الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دساتير مصرية «1» زمن محمد على

رفعت السعيد

2013 / 10 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



بينما تنهمك لجنة الدستور فى كتابة ما نتمنى أن يكون الدستور الأفضل والأرقى والأكثر ضمانة للحريات والديمقراطية وكفالة العدل الاجتماعى وحقوق المواطنة المتكافئة، نحاول نحن أن ننهمك فى تقديم نماذج من أفكار دستورية مصرية قديمة لعلها تكون حافزاً لمزيد من التشبث بالليبرالية والتقدم فى دستورنا الجديد. وكالعادة نبدأ بعصر محمد على، مؤسس مصر الحديثة، والذى أدرك بحق ضرورة أن تكون مصر دولة حديثة. وفى 1829 أسس محمد على مجلس المشورة من 156 عضواً، وما يهمنا هو فقرة فى ديباجة لائحة المجلس تقول «مجلس المشورة هم الذوات المشهور لهم بالفكر الثاقب والرأى الصائب، المعدودون أهلا لتدبير المصالح بالاعتدال والاستقامة، والذين يتذكرون فى المصالح التى ترد إلى المجلس من غير إكراه ولا استثقال، ويصرفون ذهنهم ويبذلون وجودهم بثبات واستعداد للنظر فى الأمور» [الوقائع المصرية – 2 سبتمبر 1829 – نقلاً عن ماهر حسن – حكاية الدساتير المصرية] فقط نتمنى أن يأتينا الدستور الجديد ببرلمان به هذه المواصفات. وفى زمن محمد على كان شيخنا رفاعة الطهطاوى الذى سجل أولى خطوات الديمقراطية والليبرالية فى المسار المصرى فترجم الدستور الفرنسى واختار له ترجمة عبقرية فكلمة charte الفرنسية ترجمها الشرط باعتبار أن الدستور هو عقد مشارطة بين الحاكم والشعب ولم يكتف رفاعة بترجمة الدستور بل قدم له تفسيرات تستحق الاهتمام. فهو يعلق على مجمل الدستور قائلاً «من ذلك يتضح لك أن ملك فرنسا ليس مطلق التصرف، وأن السياسة الفرنساوية هى قانون مقيد بحيث إن الحاكم هو الملك بشرط أن يعمل بما هو مذكور فى القوانين التى يرضى بها أهل الديوان [البرلمان]، وفيه أمور لا ينكر ذوى العقول أنها من باب العدل».

ثم يتحدث عن المادة الأولى والتى تنص على أن «سائر الفرنساوية متساوون قدام الشريعة» قائلاً إنها تعنى «أن سائر من يوجد فى بلاد الفرنسيس من رفيع ووضيع، لا يختلفون فى إجراء الأحكام المذكورة فى القوانين، حتى أن الدعوى الشرعية تقام على الملك وينفذ عليه حكم القانون كغيره، فانظر إلى هذه المادة فإن لها تسلطا عظيما على إقامة العدل وإسعاف المظلوم وإرضاء خاطر الفقير» ثم «وهكذا نعرف كيف حكمت عقول الفرنساوية بأن العدل والإنصاف من أسباب تعمير الممالك» ويتعين أن نشير إلى أن رفاعة لم يكتف بالانبهار بالدستور الفرنساوى وإنما نظر إليه نظرة نقدية مؤكداً «لو أننى اتبعت كل ما قاله الإفرنج ووافقت آراءهم للحياء أو غيره لكان ذلك محض موالسة».

[رفاعة – مناهج الألباب المصرية فى مباهج الآداب العصرية – صـ22] وإلى لجنة الخمسين أسوق عبارات طهطاوية لعلها تلهمهم «التعليم يجب أن يكون عاماً لجميع الناس يتمتع به الأغنياء والفقراء على السواء فهو ضرورى لسائر الناس يحتاج إليه كل إنسان كاحتياجه إلى الخبز والماء» [رفاعة – تخليص الإبريز فى تلخيص باريز – صـ72] وأضيف إلى ممثلى الأزهر فى اللجنة ما قاله رفاعة متحدثاً إلى الأزهريين فى زمانه «ينبغى أن تضيفوا إلى ما يجب عليكم من نشر السنة الشريفة ورفع إعلام الشريعة المنيفة معرفة سائر المعارف البشرية المدنية التى لها مدخل فى تقديم الوطنية» [رفاعة - مناهج الألباب – صـ273] ونقرأ دروساً رائعة «فكل ما تطيقه النساء من العمل يباشرنه بأنفسهن وهذا ما يشغل النساء عن البطالة، فإن فراغ أيديهن من العمل يشغل ألسنتهن بالأباطيل وقلوبهن بالأهواء. فإن العمل يصون المرأة عما لا يليق بها» [تخليص الإبريز – صـ201] وأيضاً «ودخول المدارس للبنات والغلمان واجب قانوناً وعلى قدم المساواة فى جرمانيا وهذا هو سر أن بلادهم من أقوى البلدان» [رفاعة – المرشد الأمين فى تعليم البنات والبنين صـ66]. ثم «إن وقوع اللخبطة بالنسبة لعفة النساء لا يأتى من كشفهن أو سترهن بل ينشأ من التربية الجيدة أو الخسيسة والتعود على محبة واحد» [تخليص الإبريز – صـ305]. ويا أعضاء لجنة الخمسين أتمنى أن تطالعوا ما كتب رفاعة منذ 175 عاماً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ارهاب الاسلامجيه
كامل حرب ( 2013 / 10 / 27 - 01:40 )
لاادرى مالذى يحدث فى مصر ولماذا الكل خائف ومذعور من هذه الجماعات الارهابيه الاجراميه وكيف لهم كل هذا التاثير على صناع القرار الخونه المرتعشون الجبناء ,الدستور يجب ان يكون مدنى علمانى بحت ولامكان اطلاقا لااسم الشريعه الاسلاميه فيه ,يجب التخلص نهائيا من البند الثانى المشين الكارثه ,المدعو عمرو موسى بلاء عظيم ويجب خلعه من الاشراف على لجنه الخمسين العره لانهم يسببوا فضيحه عالميه لمصر


2 - وفروا كلامكم!
سامح عبدالله ( 2013 / 10 / 27 - 06:52 )
من شلة الي شلة! وشلة الحرامية التقال مثقفة جدا، ومستوعبة للتاريخ، لازم يسيبوا شباك موارب علشان يرجعوا ينطوا منه، ومافيش اجدع من شباك الدين!


3 - الله يرحمك يا سنهوري
حسنين قيراط ( 2013 / 10 / 27 - 14:42 )
والسنهوري باشا لمن لا يعرفه هو أبو الدساتير المصري والذي وضع بمفرده معظم دساتير دول الخليج بدون لجنة ترزية قوانين المخلوع وبدون لجنة ال100 في سنة المعزول وبدون لجنة ال50 في عصر اللا رؤية .... ولك الله يا مصر

اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش