الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معا... نبني العراق....إإ

علي الأسدي

2013 / 10 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



لا أذكر أين قرأت هذا الشعار الجميل ، لكني بنفس الوقت لا اصدقه ، فهو ليس لنا ، ولا يعبر عنا ، فاين نحن من بعضنا البعض ، لقد اتخذنا قرارنا بأننا ليس فقط لن نكون معا فحسب ، بل لنكره ذاتنا ويذهب كل منا طريقه الى المجهول..؟

لعل الشعار مستعار من كوبا ، فابناءها في تلك الجزيرة الصغيرة في أطراف الأطلسي التي لا تكاد ترى بالعين المجردة على خريطة العالم ، هم بالفعل معا ضد الحصار المفروض عليهم منذ أكثر من نصف قرن ، وانهم بالفعل معا يحرثون ويزرعون ويصنعون بأطراف أصابعهم قوت يومهم فأين نحن منهم..؟

خلال لقائه وجهاء من محافظة بابل قال رئيس الوزراء : " ان الواقع الخدمي لن يتحسن قبل نهاية العام الجاري بسبب قلة التخصيصات المالية ، لكن في الوقت ذاته نقر بأن هناك نقصا في الخدمات بسبب ان عائدات الدولة لا تكفي لهذه التخصيصات. ان الازمة المالية في العراق ستزول في العام المقبل لان الانتاج النفطي سيتضاعف وسيغطي الكثير من احتياجات العراق في مجالات البناء والاعمار والاستثمار. وان مشكلة شح الكهرباء لا تنتهي بشكل كلي الا بعد فترة تتراوح بين 12و15 شهرا."

هل يصدق القارئ العزيز أن هذا الحديث كان في 17-2-2011 وما زالت مشكلة خدمات الكهرباء على ماهي رغم مرور ثلاثون شهرا على تصريحه ذاك. وفي الفترة المنصرمة تضاعفت موارد صادرات النفط ، فماذا كان سيحدث لو تناقصت تلك الايرادات لأي سبب..؟

لقد أمضى رئيس الوزراء ولايته الأولى ويوشك ان ينهي ولايته الثانية ويستعد حاليا للولاية الثالثة والخدمات والكهرباء لم تتحسنا بل ساءت اكثر فأكثر في حين يزداد عدد العاطلين عن العمل. وعلى عكس ما يدعيه رئيس الوزراء فان الموارد المالية من النفط زادت ولم تتناقص. وبعد أن هدأت رياح الربيع العربي توقف حتى عن اطلاق الوعود عن تحقيق أي انجاز اقتصادي.

فهل سئل رئيس الوزراء نفسه أو مستشاريه ، ماذا لو بقيت الموارد المالية على حالها أو انخفضت لأي سبب أو لم تعد تتناسب مع تزايد استهلاك الطاقة وزيادة عدد سكان العراق ، فهل سيطلب من الناس العيش بدون كهرباء وماء صالح للشرب..؟

انه مع اعترافه بقلة الموارد المالية لم يتخذ أي اجراءات لتعويض قلة موارد النفط كما تفعل الحكومات الأخرى عندما تمر بحالة كحالتنا ، بل ترك الأكثرية الساحقة من العراقيين أمام خيارين لا ثالث لهما ، أما الموت وأما الحياة بدون كهرباء. خيارا كهذا لم تأخذ به دولا فقيرة كالمملكة المغربية التي ليس لها موارد نفطية ، ولم تضطر اليه حتى دولة الصومال الخاضعة لعصابات قطاع الطرق.

كان مطلوبا من رئيس الوزراء ووزرائه أن يضعوا سبلا لضبط الموارد الضريبة والرسوم ، واتباع سياسة تقشف تجاه النفقات غير المسئولة على االوفود الرسمية الى الخارج والبعثات الدبلوماسية التي أصبحت مفرخة للفساد المالي ، هذه وغيرها من السبل تخلق موارد قد تكفي لمعالجة أزمة الخدمات أو جزء مهما منها.

الادعاء بأن قلة موارد النفط المالية كان السبب وراء عدم كفاية التخصيصات المالية لصالح الخدمات هو ادعاء غير دقيق ، انما الفساد المالي والتبذير هو الذي استنزف الجزء الأكبر من موارد الميزانية الحكومية على حساب الخدمات والكهرباء ، وفي مقدمة ذلك رواتب ومخصصات ومكافئات الفئة الحاكمة. ما يجب على رئيس الوزراء العمل على تغييره فورا هو ميزانية الرواتب والمكافئات الحالية للمسئولين فهي غير مقبولة وتلقى معارضة أكثرية شعبنا كما تشير الى ذلك الاحتجاجات الجارية منذ زمن في البلاد.


نظام الرواتب الحالي المنفذ فقط على أعضاء الحكومة والرئاسات والنواب والبعثات الدبلوماسية لا يتناسب مع دولة ليس لها موارد تنفقها لتلبية أهم الضروريات لحياة الناس وهي الكهرباء باعتراف رئيس الوزراء نفسه. ان رئيس الوزراء يعرف جيدا أن نظاما لرواتب المسئولين كهذا لا تأخذ به حتى الدول المتطورة اقتصاديا مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.

ففي دراسة أجريت في جامعة بروكسل ببلجيكا من قبل البروفيسور واستاذ الاقتصاد فيها Herman Metheoges ورد فيه أن راتب رئيس وزراء العراق حاليا يعتبر الأعلى في العالم بما فيهم الملوك ورؤساء الجمهوريات باستثناء قادة دول الخليج فأولئك تجار نفط وغاز وسماسرة الرقيق الأبيض والأسود لا رجال دولة..إإإ

فراتب رئيس وزراء العراق وفق نظام الرواتب الذي وضعه الحاكم المدني بريمر ابان فترة الاحتلال يعادل ثلاثة ملايين دولارا في العام. وبحسب الدراسة فان ملك النرويج يستلم أقل من نصف راتب رئيس الوزراء ، فراتب الملك يبلغ 1،200000 يورو سنويا. وملك هولندا 800،829 ألف يورو ، وأمير اللوكسمبرك 645 ألف يورو ، وراتب الرئيس أوباما 355 ألف دولار ، وراتب المستشارة الألمانية 277 ألف يورو.

أما راتب رئيس جمهورية مصر فهو 4750 جنيها مصريا بما يعادل 10000 آلاف دولارا سنويا ، وراتب رئيس جمهورية تركيا 13000 ألف دولار ، وراتب رئيس وزراء اسرائيل 4200 دولارا. أما راتب رئيس وزراء بريطانيا العظمى السيد ديفيد كاميرون فهو 162000 ألف جنيها استرلينيا. وللعلم فان الرواتب المذكورة هي عن عام كامل.

ومع كل تمنياتنا بالشفاء العاجل لرئيس جمهوريتنا فخامة السيد جلال الطلباني الذي يعالج في ألمانيا حاليا نشير للمقارنة فحسب الى مقدار راتبه مقارنة بالرواتب السابقة للرؤساء والملوك.

فراتب رئيس الجمهورية في بلادنا كما يتردد في وسائل الاعلام هو 700000 ألف دولارا شهريا ، أي أكثر من 39 ضعفا للراتب الشهري لرئيس وزراء بريطانيا. هذا عدا مخصصات سكنه وطعامه وحمايته ومستشاريه ، مضافا اليها نفقات تنقلاته سواء كانت ضمن واجباته الوظيفية ، أو غير الوظيفية وكذلك نفقات علاجه وسفره من والى الدولة التي يذهب للعلاج فيها. يضاف الى ذلك نفقات خدمته في مقرات سكنه في بغداد وكوردستان في فترة غيابه.

هذا عدا المخصصات المالية للمستشارين والمترجمين والصحفيين الذين يعملون في مكتبه ، ولايستبعد استمرارهم باستلام مستحقاتهم في غيابه. ولابد من الاشارة هنا الى أن الوزراء والنواب السابقين يستلمون رواتب ومخصصات حتى الموت بصرف النظر عن مدة خدمتهم حتى لو كانت ليوم واحد فقط.

وفي وضع كهذا على رئيس الوزراء أن يبحث عن الموارد المالية في مكتبه هو ومكاتب المسئولين الآخرين ، لا أن ينتظر موارد تأتي أو لا تأتي من مبيعات النفط. كان عليه أن يوقف هذه الرواتب الخيالية ، هذا الهدر الفاضح للمال العام في مجتمع يعيش أكثر من نصفه على دولار واحد في اليوم ، وأن أكثر من ثلت تعداد سكانه يعتمد على البطاقة التموينية التي تناقصت مفرداتها إلى أقل من عشر ما كانت عليه إبان نظام صدام حسين ، وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها وهي كافية لتشعر بالعار أي وزير أو نائب أو سفير عراقي.


نظام الرواتب البريمري يرهق كاهل الشعب ، لأنه ببساطة يفقره حتى العظم في حين يغتني وتتضاعف ثروات أعضاء حكومته مع كل يوم يقضونه في مناصبهم ، وليس من المنطق والأصول الأخلاقية ، ولا يصح أبدا أن يجوع الشعب بينما تهدر أمواله على ما يفترض أنهم موظفون عينوا في مناصبهم لخدمته وتسهيل أمور حياته.

ولعلم القراء الأعزاء أن نظام الرواتب الحالي مستنسخ عن النظام العنصري الذي كان سائدا في اتحاد جنوبي أفريقيا وروديسيا الشمالية قبل تحررهما ، حيث كان مخصصا للعنصريين البيض فقط ، كونهم هم السادة والأكثرية السوداء عبيدا لهم ، فما الفرق بين حكام العراق والعنصرين البيض ، وبيننا والعبيد .. ؟؟

المطلوب من القائم بمهام رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومجلس النواب الموقرين مع كل تقديرنا واحترامنا ، أن يستجيبوا لارادة الشعب ويلغوا نظام الرواتب. وأن يباشروا فورا باتخاذ الاجراءات القانونية والادارية لاعادة أموال الشعب وما استملكوه من أراض ودور سكن مسئولين سابقين في النظام السابق التي تم الاستحواذ عليها دون وجه حق خلال وجودهم في مناصبهم ، وأن يتخلوا عن كافة الامتيازات التي كرسها نظام بريمر العنصري قبل ان يرحل غير مأسوف عليه.
فالوقت يمر سريعا والعبيد لو ثاروا لن يمهلوا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ