة بأوفر حظوظ القبول الشعبي وكذلك النجاح لا بد من عقلنة السياسة. ولن يكون هذا ممكنا إلا بفضل ثورة ثقافية تقتسم فعالياتها الحكومة الجديدة مع النخب المثقفة عضويا. كما لن يتوفر المناخ الملائم لحَوكمة عقلانية نافذة إلا بتنظير العقلانية السياسية مع العقلانية الدينية، علما وأنّ المسألة الدينية، و لو أنها استُخدمت كشماعة من طرف الحزب الإسلامي الحاكم، لم تفرض نفسها سبَهللا وإنما لتبعث رسالة تُشعر بها الحاكم والمحكوم معا باستفحال الأزمة الأخلاقية.

في الختام لا يسعنا إلا أن نلازم التفاؤل بشأن ما يجري في تونس الآن آملين أن ينتقل المجتمع من نمط عيش عدائي وعنيف و وحشي إلى نمط سلس مع أنه صارم أخلاقيا ومنطقي مع أنه حالم وطموح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة