الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هو الوطن

دارين هانسن

2013 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


لو كان هناك شجرة واحدة مازالت خضراء لاقتلعت جذورها لتشبثت ببقايا من موت تمتد جذوره بعيدا فربما ينتشل أصابعي مرة أخرى ويمضي بي
حيث أخبرتها أن تتعالى عن دفن الأجساد وتقضم أصابع الموت كي يعيشوا فيها
بصقت من الخاصرة لحما يستنجد بالعراة
ومن المؤخرة كان يتصاعد صراخ يحرق بقايا ساقيها
ويمضي في الظلمة يبحث عن مضغة عن علكة يسد بها فم القتيل لتنتهي القصة بابتلاع علكة السندباد المرتبطة بقصص الطفولة
نحمل حقيبتنا بما بقي من قصص ومن صور انترنت ومن علب تبغ فارغة ونودع المطارات
وحين يبتسم لنا أول بار نركض منحنيي الرؤوس لنناقش وجع البلد
وتساءلت كثيرا عن وجعنا أهي المسافة اللعينة التي تفصلنا أو المكان الذي نلتقي به أم قصص تنمو في الظلال حيث الرطوبة المعفنة تهيء لها ما تحتاج
وفي ألبوم الصور الذي راجعته أكثر من ألف مرة كنت أبحث فيه عن تجعيدة وجهها
عن صلوات غفت فوق ركبتيها عن ثدي ارتفع ليحبط أصوات المتملقين
عن جعبة تبغ و بعض القش والعلكة
تركت ما بقي من صور وانشغلت بتفاصيل الأشياء بشكل الحلم هل لأحلامنا شكل أم لمأساتنا أشكال
هل لأمنياتنا أن تطرح مولودا جديد في هذه الظلمة
وهل اليأس فعلا هو ذاك المارد الغريب الذي يبتلع تلك الطفلة المقعدة
كضربة على مؤخرة الذاكرة وبين الجبال تذكرت منامها التي روته لي قبل مجيئي إلى هنا
في الجبال حيث لا يوجد أحدا لينتبه لصوتي مشيت صرت أنادي الرب كما قالت لي
وأخبره ما أخبرتني
لم يوقفني أحد في تلك البقعة الفارغة من شرنا نحن البشر
ما استوقفني كان أنني استغربت نفسي استغربت من أنادي ومن يسمع وأين هي تلك التفاصيل التي لا تنتهي من مناداتي
أيها سأعطيه الأهمية وأيها سأرمي به الى دفتر الارشيف كي أحضره مرة أخرى حين ينبهني منام أخر
لا يرهقني هنا سوى سؤال كيف يمكن لنا ان نتخلى عن الأشياء عن الدفاتر القديمة عن الذكريات والعشق المعطر بالشغف بالدموع
كيف يمكن ان تتقبل خساراتنا التي حاربنا من أجلها وحين حصلنا عليها بصقنا بها نبكي كل لحظة
هو لا يريدني أن أمشي وأنا كذلك ولا أريد أن أبقى
وبين البقاء والرحيل كهف كبير من الألام والضحكات المصورة
وبين الكهف والدموع بعض الطائرات القادمة أو المغادرة التي تحمل إحدانا وفي المطارات الاخر ينتظر او يودع من تحمله الطائرة
يطرق الباب جارنا الجديد الذي يتعلم العربية مجددا وانفتح على وضع البلد ليسألني عن معنى الهوية في ذاك البلد
عن التربة والأقلام والأصوات والرصاص والحلم والمعارضة والوطن والشيخ القاتل والشبيح المجرم والرئيس الذي يترأس كل تلك الجرائم في ذاك الوطن
يحترق الجبل الاقرع ويبقى التراب معلقا في ذقون الحمقى يتمسكون بحذاء قديم طنوا أنه رسالة الإله لهم
لتكوى به أجساد من خلقوا من غير نطفة او لون
تبا لذاك الرصيد الاعمى من الحماقة كيف تمكن شرقنا من تشويه أذاننا من سماع الطرق المزري على الأبواب بأن اغتصاب الإله مشرع من قبل العصابات
ليس اغتصاب جنسي كما تمارسه البشر ولكنه اغتصاب البشر تحت خيمة الوطن
كان يا سادة يا كرام لنا وطنا يشبه اليتيم عار القدمين متسخ الملابس صحته رديئة لكنه كان يمشي كل صباح يفتش في الحارة عمن يشتري المازوت القديم ويذهب بعدها الى مطعم الصاج
كان لنا وطنا يشبه الوطن عجوز مترهل يتكىء على عصاه ويمشي يسقط في احد الاسواق الشعبية فيركض لنجدته اصحاب المحلات المجاورة
كان لنا ما يشبه الوطن امراة عارية تبيع الجنس في المقاهي المغلقة ولكن اذا ما نست عباءتها ركض صاحب الهوا ولحق بها يا اختاه تستري
كان لنا ما يشبه الوطن مجنون يركض بعجلة يبصق على البوليس ويلعن الرئيس والحكومة فيتكفل به مخابرات الشارع
كان لنا وطن امراة عجوز اذا ما تعبت انت من السير تطرق على بابها فتاكل وتمضي باحثا ......
سجلت رقما اخر وعلبة تبغ اخرى ونقاش لا ينتهي مع جارنا المستشرق
كان رضيع ينمو وعجوز يموت
وجارنا المستشرق يريد ان يعرف عدد الطوائف في ذاك الوطن!!!
كان نبتة برية رشت بالسم الاف المرات فلم تمت أغصانها
وهل عاش أبناؤها يسالني ذاك الأحمق! ضغطت على زر الكمبيوتر معلنة انتهاء استراحتي
يغلق الباب خلفه ويمضي وأبقى مع شتات صور وشتات أشلاء وفتات ما تبقى من وطن
في زحمة الموت انشغل حفار القبور صار الدفن عادته اليومية التي يمارسها بدل الصلاة
وصار غسيل الموتى شيء من الذكرى
وصارت لعبة الاطفال المفضلة هي لعبة الشهيد
بئس لأمة عجنت من الموت والبؤس والجشع
وبئس للدكتاتوريين الذين همهم إشباع بطونهم الفارغة وتدفئة الكرسي بضراطهم الذي لا يتوقف
وبؤس لحماقاتنا التي ما إن حاولنا أن نستخدمها حرقنا بها ما بقي من ذاك الشتات
من أجل الأنا التي لا تموت رغم موتنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - باقة ور د من الياسمين للغالية دارين
مكارم ابراهيم ( 2013 / 10 / 22 - 21:21 )
الغالية دارين اولا حمدا لله على السلامة ثانيا اشتقت لك كثيرا وكنت اتمنى ان اكون معك لاقدم شيئا لابناء الوطن
اتمنى ان تتصلي بي دعينا نلتقي اريد ادق التفاصيل
تقبلي محبتي واشواقي


2 - لم أقرأ أروع ولا أصدق من هذا
حسنين قيراط ( 2013 / 10 / 23 - 15:46 )
الرائعة دارين هانسن
أولا سامحيني فلم يسعدني وقتي أن أقرأ لك من قبل
لقد قرأت ما خطته أناملك الرقيقة في رسم صورة هي الواقع الأمين لما عليه كل بلدان وطننا العربي الجريح لدرجة أنني لم أعرف ولم أستطيع أن أحدد هل تتحدثين عن سوريا أم العراق أم مصر أم ليبيا أم اليمن أم ..أم ... لقد لمست بريشتك الصادقة وتر حساس في جرح قلب الوطن العربي كله ووضعت يدك علي بؤرة العلة فزادني ذلك ألما وهما وحزنا ليس لأنك فعلت ذلك بل لمعرفتي بحجم
ما نحن فيه من فقر وجهل ومرض بسبب الأنا التي لن نشفي منها أبدا.... وأخيرا حمدا لله علي السلامة .....لك ودي وشكري وإحترامي...وحفظك الله من كل سوء


3 - إلى حسين قيراط
دارين هانسن ( 2013 / 10 / 27 - 14:56 )
شكراً لمرورك الجميل حسين انشالله يتغير وضع بلادنا ويعم الأمان فيها

دمت بخير ولك كل الإحترام

اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24