الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لابأس بقدر من الأمل

بدر الدين شنن

2005 / 6 / 1
ملف - الماركسية وافق البديل الاشتراكي


إن اعتبار الماركسية عقيدة كاملة مقد سة مطابقة حرفياً لكل زمان ومكان ، ولديها الإجابات والحلول الجاهزة على كل أسئلة الماضي والحاضر والمستقبل ، هو من أكبر الإساءات التي وجهت وتوجه إليها . فالماركسية إذ هي نتاج حركة الوعي الإنساني عبر التاريخ ، ومحاولة جادة في البحث عن أجوبة لأسئلة تواجه الناس لمعالجة ظروفهم وأزماتهم ومآسيهم الاجتماعية المختلفة المؤلمة ، هي نظرية خاضعة بالضرورة لمتطلبات تتجدد با ستمرار عبر تفاعلها مع الواقع الذي يجدد فيه الناس وعيهم تحت ضغط حاجاتهم المتنوعة . أي ان الماركسية كنظرية ، التي تعمل بالدرجة الأولى ، في مجالات الفلسفة والتاريخ والاجتماع والاقتصاد والسياسة ، هي فعل إنساني معرض لاختبار مفاعيل الحياة ، وتتأثر فيما يحدث من تطورت وإبداعات في المجالات العلمية الأخرى . ولهذا ، فإن إعادة قراءة الماركسية على ضوء المستجدات الدائمة لحركة الحياة ، وإضاءة أن هذه المسألة او تلك لم تعد تتطابق مع راهنية اللحظة بالنسبة لهذا المفهوم الماركسي أو ذاك ، لايعني أن عمارة النظرية الماركسية قد انهارت ، وأنه قد أصبح من العبث ا سترار اعتمادها مرجعية نظرية للحزب الثوري

ودون الدخول بالتفاصيل الصغيرة ، ا لتي يعشعش فيها الشيطان كما يقال ، ، التي هي مجال للنقاش في مسائل التعديل أو التجديد المطروحة في السجالات الثقافية ، فإن الماركسية ماتزال شامخة في الميدان العلمي كنظرية وحيدة ، حتى الآن ، التي أجابت بالبرهان العلمي على سؤال البؤس عبر التاريخ ، وماتزال الأساسيات في النظرية الماركسية كمنهج لتغيير العالم وبناء المجتمع الإنساني الأكثر عدالة .. الخالي من ا ستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وا ستعباد شعب لشعب آخر .. المجتمع الذي تتوفر فيه الحرية الحقيقية والكرامة الحقيقية للإنسانية عامة .. مجتمع الاشتراكية .. ماتزال تحمل أهميتها ومشروعيتها العلمية والتاريخية

وإن حدثت تراجعات في الصفوف الماركسية ، هنا أو هناك ، فهذا لايعني أن النظرية في أزمة ، بل إنها أزمة تلك الأحزاب والتنظيمات ، التي قامت بالإنحراف والتراجع عن الماركسية ، ومرد ذلك يعود إلى الخلل الكبير في بناها الطبقية التنظيمية من جانب ، أو إلى ا ستسلامها لتداعيات الضغوط والمغريات التي حدثت بعد انهيار المشروع الإشتراكي الأول في الاتحاد السوفييتي من جانب آخر . إن المفارقة الكبيرة المؤسفة في المرحلة الراهنة تتجلى ، أنه في الوقت الذي تشتد فيه وتتسع الهجمات الامبريالية العالمية على مكتسبات الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية المتطورة وعلى سيادة وثروات الشعوب الوطنية على المستوى الكوني ، الأمر الذي يجدد الاعتبار للنظرية الماركسية كسلاح فكري في مواجهة الرجعية العالمية المتمثلة بالمحافظين الجدد في البيت الأبيض وفي البيوت الاستعمارية الأخرى ، تتخلى بعض الفصائل الماركسية عن دورها في العملية الثورية الوطنية والعالمية ، وتلتحق بالليبرالية " الديمقراطية " المرتبطة عضوياً ببورجوازيات بلدانها العفنة وبالبنية الرأسمالية الدولية التي تتصاعد عدوانيتها ووحشيتها
إن التراجعات المؤسفة لبعض الفصائل الماركسية نتيجة الخضوع لرؤى فكرية وسياسية مفخخة ، وتخليها عن النضال الاشتراكي ، واصطفافها إلى جانب أو خلف بورجوازيات بلدانها ، وظاهرة التشتت التي تسم علاقات القوى الثورية ببعضها البعض ، يقدم صورة فوتوغرافية تشاؤمية عن الجبهة الماركسية . غير ان الحقيقة الموضوعية بأبعادها المتعددة ، تقدم معطى آخر ليس على قدر كبير من التفاؤل ، وإنما على قدر لابأس به من الأمل ، وهو وجود وتطورالعملية الثورية في مختلف القارات ، التي تحمل الوعد بقدرة الطبقة العاملة العالمية ،التي تتوسع لتشمل قوى عاملة جديدة في مجالات العمل الزراعي والخدماتي والإداري صنعتها أو كيفتها الشركات الاحتكارية الإمبرطورية ، ليس على مستوى خوض نضالات ناجحة فحسب ، وإنما على مستوى تحقيق نهوض عالمي لكل الحركات العمالية والتحررية ضد جبهة الرأ سمالية الإمبراطورية

نحن بأمس الحجة إلى الكثير من العمل .. وإلى قدر لابأس به من الأمل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ