الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يحدث عندما ينهار النظام الاقتصادي و الاجتماعي الحالي

رمضان سيد

2013 / 10 / 25
الحركة العمالية والنقابية


انهيار الاقتصاد الراسمالي في السنوات القادمة لم يعد سؤالا عما اذا كان سيحدث ام لا بل السؤال هو متى و كيف سيحدث ذلك.هذا ما يؤكد عليه حتى الخبراء الليبراليين و مفكري اقتصاد السوق مع اختلاف واحد و هو ان الانهيار بالنسبة اليهم مصيبة تتعرض اليها الاسواق, اما بالنسبة لنا فانها مصيبة تصيب البشر و تدمر حياتهم باشكال مختلفة. الاسواق ليست كائنات حية حتى تموت جراء الانهيار و الابنية لا تنهار بسبب انهيار الاسواق و الدولار بل ستضل قائمة هناك. اذن ما الذي سينهار في عالمنا عندما ينهار نظامنا الحالي و كيف سينعكس ذلك على حياة الناس؟لقد شرحنا في السابق في اماكن اخرى كيف ان ازمة الاقتصاد الراسمالي ازمة بنيوية في هيكل و اليات عمل هذا النظام و لا علاقة للازمة باحداث طارئة او تشريعات نقدية خاطئة او سلوك بشري انحرافي على غرار الجشع و رغبة البنوك بالسيطرة او القوى الماسونية اللوميناتي او ما الى ذلك. هذه الاشياء هي مظاهر خارجية و تداعيات لازمة اكثر عمقا هي ازمة اليات و طريقة عمل النظام نفسه.
الازمة باختصار هي ان تطور التكنولوجيا الانتاجية باستخدام الروبوت و الكومبيوتر و الانترنيت و غيرها قد ادت الى زيادة طاقات الانتاج مقابل تناقص استخدام العمل البشري. وعندما لا يعمل البشر لا يستطيعون شراء المنتجات. فكانت الطريقة الوحيدة لانقاذ اقتصاد السوق لكي يواصل الناس الشراء و تدور عجلة الانتاج ان يتم فصل النقود عن الذهب و طبع العملة دون غطاء لمنحها على شكل ديون للدول و الشركات و الافراد, وهو ما تم التشريع له عن طريقة وثيقة صدرت عن الحكومة الامريكية عام 1971 و المعروفة بالآليات الجديدة للنقود "The modern money mechanics" ادى ذلك الى سيطرة حفنة من بنوك الدولار على جميع مقدرات الارض من جهة و الى اغراق العالم في نظام الديون الذي سينهار قريبا بسبب نفاذ مفعول النظام الديني و تجاوز قدرة الشعوب و الحكومات و الافراد و الشركات على دفع الديون و الفوائد دع عنك استمرارهم على الاقتراض.ما سنراه في الايام و السنوات المقبلة هو عبارة عن عد تصاعدي للديون مقابل العد التنازلي لقيمة العملات حتى تصل نقطة الانهيار الذي سيكون على شكل افلاس البنوك و الشركات و الحكومات و سقوط العملة الصعبة مقابل التهافت على المعادن الثمينة و الخامات. عندما تفقد النقود قيمتها تختفي قدرة الناس على الشراء و تغلق المعامل و يسرح المزيد من العمال و تتوقف عجلة الانتاج و يصبح من الصعب على مليارات البشر الحصول على لقمة العيش للبقاء على قيد الحياة. عندها تخرج الجماهير الغاضبة كالعادة في كل مكان و تحصل فوضى سياسية و اجتماعية و تسيل الدماء في كل مكان. ان الربيع العربي و الانتفاضات الاخيرة في اوروبا و البرازيل و الولايات المتحدة و تركيا هي بدايات و ملامح و ردود افعال اولية على التدهور المتزايد للاوضاع المعيشية جراء العد التنازلي نحو انهيار الاقتصاد الراسمالي الذي لم يبلغ بعد نقطة الذروة.ان انهيار النظام الاقتصادي الحالي لا يعني انتهاء النظام الراسمالي ابدا. بل تطوره الى نظام اكثر وحشية يسوده الفوضى و الهمجية و المجاعات, و يمزق فيه البشر بعضهم و تتدهور القيم الانسانية فيه الى الحضيض. هذا الافتراض يقوم على احتمال عدم خروج الجماهير في ثورات في ميادين المدن و الساحات العامة في جميع اصقاع الارض. اما اذا حصل ربيع عالمي جراء ذلك عندها يكون السؤال الذي يطرح نفسه و الذي طرحه العديد من الصحفيين في القنوات العالمية على المتجمهرين في اعتصامات وولستريت و كذلك في اسبانيا و اليونان. السؤال هو ماذا تريدون؟ بماذا تطالبون؟ كيف تريدون اصلاح الامور؟
في مصر دأب اليساريين على الافتخار بشعارهم, "عيش حرية عدالة اجتماعية", ولكن لم يقدم احد منهم مثلهم مثل غيرهم من الاسبان و الامريكيين, الاليات لتحقيق ذلك. السؤال هو كيف سنقيم عالم يتحقق فيه العيش و الحرية و العدالة الاجتماعية "برغم تحفظنا على هذه العبارات المليئة بالاوهام".. فالاسواق لم تعد بحاجة الى البشر و العملة تطبع عالميا دون غطا و هي تفقد قيمتها و نظام الديون و النظام المصرفي ينهار و البنوك و المصانع ستغلق ابوابها فكيف تحقق الخبز و الحرية و العدالة في مصر مثلا في داخل نظام اجتماعي يتهاوى. و كيف ستعيد تنظيم المجتمع بعد ان فقد النظام الاقتصادي الحالي قدرته على الاستمرار؟الثورة الاجتماعية لتغيير نمط حياتنا على الارض و لاقامة حضارة انسانية ارقى و تغيير النظام الاجتماعي يمكن تحقيقه بسهولة في السنوات القليلة القادمة, و معظم البشر الذين يعيشون حاليا سيرون العالم الجديد قبل ان يغادروا الحياة, اذا غير البشر نهجهم و سلوكهم الحالي و اذا تحولت فكرة تغيير النظام الاجتماعي الى الفكرة السائدة في الثورات القادمة في الربيع العالمي القادم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماعلاقة متطلبات سوق العمل بالتخصصات الجامعية؟


.. طلبة كلية لندن ينظمون وقفة احتجاجية وسط الحرم الجامعي تأييدا




.. طلاب معهد العلوم السياسية في باريس يعتصمون داخل المعهد تضامن


.. استقالة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية احتجاجا على استمرار




.. فرنسا: طلاب يغلقون مداخل جامعة سيانس بو بباريس دعما للفلسطين