الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سيتبع الآخر: أمريكا أم السعودية؟

محمد جمول

2013 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



كان قول السادات صحيحا في فترة توقيع اتفاقيات كامب ديفد حين صرح أن 99% من أوراق اللعبة في يد الأمريكان، وفي وقت لاحق ربما أصبحت كلها في يدهم. وعندها كان مطلوبا ممن لا يريد التفريط بحاضره ومستقبله أن يتوقف عن اللعب او التصرف بطريقة تطيل اللعبة من دون التوصل إلى نهايتها وخسارة كل ما لديه. ربما كانت سوريا واحدة من دول المنطقة التي اختارت الخيار الثاني عبر السير في عدد من المبادرات وعمليات التفاوض التي لم تصل إلى نتيجة بخصوص الجولان والقضية الفلسطينية. وكان عرفات يدرك هذا الأمر فلم يقطع خيط التفاوض، لكنه لم يفرط بكل شيء كما فعل محمود عباس الذي شكلت مفاوضاته غطاء لسرقة معظم أراضي الضفة الغربية وبناء جدار الفصل العنصري.
الآن لم يعد الأمريكيون كما كانوا. ولم يبق في أيديهم أكثر مما في أيدي الآخرين. وهنا تتكشف خسارة الذين وضعوا مصيرهم بين يدي الأمريكي الذي أثبت التاريخ أنه بائع متجول يفرد بضاعته على أي رصيف ليغادره غير عابئ بمصيره حين تقضي الضرورة. ومصير مبارك ومرسي وزين العابدين بن علي تشكل أحدث الأمثلة.
السعودية قد تكون المثال الأحدث في هذا المجال. وليس الحرد عن إلقاء كلمتها في الجمعية العامة وشغل مقعدها في مجلس الأمن سوى الجزء الذي لا يمكن إخفاؤه من جبل الغيظ والغضب والحقد من العالم ومن الولايات المتحدة لأنها لم تسارع إلى " إنقاذ" الشعب السوري من خلال تدميره وقتله باليورانيوم المنضب كما فعلت بشعوب أخرى مثل العراق وليبيا. لم يعد النفط السعودي قادرا على لعب دور كبير في السياسة الخارجية الأمريكية بعد اكتشاف كميات كبيرة من النفط الصخري داخل الولايات المتحدة، ولن يكون بمقدور السعودية الاستغناء عن الشركات النفطية الأمريكية والغربية التي تتحكم بكل ما في المملكة لأن حركة البحث العلمي في السعودية صبت كل اهتمامها على دراسة بول البعير وفوائده وعلى أضرار قيادة المرأة للسيارة على النسل، وقضايا أخرى لا تقل أهمية.
إذا وضعنا النفط السعودي جانبا، ما الذي يجذب الغرب إليها؟ وما هي عناصر القوة السعودية؟ وما قدرة التأثير السعودي على دول المنطقة بعدما انتهى الغرب من توظيف فائض أموالها في نشر ثقافة السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة عبر ثقافة الكراهية والتكفير من أفغانستان إلى البوسنة والشيشان ثم سوريا في نهاية المطاف. لقد استطاع الغرب توظيف أموال السعودية في نشر فكر متطرف شكل بديلا للإسلام المعتدل القابل لأن يكون حاملا حضاريا قادرا على التعايش مع الآخر وقبوله، فقدم النموذج الذي بدأ العالم يعمل على تفكيكه والتخلص منه بعدما أدى الغرض المطلوب. وهاهو العالم على وشك تكوين جبهة موحدة للقضاء على الإرهاب الذي أسسته ومولته السعودية ممثلا بالقاعدة ومتفرعاتها، وستكون المعركة الفاصلة في سوريا بعدما عجزت هذه الحشود القادمة من كل أصقاع الأرض عن تحقيق الهدف المطلوب منها. فبات من الضروري القضاء عليها قبل أن تعود إلى البلدان التي مولتها أو التي جاءت منها كما حدث في أفغانستان والعراق وغيرهما.
ما يسمى " الثوار" في سوريا، وعلى رأسهم مفكرهم الكبير عبد الرزاق عيد يرون في موقف السعودية الأخير استحضارا لصرخة" وامعتصماه". ويعتقدون أنها غضبة عربية لاستعادة الحق الفلسطيني التي لم تعبأ به يوما ولم تظهر أي غضب بسبب عشرات المرات التي استخدم فيها حليفها الأمريكي حق النقض ضد قرارات كان يمكن أن تشكل، ولو نظريا، دعما لحق الشعب الفلسطيني في أرضه . فقط حين غضبت السعودية لأن الوحش الأمريكي، الذي تخلعت أنيابه في عدد من الحروب الخاسرة، رفض شن حرب على سوريا يخسر فيها ما بقي له من أنياب، شعر مفكرو هذه الثورة أن معتصما جديد قد ولد في أرض العرب.
هل يعلم هؤلاء ان الغرب لايحالف الضعفاء وإنما يستعملهم لتحقيق أغراضه. الغرب لا يحالف ولا يحترم الضعفاء المتخلفين ولو كانوا أغنياء لأنه يعرف دورة رأس المال وأين ستستقر نقودهم في نهاية المطاف. بالمقابل يعرف هذا الغرب من يمتلك أسباب القوة وسبل التقدم. وهو الذي يستحق الاحترام في نهاية المطاف. إنه البلد القادر على تحقيق التقدم في صناعاته العسكرية وعلوم الفضاء وتكنولوجيا النانو والعلوم النووية. وهذا هو الطرف الذي يقبل الغرب محاورته إذا عجز عن سحقه وتدميره بالعقوبات والحصار أو بالصواريخ والقنابل إذا وجد ذلك ممكنا. كل هذا يجعلنا نعتقد أن أمريكا لن تتذكر الحرد السعودي بعد أيام قليلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة