الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عائدات النفط العراقي اساس التمويل الاستثماري (الجزء الاول)

حيدر علي الدليمي

2013 / 10 / 26
السياسة والعلاقات الدولية


عائدات النفط العراقي أساس التمويل الاستثماري
(الحلقة الثانية)
د. حيدر علي الدليمي – رومانيا
ان ديون العراق من النمط البغيض ويستند مفهوم الديون البغيضة على مبدأ الرافض لتسديد هذه الديون باعتبارها نتاج قرارات انظمة دكتاتورية جائرة وينسحب أثرها على ذات الانظمة وليس على الشعوب أو الارض المتصلة بها، ويشير خبراء الاقتصاد على ان الشعب المعني غير مطالب في ظل القوانين الدولية باعادة وتسديد قروض تم اقتراضها لخدمة نظام مستبد كالنظام العراقي البائد الذي صرف جلّ هذه الديون من اجل تسليح جيوشه وبناء سجونه وتمرير سياسته القمعية ضد شعبه وتم اقتراضها بدون تخويل شرعي من هذا الشعب وليس ملزماً للحكومة العراقية الحاليه الالتزام باعادة دفع الديون البغيضة وهي لا تحتاج الى اللجوء الى صندوق النقد الدولي أو نادي باريس والمطالبه بتخفيض تلك الديون لان ذلك يضفي شرعية ضمنية لديون نظام دكتاتوري ويكبل الاقتصاد العراقي بالديون الثقيلة لاجيال عديدة والبديل هو ان تطالب الحكومة العراقية الاحتكام الى القانون الدولي والمنظمات التابعة للأمم اللمتحدة باعتبارها الجهة القانونية المسؤولة بالتعاون مع الدول الكبرى وتعمل لجنة نادي باريس باتجاه حل ديون العراق عبر صفقات لشطب 65% أو 85% من ديون النظام البائد، وان نادي باريس يتعامل مع ديون النظام العراقي الزائل على انها ديون الشعب العراقي ويضفي عليها الشرعية حتى ولو بقي 15% من ديون النظام لان الفوائد المتراكمة مع اقساط الباقي سوف تستمر الى أكثر من ثلاثة أجيال في دفع ديون النظام الزائل الامر الذي يفقدنا السيادة الاقتصادية والوطنية ويمنع شعبنا من التمتع بنسيم الحرية والديمقراطية ويفقدنا القدرة على اتخاذ القرارات المرتبطة بمصالحنا الوطنية . وبسبب هذه الديون تقوم الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية بالضغط للقبول باتجاه عقود المشاركة في انتاج النفط (بالصيغة التي تراها هذه الدول مناسبة لها وليس كما يريد العراق أو على الاقل بصيغتها الحقيقية)، ويعتبر هذا النوع من العقود بمثابة اعادة النظر جذرياً في الصناعة النفطية العراقية، وانتقالها من الملكية العامة الى الملكية الخاصة، والدافع الاستراتيجي لهذا الامر هو سعي الولايات المتحدة وبريطانيا لتحقيق (أمن الطاقة) في سوق مضطرب وحاجة شركات النفط متعددة الجنسية "لحجز" احتياطيات جديدة تؤمن لها النمو في المستقبل .
ان نموذج تطوير الصناعة النفطية الذي يجري الترويج له في العراق حالياً والذي تدعمه شخصيات مهمة في وزارة النفط يعتمد على عقود تُعرف باسم (عقود المشاركة في الانتاج) وهي مشابه لعقود الامتياز التي كانت متبعة في وزارة النفط منذ عقد الستينات وهي بالنهاية تعني التنازل عن سيادة العراق، ويتفق خبراء النفط ان غرضها سياسي في المقام الاول، فهي من الناحية الشكلية تبقي ملكية احتياطيات النفط في يد الدولة في حين انها عملياً تعطي شركات النفط النتائج ذاتها مثل اتفاقيات الامتياز التي كانت قد حلت محلها، فعقود المشاركة في الانتاج المكونة من مئات الصفحات من الصيغ المالية والقانونية المعقدة تخضع عادة للشروط السرية التجارية وتكون عملياً محصنة من أي تدقيق عام، فهي تربط الحكومة بشروط إقتصاديه لا يمكن تغيرها طيلة عقود مقبلة وبهذه الامتيازات تنتزع الشركات الاحتكاريه حقوق حكومات البلدان المنتجة باعتبارها سلطة تمتلك حقوق سيادة على أراضيها، وعقود المشاركة بصيغتها الحالية هي الاخرى تعتبر انتزاعاً لحقوق حكومات البلدان المنتجة باعتبارها سلطة تملك حقوق السيادة على أراضيها ولكن باسلوب ملطفاً هذه المره . ان الوضع الامني والسياسي المتردي والهش الذي نعيشه الآن بالاضافة الى ضعف المفاوض العراقي قد اعطى الفرصه للدول الكبرى ان تملي شروطها وكما تريد .!
ان اتفاقيات المشاركة حالها حال الامتيازات، وهي تعزيز للقدرات التي تمتلكها الكارتيلات الدولية للنفط في فرض العقود المجحفة غير العادلة عبر الاسعار الاحتكاريه المنخفضة والتبادل غير المتكافيء، أي ان الاستفادة من عقود المشاركة لاستثمار أقل ما يمكن من الرساميل والحصول على أقصى الارباح باقل النفقات ومحاولة حفر أقل عدد ممكن من الآبار مع تجنب إستخدام التكنولوجيا الحديثة لاستخراج النفط بما فيها إسلوب ضخ الماء الى المكمن (WATER INJECTION)، كل ذلك بقصد تكريس التبعية الاقتصادية للدول الكبرى وجعل اقتصادنا الوطني حبيس السوق الرأسمالية وموجّه من قبل المنظومة الرأسمالية المخططة لا لرفاهية الشعب العراقي وتقدمه وإنما لمصلحة مراكز العولمة الرأسمالية .
لقد وافقت الحكومة العراقية على مسودتي مشروع قانون النفط والغاز الجديد وقانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام وقدمته الى مجلس النواب للتصويت عليهما واقرارهما من دون ان يفهم العراقيون ما الذي تتضمنه هذه القوانين الخطيرة ولماذا يتم الاستعجال فيها والعراق يمر بأصعب مراحل تأريخه على الاطلاق أو لماذا تمرر بهذه السرعة في الوقت الذي إتفق الجميع على إجراء تعديلات بالدستور الحالي !!
ان الاستعجال غير المبرر في إتخاذ قرارات مصيرية دون التفكير بمستقبل الاجيال القادمة سيكون اشبه بالعودة للاحتكارات النفطية العالمية العملاقة للسيطرة على النفط العراقي واننا نرى ان الاستراتيجيات الاقتصادية والتصنيعية يجب ان تخلق البنى المتكاملة القادرة على تحقيق النمو الذاتي المتجانس والديناميكية اللازمة لفك التبعية الاقتصادية للغرب لاتاحة امكانية التصرف بالفائض الاقتصادي (الايرادات النفطية) التي يحصل عليها القطاع النفطي وبالتالي تأهيل قدرات القطاع العام على اتخاذ القرارات الاقتصادية الفعالة والمؤثرة، وعليه لا تُفهم استراتيجية صناعة النفط الوطنية لمجرد كونها منهاج استثماري يخضع لاولويات ومطالب الشركات الاحتكارية متعددة الجنسية والحكومات الغربية والاقليمية حالها حال مجمل الاستراتيجيات الاقتصادية والتصنيعية الوطنية، وهي قبل كل شيء مهام محددة للمدى البعيد يتم وضع برامج متوسطة المدى في ضوء كونها تعنى بايجاد حلول لمعضلات القطاع العام ومساعدته في تنفيذ مشاريعه من أجل تحقيق الفائض الاقتصادي وتحويل التراكم لصالحه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات