الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر وقانون التظاهر

أماني فؤاد

2013 / 10 / 22
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


مصر وقانون التظاهر

كيف نصل إلي أن نحقق المعادلة التي قد تبدو مستحيلة ، حرية الشعب بكل طبقاته وفئاته وطوائفه في التعبير عن أراءه ومطالبه ، وممارسة حقه في التظاهر بطرق سلمية ، والإعلان عن رأيه لمن يمثلون السلطات بكل أشكالها ، وفي الوقت ذاته الحفاظ علي أمن البلد والناس ، وتسيير شئون حياتهم بلا منغصات باتت يومية من بعض الفئات من الجماهير التي تقطع الطرق، وتحتل المنشأت، وتستخدم الأسلحة البيضاء والثقيلة في تظاهراتها واعتصاماتها ، وتروع الأمنين من المواطنين ، وتعطَّل مصالح الناس، وتؤثر علي حركة السياحة ومعدلاتها؟ كيف نحفاظ علي اقتصاد أمن وغير متأرجح، ويضمن لمناخ الاستثمار والانتاج معدلات ثابتة، تؤمن حياة ومستقبل ما يقرب من تسعين مليون مواطن ؟
دائما ما كانت الحلول والأراء الحدية أما متطرفة وقمعية ، أو متطرفة وحالمة ، أعني أن الحرية المطلقة التي لا تخضع إلي تنظيم قد تؤدي إلي فوضي في السياق السياسي الاجتماعي الديني المصري في اللحظة الراهنة ، فكلنا يعرف أن قوي الإسلام السياسي والتابعين لهم أو المنحازين إلي توجههم يشكلون بممارساتهم التظاهرية والتخريبية والإرهابية بؤر توتر وخطر دائم، لا يمكن السيطرة عليه ما لم تكن هناك دولة لها هيبة، و لا تتصف بالرخاوة التي نراها في أداء الحكومة الحالية في بعض الأحداث، وفيها تكتفي بالشجب والرفض، لا الحساب العادل الناجز القانوني، مثل ردود فعل رئيس الوزراء بعد الحادث الأخير المتعلق بكنيسة الوراق.
نعرف أيضا أن الشيطان يكمن في التفاصيل ، وفي النسخة التي تسربت عن قانون التظاهر والمكون من ست وعشرين مادة، ندرك أن الخلفية التي صيغت بها هذه المواد تستهدف نزع أظافر وقمع كل من تسول له نفسه التفكير في التظاهر؛ ليصل رأيه للسلطة بأشكالها، أو اعتراضه علي السياسة العامة للدولة.
تبدو المادة الرابعة، والخامسة، والسادسة، والسابعة، والثانية عشر، مواد جيدة لتحديد و تنظيم وتأمين التظاهرات، والبعد التام عن أماكن العبادة ، والنأي بها عن الخلافات السياسية المتغيرة، ورفض أي نوع من التظاهر المسلح.
تبقي المشكلة في المادة الثامنة، والتاسعة، والحادية عشر، وغيرهم.. فمن خلال مضمونهم وطريقة صياغتهم في مجتمع لم تتأصل فيه ثقافة الديمقراطية بعد، وتتحكم فيه العلاقات القائمة علي تبادل المصالح واستشراء الفساد، والزواج بين السلطة ورأس المال، لا يمكن تحري النزاهة في أداء المنظومة الأمنية، وطبيعة علاقاتها سواء بالطبقة المتحكمة برأس المال، أو بالسلطة التنفيذية من حكومة ووزراء والتابعين لهم.
تبقي ثقافة المجتمع، وجنينية خبرته في الممارسة الديمقراطية، بأضلاعه الثلاثة (المتظاهرين، والقوي الأمنية المنظمة والتأمينية، والسلطة الموجهه لها التظاهرة) حائلا لتنفيذ هذا القانون الحالم والقمعي في اللحظة ذاتها، الذي يتحري في الفئة المتظاهرة درجة عالية من الوعي وضبط النفس، وفهم فلسفة التظاهر وآدابه ، وإدراك العلاقة بين المصلحة العامة والخاصة ، كما أن واضع هذا القانون يبدو وكأنه قد قدِم توا من مدينة أفلاطون الفاضلة، وأنه قد ضمن درجة من النزاهة المتناهية في المنظومة الأمنية وتنزيهها التام عن المصالح، كما تأكد من عدم تبعيتها لأي من السلطات التنفيذية عداها.
كأن واضع مواد هذا القانون أيضا تصور مثالية السلطات التي تتوجه لها مطالب الجماهير التي تقوم بالتظاهر، واستجاباتهم المباشرة لمطالب المتظاهرين، ومن ثم يتحدث عن إذن سابق للتظاهر، ومكان وتوقيت محدد، وإعطاء فرصة للمحافظ أو مدير الأمن لمدة أسبوع، فيه يعرض المطالبات علي الجهات المعنية بتحقيق المطالب، وفي حالة مالم يتحقق شيء لابد من فض التظاهرة بوسائل متدرجة ينظمها القانون، لكنها تبقي في النهاية أداه لقمع وتفريق المتظاهرين.
يبدو واضعوا هذا القانون وكأنهم قادمون من بلاد أنضجتها ممارسة الديمقراطية، ونظمت ثقافتها منظومة تعليمية وفنية وإعلامية متطورة، سياق لا يمت لطبيعة المجتمع المصري وظروفة الخاصة.
لو أن هذا القانون قد سُرب نصه؛ لمعرفة ردود فعل الجماهير تجاه مواده، وقياس درجة القبول أو الرفض له، علي المعنيين سحب هذا القانون وتغيير مواده وحذف الجائر منها علي الحريات، بما يكفل حق التظاهر السلمي المنظم، دون هذه الشروط التعجيزية وغير المنطقية لحدوث أي تظاهرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع


.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب




.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني