الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مُتَوَرِّطٌ أخوك لا بَطَر

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2013 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


نذكر من سني حكم الطاغية : المسرحية الدموية التي أخرجت ومُثلت على الساحة العراقية ، وبالذات في بغداد ، بعنوان أبو طبر . قام أبو طبر بالعديد من الجرائم ، قتلاً وإغتصاباً وإفناءً لعوائل كاملة روّعت أهل بغداد وأسكنت الخوف في القلوب ، وكانت كلّها من تخطيط ورسم الحكومة لتحقيق أغراض خاصة في فرض سيطرتها بأسلوب القوة الرادعة ، و ما رافقها من جرد وتفتيش جميع البيوت بحجة التفتيش عن المجرم والأسلحة . وبعد أن تحقق لها ما أرادت أعلنت إلقاء القبض على " المجرم " وعرضته على شاشة التلفزيون ، وتبيّن لكلّ مشاهد أن الرجل المعروض لم يكن بأي حال من اللياقة البدنية الخارقة التي كانت وسائل الإعلام الرسمية تلصقها به قبل إلقاء القبض عليه . وقد سرد الرجل في البرنامج جرائمه وكأنما يتحدّث إلى صديق له في جلسة في مقهى ، وليس كشخصٍ يتوقع أن يحاكم ويكون الحكم عليه بالإعدام . كان الرجال في ظل نظام حكم الطاغية أذكى بكثير من رجالات هذا الزمان ، فقد كانوا مستورين بنظام قمعي لا يسمح للألسنة مجالاً للحركة دون قطع إذا مسّت جهة رسمية بسوء ، حتى لو كان ذلك بصورة غير مباشرة . ولكن رجالات هذا الزمان أخذوا يطبقون ما كان في جعبة النظام السابق من جرائم القتل والإغتيال وتربية الميليشيات المسلحة وإطلاق العنان لها في إرتكاب الجرائم ناسين أو متناسين أن الألسنة قد أطلقت من عقالها وصار الناس يتكلمون ويتظاهرون ، ويشيرون بالبنان إلى المجرمين القابعين في الأبراج العليا . لقد إنكشفت عوراتهم في العمولات التي يجنونها من صفقات الأسلحة والطائرات والنفط المُهرّب والمواد الغذائية والطاقة الكهربائية والأجهزة " الكاشفة " للمتفجرات وغيرها ، أو في التستر على المجرمين وعدم تحريك الدعاوى ضدهم وفي تكرار تهريب المجرمين القتلة المحكوم عليهم بالإعدام ، وبالأخص أمراء القاعدة ، من السجون ، وعدم توصّل " لجان التحقيق " التي تشكلها الحكومة إلى أية نتيجة بل تستر الحكومة حتى على نتائج التحقيق التي قد تشير أحياناً إلى بعض الرؤوس الكبيرة فيها . أغبياءٌ هؤلاء إذ يعتقدون أنهم لا زالوا يملكون ورقة التوت التي تستر عوراتهم .

مسؤولٌ قابعٌ في وزارة الداخلية يدير جميع هذه القضايا ، لا يهاب أعلى سلطة في البلد ، بل بالعكس فإن الرأس الكبير هو الذي يهابه لأن الملف الذي تحت يد هذا يمسح الرأس الكبير ، فكم من " الكبار " يختارون لأنفسهم المنصب الأدنى ليعملوا بإسم الأعلى وينالون في نفس الوقت التغطية منه . فلقد إكتفى صدام حسين لمدة أحد عشر عاماً بمنصب نائب الرئيس مع أنه كان يمارس صلاحيات الرئيس فعلاً . وهكذا فالمسؤول القابع في وزارة الداخلية ، رغم أنه صرّح في مرّة أن أجهزة كشف المتفجرات لا تعمل ، في أحسن الأحوال ، أكثر من 40% ومع هذا فإن تلك الأجهزة لا زالت مستخدمة من قبل مفارز وزارة الداخلية دون أن تسحب من الإستخدام مما يؤدّي إلى عدم كشف المتفجرات التي يستخدمها الإرهابيون والتي تحصد أرواح العراقيين الأبرياء بالمئات يومياً . لقد إتهم أحد النواب الحكومة ، وهو على خق ، بالقتل العمد لأبناء الشعب .

إن ما يتكشف ، يومياً ، من تورّط الحكومة بكل أسباب الفساد والقتل والإرهاب ، وما يتكرر من ممارسة تهريب المجرمين من أمراء القاعدة المحكومين بالإعدام من السجون إنما هو إرهاب الدولة وإلاّ إن لم تكن هي راعية الفساد والإرهاب لكان بالإمكان تحسس ولو بصيصاً من التحوّل الإيجابي في الوضع الأمني ، ولكن الظاهر أن الحالة السلبية تزداد سوءاً يوميّاً ، وقد وصل تعداد الضحايا إلى عشرات الآلاف في غضون الأشهر الماضية .

إن تصريحات رئيس مجلس الوزراء أن لديه ملفات لو كشفها " لتصير بالبوكسات في مجلس النواب " وأنه خائفٌ على " العملية السياسية " إنما هي حركة مسرحية يمثل فيها دور " البطران الماسك بزمام الأمور" ولكن الحقيقة الساطعة أن أخانا " متورّطٌ " وأن غيره يملك الملف الأقوى الذي يجعله " سكتم ، بكتم وهم لا يخجلون " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط