الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات الحب والحرب : رواية 41

حبيب هنا

2013 / 11 / 1
الادب والفن


- 41 -
الأم تضرب كفاً بكف وهي تقول : لماذا يا ربّ نحن بالذات مكتوب علينا أن نحب وقت الحروب ؟
تالا تتساءل :
- نحب ماذا يا أماه ؟
تتجاهل الأم وتواصل حديث نفسها : في الحرب السابقة البنت الأولى تحب فارس أحلامها التي تعرفت عليه بالصدفة بجنون كاد يفقدني عقلي وما أن انتهت الحرب حتى تزوجته ، دون أن نكون مهيئين لذلك . وضعتنا تحت الأمر الواقع بعد أن بات لا يقوى على عدم رؤيتها أو سماع صوتها . غدا صباحاً ومساء يرقب البيت حتى أوشكت الأمور على التعقيد بعد أن تصدا له أحد أبناء عمومتها محذراً له من الاقتراب من المنزل ، ولولا أن العقلاء من عائلته تصرفوا بحكمة ما كان لهذه القصة تمر دون أن تخلف وراءها أثراً بليغاً يمس في الصميم شرف العائلة ويجعلها على لسان كل الناس .
وكانت تالا تستمع لحديث أمها وابتسامة عريضة تعتلي ثغرها توشك على الإفلات . وكانت الأم تنظر بطرف عينها بين الفينة والأخرى كي تتابع انفعالات تالا في وقت كانت فيه تالا تتابعها دون أن تشعر الأم .
وسألت وهي تحدث نفسها :
- لكن ، كيف حدث ذلك ؟
ردت تالا بعفوية :
- عندما نزلنا عندهم في عقاب الدمار الذي لحق بالبيوت المجاورة لبيتنا وخشية أن يصيبنا ما أصاب العديد من الجيران بتدمير البيوت فوق رؤوس أصحابها ، قررنا مغادرة المنزل والنزول عندهم باعتبارهم بعيدين عن الحظر الذي يحيط بنا ، فضلاً عن أنه تربطنا صلة قرابة بهم وهم أول من عرض علينا مغادرة المنزل والقدوم للسكن المؤقت عندهم .
وفجأة صمتت تالا .
فقالت الأم :
- أكملي يا حبيبتي . لماذا توقفت ؟ ها أنت تعرفين القصة أكثر منا جميعاً ، وربما أكثر من أختك نفسها . كنت تعرفين ما يدور بينهما ولم تخبريني كي أضع حداً لهذا التصرف الطائش ..
ضحكت تالا وهي تقول :
- هل الحب تصرف طائش .
- في زمن الحرب نعم .
- بل في زمن الحرب هو تأكيد على أن الحياة مستمرة رغم القتل والدمار .
- تماماً مثل تأكيد أن الزواج سيتم في موعده رغم استمرار القصف وتهديم البيوت على أصحابها .
- بالضبط هو كذلك .
- ولا تبالي بمصير الناس .
- كيف لا أبالي بمصير الناس وأنا أدعوهم للفرح لا للحزن .
- وإذا لم يرق الفرح لواحد من الطيارين الذين يجوبون السماء ، ماذا سيكون مصير الناس ؟ قتل المئات حتى تنفذي رغبتك في الإبقاء على موعد الزفاف مهما كانت الأسباب.
- الموت في الطرقات وعلى الأسرة .. من ينتهي عمر يموت بسبب وبدونه .
- ألا يعد هذا رمي النفس إلى التهلكة !
- في الحرب كل شيء مباح عند الاحتلال، فلماذا لا نعامله بالمثل ..
- يعني كل شيء عندنا مباح .
ضحكت تالا وقالت :
- لا ، فقط الأفراح . إنها أحد أشكال المقاومة التي تفضحه وتؤكل أن الأشياء القبيحة لها نهاية ليحل محلها الفرح.
- ولكن مهما كانت التفاصيل جميلة لا تستطيع إخفاء بشاعة الحدث في حال تعرض الفرح للقتل الجماعي أو ربما الأحقاد والكراهية لكل ما هو إنساني !
- لا يا أماه . لن يحرمونا من ممارسة الحياة ومن حقنا في أن نكون بشراً نمارس الحب والزواج ومتعة إنجاب الأولاد والنظر في عيونهم .
- ولكنها الحرب يا بنيتي !
- نعم ، على أضواء الانفجارات سيتم كل شيء ، سنرقص ونغنى ونتمم الحفل !
- لا تستعجلي الأمر . قد تنتهي الحرب سريعاً ، أسرع مما تتوقعين ..
- حتى وإن كان ذلك، سيتم كل شيء في موعده .
- دعك من هذا الآن وأدعِ لخطيبك أن يكون بخير وأن يكون ما زال راغباً فيك زوجة له .
- ولماذا لا يرغب ؟
- لا أدري قد تكونين تصرفت معه بشكل غير لائق مما دفعه للنفور منك
- من هذه الزاوية اطمئني . فأنا أعرف تماماً كيف أتصرف معه . فضلاً عن أنني متأكدة أن لا رغبة لديه في أية امرأة أخرى . فهو قنوع ولا يستبدلني بالدنيا كلها !
- إذن أدعِ له أن يكون بخير . فلا بد أن يكون هناك سبب قوي وراء غيابه وعدم اتصاله حتى الآن .
- معك حق ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو


.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس




.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي