الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسية المتدين

حميد المصباحي

2013 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


يطرح السؤال دائما عن مدى احتواء الإسلام على ما هو سياسي,من منطلقين,قإذا كانت السياسة هي تلك المجهودات الفكرية و الفعلية,التي غايتها الوصول لسلطة الدولة,أو الحفاظ عليها لتأمين استمرار هيمنتها,أليست في الإسلام كما كان و كما هو حاليا مثل هذه المجهودات؟؟؟
1 دينية الإسلام
نشأ الإسلام كدين موحد,غايته تأكيد وحدانية الله,و فيما بعد سعى النبي عليه الصلاة و السلام لتهذيب أتباعه بما يوافق الرسالة الجديدة,و يطهرها من شوائب اعتقادات الوثنية,مع الإعتراف برجالات أهل الكتاب,من المسيحيين و اليهود,كأناس لهم علمهم الذي يمكن احترامه لأنهم أهل كتاب و حكمة,إلا من حاول محاربة الدعوة الجديدة,فكانت البداية دعوية,و بعد الهجرة إلى المدينة,حيث التجمعات البشرية المنظمة بناء على الأخوة الدينية بدل القبلية,احتاجت الحياة الجديدة لترتيبات ملائمة,بما تفرضه من الدفاع عن مصالح الناس,و تأمين التجارة و خلق العلاقات بين الأحلاف و التجمعات المجاورة,بحيث وجد من المسلمين من عاش داخل دول مجاورة,و أهمها الفرس,فخبر آليات التمدن السياسي,و التدبير المديني,في حدوده الدنيا ووفق الإمكانات العمرانية البسيطة التي لا يمكن أن تمس الذهنية القبلية المعتادة على الترحال و التفاعل المباشر مع الطبيعة بدون الحاجة إلى ضرورات البحث عن مصادر أخرى للعيش لا تقدمها الطبيعة,بحيث تحكمت الدعوة في الرهانات المجتمعية التنافسية التي عاشتها المجتمعات الأخرى المحيطة بالجزيرة العربية,فكان البعد الزهدي للإسلام حاميا للناس من مختلف أشكال التنافس ذات الأبعاد الرمزية في الحياة الفردية,بحيث حافظت الدعوة على أسبقية الجماعة و ضرورة تفاني الفرد في خدمتها كواجب ديني غير الذهنية العربية من الولاء القبلي للولاء العقدي.
2دولة الإسلام
في حياة النبي,كانت الدولة كتنظيم روحي,أو لنقل تجاوزا جماعة روحية خاضعة لمقتضيات الوحي و شارحه,الذي لا يمكن الإختلاف حوله,لأن المرجعية الدينية للنبي عليه الصلاة و السلام,كانت حاسمة,هي التي يرجع إليها في كل القضايا,مع استحضار بعض أشكال الحياة العامة التي صارت تفرض نفسها في المجالات الدنيوية,بما تعرفه من سجالات سرعان ما تذوب بالخضوع لروح الديني كمرجع وحيد,مباشرة بعد موت الرسول عليه الصلاة و السلام,وجد المسلمون أنفسهم في متاهات الإختلاف,بين المهاجرين و الأنصار,و التاريخ الإسلام غني بالمحاجات السياسية بين الزعامات القبلية التي رأت في زعمائها حق امتلاك السلطة السياسية,التي اعتبرت مشروعيتها مستمدة فرديا من أسبقية طالبها في الإسلام,و جماعيا من عصبة النبوة و المقربين منها,فكانت للقرابة معنيين,قرابة الدم و قرابة الرفقة و الصداقة,فحسمت السلطة لصالح قرابة الرفقة و الأسبقية الإيمانية,لكن العناصر الأخرى بقيت حية في الخفاء,حينها انبعثت السياسة كرغبة تتحجج بالشريعة,لتخفي أن الإختلافات كانت بين تصورين سياسيين لمشروع الدولة الدينية الإسلامية,أي طبيعة الحاكم,فانحازت القبائل مدافعة عن هذه الفئة أو تلك بناء على منطق الأحقية,و استمرت الصراعات السياسية بلبوسات دينية إسلامية,توجت بفكرة مرتكب الكبيرة أي القتل,هل هو كافر,أم فاسق أم مسلم يفوض أمره لله,إن شاء عذبه و إن شاء غفر له.
3إمبراطورية الإسلام
عندما امتدت أطراف الدولة الإسلامية,بانتصار توجه سياسي حاول تجنب أخطاء الماضي بمقترح التوريث,تفاديا للصراعات,التي حسمها لصالح مبايعة الأمة للإبن قبل وفاة الوالد,عادت الصراعات من جديد حول السلطة,لكن هذه المرة انتقلت خلافات الآباء للأبناء,و استمرت,لدرجة أن نسبت الدول للقبائل التي استحوذت على السلطة,فظهرن تسميات الدولة الأموية,نسبة لبني أمية,و فيما بعد الدولة العباسية,نسبة لبني العباس,عمومة الهاشميين,فكانت الإنتقامات فظيعة,عاشت كل الدول الإسلامية صراعات عصفت بالمشروعين معا,بعد أن أنهكت بعضهما الأخرى,و هنا لا يمكن نفي الممارسات السياسية ذات البعد الإسلامي,الذي سرعان ما اتجه ,نحو القبيلة,مما أثر على البنية المجتمعية و الثقافية للحضارة الإسلامية,التي لم تنشئ مشروعا سياسيا خاصا بها,بل استحضرت دائما العودة للبدايات بالحث على مجاهدة أعداء الملة و ملاحقتهم لتثبت جدارتها بالخلافة,و كأنها كانت نهرب من نفسها و حاضرها نحو النموذج الدعوي,بدل الإلتفات لنفسها و بناء ذاتها بتطوير مجتمعها الذي اتسع و امتد و عليه التفاعل مع باقي الحضارات الإنسانية بعيدا عن منطق البدايات و الدعوات و حتى المجاهدات التي انتهت بخضوع هذه الدول للإستعمار الذي حكمها مع العثمانيين من خلال مقولة الخلافة نفسها التي طالما دافعت عنها.
خلاصات
إسلامية الدولة كانت في سياقات حضارية لا يمكن استعادتها,فقد كانت تجربة,تحاول جل الدول العربية حفاظا على رمزياتها التاريخية,تستمد منها آليات الهيمنة الإجتماعية,لأنها لم تبدع وسائل أكثر حضارية لمشروعيتها,و هي ربما لذلك تتسامح مع حركات الإسلام السياسي,و أحيانا تتحامل عليها إن نازعنها شرعيتها الدينية,مما يعرض المجتمعات العربية لمزيد من التقاطبات القديمة,التي لا يمكن أن تخدم رهاناتها التنموية اقتصاديا و لا سياسيا و لا علميا.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب يقلد المشاهير ويصف بعضهم بكلمة ????


.. إيرانيون يعلقون على موت رئيسي • فرانس 24 / FRANCE 24




.. آفة التنمر تنتشر في المدارس.. ما الوسائل والطرق للحماية منها


.. مصرع وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان في تحطم مروحية




.. مصرع الرئيس الإيراني.. بيانات تضامن وتعازي ومواساة ومجالس عز