الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات عن المعارضة السورية ، شروط وقواعد التفاوض

احسان طالب

2013 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ينقل عن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر قوله : أنه في كل المفاوضات بين الولايات المتحدة والزعماء العرب كان يتم الحديث عن مصالح الدول والحكام ونادرا ما كان يدور الحديث عن الفلسطينيين رغم أن الاجتماعات مقررة بالأصل لبحث تلك القضية الفلسطينية. أردت من سياق تلك الواقعة التاريخية وضع المعارضة السورية أمام تحدي الشفافية ووجوب تغليب المصلحة الوطنية على الاعتبارات الحزبية والأيديولوجية والشخصية
ملاحظات أولية ومبدئية:

فشل قادة الائتلاف في التغلب على مواطن الضعف الداخلية يفسر مبدئيا افتقارهم للنفوذ داخل الإطار الكلي للمعارضة .
إسقاط الائتلاف ليس حلا كما أن الهيمنة عليه ومصادرة قراره ليس حلا صائبا أيضا .
الائتلاف يريد أن يكون بديلا عن دولة وحكم وهولا يمتلك أبسط مؤسسات الحكم ولا أدوات التحكم والسيطرة.
في شروط وقواعد التفاوض السياسي :
تطوير استراتيجية واقعية حيال أفضل سيناريو لحل سياسي برعاية دولية وإقليمية والعمل على رسم خارطة لإنهاء الحرب ومن أجل ذلك يفترض :
1 ـ وضع معايير عملية للتفاوض
2 ـ الاتفاق على شكل ومضمون الوفد المفاوض
3 ـ الاتفاق على جدول زمني للتفاوض وآخر لتنفيذ ما يتم التوصل إليه
4 ـ ممارسة ضغط حقيقي من الجهات الراعية والداعمة لأطراف الصراع.
بدون استراتيجية تفاوضية تتبناها المعارضة رغم تضادها وتعارضها لن يكون هناك تقدم يذكر في مجال التفاوض.

إذا أراد الائتلاف تعزيز وجوده وثقله في المناطق الموالية له والخارجة عن سيطرة سلطة دمشق فيفترض به تقديم الخدمات ورعاية بناء المرافق وتأمين الدعم الاقتصادي السخي للسكان قبل غيرهم من المقاتلين والسياسيين.
العمل مباشرة ودون تلكؤ بإنشاء شبكات مدنية اجتماعية واسعة تساهم في حل المشكلات المعاشية واليومية وتنظيم المجتمع المدني وزيادة دوره وفاعليته.


الشرط الموضوعي والشرط الذاتي:
ترى الحتمية التاريخية بأن عموم البشر خاضعون لشرط وجودهم الموضوعي وفي ذلك جانب لا يستهان به من الحقيقة لكنه ليس كل الحقيقة فمع الانصياع الوجودي للشرط الموضوعي تكمن حقيقة أن الفرد والمجتمعات غيرت من شروط وجودها الموضوعية على الخصوص في انحيازه الاجتماعي والفكري ، وكان للعقلانية دور جوهري في تغيير الشرط الوجودي.
إن البحث الدائم عن المعوقات والعقبات والأجواء غير الملائمة تشكل عنصرا سلبيا يرتد على المعارضة بما يكبل يديها ويعيق تطورها ، وهنا يفترض التفكير بالعمل الفعال والايجابي في ظل الشروط الموضوعية المحيطة بالحالة السورية.
إن تحسين الشروط الذاتية يبقى دائما في متناول اليد ويكمن في تطوير الامكانات الذاتية وإضافة الخبرات وتراكم التجارب الذاتية والتخطيط والاستفادة من الأخطاء، وهذا للأسف ما لم يحصل في مجمل أداء المعارضة السورية حيث ما زال الغالب على أسلوب ومنهاج عملها العشوائية والفردية وتغليب الشخصانية والحزبوية.
أما في يتعلق بالشرط الموضوعي الداخلي
فإن من حظ المعارضة السورية رغم ما يكتنفها من تباينات فاضحة أن الغالبية العظمى من السوريين تقر وتسعى لبناء دولة حديثة تكفل الحقوق وتحدد الواجبات، ما يعني أنه بالإمكان التوصل لعناوين عريضة تحظى بقول السوريين وخاصة من هم منحازون لجهة التغيير الشامل وهم بلا ريب أكثرية سورية ساحقة.
أما بخصوص الشرط الموضوعي الخارجي :
لقد بات شديد الوضوح خضوع القضية السورية للشرط الموضوعي الخارجي وذلك بما للأدوار الخارجية من تأثيرات بالغة في مجريات الحدث السوري كما للتوازنات الجيواستراتيجية الدولية من ثقل داخل الأرض السورية ، وضياع شبه كامل للاستقلالية الوطنية في ظل العولمة وكونية الاتصال والتواصل.
إن إدراك تلك الحقيقة الواقعية لا يعني الوقوف مكتوفي الأيدي حيال ذلك الخضوع أو الارتهان لخيارات الخارج ، ويمكن تحقيق تغليب الشرط الذاتي بفهم طبيعة العلاقات الدولية والتمسك النهائي بمصالح الشعب التي لا تتعارض في جوهرها وحتى في تمظهراتها مع النسق السياسي الدولي.
الحل عبر السياسة والتفاوض:

على المعارضة السورية أن تدرك وتقتنع بأنه عاجلا أم آجلا لن تحل القضية السورية إلا بالسياسة والتفاوض ، وعليه فإن الجهود والإمكانات المبذولة والمتوجب بذلها ليست ضياعا للجهد والوقت ؛ فالبنادق لا تجيد سوى لغة الموت وهي تقاتل من أجل الحياة من حيث المبدأ لذا كان خلافا للصواب تجنب الحل السياسي والبقاء تحت رحمة المقاتلين.
كل المراقبين الدوليين والمحللين يعلمون جيدا أن السلطة الحاكمة في دمشق غي مستعدة للتنازل أو إعطاء مؤشرات حقيقية عن رغبتها في التغيير طالما لديها قناعة بقدرتها على الحسم العسكري ، لذلك كان لزاما على داعميها وأنصارها التفكير جديا بمستقبل الموالين السوريين والجماعات السياسية والدينية التي تقاتل ضد الثوار السوريين وأنه في النهاية ستبقى سوريا وسيبقى الشعب السوري وسيرحل الغرباء غير مأسوف عليهم.
على المعارضة السورية تفهم طبيعة التوازنات الدولية ومن هنا يتوجب عليها التحاور مع الدول الداعمة لها والتأثير عليها بما يتيح تحقيق توازن واقعي بين تطلعات السوريين بالحرية والكرامة والديمقراطية والعيش الكريم في وطنهم بين التطلعات الاقليمية والدولية الخارجية المناهضة لسلطة دمشق.
وحدة المعارضة:
كل حديث عن " وحدة المعارضة " هو حديث نظري يعيق الحل السياسي ، إذا لا مفر من قبول التباينات بين صفوف المعارضة، وحتى أنه لابد من الاقرار بوجود تعارض مصالح بين الأطراف المختلفة للمعارضة السورية، وهذا أمر طبيعي يفترض العمل على تأمين المتطلبات المشروعة لمجمل المكونات السورية دون إقصاء أو ميل لطرف دون آخر .
إشكالية التمثيل:
هي إشكالية مزمنة في كل الثورات وهي قائمة ضمن تلك المجتمعات الأكثر تلاحما وتوازنا ، كالمجتمع المصري ، ما يبرز ضخامة المعضلة لدى المجتمع السوري ومن هنا ينبغي للمجتمع الدولي قبول الواقع السوري والكف عن الضغط على طرف دون غيره ، فمن غير الديمقراطي ومن الظلم الاستمرار في مواصلة الضغط على الأكثرية في سورية وتجاهل حقوقها أمام مسألة تأمين وحماية الأقليات ، وعليه لن يكون هناك استقرار أو سلم أهلي إلا بإحقاق حق الجميع وتأمين خصوصية ورعاية الأقليات ولكن ليس على حساب الأكثرية ، فكما كان الحال في العراق وسلمت الدولة للأكثرية مع تأمين حقوق الأقلية وجب تطبيق الأمر ذاته في سوريا، وبناء على ما سبق يفترض أن يكون تمثيل الشعب السوري وفقا لأثقاله الواقعية فكما لا يمكن أن يكون النظام الحاكم ممثلا لكل السوريين لا يمكن أن تكون جماعة منفردة من المعارضة مؤهلة لتمثيل كافة السوريين على الشاطئ الآخر ، وسيكون مترتبا على النتائج الناجمة عن التفاوض قدر حاسم في الحصول على أكبر تمثيل لكافة الأطراف.
عندما يقترب المتفاوضون من حاجات ومتطلبات السوريين السياسية والاقتصادية والأمنية سيحصلون على تمثيل تلقائي أكبر وأوسع. حيث لا مفر من الاقرار بالتمثيل النسبي، ولكن من الضروري مراعاة المصلحة الوطنية ووضعها فوق كل اعتبار وتحقيق المعادلة الصعبة بين الممثل للوطن وبين الممثل للطائفة أو العرق أو الدين. ولن يجد رعاة الحل التفاوضي السياسي صعوبة بالغة في اقناع السوريين بأحقية التمثيل الوطني على التمثيل الطائفي أو العرقي لأن تاريخ السوريين السياسي والثقافي يطرح مشاهد عديدة عن تفضيل للوطن على ما سواه. فلقد كان جليا في العهد الوطني ـ في ما قبل انقلاب 8 آذار 1963 تفضيل المصالح الوطنية على ما سواها.
نقاط عامة في مسألة التفاوض:
وأعرض هنا لنقاط عامة في مسألة التفاوض ربما تساعد في الاعداد لتفاوض بناء بصورة عامة وغالب ظني أنها مفيدة حتى في الحوار أو التفاوض السياسي
(مراحل الحوار أو المفاوضة الهادفة إلى التعاون :
إن الاتفاق على قواعد للسلوك وتنظيم الحوار والتفاوض يساهم بشكل فعال في الوصول إلى الغايات المطلوبة، والذي يساعد على ذلك وضع قواعد ملزمة يتم الاتفاق عليها وتنفيذها وهذا يمنع من الوقوع في الحوارات العشوائية وإضاعة الوقت ويجنب التوتر والشك وأشكال سوء التفاهم. وهنا نقترح عدداً من القواعد :
1- لماذا اجتمعنا
2- ماذا يمكن أن نفعل
3 - ترتيب الموضوعات التي سنتناولها
4 - تحديد الوقت اللازم للتفاوض والحوار
5 - تحديد أطراف رئيسة يكون لها الأفضلية والأسبقية
6 - تحديد منسق أو ضابط للجلسة يتولى إدارة الحوار ويسجل النقاط الرئيسة
7 - حفظ وتسجيل الأفكار والمقترحات والخلاصات.
8 - تحليل الخلاصات السابقة.
جدير بالذكر قبل كل مفاوضة أو حوار تحديد أسباب اهتمامنا ولماذا نريد الحوار والتفاوض وما هي الفائدة أو الهدف الذي نبغي الوصول إليه. ويجدر التذكير هنا بضرورة العودة إلى القواعد التي ذكرناها في الجزء الأول من الدراسة حيث لا يصح نسيانها أو تجاهلها في كل مفاوضة أو حوار. ومن ذلك :
- تركيز الاهتمام على الفوائد المرجوة وليس المواقف
- الحديث بوضوح عن أهدافنا الشخصية بحيث تكون الفائدة مشتركة ومتفق عليها والانتباه بشكل فعال إلى أهداف ومصالح الآخرين المرجوة من الحوار
- الاستفادة من الخبرات السابقة لكل الأطراف المشاركة.)
إن الاستفادة من الشروط النظرية للتفاوض هو بداية السير في الطريق الصحيح أما الاكتفاء بالغرور ودكتاتورية المتنفذين ممن نصبوا أنفسهم حكماء وزعماء للمعارضة والسوريين عموما، لن تعط إلا ذات النتائج وهي في محصلتها قريبة إلى الفشل فمنطقيا تؤول التجارب إلى ذات النتائج ما لم تتغير مقدماتها وشروط إجرائها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟