الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطوير الماركسية يحتم تحديد ودحض النظريات التحريفية والتي تجاوزها العصر

سعاد خيري

2005 / 6 / 1
ملف - الماركسية وافق البديل الاشتراكي


انطلاقا من ان الماركسية النهج الفكري والعملي الاكثر ثورية في تاريخ البشرية واداتها لتغيير الواقع المحتدم بالآلام والكوارث ، فان نجاح البشرية في تحقيق حلمها بالتحرر من جميع اشكال الاستغلال والاضطهاد وبناء المجتمع الانساني الحقيقي هو: الالتزام بها وتطويرها وفقا لنهجها المادي الديالكتيكي . ولايمكن تطويرها وفقا لنهجها دون الاستناد الى ما توصلت اليه الماركسية من نظريات في الاقتصاد والفلسفة والسياسة وعلم الجمال والمنطق و..الخ في المراحل السابقة، لتحديد ما تخلف منها والعمل على تطويره وفقا لتطور الظروف . وبدون ذلك يتيه المرء وفي احسن الاحوال يعيد ما توصلت اليه الماركسية سابقا ليبني عليه الجديد او يستند الى نهج ونظريات اخرى ويتوصل الى نظريات واستنتاجات لاتنسجم وطموحاته في تحرير البشرية.
لقد آن الاوان للعمل الجاد من اجل تطوير الماركسية ، بعد مرور كل هذه الفترة الطويلة نسبة لاحداث العصر المتلاحقة، لانهيار المنظومة الاشتراكية وخروج الحركة الشيوعية من الازمة الحادة التي مرت بها، ولاسيما بعد احتدام النقاش عن الاسباب الرئيسية لانهيار المنظومة الاشتراكية . فقد تبلور معسكران الاول معسكر الشعوب بقيادة شغيلة العالم الذي وجد بان السبب الرئيس للانهيار هو التخلي عن الماركسية نهجا وممارسة. والمعسكر الثاني معسكر الراسمال العالمي وطليعته الامبريالية الامريكية الذي يرى بان سبب انهيار المنظومة الاشتراكية هو فشل الماركسية وخطأ استنتاجاتها ولاسيما حتمية وحتى امكانية القضاء على علاقات الانتاج الراسمالية. وابدع مؤدلجوها النظريات : مثل نظرية نهاية التاريخ. وظهرت تيارات مختلفة بين المعسكريين ولكنها في الحقيقة تخدم معسكر اعداء الشعوب . فمنهم من يؤل السبب في الانهيار بالالتزام بالنظرية دون النهج الماركسي ويطالب بالشطب على كل ما توصلت اليه الماركسية من نظريات والالتزام بالنهج فقط . وآخرين يدعون للتمسك بالنظرية ويعتبرون كل تطوير لها تحريفية .
ان الشطب على كل ما انتجه العلماء السوفييت وغيرهم في محاولاتهم لتطوير الماركسية وفقا لمقتضيات مرحلة بناء الاشتراكية في تلك الفترة بما فيها من جوانب ايجابية وسلبية هو حرمان للبشرية من اسس فكرية لتجربة فريدة في ناريخ البشرية وهي فترة 70 عاما من محاولة بناء الاشتراكية في محيط زاخر بالعلاقات الراسمالية المتوطدة . ومن الظلم اتهام الجميع بالخيانة او التحريفية والجمود العقائدي ، على الرغم من وجود كل هؤلاء في مجتمع يعيش صراعا طبقيا داخليا وصراعا خارجيا ضد المراكز الراسمالية الجبارة ، بل ويصارع فيه كل فرد ما ترسخ في نفسه من عادات ومثل رسختها علاقات الانتاج الراسمالية التي ما زالت تقاوم.
فالماركسية نفسها جاءت تطويرا لنظريات فلسفية سابقة لم تكن مادية دايلكتيكية وارقى ما توصلت اليه البشرية انذاك هو: مادية ميتافيزيقية (فويرباخ) وديالكتيكية مثالية (هيكل). وعمل ماركس وانجلس بعد ان حددا العناصر الايجابية في كل منهما وطوراها وفقا لمتطلبات عصرهما وما تميز به من نضوج واحتدام الصراع الطبقي وتطور العلوم الطبيعية ، كما حددا الجوانب السلبية ودحاضاها على نفس الاسس . ولم يدعيا يوما انهما صاغا مذهبا جامدا يجب اتباعه ولا دستورا ثابتا يجب اطاعته ، وانما نهجا ونظريات يمكن الاسترشاد بها وتطويرها من اجل تحرير البشرية . وهكذا فقد استندت الماركسية على كل شيء ايجابي ابدعه الفكر الانساني وطورته.
وانطلاقا من الضرورة الموضوعية لتطوير الماركسية وفقا لنهجها وبالاستناد الى تراثها النظري وجدت بين يدي "الموسوعة الفلسفية"وضع لجنة من العلماء والاكاديميين السوفييت ، باشراف م. روزنتال و ب. يودين ترجمة سمير كرم الطبعة الرابعة. وفي ص 22-23 وجدت مادة : "الازمة العامة للراسمالية"
فيقول في البداية : "الازمة الشاملة للنظام الراسمالي العالمي التي تكتنف النظام الاقتصادي ونظام الدولة والسياسة والايديولوجيا، وكذلك جميع مجالات الحياة الاخرى في المجتمع البرجوازي المعاصر...ادت الى نمو النزعة العسكرية وعدم الاستقرار الداخلي المتزايد والتدهور المتزايد للاقتصاد الراسمالي الذي يدل عليه عجز الراسمالية المتزايد عن الاستخدام الكامل للقوى الانتاجية0والمعدلات المنخفضة للنمو الانتاجي والازمات الدورية والتشغيل دون طاقة دولاب الانتاج والبطالة المزمنة والصراع المتزايد بين العمل وراس المال والاشتداد الحاد في التناقضات داخل الاقتصاد الراسمالي العالمي والنمو الذي لم يسبق له مثيل للرجعية السياسية في كافة المجالات ورفض الحريات واقامة حكومات فاشية واستبدادية في عدد من البلدان وازمة عميقة في الايديولوجيا"
وهذا صحيح منذ بلوغ الراسمالية مرحلة الاحتكار الامبريالية واستكمال اقتسام العالم واعادة اقتسامه عن طريق الحروب، حتى يومنا هذا. اما ما اعتبره السمة الحاسمة للازمة العامة للراسمالية هي: "تقسيم العالم الى معسكرين ...وانشقاق المزيد والمزيد من البلاد الراسمالية .. وضعف المراكز الاستعمارية في المنافسة مع الاشتراكية وانهيار النظام الاستعماري الكولنيالي.." فهذا غير صحيح ، بل كان كل ذلك من نتائج الازمة العامة للراسمالية التي ادت الى احتدام الصراع الطبقي واقترنه آنذاك بوجود قيادة ماركسية في روسيا . فقد طور لينين الماركسية وصاغ استراتيج وتاكتيك المرحلة وربط بين نضال الطبقة العاملة من اجل التحرر من الاستغلال بنضال شعوب المستعمرات من اجل التحرر من مستعبديهم.الامر الذي ادى الى انتصار ثورة اكتوبر والعمل على بناء الاشتراكية ومن ثم النصر على الفاشية وتكوين المعسكر الاشتراكي. والدليل على خطأ ما جاء في الموسوعة هو استمرار وتفاقم الازمة العامة للراسمالية رغم انهيار المنظومة الاشتراكية وعودة النظام الكولونيالي كما يحدث في افغانستان والعراق.. واذ ربطت الموسوعة المرحلة الاولى من الازمة العامة بالحرب العالمية الاولى والمرحلة الثانية بالحرب العالمية الثانية وميزت المرحلة الثالثة بانها لم تأت نتيجة حرب عالمية ، فاجد انها تتميز بلجوء الراسمالية الى العولمة، وهيمنة القطب الاوحد التي تتناقض مع اسس الراسمالية القائمة على المنافسة والتفاوت في التطور، الامر الذي فرض على القطب الامريكي التفوق في التسلح وامتلاك اسلحة الدمار الشامل وتبني سياسة موغلة في الرجعية وايديولوجية فاشية، تهدد الشعوب التي لا ترضخ لهيمنتها بحروب مدمرة وتشويه ارقى وسائل كفاح الشعوب ضد مستغليها ودمغها بالارهاب و اطلاقها وتطويرها العديد من اشكال الارهاب لتبرر اعلان الحرب العالمية الثالثة، وتحقيقا لهيمنتها على العالم.
وعبثا يحاول مؤدلجو الراسمالية اعتبار خروج الراسمالية المؤقت من ازماتها المتلاحقة وانتقالها من مرحلة الى اخرى : بالدليل على حيويتها، في حين يشهد العالم تفاقم اساليب ووسائل اقطاب الراسمالية لتحقيق ذلك بحيث اصبحت خطرا يهدد بقاء البشرية والكرة الارضية بما فيها انفسهم ونظامهم.
واستمرت الازمة العامة للراسمالية تتفاقم رغم كل هذه الوسائل والاساليب. فاسباب الازمة العامة للراسمالية تكمن في اساس بناء الراسمالية، في التناقض الاساس بين الملكية الخاصة لوسائل الانتاج والطابع الاجتماعي للعمل وما ينجم عنه من تناقض بين العمل وراس المال الذي اخذ يشتد ويتطور مع التطور الهائل في الانتاجية الذي يحتم نهاية علاقات الانتاج الراسمالية. فضلا عما تمثله من خطر داهم على البشرية والبيئة. الامر الذي ادى الى تفاقم الصراع بين عموم البشرية والراسمالية. فنمت وتطورت حركة عالمية جبارة تضم ملايين البشر لمواجهة العولمة الراسمالية وراس رمحها الامبريالية الامريكية. وعلى افق هذا الصراع يتوقف مصير البشرية . ولذلك ومن اجل ان يؤدي هذا الصراع الى التحرر من علاقات الانتاج الراسمالية مرة والى الابد، وبناء المجتمع الانساني الحقيقي لابد ان تحظى هذه الحركة العالمية المناهضة للراسمالية بقيادة مسلحة بالماركسية المتطورة نهجا وممارسة.
سعاد خيري
12/5/2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قضية احتجاز مغاربة في تايلاندا وتشغيلهم من دون مقابل تصل إلى


.. معاناة نازحة مع عائلتها في مخيمات رفح




.. هل يستطيع نتنياهو تجاهل الضغوط الداخلية الداعية لإتمام صفقة


.. بعد 7 أشهر من الحرب.. تساؤلات إسرائيلية عن جدوى القتال في غز




.. لحظة استهداف الطائرات الإسرائيلية منزل صحفي بخان يونس جنوبي