الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة الثامنة ( يوميات سكين )

باسم محمد حبيب

2013 / 11 / 1
الادب والفن


أردت ان انهي موضوع السكين ولو كلفني ذلك المزيد من المشاكل ، فخير لي ان اختلف واتعادى من بائع السكاكين ، من ان ابقى تحت سطوة الكوابيس ، التي ما فتأت تنسل إلي في الليل والنهار ، فتقض مضجعي وتقلب حياتي رأسا على عقب ، أبلغت اخي بأن عليه مرافقتي لبيت الشيخ من اجل ان نطالب بائع السكين بالجلوس للحق ، لكن اخي لم يعبأ لكلامي كأنه لم يسمعني ، فأعدت إليه ما قلت ، ومرة اخرى لم يثر قولي اهتمامه ، فقررت الذهاب وحدي ، ولكن قبل ان اذهب سيكون لي موعد جديد مع الكوابيس ، بعد ان يشد النعاس خناقه علي ويغرقني النوم في اوحاله ، وفعلا لم استطع ان اتلافى النوم الذي اصبح من الد اعدائي رغم حاجتي البايولوجية إليه ، وبينما ترخي الجفون سدولها ، تتحرك في داخلي رغبة الانتفاض على هؤلاء اللذين يحيطون بالرجلين وهم شاكي السلاح يتقاطر الدم من سكاكينهم الحادة وانصالهم القاطعة ، كان كلا الرجلين يلبسان عقالا ، لكن احدهما مع يشماغ ابيض والآخر مع يشماغ أحمر ، كان السكون يعم المكان عندما وصل القيادي ، فصدحت الحناجر بالتكبير ، ثم وقف امامنا يتمعن بالوجوه كمن يريد ان يستجلي شيئا فيها ، ثم ألقى تحية السلام وخاطب الجمع الذين ينتظرون كلماته على أحر من الجمر :
- اخواني في الدين : لقد ابتلانا الله بالجهاد ، وجعله اختبارا لإيماننا ، فالجهاد هو اقصى حالات الإيمان ، وهو يجلب رضا الله ورحمته ، لذا نحن مصرين على مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة ، والجهاد لا يقتصر على ضرب العدو ، بل يجب ايضا استهداف اذنابه من المتآمرين والخانعين ، فلا تأخذكم بالحق لومة لائم .
ثم نظر إلى الرجلين الجالسين بسكون في وسط الجمع ، وواصل كلامه :
- أنظروا إلى هذين الرجلين أنهما مثال ناصع للخيانة
رد احد الرجلين :
- بل انت الخائن لأنك تقتل ابناء جلدتك
قهقه القيادي وقال :
- لا بأس بسماع تخاريفك فهذه لحظاتك الأخيرة
رد الرجل والشرر يتطاير من عينيه :
- ما ادراك لعل الله يميتك ويخلص الناس من شرك
تكلم الآخر وكان صوته اقل حدة :
- اسمع يا اخي لا ينبغي لك ان تجرجر بنا ونحن اعمامك
رد القيادي :
- تقصد انكم شيوخنا ومن واجبنا احترامكم
- بل اقصد اننا اخوة يربطنا رباط الدم
- الدين اهم من الانتماء العشائري
رد الرجل الآخر :
- الدين لا يقبل الاعتداء وانت تعتدي على الناس بأسم الدين
- نحن نمارس دورنا ونفرض سنن الله التي نسيتموها
- لم ننسى سنن الله فنحن نؤدي فروضنا مثلكم
- انكم تؤدون ما يتوافق مع مصالحكم وتتركون ما يتعارض معها وهذا أسفاف
عاد الرجل الآخر للكلام :
- اتق الله في دمائنا
رد القيادي :
- ها بدأت تتوسل ؟
- بل ادعوك لحقن دمائنا حتى لا يعم الشر
- وماذا تظن سوف يحصل بقتلي اياكم ؟
- سوف تواجهك العشيرة
قهقه القيادي :
- وهل تظن انكم مهمون إلى الدرجة التي تجعل العشيرة تخرج لأجلكم ؟ ولكن حتى لو حصل هذا فسنكون جاهزين للرد
- أذن انت مصر على الفتنة
- الفتنة إن اعفيتكم مما فعلته مع غيركم
- وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين
- القتل كرامة لنا
- سيكون مآلك إلى الحجيم بأذن
- هذا ما تظنه
- حسبي الله ونعم الوكيل
ثم التفت القيادي إلينا وطلب منا الأجهاز عليهم ، فما كان منا إلى ان تحركنا نحوهم ، كنت من بين المتحركين ، لكني كنت مترددا كثيرا ، فهذين الرجلين لهم مكانتهم الكبيرة ، وكانت لهم مواقف طيبة في حل مشاكل الناس وفي تنظيم شؤونهم في ظل غياب القانون ، فهل يتوجب علي ان اريق دمهم ؟ كنت اخير نفسي بين ان اكون قاتلا وبين ان اخلي سبيلي من ذمتهم ، فقررت الأمر الثاني ، لكني بعد تراجعت سمعت صوت القيادي وهو يصم أذني برنته :
- بما انك تراجعت سيكون عليك قتل احدهم لأني لا اريد ان يصبك غضب الله لتخاذلك
- سيدي لست متخاذلا بل اردت ان لا اكون انانيا فهناك من يستحق ان يثاب
لمعت عيني القيادي بوميض غريب ثم واصل الكلام :
- لا بأس سيكون للجميع نصيب مما قدر الله
فأدركت أن لا مهرب لي وانني واقع في مصيدة القيادي ولا فكاك منها ، فتقدمت نحو احد الرجلين فيما تقدم زميل لي من الآخر ، نظرت في عينيه اللتان كانتا تحدقان بي ، يا آلهي كم كانتا وديعتين ، كان الرجل بعمر ابي ويكاد يشبهه في كل شيء حتى في نظراته ، فهل ياترى اقتل رجلا يشبه ابي ؟ وماذا لوكان ابي هذا الرجل الذي ادنوا منه واهيأ نفسي للقضاء عليه ؟ هل يقبل الله إيماني ويتجاهل عقوقي ؟ تحركت ببطأ كأنني اتوق لأي انفراج يمكن ان يخلصني مما انا فيه ، ولكن هيهات فقد كتب علي ان اعاني ، وهاهي السكين تلتصق بي كظلي ، تحرك الرجال معي وامسكوه بقوة ، فتوقفت تماما حركة الرجل وتلاشى معها وميض عينيه الذي يذكرني بأبي ، لكن صوتا ما داهمني على حين غرة ، جعلني اخرج من كابوسي كغريق يخرج من الماء ، انه صوت زوجتي الحنون ، نظرت إلي وقالت :
- هل هو كابوس آخر ؟
- وهل اجد نوما بلا كابوس ؟
- تبدوا حالتك مزرية فعلا
- بل اسوأ مما تتصورين
- ولكن هل يمكن للشيخ ان يحل مشكلتك
- لنجرب ونرى
- فأنا كالغريق الذي يبحث عن قش ينقذه
- اتمنى ان تنال ما تريد
ابتسمت ثم ودعتها وغادرت ، فقد كان هدفي استغلال برودة الصباح حتى لا اعاني من حرارة الجو في السيارة التي ربما ستجعلني اعيش معاناة جديدة ، وبالفعل تمكنت من الحصول على سيارة تقلني إلى مدينة الشيخ ، فكنت حريصا على الصمت حرصي على عدم النوم ، فقد اصبح الحديث دائي بعد ان غدت السياسة موضوعه الرئيس والكلام فيها لا يمل ، وقد مضى الوقت وانا اقارع رغبتي في الكلام والرد على حديث السائق ، وامنع عن نفسي خطر النوم ، فأكون ضحية لكابوس يجعلني اعاني مرة اخرى ، فكان الفرج في وصولي إلى مبتغاي قبل ان يصول النوم صولته .

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف