الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجدل البرلماني

محمد ثامر السعدون

2013 / 10 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


الجدل البرلماني وتحديد الدوائر الانتخابية
يطرح تحديد الدائرة الانتخابية أو تقسيم الدوائر الانتخابية اعتبارات مماثلة فيما يختص بالغرض والقصد والتأثير في مجال فيه بعض المرونة . ويعد ( تمثيل السكان ) مسألة رئيسية لمفهوم الديمقراطية مثل فكرة المساواة في قوة التصويت ؛ فالمسألة هي هل المطلوب هو المساواة المطلقة أم أن المطلوب شئ قريب من المساواة المطلقة ؛ أم هل ستكون المساواة النسبية في قوة التصويت كافية . فمثلا ، قضت المحكمةالعليا للولايات المتحدة بأن شرط الحماية على قدم المساواة يعتبر مشروع تقسيم الولاية لدوائر في انتخابات الكونجرس غير دستوري لأنه أخفق في تحقيق المساواة بين الناخبين في كل دائرة ؛ وفي مثال آخر ، فإن تفاوت صغير يصل الى 6984 .0 في المائة يعتبرغير دستوري .
وهناك دول أخرى أكثر براجماتية ، تعترف بأهمية السكان ، وإن اعترفت أيضا بعوامل أخرى ذات صلة . فقرار المجلس الدستوري الفرنسي لسنة 1986 ، مثلا ، أكد معايير تحديد الدائرة الانتخابية التي تضمنت مبدأ أن اختلافات السكان في نطاق الدائرة الواحدة يجب أن لا تتعدى واحد في المائة من متوسط الدائرة . وفي المملكة المتحدة ، مطلوب من لجان الحدود أن ترسم حدود الدائرة الانتخابية بحيث تكون قريبة قدر الإمكان من متوسط الحصة الإقليمية . وأخذ قرار كندى في سنة 1989 بعين الاعتبار الانحرافات في رسم الدائرة الانتخابية في بريتيش كولمبيا ، حيث كان لها تأثير في تعزيز قوة التصويت في الريف . فالمحكمة اعتبرت ( المساواة في قوة التصويت هي العامل الوحيد بالغ الأهمية الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند تحديد الحدود الانتخابية ) ، وإن كانت تلك ( المساواة النسبية في عدد الناخبين لكل نائب ) مطلوب . واعتبرت المسوغات التي طرحتها الحكومة في هذه المناسبة غير كافية ، مع ذلك ، كانت هناك بعض حالات ( من الصعب فيها تبين مدى إمكانية توافقها مع مبدأ أن السكان يجب أن يكونوا المعيار الأول ) .
وفي الآونة الأخيرة ، أكدت المحكمة العليا الكندية أن الغرض من حق التصويت في القسم الثالث من الميثاق ليس المساواة في قوة التصويت بقدر ما هو حق ( التمثيل المؤثر ) ، الذي يعد فيه التفاوت النسبي شرطا رئيسيا ، وإن كان يتيح أخذ الجغرافيا ، وتاريخ المجتمع ، ومصالح المجتمع ، وتمثيل الأقلية في الاعتبار أيضا .
ولم تتبع نموذج الولايات المتحدة في المساوة المطلقة سوى بضع دول ، وإنما سعت بدلا من ذلك نحو جعل المقاعد التشريعية متناسبة تقريبا مع السكان . وألغت تغييرات الحدود في منغوليا لانتخابات سنة 1992 التحيز الريفي الذي شهدته انتخاب 1990 . وكان من المفروض أن يؤخذ ( التمثيل المؤثر ) في الحسبان عند إنشاء دوائر انتخابية جديدة لانتخابات أكتوبر 1991 في زامبيا ، وعلى وجه التحديد في المناطق التي تعاني من عوائق طبيعية وصعوبات خطيرة في الاتصالات . وعند وضع حدود الدوائر الانتخابية ، طلب إلى اللجنة الانتخابية أن تأخذ في اعتبارها ثلاثة معايير : مدى إتاحة وسائل الاتصال ، والمعالم الجغرافية للمنطقة ، وعدد القاطنين من السكان . وخولت أن تغير التطبيق الحر في حصص السكان حيث تكون هناك معايير أخرى تسوغ مثل هذا العمل . وأسفر ذلك عن تحيز ريفي واضح إلى جانب تغييرات جوهرية في عدد الناخبين ، يتراوح بين 376 , 6 صوتا في إحدى الدوائر الانتخابية و 379 , 70 صوتا في دائرة أخرى . ورغم أن كل الأحزاب قبلت هذا التحديد إلا أن مثل هذه التغييرات الجوهرية قد خفضت حتما كثيرا من الأصوات .
وفي حين يكفل مبدأ المساواة النسبية أن الأصوات تحمل بشكل أو بأخر قيمة متساوية ـ وهي اختلافات لها ما يسوغها من الناحية الموضوعية على أساس الظروف المحلية أو الإقليمية ـ فمن الواضح أنه لا توجد قاعدة تقدم النسبة المثالية لعدد السكان لكل نائب . ولقد اعتبرت المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية في تقييمها السابق على على إجراء الانتخابات ( بلغ إجمالي السكان 3.6 مليون نسمة ، وبلغ إجمالي الناخبين 1.7 مليون ناخب ) أن النسبة
1: 000 ,25 تعني تمثيلا ضعيفا . ومع ذلك يعتمد الكثير في هذا الشأن على الظروف المحلية . واقتصرت دوائر التصويت في انتخابات لتفيا لسنة 1990 على نحو 000 ,10 ناخب تقريبا ، واقتصرت تلك الدوائر في ليتوانيا وفقا لقوانين أكتوبر 1989 على النحو على 400 , 18 ، أما القاعدة في أيرلندا فهي عضو واحد على الأقل لكل 000 ,30 نسمة ، وليس أكثر من عضو واحد لكل 000 , 20 نسمة ، وكان معيار التمثيل في رومانيا في انتخابات سبتمبر 1992 نائبا لكل 000, 70 نسمة ، في حين أن متوسط حجم الدائرة الانتخابية في بنجلادش للانتخابات البرلمانية لسنة 1991 كان 631 , 207 نسمة ، وأن كل نائب من النواب المنتخبين في الصين بطريق غير مباشر والبالغ عددهم 978 , 2 نائبا ، يمثل 000 , 335 نسمة تقريبا ، ولن يعتمد مستوى التمثيل على السكان والجغرافيا فقط ، وإنما يعتمد على التنظيم السياسي إجمالا . فمثلا قد تفي الدول الاتحادية التي لها مجالس تشريعية عاملة ومؤثرة ، أو الدول الوحدوية ( المركزية ) ذات الأنظمة الحكومية المحلية والعالية التطور ، بالمستويات الدولية بمقتضى نسب منخفضة نسبيا من تمثيل السكان .
وتظل الطريقة التي تحدد بها الدولة حدود الدوائر الانتخابية ، من منظور القانون الدولي ، وليدة اختيارها الشامل لنظام الانتخابات إلى حد كبير . ويبقى الهدف العام واحدا ، ألا وهو ترجمة إرادة الشعب في حكومة نيابية . و مرة أخرى ، تكشف ممارسة الدولة والاختلافات البيئة بين الدول نفسها فيما يتعلق بالسكان والجغرافيا والتوزيع والموارد عن مجال الاختلافات الممكنة والمسموح بها . ومع ذلك ، تطرح الاختلافات الجوهرية في نسبة التمثيل السكان بين الوحدات الانتخابية عددا من الأسئلة . فمثلا ، هل للتباين تأثير في حرمان مجموعة أو مجموعات من السكان من حق الانتخاب ، مما يشكل مخالفة للمعيار الدولي لعدم التفرقة ؟ أو هل للتقسيم غير العادل تأثير سياسي ، أي التأثير في حصيلة الانتخاب ؟ وتطرح كلتا الحالتين إمكانية مخالفة القانون الدولي ، وإن كانت مخالفة ستحدد عادة في ضوء ما حدث بالفعل فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل