الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-هما ميت واحنا مين-

محسين الهواري

2013 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


اقتبست هذا العنوان من احدى قصائد الزجال المصري أحمد فؤاد نجم، والتي أداها الفنان الكفيف الشيخ امام. قصيدة تقدم التناقضات التي ينبني عليها المجتمع المصري من خلال إبراز ماهية وواقع نحن -الفقراء والمحكومين والبنائين- و هُم -الأمراء والسلاطين-. تساؤل يجد مبرراته في بديهية التمايز القائم بين فصيلتين متنافرتين كليا كما جاء على لسان أحمد فؤاد نجم، "هم فصيلة واحنا فصيلة". مسلمة تجد تعبيرها الأدق أيضا في ازدواجية اللحم والفول.

نفس المنطق يمكن الاحتكام إليه في مقارنة الفصيلتين المكونتين ل نحن و هم في صيغتها المغربية، كالمقارنة مثلا بين مستشفياتهم ومستشفياتنا، بين مدارسهم ومدارسنا.... في هذه الحالة، بإمكان أي مواطن أن يستشف، مثلا، هذه المفارقات لمجرد مروره أمام بعض المستشفيات -العيادات- بالعاصمة الرباط ومقارنتها بمستشفيات مدن أخرى -استعمالي لمفردتي مستشفى و مدينة هو من باب التجاوز وفقط-.

شخصيا، اثار انتباهي بمستشفى -عيادة- الشيخ زايد وجود سيارات اسعاف لا نراها الا في الأفلام الأمريكية، ليست كالعربات الحمراء التي تصرخ مسرعة دون جدوى بشوارع بعض حواضرنا. إلا أن ما أثار حفيظتي أكثر هي تلك السيارات المركونة أمام بعض العيادات، عربات مرسوم عليها بلغة موليير: "Ambulance médicalisée". فأدركت حينها أن سيارات اسعافهم مجهزة بالمعدات الطبية اللازمة حتى للحالات المستوجبة للرعاية المركزة، أما سيارات اسعافنا فلا تصلح إلّا لنقل المرضى والجرحى -مع التركيز على لفظة نقل -.

في اللغة، يجب على الدال أن يعبر عن مدلوله بأمانة. فسيارة الاسعاف لكي تكون أداة مسعفة يتعين أن تكون "médicalisée"، وإلا أضحت عربة لنقل البضائع والمواشي. مثلا، سيارة نقل الأموات معدة سلفا لنقل الجثامين الى مثواهم الأخير, في هذه الحالة، نجد اتساقا بيّنا بين تسمية العربة والخدمة المتوخاة منها. اذاً من المنطقي جدا ان نغير اسم العربة التي تنقل مرضانا وجرحانا- وليس -مرضاهم وجرحاهم- ونطلق عليها بدلا من ذلك، سيارة نقل المرضى، بدل سيارة الاسعاف، حتى ينسجم الدال مع مدلوله.

وبما أننا في أجمل بلد في العالم وأغربه كذلك، فلما لا نفكر في الترخيص لكل العربات، رغم اختلافها، بنقل مرضانا، خصوصا وأن السيارات المخول لها ذلك أصلا مصابة بداء التأخير المزمن. اضافة الى أن فعل نقل انسان عليل من مكان ما الى مستشفى معين -دون تقديم العناية الطبية اللازمة له- يمكن أن يتم ذلك على الأكتاف أو بواسطة العربات المجرورة بالأحصنة....

في واقع الأمر، على كل من يتغنى بمجتمع المساواة والعدالة الاجتماعية أن يخجل من نفسه، فكيف لنا أن نعيش في مجتمع منسجم ومتناغم والبعض ينقل الى اكبر العيادات بواسطة سيارات اسعاف "médicalisée" والنسبة الأعظم من المواطنين تنقل في عربات كان بالأحرى لها أن تنقل أكباش العيد ليس إلا. وكما افتحت هذا المقال باقتباس من قصيدة لأحمد فؤاد نجم سأختمه أيضا ببعض من أبياته الشعرية التي تنسجم وقاعدة "نحن فصيلة وهما فصيلة":
هما بيلبسوا اخر موضة + واحنا نسكن سبعة ف اوضة
هم بياكلوا حمام وفراخ+ واحنا الفول دوخنا وداخ
هم بيمشوا بطيارات + واحنا نموت في الأتوبيسات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وول ستريت جورنال: إسرائيل تريد الدخول إلى رفح.. لكنّ الأمور


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق الحالية بين حماس




.. صحيفة يديعوت أحرونوت: إصابة جندي من وحدة -اليمام- خلال عملية


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. نتنياهو يعلن الإقرار بالإجماع قررت بالإجماع على إغلاق قناة ا