الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاصة الكندية أليس مونرو

سميح مسعود

2013 / 10 / 26
الادب والفن


القاصة الكندية أليس مونرو ، إسم جديد أضيف قبل أيام إلى نادي الحائزين على جائزة نوبل للأداب .

فوزها بالجائزة لعام 2013 وهي في الثانية والثمانين من عمرها ، يأخذ طابعًا خاصاً ، لأنها أول مواطنة كندية تفوز بهذه الجائزة ، والمرأة الثالثة عشرة التي تسجل إسمها في سجلها ، كما أنها هي المرة الاولى منذ 112 عاما التي تمنح فيها الأكاديمية الملكية السويدية كاتباً تقتصر أعماله على القصة القصيرة ، في زمن تحتل فيه الرواية مكانة عالية في الساحة الأدبية العالمية .

استحقت مونرو بجدارة الفوز بأهم جائزة عالمية ، لأنها " أستاذة القصة القصيرة المعاصرة " حسب ما أعلنته الأكاديمية الملكية السويدية التي منحتها الجائزة ، ولأنها أيضا حسب نفس الأكاديمية " أفضل من كتب القصة القصيرة في العصر الحديث... تتميز بمهارة في صياغة قصصها بأسلوب واضح وواقعية نفسية ... غالباً ما يوجد في نصوصها وصفاً متداخلاً لأحداث يومية لكنها حاسمة تضيء على اطار القصة وتبرز القضايا الوجودية " ، ولأنها حسب ما يردده النقاد عنها " تحمل أعمالها كماً من المعاني الإنسانية الصافية ذات الصلة الوثيقة بحب الناس البسطاء واحترامهم ومحاولة فهمهم " واحساسها هذا بالناس وعلى وجه الخصوص بالنساء من حولها ، ساعد على تقريب قصصها القصيرة من قلوب القراء وأحاسيسهم العميقة .

تفتحت عينا أليس مونرو على الحياة مع الكتابة ، لم تكن علاقتها بالأدب عن طريق القراءة والكتابة فحسب ، بل كانت إحساساً عميقاً مسيطراً على تصرفاتها وسلوكها ومعاملاتها مع الناس من حولها ، وفي مثل هذه الأجواءالمشحونة بالإثارة الدائمة ، استطاعت أن تصل إلى مستوى كبير رائع في عالم الأدب ، وتمكنت خلال نحو نصف قرن من إنجازسلسلة مجموعات قصصية ذات قيمة إبداعية متميزة بجاذبية ساحرة .

إذ تقوم نصوصها على عملية بنائية مركبة تجمع ما بين تدوين تصورات متخيلة غير مرئية في نطاق ضيق محدود، وإعادة خلق مشاهد الواقع بأبعاد معنوية ومادية للمكان بجمالية فائقة ، يتجسد فيها المكان بمفهومه الواقعي المادي ، في إطار شبكة خطوط متوهجة لحركية الحياة البسيطة في قرى الريف الكندي ، مفعمة بدفقات مدلولات زاخرة بأحداث البيئة المحافظة التي عاشت فيها مونرو طفولتها ، وبنسيج الحياة الإنسانية وانفعالات الإنسان الداخلية ( النساء غالباً ) ، وعلاقته بالأشياء والفضاء المحيط ، بدرجة عالية من التماهي بين الكائن والمكان .

تمدد فضاء القصة القصيرة مبكرا على أوراق أليس مونرو ، استوعبت القصة القصيرة كل اهتماماتها ، حاصرتها بوطأتها وثقلها ، وتمكنت في مستهل حياتها من ممارسة الكتابة النوعية المبدعة ، بقدرة إغوائية عالية لجذب المتلقي القارئ ، الباحث عن القصص المتميزة من حيث الشكل والمضمون ، على الصعيدين الجمالي والبناء السردي ، وهكذا تواصلت إبداعاتها الأدبية المميزة في سلسلة طويلة من المجموعات القصصية , تمكنت بها من احتلال مكانة متألقة بين كتاب القصة في بلدها كندا وعلى مستوى العالم أجمع .

صدر لها حتى الان اربع عشرة مجموعة قصصية ، من أهمها " رقصة الظلال السعيدة " و " أسرار مكشوفة " و " الهروب " و "سعادة زائدة " و" المشهد من كاسل روك " و" حياة إمرأة طيبة " و " من تظن نفسك " و " أقمار المشتري " و " الحياة العزيزة " و " صديق شبابي " و " بعيداً من هنا " .

نجحت وهي في بداية مسيرتها من لفت أنظار النقاد إلى قدراتها الفنية وإمكانياتها الإبداعية عندما ظهرت قصتها الأولى " رقصة الظلال السعيدة " في عام 1950 وهي طالبة جامعية ، وهذه القصة كانت عنوان مجموعتها القصصية الأولى ألتي صدرت في العام 1968 ، وقد انشغل النقاد بها كثيراً كإنجاز أدبي متميز ، وحظيت بنصيب وافر من التقدير أهلها للحصول على " جائزة الحاكم العام " التي تعتبر أرقى جائزة أدبية في كندا .

ومع تواصل إنجازاتها الأدبية عبر مسيرتها الطويلة ، بدفقات دفعتها دوما الى الأمام ، زاد حضورها الفعلي بين الأدباء المعاصرين، وزاد اهتمام النقاد بخبايا قصصها القصيرة ، وتمكنت بفضل حسن تقييمهم لها ، أن تحصد على مر السنين مجموعة كبيرة من الجوائز الكندية والبريطانية المهمة عن معظم مؤلفاتها ، منها جائزة " مان بوكر" الدولية في عام 2009.

هذا هو الذي يجعل أليس مونرو الأعمق أثراً في مجال القصة القصيرة ، تتفوق في نتاجاتها الإبداعية على أسماء أدبية لامعة كثيرة في كندا والعالم ، وترتفع الى القمة في نيلها جائزة نوبل ، ويكفيها فخراً أن النقاد يشبهوها بالقاص الروسي الكبير انطون تشيكوف ، لقدرتها على دمج مكونات الحياة الريفية الواقعية على أوراق صغيرة محدودة ، تختزل فيها حمولة مجموعة كبيرة من المعاني والافكار والصور المليئة بالحرارة والصدق عن الحياة والناس، تدمجها معا بأسلوبها الأنيق ، وتخلق منها قصة قصيرة بتفاصيل وجزيئات متناغمة .

ظلت " مزنرو " طيلة عمرها تلتمس السعادة بإبداعاتها القصصية ، تستشرف حقول الحياة الأنسانية ، و تفسح المجال لقرائها بالامساك بخيط سحري رفيع يجعل قلوبهم مليئة بتأملات مليئة بأحلام كبيرة .

.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب