الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة العراقية .. وقانون الأحوال الشخصية

راهبة الخميسي

2013 / 11 / 1
حقوق الانسان



إضطهدت المجتمعات الذكورية، المرأة لعصور عديدة، فلقد هيمنت هذه المجتمعات المتسلطة، على الاوضاع السياسية، والاقتصادية والاجتماعية.
وإستطاعت المرأة عبر سلسلة من النضالات، أن تنتزع قسماً من حقوقها في عدد من الدول، بل وتحقيقها كلها في دول أخرى كالدول الاوروبية.
أما المرأة العراقية، فقد عانت دهراً طويلاً، وهي مستلبة الحقوق في ظل القوانين السائدة، الى جانب الاضطهاد المبرمج ضدها...ولاتزال
عانت المرأة العراقية طويلاً من التسلط الذكوري في المجتمع، وتعرضت الكثير من النساء العراقيات للوفاة أثناء حالات الولادة بسبب قلة الرعاية الصحية، والجهل حيث كانت الامية متفشية، وشروط الصحة والرعاية شبه مفقودة، وكانت حياتها مسخرة للحمل والولادة وخدمة الزوج والابناء، وكان قرارها وتفكيرها المستقل يعتبر جريمة بحق الدين والمجتمع.
لم تلق المرأة العراقية إنصافاً لإنسانيتها سوى لفترة قصيرة إبان حكم الزعيم عبد الكريم قاسم ١-;-٩-;-٥-;-٨-;--١-;-٩-;-٦-;-٣-;- في ظل قانون الاحوال المدنية المستحدث آنذاك رقم ١-;-٨-;-٨-;- لعام ١-;-٩-;-٥-;-٩-;-، بعد أن كان القضاء الشرعي في عهد الملكية ينقسم الى محاكم شرعية للمسلمين ومجالس روحانية-طائفية- تشمل المسيحيين واليهود، ولم يكن الدستور الذي سبق ثورة تموز، يكفل لباقي المكونات العراقية حق التقاضي إستناداً لاحكامهم الدينية، مثل الصابئة المندائيين والايزيديين، واعتمد القضاء الشرعي للمسلمين على المذهب الشخصي للمتداعين، وكانت الاحكام تصدر وفق الفتاوي لهذا المذهب أو ذاك.
وفي نهاية الخمسينات صدر قانون الاحوال الشخصية المرقم ١-;-٨-;-٨-;- والذي شملت أحكامه كل المسلمين وغير المسلمين عدا المسيحيين واليهود، حيث أستثنوا بقوانين خاصة.
القانون ١-;-٨-;-٨-;- لعام ١-;-٩-;-٥-;-٩-;- كان هدفه تحقيق الاستقرار للاسرة العراقية، وكان مستنداً لأحكام الشريعة الاسلامية يرضي
المذاهب دون أن ينحاز الى أحدها.
وبعد الانقلاب الاسود ١-;-٩-;-٦-;-٣-;- توالت التعديلات على هذا القانون الذي إعتمده العراقيون لأكثر من خمسين عاماً دون أية مشاكل طائفية.

صفعة قوية تلقتها الاسرة العراقية عام ١-;-٩-;-٨-;-١-;- حين صدر قرار رقم ٤-;-٧-;-٤-;- والذي قضى بمنح مكافئة مالية قدرها ٤-;-٥-;-٠-;-٠-;- دينار عراقي للعسكري الذي يطلق زوجته التي هي من أصول تبعية إيرانية، و١-;-٥-;-٠-;-٠-;- دينار للمدني، لنفس السبب، مما فرق العوائل وشتت الاسر.
ولقد أثقلت الحرب العراقية الايرانية، على كاهل المرأة العراقية، فكانت المرأة مكلفة بتأمين لقمة العيش لاسرتها، حيث الاب أو الأخ أو الزوج غائب في جبهات القتال، أو شهيد، أو مفقود، أومعاق.
وفاقت المرأة العراقية، الكثير من نساء العالم، وهي التي هيمنت عليها السلطة الذكورية بإمتياز عصوراً طويلة، ولم تتطور، ولم تستطع أن تواكب، وبقيت تنجذب الى الوراء، وعاشت تراكمات عديدة، ولم تقدر على تحرير نفسها الا برفض الاستبداد، باسم الدين مرة، والقومية مرة أخرى، والطائفية التي ترفعها القوى الظالمة في المجتمع لتخويف المرأة، وإضعافها وتهميش دورها.
ولم تتوقف المرأة العراقية عن النضال والتصدي للعنف والظلم، رغم أنهار الدم والمقابر الجماعية، ورغم إهدار دمها من قبل ذويها وأفراد عائلتها، بحجة الدفاع عن الشرف، ودون أي عقاب أو قانون.
ففي عام ١-;-٩-;-٩-;-١-;- أصدر النظام المقبور(قرار مجلس قيادة الثورة)، تعديلاً لقانون العقوبات العراقي، أباح فيه قتل المرأة من قبل ذويها، أو أي فرد من عائلتها، بحجة إرتكاب الزنى، ودون أي عقاب جنائي، بل جاء مخففاً، وهذا وحده يكفي أن يكون مثلاً صارخاً للقوانين والاجراءات الوحشية وغير الانسانية، ضد المرأة.
وعانت المرأة العراقية تاريخياً من موضوع النهوة، الاكراه بالزواج، تزويجها في عمر قاصر، الوكالة بالزواج والذي غالباً مايحصل دون معرفة المرأة أو موافقتها وكأن الزواج عقد تجاري، النشوز، النفقة، حضانة الطفل إن هي تزوجت بعد طلاقها من والد الطفل، المعاناة الصعبة في المحاكم خلال دعاوى التفريق، الميراث، وغيرها من الكثير من المظالم التي تعرضت لها المرأة العراقية.
وبعد أن بدأت المرأة العراقية تنهض بنفسها ضد هذه السطوات، بقيت المخاوف من هيمنة التيارات الدينية والقومية والشوفينية تشكل هاجساً مخيفاً يهدد مواكبتها للتطور المستمر لدى المجتمعات الاخرى بالعالم.
وعاد الهجوم على قانون الاحوال الشخصية، على شكل قرار صدر من مجلس الحكم في كانون أول عام ٢-;-٠-;-٠-;-٣-;- وهو القرار ١-;-٣-;-٧-;- والذي كان يقضي بإلغاء قانون ١-;-٨-;-٨-;- ليعتمد أحكام الشريعة الاسلامية وفق المذاهب، وإستطاعت المرأة من خلال التظاهر الذي قامت به المنظمات النسوية، وبتعاون بعض الاحزاب غير الدينية، إستطاعت أن تجهض هذا القرار المجحف فالغي خلال فترة قصيرة وسريعة.
والان عاد مؤيدو القرار١-;-٣-;-٧-;- ألمذكور، لكي ينظروه ثانية بفكرة القضاء المذهبي، ومن خلال الدستور الجديد، متناسين أن المادة ٣-;-٩-;- منه نصت ( العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم ومذاهبهم أو معتقداتهم أو إختياراتهم، وينظم ذلك بقانون). والذي يكفل للمواطنين العراقيين ممارسة حرياتهم في التزامهم بأحوالهم الشخصية.
ولم يكن في حسابات منظري هذه القرارات، أنهم بذلك يفتتون المجتمع العراقي، وستؤول مشاريعهم هذه الى الفرقة وإنشاء محاكم جعفرية، وأخرى سنية، ومحاكم للمسيحيين ومحاكم للصابئة المندائيين ومثلها للأيزيديين واليهود.
والاهم من ذلك كله انهم سوف يسحقون كل المكاسب التي نمت بمجتمعنا من خلال قانون الاحوال الشخصية ١-;-٨-;-٨-;- لعام ٥-;-٩-;-
وتطبيقه لسنين طويلة والتي آلت الى علاقات التصاهر والالفة بين الشيعة والسنة من المسلمين!!!!
وبالتالي فإن المتضرر الاول من كل هذا هو بالتأكيد...المرأة فهي ستكون الضحية الاولى لأن تطبيقات الشريعة غالباً ماتنحاز الى الرجل والكل يعرف ذلك.
كلمة أخيرة أقولها لأختي العراقية:
أيتها المرأة القوية الصابرة، لايهزن عزيمتك تسارع الاحداث والقرارات، ولايثنين عزمك على النهوض وتحدي الصعاب، وقهر التسلط، بسبب ساسة طارئين، فهي لاتعدو أن تكون مرحلة، ولاتوطأي رأسك للتهميش من جديد على يد من في دواخلهم ترسبات وعلل وقصور.
ولاتتواني في إبراز دورك في المجتمع، وواظبي على رفض الظلم وإشجبيه، تظاهري وانظمي للمسيرات النسوية الحضارية،
إنظمي الى منظمات المجتمع المدني، والجمعيات والاحزاب التقدمية التي تناصر المرأة، شاركي أخواتك العراقيات بتنظيماتهن النسوية، وسيأتي اليوم الذي تعيشين فيه إنسانة مرفوعة الرأس نباهي بك كل نساء العالم.
فلا عودة الى الوراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهالي الدقهلية يشاركون في قافلة لإغاثة أهالي فلسطين


.. يوم حرية الصحافة العالمي: قتل في غزة، قيود في إيران وسجن في




.. طلاب جامعة مكسيكية يتظاهرون تضامنا مع فلسطين


.. طلاب في كندا يتظاهرون تضامنا مع غزة




.. اجتياح رفح قد يكون مذبحة وضربة هائلة لعملية الإغاثة في قطاع