الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفوضية النزاهة و فساد ما قبل الثلاثين من حزيران!

أحمد عبد العال الصكبان

2005 / 5 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق




يقول الضالعون في الفقه و الفتوى ما معناه أن من سكت عن بعض الحقيقة متحدثاً عن الصواب و تاركاً الخطأ بطلت كل فتواه، لا أدري لماذا قفزت هذه المقولة إلى ذهني و أنا أتابع التصريحات النارية المتوالية يوما وراء آخر من قبل هيئة النزاهة العراقية و مطالبتها بمحاكمه وزراء في الحكومة السابقة، و هذا مبدئياً حق لها نحترمه و نتمنى لها بصدق التوفيق فيه، و لكن لتكتمل الصورة سأطرح عليكم سؤال سيتبادر لذهن اي مواطن عراقي بسيط سواء من سوق الشيوخ بالناصرية أو من الكاضميه ببغداد أو من شارع الستين بأربيل، و هو

"و ماذا عن فساد ما قبل الثلاثين من حزيران؟"

أي الفساد الذي مورس بالبلاد منذ سقوط صدام في التاسع من نيسان و حتى تشكيل حكومة الدكتور اياد علاوي في الثلاثين من حزيران 2004، أليس في هذه الفترة ما يغري السادة القائمين على هيئة النزاهة بتقصي الحقائق و المطالبة بمحاكمة السارقين و السارقات؟

أعلم أن هناك من هو جاهز للرد على هذا المطلب بحجة قانونية مفادها أن الرؤوس الأكبر لهذه المرحلة - و لفسادها - من جارنر و سلفه بريمر لن ينطبق عليهم قانون هيئة النزاهة - و الذي صدر بالمناسبة ضمن قانون الدولة الانتقالي المذيل بتوقيع بريمر نفسه - ، ولكن بريمر لم يكن وحده يحكم، كان هناك مجلس الحكم الانتقالي وكانت هناك حكومة مؤقتة في آب 2003، و نحن هنا نتحدث عن فترة قريبة نسبياً و من السهل الوصول إلى ملفاتها، و هناك شهود عيان لازالوا بالبلاد يسعدهم تقديم شهادتهم على ما رأوه من سرقات تمت على يد مجموعات منتظمة و منضوية تحت لواء أحزاب بعينها، و لازال بعض هؤلاء يجاهر بسرقاته و يسكن فيها- باعتبار أن الحواسم شملت استيلاء بعض الأحزاب على مقار مملوكة للدولة و من ثم مصادرتها و أحيانا إهدائها للأهل و الأحباب، و الأدهى انه تم تحويل بعضها لمديريات امن ومراكز اعتقال.

و نتمنى ألا نوصف بالخروج عن الآداب العامة و نوصف بتهمه البعثيه الجاهزه لكل من يعارض - إذا سألنا مثلا عن مصير سيارات المقبور عدي التي دفعت الخزينه العراقيه ثمنها ولم تكن من تركه صبحه طلفاح التي أُخذت - حتى لا نقول سرقت - من قبل بعض الشخصيات المحسوبة على احد الجهات الحزبيه ووضع جزء منها في مزرعة بالراشدية، أو إذا سألنا عن الآلية التي تم بمقتضاها توزيع بعض عقود الإعمار بالبلاد في فترة بريمر على شركات لم يتوافر فيها الحد الأدنى المطلوب ناهيك عن ايفائها بالمواصفات المطلوبة و المدونة بالعقود ، و ما حدث في عقد الهاتف الخلوي عراقنا (سراقنا) الذي اعطي لشركة اوراسكوم خير دليل على هذا الفساد ، المدهش أن هناك أشخاص من أحزاب لها ممثلون بالبرلمان و الحكومة الحالية متورطون حتى النخاع في تلقي رشاوى من شركات أجنبية عاثت في العراق فسادا و قدمت مطالبات مالية مقابل خدمات رديئة ، و البعض كان عرابا لشركات بعينها لتحصل على عقود في عهد بريمر أما التعاقد مع شركات توريد المواد الغذائية التي أتت لنا بالسيء و الرديء فهو يذكرنا بفساد ما قبل التاسع من نيسان،و لسنا ندري كيف يمكن الغش في طعام المواطن البسيط و حليب الأطفال و لا يقدم مسئول للمحاكمة.

فإذا وجدت الهيئة بعض الحرج في توجيه اللوم و مقاضاة بعض هؤلاء باعتبار أن منهم من يشغل اليوم مناصب عليا بالبلاد في السلطة التشريعية و التنفيذية، فلنقل أنه يتوجب على هيئة النزاهة رصد حجم هذا الفساد و مسألة تحريك دعاوى قضائية ضد القائمين به نتركه حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا و هذا أضعف الإيمان؟ و إذا كان الحرج بالحرج يذكر فسأدعو و أنا متيقن من أن أحدا لن يستمع لدعوتي- لكنها شهادة حق ليس إلا – ألا يأخذنا الاستغراق في محاكمة وزراء الحكومة السابقة فقط للدرجة التي تناسينا بعض الفساد المستمر للآن و آخرها مطالبة وزارة "سيادية" خزانة الدولة بتسديد فواتير شراء كباب لبعض كبار موظفيها.

إن عمل أي جهة رقابية في العراق الجديد يجب أن يكون منزها حقا عن أي اعتبارات شخصية و حزبية و طائفية،و يجب ألا يعوق حملة التفتيش على الأوراق القديمة التي تضطلع بها هيئة النزاهة الآن أي عائق، و عليها النظر للتاريخ العراقي لترى أن أول قرار أصدره البكر في 1968 كان منع الوزراء من السفر لاتهام بعضهم بالفساد وكذلك فعل صدام 1979 بعد استلام السلطة ومذبحته الشهيره ،و لنسأل الآن هل منع السادة أعضاء مجلس الحكم و مستشاري بريمر و رؤساء الهيئات الخاصة التي أسهمت في إدارة البلاد و كان تحت أيديها ملايين من مالية الدولة العراقية الجديدة تنفقها بلا رقيب او حسيب، من السفر و لعلنا نذكر أن الاخ السيد جلال الماشطة مثلا انسحب من إدارة هيئة البث الإعلامي مصرحا أن الفساد بها أكبر مما يطاق فهل حقق أحد في استقالته المسببة ؟،و من المؤكد أن إدارات أخرى و منظمات كثيرة شابها الفساد ذاته و أنفقت الملايين من اموال يتامى العراق وابنائه على أنشطة لا معنى لها و قدمت حسابات وهمية لأنشطة لم تحدث على ارض الواقع و نحن ننتظر من يصرح أن أنفه لم تعد تتحمل رائحة الفساد.

فلنحيل للمحاكمة جميع المتورطين في الاستيلاء على ممتلكات الدولة بعد سقوط صدام و تحويلها للاستخدام الشخصي أو الحزبي ، لنحيل كل من استولى على أرصدة عراقية موضوعة ببنوك الخارج بعد استيلائهم على الشفرة الخاصة للوصول لهذه الحسابات التي هي حق للشعب العراقي سرقه صدام من قوت أولادنا و عرق جباهنا لتدور الأيام و يأتي سراق جدد و يستولون عليها و تضاف لحساباتهم الشخصية بضغطة زر واحد على جهاز حاسبهم الالي .

إن سرقة ممتلكات الدولة و مواردها أو تبديد الأموال العامة بالإنفاق الترفي و التلاعب بالمخصص من ميزانية لتصب في جيوب البعض و حساباتهم البنكية في جزر الباهاما ، مثلاً لهي أشد جرما من سرقة بيت مواطن أو حافظة نقوده ، فهي سرقة لمستقبل العراق كله الخارج لتوه من ثلاث حروب مدمرة و المتطلع لمستقبل جديد لأبنائه لا يعانون فيه شظف العيش الذي لاقاه آباؤهم، و الاهم أننا نريد ان نقدم للجميع و بالأخص للجيل الجديد من الشباب مثالاً لعراق جديد يؤمنون به و أن فيه مباديء المساءلة و الشفافية و الاهتمام بصحة و حقوق المواطن كها أولويات مقدسة لا تسقط بالتقادم و لا تتراجع المطالبة بها لأي سبب كان، ببساطة لا نريد أن يفقد حتى الجيل الجديد ثقته في أنه يمكن أن يكون هناك عراق جديد يتساوى فيه الوزير و الغفير أمام القانون و أمام هيئة النزاهة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا