الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدرسة فرانكفورت القسم السادس: إرنست بلوخ ومبدأ الأمل.....6-8

عبد الحسين سلمان
باحث

(Abdul Hussein Salman Ati)

2013 / 10 / 27
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


مدرسة فرانكفورت ـ القسم السادس: إرنست بلوخ ومبدأ الأمل.....6-8
تأليف: بيتر ثومبسون......(1).
ترجمة : الدكتور هشام عبد النور.....(2).
المراجعة والهوامش و الملاحظات و المصادر: جاسم الزيرجاوي,(ج.أ)
.........................................................................................
“يجب أن نؤمن بمبدأ الأمل. لا يحق للماركسي أن يكون متشائماً”.

لا يمكننا أن نحسب إرنست بلوخ , من ضمن الرموز المركزية لمدرسة فرانكفورت.
وفي الواقع، لقد حافظ كل منهما على مسافة من الآخر ,لأسباب عديدة مختلفة. ولكن كان بلوخ ، على أية حال، مؤثراً فكرياً مميزاً على العديد من أعضاء مدرسة فرانكفورت.
ولد بلوخ في عام 1885م وقد كان ناضجاً بما يكفي لكي يكون عضواً في حلقتي سيميل وفيبر ,(3), Simmel and Weber , قبل الحرب العالمية الأولى ,وذهب إلى المنفى في أمريكا خلال جمهورية فيمار وفترة النازية, ورجع إلى ألمانيا الشرقية في عام 1949م ,وسافر إلى الغرب في عام 1961م حيث توفي في توبنجن 1977م.

وأصدر 16 كتاباً من الأعمال الفلسفية ذات التأثير العالي. وكان صديقاً مقرباً لوالتر بنجامين وبيرتولت برخت ووكورت فايل, Kurt Wei ,(4), وجورج لوكاش وأدورنو.
والأخير، مثلاً، قال أنه بلوخ لم يكتب شيئاً , ويشير بهذا الى كتاب بلوخ “روح اليوتوبيا” الصادر في 1918م ثم قال لاحقاً ,أن بلوخ رد الاعتبار لمفهوم اليوتوبيا.
وعمل بلوخ الضخم ,كان مجموعة ثلاثة أجزاء من كتاب “مبدأ الأمل”(5), والذي أبان فيه بطرق لا حصر لها الكيفية التي يتبدى بها في حياتنا اليومية الأمل, والرغبة الإنسانية في التحرر وفي تحقيقه.
وكما نستطيع أن نرى من الاقتباس أعلاه أنه لايتفق مع التشاؤم الثقافي المتزايد لدى أدورنو، ولم يتخل أبداً عن فكرة أن للفعل السياسي للطبقة العاملة والحركات الاجتماعية الجديدة قدرة على التغيير، وكنتيجة لذلك كان بلوخ محباً لحركة الشباب في 1968م أكثر مما كان هربرت ماركيوز.وبلوخ، على أية حال، لم يقارب الأمل واليوتوبيا من موقف متفائل ساذج.
فقد كان واعياً بالمشكلات التي تواجه أولئك الذين يرغبون في في نفي النفي والتقدم إلى الأمام.
وهاجم بلوخ في كتابه, “ميراث زماننا”، The Heritage of Our Times , عن صعود الفاشية في الثلاثينات من القرن الماضي، و اليسار الماركسي الأرثوذكسي وأصدقائه في مدرسة فرانكفورت لأنهم لم يدركوا :
أن الفاشية كانت، وبكلماته، حركة دينية معكوسة كسبت الناس بأفكار شبه يوتوبية عن عجائب مستقبل الرايخ. وأشار إلى أن مصطلح الرايخ الثالث نفسه قد تم أخذه من أعمال جواشيم دى فيور, Joachim of Fiore,(6), الذي ذكر أنه لن يكون ممكن التحقيق إلاّ بعودة المسيح.

وبهذه الطريقة ميز بلوخ نفسه من مدرسة فرانكفورت وتباعدوا ,هم عنه , لأنه لم يكن مستعداً لأخذ الخط الفرويدي عن صعود الفاشية.
وانتقد هوس فرويد بالصدمات والكوابيس عن الماضي المقموع وبدلاً عن ذلك استمر بلوخ في القول بأن ما يقودنا حقيقةً هو :
أحلام اليقظة بعالم أفضل وأكثر سعادة.
وكان بلوخ يريد في الأصل أن يسمي كتاب مبدأ الأمل بـ”الأحلام بحياة أفضل”, Dreams of a Better,
وهو كتاب استثنائي يتعامل مع الطرق التي نخفي بها الأمل أونعبر بها عن الأمل في أحلامنا وقصص الجنيات والرياضة والموسيقى والحب وكل هذه تعبيرات عن الأمل الذي لا يمكن أن يتحقق بعد.
والمشغّل المركزي لأعمال بلوخ على نحو دقيق هو, هذه الفكرة عن الـ”ليس بعد”.
ويتحدث بلوخ عن (أنطولوجيا وجود الـ”ليس بعد”), "Ontology of Not-Yet Being",
الذي نبنيه فيه باستمرار اليوتوبيا المتعينة.

وهو يستخدم كلمة متعين هنا بالمعنى الهيجلي con crescere، أي الميول والممكنات التي تنمو معاً داخل العلاقة بين الواقع المادي, والتدخل الإنساني والتي تمتلأ دائماً بممكنات لا يمكن تحقيقها بسبب أن الشروط المادية لتحققها لم تكتمل بعد.
وأشار بلوخ أيضاً، على أية حال، إلى أن عملية تحقيق اليوتوبيا هي عملية ذاتية التوليد. كما وضعها هو: (هي عملية يصنعها أولئك الذين تصنعهم هذه العملية)، وهكذا رد بلوخ إلى فكرة اليوتوبيا ,اعتبارها برؤيتها ليس كحالة برنامجية, ما قبل وجودية يجب تحقيقها تحت قيادة حكيمة ومعرفتها محيطة سواء للحزب أو للكنيسة،
ولكن كعملية حيوية تلقائية يقودها الكائن البشري العامل والخالق والمنتج الذي بدوره يقوده جوعه المادي كما أحلامه في التغلب على هذا الجوع.
والمجتمع الذي سننتهي إليه سيكون من ثم نتاج عملية الوصول إلى هناك. هذا يقلب على رأسه الفهم التقليدي لليوتوبيا كغايات، حالة مثالية ما قبل وجودية.
وفي هذا فهو يتفق بوضوح مع رفض ماركس للشيوعية اليوتوبية. والأكثر تأثيراً، وربما هو التأثير الأكثر بروزاً على الحوار الفكري، كانت هي طريقته في معالجة التعبير الديني، على الرغم من أن هذه المعالجة لم تكن للبنيات السلطوية للدين،
فقد أشار مثلاً إلى أن الدين religion يعني religio أي إعادة re الارتباط ligio كجزء ضروري من التعبير عن الرغبة الإنسانية في التحرر.
وكتابه “الإلحاد في المسيحية”, Atheism in Christianity ,هو عن الدين كهجرة وتعالي عن الشروط المادية للواقع , و بدون الحاجة إلى مجال متعالي ,خارج الواقع المادي. وبهذا المعنى فإن موت الإله (في المسيحية ــ المترجم) جزء ضروري من التجرية الدينية.
ولهذه الأسباب حافظ بلوخ على الاعتقاد في التنوير والحداثة , كما في الدافع الديني المستنير في الوجود الإنساني,
وهي كلها تعبيرات عن “الاتجاه غير المتمايز”, invariant of -dir-ection, الإنساني الذي سيحملنا في نهاية الأمر إلى الأمام لمكان، كما وصفه، حيث لم نكن من قبل ,مع ذلك سنشعر بأننا في موطننا.
وفي طريقنا إلى هناك سيُنتزع منا اعتقادنا في الآلهة وسيعاد استثمار هذا الاعتقاد مجدداً في أنفسنا وحينها فقط يمكننا أن نحقق إمكانياتنا كاملةً.
الاعتقاد في الآلهة أو المتعالي لم يكن، على أية حال، نوع من الوهم أو نفايات الـDNA ولكنه كان حاملاً ضرورياً للمثال اليوتوبي طالما أن العالم لم يكن مستعداً له بعد.
وفي الواقع، استمر بلوخ في القول بأن الفكرة الشيوعية عن إضمحلال الدولة واختفائها كانت محض نسخة علمانية من فكرة حب الجار وتطبيق عملي للمقولة الدينية القديمة، كما تبناها ماركس أيضاً، من “كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته”.(7).


المصادر

1. http://www.theguardian.com/commentisfree/belief/2013/apr/29/frankfurt-school-ernst-bloch-principle-of-hope

2. http://www.hurriyatsudan.com/?p=109006

3. http://en.wikipedia.org/wiki/Georg_Simmel
جورج سميل: فيلسوف ألماني, 1858-1918, من الجيل الأول من علماء الاجتماع
ماكس فيبر: فيلسوف الماني: 1864-1920 يعتبر من مؤسسي علم الاجتماع الحديث

4. http://en.wikipedia.org/wiki/Kurt_Weill

كورت فيل: الموسيقار الالماني,1900-1950, عمل تقريبا جميع المعزوفات لأعمال المسرحي الالماني بريخت.

5. The Principle of Hope http://www.marxists.org/archive/bloch/hope/introduction.htm

يمكن الحصول على النسخة العربية من المصدر التالي:
http://www.al-mostafa.info/data/arabic/depot3/gap.php?file=003539.pdf

6. http://en.wikipedia.org/wiki/Joachim_of_Fiore

7. http://www.marxists.org/archive/marx/works/1875/gotha/ch01.htm








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التفاؤل والتشاؤم والفاشية
طلال الربيعي ( 2013 / 10 / 27 - 17:08 )
الصديق العزيز جاسم
اختلف مع كاتب المقال, بيتر ثومبسون, الذي يضع مدرسة فرانكفورت المتأثرة بفرويد, و أرنست بلوخ على طرفي نقيض بين التشاؤم والتفاؤل. ان فهما كهذا يشكل تبسيطا حداثويا لقاعدة اما/او. اعتقد اننا بحاجة الى كلا التشاؤم والتفاؤل في آن واحد, لان لكل منهما وظيفته المستمدة من اعتبارات واقعية وفكرية. ولذلك, بدلا من مبدأ التناقض, لربما من الاجدى هنا استخدام مبدأ التكامل
complementarity
ففي مقالي -الماركسية والتحليل النفسي-
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=64643
اشرت الى فرويد كان -متشائماً في نظرته للحضارة، لأن تطورها، حسب رأيه، يؤدي بالضرورة وبشكل متزايد إلى قمع الناس لغرائزهم (الجنسية)، وذلك لأن نمو الحضارة يعتمد بالضرورة على عملهم المتزايد وبالتالي عليهم أن يتعلموا ضبط غرائزهم وتأجيل أو إلغاء تلبيتها لفترات طويلة، مما قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية وشعور بالخواء والقنوط.
يتبع


2 - التفاؤل والتشاؤم والفاشية
طلال الربيعي ( 2013 / 10 / 27 - 17:12 )
وبذلك فإن الحضارة عند فرويد تؤدي لا محالة إلى الاغتراب والتعاسة. أن نبوءة فرويد هذه أثبتتها تقارير منظمة الصحة العالمية. فهي تؤكد أن نسبة الأمراض النفسية، وخصوصا الكآبة، قد بلغت الآن عشرة أمثال ما كانت عليه بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، هذا بالرغم من التطور الكبير الذي حصل مؤخرا في مجال تشخيص وعلاج الأمراض النفسية.- هذا بالاضافة الى الحروب واعمال العنف, في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية, التي كلفت البشرية الملايين من الضحايا والكثير من الاهوال.
اننا بحاجة الى التشاؤم للحد من العنف كواجب بيولوجي للحفاظ على الجنس, اضافة الى كونه واجبا اخلاقيا.
ولكننا في نفس الوقت في حاجة الى الأمل لان الجماهير، كما يؤكد العديد من المنظرين السياسيين، لا تشرع بالعمل من أجل قضية بسبب عقلانيتها أو مشروعيتها، بل فقط عندما تشعر هي بالأمل بانتصار القضية. أي إن العالم يجب حقنه بالأمل من أجل تغييره كما يذكر بلوخ ومولتمان . ان هذا التفاؤل ليس تفاؤلا رومانسيا سلبيا, لانه يشترط الفعل البشري الدؤوب في إحياء الأمل عند الجماهير كي تشرع في العمل الخلاق من أجل تغير الواقع.
يتبع


3 - التفاؤل والتشاؤم والفاشية
طلال الربيعي ( 2013 / 10 / 27 - 17:14 )
كما ان تفسير بلوخ للفاشية بكونها -حركة دينية معكوسة كسبت الناس بأفكار شبه يوتوبية عن عجائب مستقبل الرايخ- يعكس توصيفا ثيولوجيا او لاهوتيا حيث يستبعد الجذور المادية للفاشية وصعودها الى السلطة, كالبطالة الكارثية والكساد الاقتصادي وقتها, وبالتالي لا يشكل تفسيره للفاشية وصفة فعالة للحيلولة دون وصولها الى السلطة ثانية.
مع مودتي

Moltman, J. (1975). Theology of Hope. London: S.C.M


4 - الجزء الثالث
طلال الربيعي ( 2013 / 10 / 27 - 17:39 )
لا اعرف سبب عدم نشر الجزء الثالث من تعليقي ولكن على اية حال بمكن قراءه تعليقي بالكامل في الفيسبوك.
مع المودة

اخر الافلام

.. استطلاع يظهر تحقيق حزب العمال فوزا ساحقا على حساب المحافظين


.. الانتخابات البريطانية.. فوز حزب العمال في الانتخابات العامة




.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في خطابه قبل الاستقالة:احت


.. الانتخابات البريطانية: سوناك يقر بالهزيمة وفوز ساحق لحزب الع




.. -طرد الأصوات الشاذة وأبعد الشبهات عن حزب العمال-.. ما وصفة س