الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم الإرهاب ضرب أربيل والعراق هو الهدف6/1

محمد ضياء عيسى العقابي

2013 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



خـلاصـــــة المقــــــــال:
كان الهجوم الإرهابي في أربيل صاعقاً، لا في حجمه بل في مغزاه، إذ شكل حلقة من حلقات إرهابية نوعية عديدة حصلت في عموم العراق حيث إستهدف، ومازال يستهدف، من يقف وراء الإرهابيين إحداثَ زلزال يهزَّ منطقة الشرق الأوسط والعالم بدرجة عالية من العنف قادر على قلب مسيرة التطورات، بشأن القضية السورية والتفاهم الروسي الأمريكي والتقارب الأمريكي الأوربي الإيراني، رأساً على عقب. السبب هو أن الحكام السعوديين قد جُن جنونهم من هذه التطورات كما يقول السيد جفري فيلتمان الدبلوماسي الأمريكي والسفير الأسبق في بيروت والمساعد السياسي للأمين العام للأمم المتحدة حالياً.
تُركت كردستان هادئة نسبياً بقرار طغموي(1) – تكفيري سآتي عليه لاحقاً، وضُربت كردستان بقرار سعودي – قطري. لم يقصد السعوديون كردستان بالذات وبمفردها بل إنهم إستنفروا وحشدوا وزجوا في الميدان العراقي كل قواهم وإمكانياتهم المتاحة وأدواتهم الصغيرة والكبيرة القادرة على إحداث أي قدر من الضرر متأملين أن يؤدي مجموع الأضرار إلى حدث جلل في العراق من قبيل:
إنهيار أمني تام .... إستخدام السلاح الكيميائي على نطاق واسع .... تسميم واسع لمياه الشرب...حرب أهلية.....إنقلاب عسكري.....مصادمات عسكرية بينية..... مصادمات دموية واسعة بين الأجهزة الأمنية والجماهير تحت أية ذريعة وما أكثر الذرائع!!! ....النجاح في تسلل معتصمي ساحات الإعتصام إلى بغداد وإشعال الحرائق وإفتعال مصادمات دامية مع قوى الأمن والإعتداء على السفارات..... إلخ .... إلخ.....إلخ.
يستند فكر المخطط السعودي إلى إفتراضين (وهما صحيحان وحقيقيان من وجهة نظري):
أولاً: أن الأمريكيين يتمنون لو أُطيح بحكومة التحالف الوطني التي يقودها المالكي لسببين أساسيين: النفط(2) أولاً والموقف من القضية السورية ثانياً.
[السعودية على علم بدور الأمريكيين في الحدثين التاليين لإن السعودية ساهمت فيهما أيضاً وهما:
(1): التزوير الذي جرى في إنتخابات 7/3/2010 البرلمانية لصالح إئتلاف العراقية غير أن تهديد إئتلاف دولة القانون بشن عصيان جماهيري مدني حدّ من وسع التزوير.
(2): المحاولة الإنقلابية الفاشلة في 25/2/2011 قبيل خروج القوات الأمريكية من العراق وقبل تحرر العراق من أحكام الفصل السابع وقبل إشتداد الأزمة السورية وبروز القطب الروسي الصيني ودول البريكس على مسرح السياسة الدولية.]
ثانياً: أن الأمريكيين، وبعد خروجهم عسكرياً من العراق، لا يريدون الإطاحة بحكومة التحالف الوطني وإئتلاف دولة القانون بقيادة السيد نوري المالكي عن غير طريق صناديق الإقتراع (ولو بتزويرها بحذر) أو عن طريق إنتفاضة شعبية حقيقية لا مفتعلة أو تآمرية، وذلك لتأكدها من فشل هكذا محاولات، ومن ناحية أخرى خوفاً من دفع العراق إلى التقارب من إيران وربما تشكيل حلف سياسي نفطي أمني معها.
[من هنا جاءت ستراتيجية الطغمويين المرتكزة إلى:
(1): التناغم والتنسيق والتعاون والتستر على الإرهاب مستفيدين من تعمّد الأمريكيين في عدم تدريب وتجهيز وتسليح القوات العسكرية والأمنية العراقية بقدر كافٍ، إضافة إلى الضغط لإعادة ضباط مازالوا موالين لطغمويتهم إلى صفوف الجيش تحت يافطة المصالحة.
(2): التعويل على التخريب من داخل العملية السياسية لحرمان العراق من بيئات سليمة تشريعية وسياسية وأمنية وتنموية وصحية وتربوية وغيرها وحرمان العراقيين من قطف ثمار ديمقراطيتهم كحرمانهم من الأمن والخدمات وخاصة الكهرباء ومن ثم السكن بل أرادوا حرمانهم حتى من نفطهم وتركهم فريسة الجوع والعوز أثناء الأزمة الإقتصادية والغذائية العالمية الأخيرة إذ أرادوا منع الحكومة من رفع الإنتاج النفطي وفشلوا لكنهم نجحوا في إفشال قانون البنى التحتية منذ أربع سنوات وتعطيل الكهرباء؛ وساهموا مساهمة كبيرة في نشر الفساد. طمحت هذه الستراتيجية وما تزال إلى تأليب الجماهير للعزوف عن المشاركة في الإنتخابات وإلى التمرد وربما الإنتفاض(3) على الحكومة].
بناءً على هذين الإفتراضين بلورت السعودية خطة تحركها وذلك بإفتعال زلزال في العراق لتضع أمريكا أمام الأمر الواقع وإحراج إدارة الرئيس أوباما أمام الصقور من الحزبين الجمهوري والديمقراطي وشركات النفط واللوبي الصهيوني بإتاحة مغريات ظفرهم بنفط العراق وموقعه الستراتيجي وتسخيره للإطاحة بالحكومة السورية وإفتعال حرب مع إيران لتدمير مفاعلاتها النووية بدلاً من الإكتفاء بتدمير السلاح الكيميائي السوري (خاصة وأن إمتلاك سوريا لصواريخ أس-300 روسية الصنع ضد الجو خير تعويض شرعي عن السلاح الكيميائي المحرم) وإعتدال الرئيس حسن روحاني الذي لم يرق لإسرائيل سلفاً.
من هنا هرعت السعودية ودول الخليج إلى إرسال مبعوث عالي المستوى (حسب فضائية الميادين) إلى إسرائيل لتنسيق التحرك المشترك بعد أن كُشف التقارب الأمريكي الإيراني وقبله الإتفاق الروسي الأمريكي حول سوريا.
أعتقد أن الضربة الإرهابية لأربيل قد لا تكون الأخيرة مادام الصراع السوري، وبالتالي الإرهاب، قائمين؛ ومادام الرعب الشديد قد تملك القادة السعوديين وسيزداد بعد التسوية في سوريا. فقد نقلت وكالات الأنباء يوم 24/10/2013 بأن سعود الفيصل وزير خارجية النظام السعودي طلب من وزير خارجية أمريكا السيد جون كيري في لقائهما في باريس عقدَ إتفاقية أمنية بين الدولتين بذريعة "حماية السعودية من إيران النووية". إن السعودية ليست بحاجة إلى حماية فلا أحد يهددها من الخارجي كما أنها حظيت بحماية إسرائيلية منذ ثمانينات القرن الماضي. من هذا فإن السعودية ليست بحاجة إلى المزيد من الإتفاقيات الأمنية مع أمريكا. ما يريده الحكام السعوديون الآن من أمريكا هو ضمان عدم إنحيازها، أمريكا، نحو تحرك جماهيري سعودي مرتقب يطالب بالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان ونزع ثوب التخلف والشمولية وتصدير الإرهاب إلى دول الجوار والعالم.
هذا هو مصدر الرعب وليس الخوف من إيران. يعلم الحكام السعوديون أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة ومنذ ايام الحرب الباردة كانت تحت ضغوط شديدة وجهتها منظمات حقوق الإنسان الدولية لدعمها النظام الشمولي السعودي وإتهمت الإدارات بركضها وراء النفط السعودي على حساب حقوق الإنسان. ويعلم الحكام السعوديون أن الإستحقاقات الديمقراطية في المنطقة العربية أصبحت ضاغطة وحاسمة في عصر العولمة كما أن الحاجة الأمريكية للبترول السعودي ما عاد حاسماً في ضوء تطوير أمريكا لتقنية تمكنها من الإكتفاء الذاتي إضافة إلى إرتفاع إنتاج النفطي العراقي.
تمكن قراءة إحتمال إستمرار الأعمال الإرهابية في العراق بضمنه كردستان من رد فعل بريطانيا حيال الضربة. إذ أعلنت محافظة السليمانية بأن الهجوم الإرهابي قد تسبب في عرقلة مشاريع كبرى في المحافظة منها إنشاء تسعة جسور وذلك لإنسحاب شركات بريطانية من المفاوضات النهائية نتيجة تحذير تلقته الشركات من الحكومة البريطانية حسب (فضائية الحرة – عراق في 24/10/2013).
لذا يقتضي الأمر دراسة جادة ومعمقة وشاملة لما هو جديد فيما يُخطط للعراق من دواهٍ، ما يقتضي التعرف عليها وكشفها للجماهير لأن تأليبها وإستغلال نفاذ صبرها حيال الوضع الأمني المتدهور إضافة إلى المصاعب المفتعلة الأخرى، وغفلة البعض وإستهتار البعض الآخر هي مفردات قد تشكل بمجملها خطورة على سلامة النظام الديمقراطي.
سأتناول في الأجزاء الباقية من المقال تفاصيل الأحداث على الوجه التالي:
القسم (2): قرارات في هجوم أربيل.
القسم (3): وجه الغرابة في هجوم أربيل.
القسم (4): متغيرات القضية السورية والمنطقة.
القسم (5): تأثير المتغيرات على وضع النظام السعودي.
القسم (6): تداعيات غضب النظام السعودي في الساحة العراقية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على "مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي" بمفرداته : "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(2): رغم أن أمريكا قد طورت تقنية جديدة لإستخراج النفط من أراضيها بما يحقق لها االإكتفاء الذاتي بعد سنتين والتصدير ومنافسة بعض دول الأوبك عام 2018، إلا أن النفط يبقى مهماً لها من ناحيتين:
- المتاجرة به والربح منه خاصة إذا إستطاعت فرض صيغة "المشاركة بالإنتاج" إذ يرفع ربح الشركات في البرميل الواحد بمقدار 25 مرة بالمقارنة مع صيغة "عقود خدمة".
- وإستخدامه كوسيلة ضغط على المستهلكين والمنتجين في آن واحد. ولا يبدل شيئاً ما ذُكر من أن الصين، هي الأخرى، قد طورت تقنية أيضاً لإنتاج مزيد من النفط ذاتياً.
(3): هنالك مؤشرات عديدة على موقف الولايات المتحدة السلبي من حكومة المالكي. لا أنسى قول كبير الباحثين في الكونغرس الأمريكي السيد كنيث كاوتسمان أيام تشكيل الحكومة العراقية القائمة في فضائية الحرة العالمية حيث قال إن الرئيس الأمريكي أوباما يفضل علاوي على المالكي لقرب الأخير من إيران (وأنا أقرأ: لعدم عداء المالكي لإيران دون مبرر بل محاصرةً لها لصالح أمن إسرائيل). كي نتفهم الموقف الأمريكي المستديم المؤلب ضد الحكومة التي يقودها التحالف الوطني والمالكي ، ما علينا إلا أن نتابع البرامج الحوارية في (فضائية الحرة – عراق) بالأخص "بالعراقي" و "7 أيام" و "الطبعة الأخيرة" إذ يتجلى التأليب من قبل مدير الحوار وتدخلاته التي تتجاوز مسألة دوره في طرح ما يدور بين الناس وتنشيط الحوار. ويتجلى كذلك في بعض التقارير الإخبارية والإعلانات عن البرامج. أما الكلام التحريضي الصريح فيأتي على لسان السيد عماد جاسم منشط برنامج "بالعراقي" حيث لا يسقط من فمه "الربيع العربي" ونزول الجماهير للشوارع رغم أنني أعتقد أن دعواته تلقى ردود فعل عكسية لدى العراقيين لأن وكالة الإستخبارات المركزية التي توجه الفضائية لا يمكن أن تعرف إبن الشارع العراقي بقدر أهل العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قال النائب الفرنسي الذي رفع العلم الفلسطيني في الجمعية


.. لا التحذيرات ولا القرارات ولا الاحتجاجات قادرة على وقف الهجو




.. تحديات وأمواج عاتية وأضرار.. شاهد ما حل بالرصيف العائم في غز


.. لجنة التاريخ والذاكرة الجزائرية الفرنسية تعقد اجتماعها الخام




.. إياد الفرا: الاعتبارات السياسية حاضرة في اجتياح رفح