الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشهد العراقي /نمطان من الكتابة

محمد خضير سلطان

2005 / 5 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مذ عرفت صحافتنا الجديدة في العراق شيئاً اسمه حرية التعبير بعد سقوط الصنمية، حتى واجهتنا حزمة من التحديات التجريبية في داخل العراق.
نلمس نتائجها على النحو الذي يوائم حماسنا مع المجال الاساسي لاختبار تجاربنا بالتماس اليومي المعيوش مع البركان، ويوما بعد اخر، نكتشف بأن كل ما نحققه لا يمثل الا الجزء اليسير من طموحنا للوصول حقاً الى ما نصبو اليه، انطلاقاً من سيرورة الوقائع وما تنشيء بأستمرار من وعي ميداني، يكسب الكتابة محصلات قريبة او بعيدة من مواقعها في الوقت الذي تعبر فيه عن مشهد متنام ينعكس على المعالجة والسرد والقيمة الفنية ليتسق مع تاسيس ونموالنظام الديمقراطي في بلادنا. واذا استعرنا اصطلاح” الموقع السردي“ من علم السرد الذي يتعين فيه مكان "موقع" الكاتب الكياني من الحدث فضلاً عن ضبطه الزماني والبناء الفني في استخدام الروي والراوي والضمير اللغوي.. الخ..
نجد ان الكاتب العراقي الان، ينتبذ موقعين سرديين، الاول في الداخل، في قعر التنور اللاهب، والثاني في الخارج على رواية الشاشة الالكترونية، وكلاهما يتسمان بظرفية متفاوتة تتغذى من الثوابت اليقينية والكيانية المشتركة، اذ ان موقع الكاتب العراقي في الخارج لم يكن بعيداً عن الأحساس حقا بالحدث ولا هو بمنأى عن التلظي بأوار الوقائع سواء في السبعينيات من القرن الماضي وسواها في العقود اللاحقة من الكتّاب الذين غادروا البلاد "على الكراهة بين الحين والحين", الا ان القيمة السردية لموقعه الجديد في المنفى تفرض سياقاً فنياً يختلف عن الكاتب العراقي في الداخل، وتفترض موقعه الضمني والكياني الحق من الخارج.
ان هذين النمطين” الموقعين السرديين“ يتضافران برصد وتعيين منظر الوقائع ”المشهد العراقي“ ويستأنفان الكتابة عن تأسيس النظام الديمقراطي العراقي وتحويل الصفات العرقية والمذهبية والقبلية الى حقائق جغرافية وتاريخية وازالة التركة الاستبدادية الثقيلة وتحرير الرموز من البعد الثقافي وقياس درجات النمو بين الحدثين الاجتماعي والسياسي ومطاردة التطورات التفصيلية المرافقة للعملية السياسية والاقتصادية وقراءة التاريخ على ضوء الاحتلال وقراءة الاحتلال على ضوء التاريخ ومواضيع وثيمات كبرى وصغرى لا فرق.
على هذا الاساس، هناك نمطان من الكتابة عن العراق الان: النمط الاول، القريب جداً من الخط الساخن اليومي الذي تتزامن الكتابة فيه مع الحدث ويتقاسم تراسل الملفات على طاولة واحدة، فيما يتشكل بناء على تواصل هذا النمط مع الانفجار، في سلسلة من المزايا, الترقب, القلق السريع والمختزل, ويشترك بالتفاصيل النصية على خلفية الوقائع اكثر من النص المكتوب, اي ان النص يتكامل مع الحدث.
يتخذ النمط الثاني في الخارج شكلاً اكثر استقراراً واوسع مساحة للتحليل والاستنتاج، يسهم في ضبط الترقب لظاهرة الوقائع انطلاقاً من موقع الكاتب السردي "المنفى المتأهب للعودة" الذي يرى الظاهرة بجمعها تتحرك على الارض مدفوعاً بأنتمائه الضمني الحقيقي، المكاني لها، الامر الذي تأتي فيه المستويات التعبيرية والاسلوبية والتقنية بطريقة مختلفة بين حالة التقمص واستقرار عمق الفهم لهذا النمط وبين حالة المعايشة والالتصاق بدقائق الحدث للنمط الاول.
هذان النمطان يكملان بعضهما الاخر في اطار النظر من جهات متعددة الى المشهد العراقي ويبرزان تمايزاً في الاساليب الاعلامية والثقافية للكتابة عن مجريات الوقائع، ويخطان في تواصلهما المشترك على تفعيل الظاهرة وعلاقاتها الاجتماعية والانسانية على جميع الصعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس الاتحاد الإفريقي - -أزمة القمصان-.. -الفاف- يتقدم بشكوى


.. نيكاراغوا تحاكم ألمانيا على خلفية تزويد إسرائيل بأسلحة استخد




.. سيارة -تيسلا- الكهربائية تحصل على ضوء أخضر في الصين


.. بمشاركة دولية.. انطلاق مهرجان ياسمين الحمامات في تونس • فران




.. زيلينسكي يدعو الغرب إلى تسريع إمدادات أوكرانيا بالأسلحة لصد