الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل روسيا حقاً متمسكة بالأسد وعائلته؟

محمود الحمزة
(Mahmoud Al-hamza)

2013 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



نُذَكِّر بأن العلاقات الروسية السورية قبل بداية الثورة في مارس/آذار 2011 كانت في أسوأ أحوالها. فحجم التبادل التجاري كان أقل من مليار دولار. والزيارات بين البلدين على مستوى كبار المسؤولين كانت نادرة. بالمقابل كلنا يتذكر تقارب النظام السوري مع العديد من الدول الأوروبية الغربية وخاصة مع فرنسا (ساركوزي) ومع أمريكا أيضاً (مع وزير الخارجية الحالي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي سابقاً جون كيري)
كلما التقينا، من خلال وفود المعارضة المختلفة، مع مسؤولين روس وخاصة في الخارجية الروسية يؤكدون لنا أن بشار ليس صديقنا وأنه درس في الغرب وأن أي من عائلة الأسد لم يدرس في الجامعات الروسية وإنما في الدول الغربية. وسمعنا التصريحات المختلفة من رئيسي روسيا: السابق ديمتري ميدفيدف والحالي فلاديمير بوتين حول أن بشار تأخر كثيراً في الاصلاحات ، وأن بشار لم يسمع النصائح التي قدمتها له روسيا، وأن بشار أخطأ في التعامل مع الملف السوري وأن عائلة تجلس 42 سنة في الحكم أمر غير مقبول وأن بشار إما أن يقوم بالاصلاحات أو يتنحى وغيرها الكثير من التصريحات على مستوى الخارجية ومجلس الشيوخ الروسي كلها تؤكد أن الروس بالفعل غير فخورين بصداقتهم مع الأسد.
ولكن الذي يثير الاستغراب الشديد هو ذلك التمسك بالنظام السوري والدفاع المستميت عنه لدرجة أن الروس انخرطوا في حملة واسعة قوامها تبرير كل ما يقوم به الأسد من جرائم كانوا ينسبونها إلى المعارضة. فأحيانا قبل أن تصدر أية ردة فعل من النظام السوري حول حدث ما في سوريا مثل مجزرة أو استخدام للكيماوي ترى الجهات الروسية تسارع إلى إلقاء التهمة على المعارضة!!!!! وشهدنا هذا الأمر حتى على مستوى محللين سياسيين ومستشرقين روس. ففي إحدى الطاولات المستديرة في وكالة أنباء نوفوستي الروسية جلس إلى جانبي المستشرق بوريس دولغوف وهو من معهد الاستشراق وفي مداخلته التي مدح فيها الاقتصاد السوري وأنه متماسك وكل ذلك بلعناه، لكنه، لشدة دفاعه المستميت عن النظام الاسدي، قال أن المعارضة استخدمت السلاح من أول يوم في الأحداث في سوريا!!!!!!!! فهمست له في أذنه قائلاً: بشار الأسد منذ يومين صرح في خطابه بأن السلاح استخدم من قبل المعارضة بعد سبعة اشهر تقريبا (حتى شهر رمضان كانت الاحتجاجات سلمية). فهل أنت حريص على النظام الأسدي أكثر من بشار نفسه؟؟؟؟؟ فاحمر وجهه.
والحقيقة أننا شهدنا خلال سنتين ونصف من عمر الثورة السورية دعماً روسياً عسكرياً ودبلوماسياً دولياً وإعلامياً ولوجيستياً منقطع النظير. ويكفي القول أن كل أخبار ومواقف السلطات السورية كنا نعرفها من الإعلام الروسي ومن تصريحات المسؤولين الروس وعلى رأسهم السيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
وهنا لن نتحدث عن دوافع روسيا للتمسك بالنظام السوري فهي معروفة للجميع وفي رأسها المصالح الجيوسياسية وتخوفها من مد إسلامي إلى روسيا وكذلك منافسة أمريكا والغرب من أجل مصالحها الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية والسياسية على الأرض السورية وعلى حساب الدم السوري.
كان هدف الثورة الرئيس ومازال هو تنحي بشار الأسد وعصابته عن السلطة، وخاصة بعد سلسلة مرعبة من الجرائم ضد السوريين أطفالً ونساءً ومن كل الأعمار والانتماءات القومية والطائفية بدرجات مختلفة، وضد البنى التحتية لسوريا وضد النسيج الاجتماعي للشعب السوري. لقد فتك بشار بكل شيء، زيادة على ما قامت به المخابرات السورية على مر العقود الخمسة الأخيرة من تفتيت وتلاعب بحياة السوريين ومسخ أخلاقياتهم وتشغيل ثلث السوريين كعملاء لها. وأصبحت ثروات سورية إما تُسرق من قبل عائلة الأسد (آل مخلوف وآل شاليش وآل الأسد ومن تبعهم من مرتزقة) وإما تُصرف على نشاطات المخابرات وعملائها داخل سورية وخارجها.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم تتدخل روسيا والمجتمع الدولي منذ البداية لحماية السوريين من القتل والتدمير الفظيع الذي مارسه الأسد وانتظروا حتى تنتشر ظواهر متطرفة بدأها النظام وتدخل حزب الله والميليشيات الشيعية من العراق والحرس الثوري الإيراني فخلقت تربة للتطرف أيضاً وكان للنظام السوري ولإيران بصمات واضحة في تشجيع وتمويل تلك الجماعات الجهادية المتطرفة (أطلق أول 500 من عناصر القاعدة من سجونه وهم من بقايا الانتحاريين الذين كان يدربهم في سوريا ويرسلهم للقيام بتفجيرات في العراق) التي لا تقل خطراً على الثورة والشعب السوري من بشار ونظامه الفاشي.
أصبح من المؤكد بأن روسيا ليست متمسكة بشخص الأسد الذي يعرف ذلك جيداً ، لكن الأسد ونظامه استفادوا حتى النهاية من تخاذل المجتمع الدولي ومن تمسك إيران وروسيا بالدفاع عنه ولكن ما يهم روسيا هو وجود نظام صديق لروسيا وغير تابع للغرب. إنها معركة مصالح وتحالفات وكسر إرادات. والقيادة الروسية حسمت أمرها منذ البداية بأن تجابه الغرب بقدر ما تستطيع.
ومن يعرف فقد يكون هناك عامل خفي أهم من كل ما قلناه فرض هذه اللعبة الدولية القذرة تجاه الشعب السوري الحر.
لطالما خوفتنا روسيا والغرب من المتطرفين ومن الإرهاب ومن الخطر على الأقليات. والذي حدث أنهم جميعاً (بغض النظر عن أدوارهم المختلفة) راقبوا بدم بارد ما يجري من جرائم ومن تطورات مرعبة في سورية . وصل الأمر بالنظام السوري إلى قتل الناس بالكيماوي وبطريقة الحصار والتجويع حتى الموت والعالم يتفرج ولا يستطيع اتخاذ قرار أممي يجبر الأسد على فتح ممرات لإغاثة الأطفال في المعضمية وداريا وحمص وغيرها من المدن والقرى السوري المحاصرة.حذرونا من التدخل الخارجي فتدخل حلفاء النظام وسكت العالم، حذرونا من الخطر على الأقليات فقتلتهم داعش (حليف النظام) وهم يتفرجون، حذرونا من الكوارث الإنسانية فقتل النظام مئات الألوف واعتقل وعذب مثلهم الناس وحاصر المناطق السكانية وجوع المواطنين وشرد الملايين فحول السوريين إلى حفاة عراة شحاذين على أبواب تركيا والأردن ومصر ولبنان والعراق وحتى داخل سوريا.
كل ماحدث في سوريا غريب على تاريخ السوريين وأخلاقياتهم بكل المقاييس.
وما زال المجتمع الدولي وفي مقدمته روسيا يخوفونا من تشتت المعارضة ومن عدم الذهاب إلى جنيف-2 ومن عدم الاستعداد للحوار مع النظام الأسدي.
أي جريمة يرتكبها العالم أكبر من هذه بحق شعب تعود طول عمره على حياة متحضرة لأنه يحمل ثقافة آلاف السنين وتقاليد عريقة في التعايش السلمي والتآخي، حتى جاء نظام البعث وعائلة الأسد ليبنون دولة أمنية تقودها عصابة ومافيات، مسخوا فيها الإنسان وجردوه من كل شيء وقرروا في النهاية قتله.
ويفكر السوريون: أين أفضل الحلول واقصرها؟ كلنا يحلم بالحل السياسي التوفيقي بين مكونات المجتمع السوري بحيث يتم الاتفاق على إجراء تغيير ديمقراطي شامل في النظام السوري بدون القتلة والمجرمين والفاسدين ويييتفق الجميع على بناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية يسود فيها القانون وحق المواطنة.
ولكن ما نراه من تصميم الأسد وعصابته على القتل والتدمير يؤكد لنا أنه غير مستعد لقبول الآخر والاعتراف بالمعارضة الوطنية الحقيقية. والسبب هو ذلك الموقف الدولي الداعم أو المتخاذل بالاضافة إلى عوامل داخلية واقليمية.
ولا بد أخيراً من القول أن المعارضة السورية وخاصة المجلس الوطني والائتلاف الوطني يتحملان مسؤولية تاريخية أمام الشعب السوري على الانتكاسات الحاصلة في مسار الثورة وعلى عدم انتصار الثورة حتى الآن. لقد غابت الخطة السياسية المحكمة لدى المعارضة للعمل مع القوى الدولية والإقليمية المختلفةز كما أن المعارضة فشلت في نشاطها الإعلامي أمام الإعلام العاهر الموالي للأسد. وايضاً التصاق المعارضة بالدول الغربية والإقليمية وابتعاده عن الداخل السوري أساء للمعارضة وللثورة. وأخيراص لم تدرك قيادة المعارضة بأن الروس وقفوا منذ البداية ضدها لأنهم اعتبروا املعارضة تابعة للغرب وبالتالي فهي عدوة لروسيا، علماً أن السوريين تاريخياص كانوا يشعرون بالاحترام والمودة للشعب الروسي فهل استطاعت المعارضة استثمار ذلك؟ بالطبع لا. وقد قدمنا مقترحات كثيرة وتحليلات لقيادات المجلس الوطني وللائتلاف بضرورة الاهتمام بالموقف الروسي ولكنها ضاعت في البريد الالكتروني واهملت مثلها مثل مطالب الشعب السوري.
وقد لعبت هيئة التنسيق وأمثالها ممن يسمون أنفسهم معارضة ومعها معظم الأحزاب الكردية دوراً سيئاً جداً لأنها كانت تضع العصي في دواليب الثورة بدلاً من أن تدعمها. واليوم يتراكض أشباه المعارضة من هؤلاء ومن جماعات أخرى تحالفت مع النظام ولكنها تسمي نفسها معارضة مثل قدري جميل وصالح مسلم ومن حولهم ، ليذهبوا إلى مؤتمر جنيف-2 الذي لم يعترف به النظام السوري وإنما أعلن صراحة بأن جنيف -2 يجب أن يكون بقيادة سورية (أسدية!!!!!!!!!!). أي أننا رجعنا إلى المربع الأول!
ويبقى الأهم من كل ذلك هو الانسان السوري الحر الذي ضحى وتحمل هول الحرب الأسدية الطائفية المتوحشة وصمد ومازال صامداً ولم يتراجع عن مطالبته بالحرية والكرامة.
وعلى صخرة إرادة الشعب السوري التي لن تنكسر، ستتحطم كل التخاذلات والخيانات والضغوطات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس