الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماركسية حية ترزق والمطلوب هو تجديد المشروع الاشتراكي

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2005 / 6 / 1
ملف - الماركسية وافق البديل الاشتراكي


برز الطرح الداعي إلى البحث عن أفق البديل الاشتراكي ومستقبل الفكر الاشتراكي ومدى قابلية الأخذ بهذا الفكر والاستناد إليه بعد أن شهد العالم انهيار التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية .
ولكن إذا كان الكثير من الماركسيين والقراء المبدعين للفكر الماركسي يتعاملون مع موضوعة انهيار التجربة الاشتراكية على أنها وليدة الخلل البنيوي في التجربة المطبقة وليس خللاً في الفكر الماركسي إلا أن منظري سياسات العالم الرأسمالي ينظرون إلى الانهيار على أنه الحتمية المتوقعة ونهاية التاريخ كما يذهب فوكوياما في تسويقه لفكرة موت الاشتراكية النهائي وبقاء الرأسمالية الحتمي .
إن ما حصل هو سقوط لتجربة وليس سقوطاً للفكر . فالفكر الماركسي باقٍ حيٌّ يرزق إلى جانب كل الأفكار الشبيهة والمناقضة . القديمة والمحدثة . الفكر يتجدد على الدوام وهو ما يتناساه فوكوياما ربما عمداً إذ ينظر إلى الواقع بمنظار غير واقعي وغريب وهو ما يرفضه الفكر والفلسفة المبنية على عقلانية الطرح والأداء .
كان لينين يحذر منذ أكتوبر 1917 من رأسمالية الدولة التي تضع روسيا وثورتها في مهب كل الاحتمالات . لا سيما في برنامجه الاقتصادي المدعو " النيب " فلينين كان يعلم كل العلم مآلات الأمور لا سيما وأن الثورة جاءت قفزاً فوق مخطط التشكيلات الاقتصادية – الاجتماعية الماركسي , وروسيا حرقت مرحلة وصولاً إلى الاشتراكية كما لم يتوقع ماركس الأب الروحي للفكرة .
كان لينين يتوقع احتمالات فشل التجربة الاشتراكية في روسيا وإحساسه هذا كان يدفعه إلى المناداة ببذل أخلص الجهود للانتصار في تلك المعركة التاريخية على رأسمالية الدولة النامية في روسيا بشكل ملفت دون أن تتطور إلى رأسمالية واضحة المعالم وناجزة , وهو الأمر الذي لا يريد الكثيرون من الماركسيين الأخذ به واعتباره مسلمة وواقعاً ينبغي قراءته بمعرفية ما وتشريحية ما وصولاً إلى وضع الإصبع على الجرح .
ما هو مطلوب من الكثيرين من أشياع الفكر الماركسي هو الانطلاق من ديناميكية الفكر وحيوية كل فكر وقابليته للتجديد والحراك والاضطلاع بعبء نقل الأفكار من الحقل التجريدي النظري إلى ملموسية تواكب طموح البشر وموضوعية التطور وعقلانية العالم التي ترفض كل تنظير غير قابل للتجسيد عملياً.
إن الانهيار الذي حصل في منظومة الدول المطبقة للاشتراكية قضى على آمال وطموحات كثير من الناس في العالم برؤية غد أفضل وإنساني حيث تتساوى الفرص لكل البشر بعيدا عن أوليات الاستغلال والجشع ورغم أن الانهيار لم يكن متوقعا من الكثيرين في العالم إلا أن نخبة لا باس بها من المفكرين الماركسيين وآخرين الذين يقرأون الحركة الموضوعية للتاريخ كانوا يتوقعون خريفا للاشتراكية وربيعا رأسماليا مديدا في العالم . ربما كان الكثير من الناس عبر العالم طوباويين , مأخوذين بالتنظيرات والشعارات الآتية من الاتحاد السوفييتي ومنظومته السياسية والعسكرية . إلا أن الانهيار المفاجىء حول أحلامهم إلى رميم وفتات حلم , ويكون ذلك حينما يكون الطموح الإنساني غير مستند إلى أساسات عملية وعلمية بل إلى مثالية هروبية وجانحة وواهية .
الإشكالية الأخرى المرفوضة برأينا هو تحول الفكر الماركسي إلى فكر معصوم ومقدس , والنظر إلى التجربة الاشتراكية في روسيا والدول الأخرى بمثابتها مطلقاً واكتمالاً فكرياً ونظرياً وعملياً وأنها درب السعادة الوحيد وعدم الدخول في جدلٍ مع جوانب التجربة ونفض الغبار عن سوءاتها . هكذا وبتوجيه من أجهزة الدعاية الستالينية تم تغييب الناس عن النخر البطيء ثم المتفاقم فيما بعد ستالين إلى التركيز على حتمية المستقبل الاشتراكي . بذا فاجأهم الانهيار المفاجىء الذي لم يكن مفاجئاً على الأقل فكرياً . لقد أفرزت التجربة الاشتراكية في روسيا ودول أخرى طائفة من المفكرين والسياسيين كانوا ماركسيين أكثر من ماركس وكأنهم لم يقرأوا مقولة ماركس : " أنا لست ماركسياً " .
إنها مهمة النخب الماركسية اليوم تشريح التجربة للناس وإطلاعهم على عمق الأزمة لأجل تجسير الهوة , فالتركيز الدائم والدائب على المنجزات الكبيرة والإيجابيات لا يجدي . الكثير من الأحزاب الشيوعية اليوم تمارس عملية تعمية سياسية لجماهيرها عبر طرحها شعارات من قبيل : ستعود رايات أكتوبر خفاقة . إن العقلية القائمة على إرث استنساخ التجربة المفوتة بسبب من اعتلالاتها الداخلية لهي عقلية مرفوضة وفلكلورية ليس بإمكانها التجدد .
يجديهم أكثر أن يشرحوا للناس لماذا انهارت التجربة الاشتراكية في بلاد ثورة أكتوبر , ولماذا بمجرد الانهيار خرجت إلى السطح مافيات اقتصادية وسياسية لتبتلع الأخضر واليابس . أين كانت هذه المافيات والطبقات الفاسدة مختبأة إذا كانت التجربة ناجحة بالمطلق ولم يك فيها ثمة خلل بنيوي ؟...
إن من الممكن تجاوز الفضاء الرأسمالي الجامح , فمفتاح حركة التاريخ لم يضع نهائيا من الفكر الاشتراكي , ولكن خلال ذلك يتوجب على متبني طموح المشروع الاشتراكي الجديد الخوض في مشاريع أسئلة حقيقي والبحث بالتالي عن إجابات شافية وعملية ومباشرة .
هل اشتراكية الأفق ستكون حكراً على البروليتاريا أم لكل الطبقات ؟.. وهل ستكون للأقلية أم للسواد الأعظم العالمي ؟.. وماهي الأسس الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية لهذا السياق المطروح لاختمار التجربة ؟.. هل ستكون تلميذاً نجيباً وخجولاً لموضوعات ماركس أم تكون قراءة توليدية وتطويراً مبدعاً وتجديدياً ؟.. وينبغي لهذا المشروع أن يتخلص من سوءات الماضي ويعتمد آليات الديمقراطية , فباسم المعسكر الاشتراكي في الماضي تم خلق نخب ديكتاتورية ومنافية للديمقراطية في العالم وعلى الأخص في العالم الثالث . باسم الديمقراطية الثورية المستندة إلى الجذر الاشتراكي ومفاهيمه تم طعن مشاريع التقدم والتحرر والتنمية في العمق والصميم .
إن تجديد المشروع الاشتراكي هو المطلوب في راهننا المليء بالأزمات البنيوية العضال كجواب ورد على الشقاء العالمي والأسئلة الدائرة حول مآلات الفكر الاشتراكي .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح