الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما أشبهَ اليوم بالبارحة !

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2013 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



في سبعينات القرن الماضي زار رئيس الجمهورية أحمد حسن البكر إحدى كليات جامعة بغداد ، وعند إجتماعه بعميد الكلية وأساتذتها وأثناء الحديث وجه سؤالاً إلى أحد الأساتذة ، وقد كان السؤال يبدو إعتيادياً ، ولكن هذا الأستاذ كان أحد القادة القوميين ووزيراً في النظام السابق. سأل رئيس الجمهورية " كم عدد طلابك في الصف المنتهي يا .... ؟ " وعند تلقي الجواب ، سأل " وكم من هؤلاء سيتخرجون في هذه السنة ؟ " فكان جواب الأستاذ " من معرفتي بطلابي فإن 70% منهم ينجحون في الدور الأوّل و20% في الدور الثاني . " فقال رئيس الجمهورية " أليس بالإمكان نجاحهم كلّهم ؟ !! فنحن نحتاجهم جميعاً !! ". أخبرني ذلك الأستاذ شخصيّاً أنه شعر من سؤال رئيس الجمهورية الأخير أنه كان أمام تحدٍّ سياسيّ خارج موضوع طلاب سيتخرجون أو لا يتخرجون ، ولكنه مع ذلك حاول أن يحفظ الموضوع في الإطار الموضوعي فأجاب " سيادة الرئيس .. إن الأستاذ عندما يدفع الطلبة إلى معترك خدمة البلد ، لا بد أن يكون متأكداً من أن هذا الطالب أو ذاك مؤهّلٌ لخدمة البلد على أحسن وجه ، ولذلك فإن الطالب غير المؤهل يجب أن يبقى ويكمّل تعليمه ويتأهل قبل تخرجه . "

ما كان من رئيس الجمهورية ، بعد مغادرته الكلية المذكورة إلاّ وجعل وزارة التعليم العالي ، وليس رئاسة جامعة بغداد ، تصدر أمراً بنقل الأستاذ إلى جامعة الموصل ، وإعادة نقله في السنة الدراسية التي بعدها إلى جامعة البصرة !!

إنتظمت جماهير الشعب العراقي في تظاهرات سلمية في كافة المحافظات رافعة مطالب شعبية جوهرية ، وهي في ممارستها لحقها الذي ضمنه الدستور والتي أيّدتها كافة المراجع الدينية والسياسية والإجتماعية إنما حافظت على سلميتها وتمسكها بالشعارات المعلنة وإصرارها أن تكون غير منحازة إلى أي كتلة أو تيار ديني أو سياسي ، بفضل حُسن التنسيق والتنظيم اللذين قام بالإشراف عليها لجان تنسيقية متكونة من مجموعات من الشباب الذين يتفاخرون بإنتمائهم إلى العراق فحسب .

تمّ تنظيم تظاهرات كبرى في الحادي والثلاثين من شهر آب الماضي ، ورغم تعرضها لكثير من المضايقات والمحاولات من قبل قوات الحكومة لدفعها إلى الخروج عن مسارها السلمي بقصد إيجاد مجال لإلصاق تهمة ما بها وبالتالي تحقيق مبررات لمنعها أو ضربها ، لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل ، وكانت التظاهرات التي إنطلقت في غاية من الروعة في سعتها الجماهيرية وتنظيمها وإلتزامها بالشعارات المعلنة ، وكذا كانت تظاهرات الخامس من تشرين الأول حتى هزت كيان أعدائها . وأصبحت السلطات تفتش عن أساليب جديدة عندما تم الإعلان عن تنظيم تظاهرات جديدة في السادس والعشرين من شهر تشرين الأول 2013 حيث تمسّكت اللجان التنسيقية بقرارها على الرغم من صدور قرار المحكمة الإتحادية العليا بإعتبار الرواتب التقاعدية لأعضاء مجلس النواب غير دستورية . وقد كانت المطالبة بإلغاء رواتب تقاعد النواب أحد تلك المطالب . ولم ينفع الجهات المعادية تسريبها إشاعة مفادها إلغاء تظاهرات يوم السادس والعشرين من تشرين الأول بعد صدور قرار المحكمة الإتحادية ، إذ خرج على الشعب العراقي السيد علي الذبحاوي ، وهو أحد قادة اللجان التنسيقية بتصريح عدم صحة تلك الإشاعة والإصرار على التظاهرات لحين تحقيق بقية المطالب. هكذا كانت التظاهرات على أروع صورة تمثلت في مهرجان وعرس شعبي عام فرحاً بتحقيق أحد مطالبها والإصرار على المطالب المتبقية .

لم يكن غريباً أن يتصرّف وزير العدل محمد الشمري ، وعشيرة شمّر العربية الأصيلة بريئة منه ، براءة الذئب من دم إبن يعقوب ، بل هو من آل شِمرٍ الخانعين لأوامر تأتيهم من خلف الحدود . لم يكن غريباً أن أصدر في يوم السابع والعشرين من تشرين الأول 2013 ، أي في اليوم التالي للتظاهرات أمراً ، وبالهاتف ، بنقل السيد الذبحاوي ، وهو موظف في وزارة العدل من محافظة كربلاء إلى محافظة المثنى . قد يدّعي الوزير أن المثنى أرض عراقية فلا بد أن يكون فيها موظفٌ يخدم هناك ، بل قد يدعي أن كان هناك موظفٌ آخر إستوجب أن يُنقل الذبحاوي ليكون في موقعه ، ولكن هل في الحقيقة يمكن قبول مثل هذه الحجة سيّما عقوبة نقل الذبحاوي كانت في اليوم التالي لنجاح التظاهرات ؟ إن التصريح الصادر من وزارة العدل وإتهام الذبحاوي بالفساد والإبتزاز أمرٌ يثير السخرية ، سيما أنه أسلوبٌ كنا تعودنا عليه في النظام البعثي السابق ، أفلم يكن الأجدر بالوزارة إحالة الذبحاوي إلى القضاء لينال العقاب العادل ، إن كانت التهمة حقيقية ، ولماذا إكتفت الوزارة بالعقوبة الإدارية ؟؟ إن كانت التهمة حقيقية ، فهل محافظة المثنى مصانة من أعمال الفساد والإبتزاز ، وبالتالي لا يستطيع الذبحاوي ممارسة الفساد والإبتزاز فيها ؟؟

يقال : كل شيئٍ إن زاد على حده إنقلب إلى ضده فالسيد الوزيرالمحسوب على حزب الفضيلة جعل الحزب يطفحُ بالفضيلة حتى أصبح ( يخرّ من جوانبه ) وكذا بإلتزامه بمبادئ العدل ، فقد جعل العدل يطفح . أترى الوزير قد تصرّف بنفس هذا الأسلوب الحاسم الذي تصرف به مع الذبحاوي مع جميع موظفيه في إدارات السجون الذين لو لا تواطؤهم لما تكررت عمليات تهريب المجرمين من السجون التابعة لوزارته ، أم أن لتلك حسابات أخرى لديه ما دامت في مصلحة الجهات التي رفعته إلى كرسيّ الوزارة . ألا فليخسأ كل مَن إرتضى لنفسه الرذيلة والهوان وخان أمانة المسؤولية . ترى ألم ندرك بعد " أنّ الجلال وحده هو الذي تغيّر وأن اليومَ يشبه ، حقيقةً ،ً البارحة ؟؟ " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح