الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روهينغا تلوح في الافق الليبي!

فاضل عزيز

2013 / 11 / 1
الحركة العمالية والنقابية


بعيدا عن التوظيف السياسي للدين ، وبعيدا عن العواطف الكاذبة المتاجرة بالدين لأهداف دنوية ضيقة، يمكننا اليوم القول إن روهينغا ليبية تنمو هذه الأيام وبهدوء بين ظهرانينا قوامها عشرات الآلاف من البنغاليين الذين يتقاطرون على البلاد بدون أي دراسة أو تدقيق فيما إذا كنا فعلا محتاجين لخدماتهم أم لاء، و لا تكاد تمر اليوم بأي مدينة أو قرية و إن في عمق الدواخل حتى تقابلك مجموعات من العمال البنغال الذين يمارسون مهنة البطالة المقنعة، تلك المهنة التي هي الأخرى عجز الليبيون عن ممارستها واستقدموا لها جيوشا جرارة من الفائض البنغالي ليزاولها..
تجارة البشر او ما يعرف بالرقيق الأبيض، هذه واحدة من أحدث المهن التي فطن لها الليبيون، وانطلقوا -في غياب الدولة وانهيار وتفكك مؤسساتها بعد 17 فبراير- يجوبون أصقاع العالم ليجلبوا لنا جيوشا منها، وكأن البلد في خضم معركة بناء جبارة فيما هو في واقع الحال في معركة هدم وتدمير ممنهجة لما تبقى من خراباته.. وكان نصيب العمالة البنغالية خاصة تلك الشريحة التي لا تجيد أي مهنة وافرا في الحصول على عقود عمل في ليبيا تلك الثغرة التجارية التي أثرى عن طريقها عشرات التجار والموظفين الليبيين دون ان يضعوا اي اعتبار لعواقب هذه التجارة الخطيرة على امن البلد واستقراره وتطوره على المدى البعيد.
العمالة البنغالية التي اصبحت ظاهرة ملفتة للنظر في البلاد إن لجهة أعدادها او انتشارها الجغرافي، ستتحول على المدى البعيد الى روهينغا ليبية -نسبة لطائفة الروهنغا التي أصبحت تشكل أكبر مشكلة لدولة مانيمار وهي تنحدر من اصول بنغالية- ذلك أن هذه العمالة المغرية بأجرتها الزهيدة وقدرتها على تحمل تجاوزات وحماقات الليبيين وتضخم أناهم الوهمي، لن تخرج من ليبيا بسهولة، وذلك لمصاعب الحياة والجوع وندرة فرص العمل في بلادها، وستتحول مع مرور الزمن الى كتلة بشرية لها ثقلها وتأثيرها في الحياة والتنمية، وستطور وجودها، إذا لم نبادر لوقف تدفقها او على الأقل تنظيمه ، من عمالة باحثة عن لقمة عيش، الى أقلية لها حق المواطنة بحكم أقدميتها في التواجد على الارض الليبية بعد عقد من الآن، ذلك أن هؤلاء العمال لن يتركوا فرصة الوفرة في الغذاء والعمل والإقامة السهلة التي لا يحلمون بها في بلادهم، وبمرور الزمن سيعيد هؤلاء العمال بعد ان يستقدموا اسرهم ويقيموا غيتوات خاصة بهم، إنتاج ظاهرة الروهينغا التي أقاموها في مانيمار سيعيدونها في ليبيا. ويومها ستتبخر العواطف ويتراجع الاحساس بالاخوة في الدين الذي يركن اليه الكثير من الليبيين اليوم، لأن الأمر سيصل بعد عقد الى الخبز والارض.. وهذا ما لا يدركه الكثير من الليبيين اليوم الذين يتعاطفون مع طائفة الروهينغا البنغالية في مانيمار دون ان يعرفوا اسباب تفجرها، لاعتقادهم أن سبب حرب الإبادة التي يتعرضون لها على يد مواطني مانيمار تنحصر في الدين فقط، فيما السبب الحقيقي والرئيس لتلك المذابح هو سبب اقتصادي وسياسي أنتجه تدفق موجات هجرة متتابعة من بنغلاديش الى مانيمار الفقيرة الموارد اصلا ، وتحول هؤلاء المهاجرين بفعل طول مدة إقامتهم وتجمعهم في كنتونات الى كتل سياسية لها مطالب ثقافية وسياسية أثرت في حياة الناس ومسار الاقتصاد الفقير لتلك الدولة المعزولة فوق السحاب على جبال الهملايا..
ما لم تبادر الدولة الليبية اليوم قبل الغد لوقف هذا الاجتياح للعمالة البنغالية ، وما لم يعي تجار الرقيق الأبيض من الليبيين خطورة عواقب ما يقومون به من إغراق لسوق العمل بطريقة فوضوية بعمالة لا حاجة لنا بها، وبدون دراسة، ما لم يدركوا أبعاد هذا الغزو الصامت، فإن ملامح مأساة روهينغا بنغالية ثانية بدأت تلوح بوادرها في أفق ليبيا وإن بعد عقود، فالتغلغل الخطير والسريع للعمالة البنغالية في حياتنا ووجودها حتى في مطابخنا وحدائق بيوتنا ومزارعنا واستحواذها على كل المهن لرخص أجرتها، سيحرم أبناءنا الذين لم يتم تكوينهم مهنيا من فرص العمل البسيطة وسيبقيهم هذا الغزو على هامش الحياة وسيتحولون في ظل هذا الوضع الى منحرفين وسَيَرَوْن في هذه العمالة منافسا خطيرا سرق منهم فرص العمل ما يدفعهم للانتقام والتفكير في الحاق الأذى بهم، وعندها ستتكاتف هذه العمالة للدفاع عن نفسها وهذا حقها.. وسيتحول البنغال من عمالة جاءت تبحث عن فرص للعيش الى أقلية مضطهدة وبالتالي الى روهينغا ليبية ، وستتقاطر عليكم منظمات حقوق الانسان ومنظمات الدفاع عن الأجانب والأقليات، ويتحول مشرع تجارة الرقيق الابيض الى مأساة مزدوجة لهم ولنا بدل أن كان يمكن أن تكون لو تم تنظيم جلبها على اسس قانونية سليمة عاملا مساعدا في إنجاز التنمية لدينا وتخفيف الفقر والعوز لديهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحول مرض نفسي.. أحياناً.!!
مرصاد ( 2013 / 11 / 5 - 08:29 )
رغم جدية الموضوع وخطورته -لا شك في ذلك-، لكنك يا أستاذ تناسيت أنه يوجد بيننا شعبٌ كامل من الإخوة المصريين يقترب تعداده من السكان الأصليين، ولو جمعت عليه الأفارقة لتفوق عددهم مجتمعين علينا..
أشك في أن دافعك لهذا المقال -إقتصادي- كما زعمت، واعتقد أن الدافع -أيديولوجي- كما أنكرت..
أم أنك تبصر بعين واحدة؟؟..
إن خطورة العمالة المصرية، خاصةً في المنطقة الشرقية، وخطورة العمالة الأفريقية خاصةً في المنطقة الجنوبية، هي أشد من خطورة العمالة البنغالية في أي جهة من ليبيا..
أرجو أن تكون مقالاتك القادمة متخصصة -غير متحسسة-، حتى تعم الفائدة الجميع..
مع تحياتي وتقديري..


2 - نعم ولكن
فاضل عزيز ( 2013 / 11 / 5 - 17:37 )
الشكر والتقدير لمرورك سيد مرصاد.. ما ذكرته صائب في جزئية العمالة الفريقية والى حد ما المصرية.. ذلك ان هذين اللونين من العمالة غير مستقرة وعادة ما تعود الى بلدانها ، لو تأملت فنادرا ما تجد مصري مستقر، باستثناء ما جرى قبل سنوات في الشرق من قبل النظام السابق الذي شعر بخطورة موقفه فعمد الى تشجيع قبائل أولاد على على الاستيطان في الجبل الأخضر والبطنان، والهجرات بين ليبيا ومصر لا تشكل خطورة بالقدر الذي تشكله هجرة الاسيويين الذين لا تجمعنا بهم اي لغة ولا اي ثقافة سوى الدين، اما العمال الافريقية فهي الأخرى نادرا ما تستقر باستثناء الهجرات التي نظمها النظام السابق وتابعها الكونغرس الامازيغي مؤخرا بتهجير التوارق لتغيير التركيبة السكانية لليبيا لأهداف سياسية وايضا ما يقوم به التبو اليوم من جلب لتبو تشاد في مشروع خطير وهو السيطرة على حقول النفط والغاز في الجنوب بالتعاون مع الامازيغ لدعمهم لإقامة حلمهم بإقامة دولة عرقية. والمقال يا سيد ليس اقتصادي فقط بل سياسي، فمشكلة الروهنغا في مانيمار بدأت اقتصادية وتحولت مع الزمن الى مشكلة سياسية يدفع ثمنها المعدمين من والفقراء البنغاليين والنبياليين..

اخر الافلام

.. عيد العمال بفرنسا: -يجب وضع حد لسياسة تدمير المكاسب الاجتماع


.. تونس.. مئات العمال يحيون عيدهم بمظاهرة في شوارع العاصمة




.. أصوات من غزة| في يومهم العالمي.. العمال يعانون البطالة وقسوة


.. لمن ستذهب أصوات العمال الأميركيين في الانتخابات المقبلة؟




.. كل يوم -د. أحمد غنيم لـ خالد أبو بكر: قانون التأمين الصحي ال