الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منتدى الأتاسي والخطوط الحمراء

يوسف العادل

2005 / 6 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


قد تستوعب السلطات السورية مسألة الإبقاء على منتدى الأتاسي حياً يرزق في رحاب النشاط السياسي الديمقراطي السلمي العلني كامتداد لإفرازات الحراك السياسي المنبثق من ربيع دمشق (مابعد عام2000)، وقد تقايض هذه السلطات مكاسبها الدعائية هنا بما يتركه نشاط هذا المنتدى من معالم وقيم نضالية على الساحة السورية التي لم تألف ذلك، وربما تكون هذه السلطات على استعداد لامتصاص كل مفاعيل التغيرات العالمية والضغوط الدولية وترجمتها إلى تنازلات بهذا القدر وذاك للساحة السورية، أو الالتفاف عليها.
نعم قد تستوعب هذه السلطات الكثير، إلا أن يتسلل الخطاب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا إلى الوعي الاجتماعي السوري عبر منبر منتدى الأتاسي جراء قيام الدكتور علي العبد لله أحد أعضاء المنتدى بتلاوة رسالة علي صدر البيانو ني المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين على حضور المنتدى، وفي هذا يكون قد وقع المحظور لتنقض الأجهزة الأمنية وتعتقل إدارة المنتدى في مسعىً منها لتمرير رسالة بعدة معاني:
1. المعنى الأول لإفهام قادة جماعة الإخوان المسلمين في سوريا والمطاردين منذ أمد، بأن السلطات السورية ستمعن في إدارة الظهر لهم،ولن تقبلهم،ليس فقط على صعيد المصالحة الوطنية كحد أقصى، وإنما على صعيد مجرد ذكرهم الحسن على منابر هذا الوطن كحد أدنى.
2. المعنى الثاني لتذكير قادة منتدى الأتاسي بأن منتداهم لازال في المدى المجدي لنيران القمع، مادامت الخطوط الحمراء غير مرعية،ولن يغفر لهم أنهم مسجلون في قيود ربيع دمشق .
3. المعنى الثالث لتذكير الساحة السورية بأن ارتخاء القبضة الأمنية لبعض الوقت لايعني بأي حال طيًا بحكم الأمر الواقع لأحكام الطوارئ في سوريا.
ومع ذلك، فما السرعة التي تمت فيها واقعتا تشكيل مجلس إدارة مؤقت للمنتدى،وإفراج السلطات السورية عن مجلس الإدارة الأصيل إلا مؤشر على الحصانة الأمنية الموضوعية النسبية التي يتمتع بها المنتدى وسائر الحراك السياسي السلمي العلني الديمقراطي (بالطبع ليس على حساب المبادئ) وإنما ثمرة تنازلات لابد من أن تضعها السلطات السورية في سلة معارضيها سواء في إطار استحقاقات الشراكة الأوربية السورية أوعلى خلفية الضغوط الأميركية لإحداث التغييرات الديمقراطية على الطريقة الأميركية في البلدان ذات الأنظمة الشمولية، وكل ذلك على خلفية التغيرات العاصفة التي شهدها ويشهدها العالم منذ انهيار الإتحاد السوفييتي، مروراً بمتابعة كنس تركة الحرب الباردة وإعادة صياغة الفعل السياسي العالمي للوصول إلى عالمٍ خالٍ من الشمولية الفجة والاستبداد غير المقنن، وبما ينسجم مع عقيدة الدورة الاستعمارية الجديدة الجارية وتقنياتها.
ويبدو أن حرم النشاط السياسي الواجب مراعاته قي سوريا بات محدد الجغرافية الحمراء،لكنه مع ذلك أكثر اتساعاً من حرم ماقبل ربيع دمشق، وتستطيع المعارضة السورية فعل الشيء الكثير حينئذٍ لإعادة استزراع السياسة في المجتمع، لكن الرهان بات هنا معقوداً على حصان الزمن والنفس الطويل، والتأني والحنكة والدهاء في تصنيع الخطاب والشعار السياسي الإيديولوجي غير القتالي والبعيد عن التبشيرية الصارمة والذي يتسرب في مسامات الوعي الاجتماعي مما يعطي الفرصة لإمكانية التعشيش التنظيمي العضوي الذي يستمد مقومات النشوء والارتقاء وصراع الوجود ليس من تقنيات التواري عن الأنظار وحسب، وإنما من أصول وقواعد الصراع في المجتمع السياسي التي لاتنطوي على أساليب الإقصاء والاستئصال.
وإذا كانت المعارضة السورية الآن مشتتة وضعيفة البنيان التنظيمي ومحدودة الفاعلية والإمكانيات، فإنها على مدى السنين القادمة لن تكون كذلك، بالقياس لما أنجزه حراكها السياسي على الساحة السورية خلال السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة(لجان، هيئات، اعتصامات، تجمعات، مواجهات مع الأجهزة الأمنية وأدوات السلطة، لقاءات، إصدارات،الخ) وصولاً إلى هيئة تنسيق مركزية تنظم وتضبط إيقاع الحراك على الساحة السورية وهذا بالطبع ليس قليلاً بالمعنى التراكمي الإستراتيجي ،وكذلك بالقياس للأوراق التي تمتلكها هذه المعارضة، حيث يمكن إجمالها فيما يلي:
1. التجربة النضالية التاريخية لرموز هذه المعارضة مما يثري وعي ومجهود التجربةالضالية القادمة .
2. التقدم الجبار الذي تشهده التكنولوجيا على جميع الأصعدة مما يوفر للعمل التنظيمي تسهيلات كبيرة لاسيما على صعيد سرعة التنسيق والاتصالات والتواصل والحشد المركزي السريع للفعاليات.
3. نهج السياسية الدولية التي وسعت قائمة المحظورات على صعيد قضايا حقوق الإنسان والحريات والنشاط السياسي، مما لايسمح لأنظمة الاستبداد بالقمع العميم العاري المكشوف على الطريقة القديمة.
و حيث يقبع المجتمع السوري في قلب المرحلة الانتقالية التي يتأسس على تخطيها كل ملامح مستقبل سوريا، فإن على المعارضة السورية أن تتجاوز ماضيها الإشكالي وترص صفوفها وتلتف حول شعارات الشأن العام التعبوية،وتوسع دوائر استقطابها خارج تجربة شيوخها والتماس هلال الشباب الوطني وكل ذلك في إطار تتجانس فيه الحكمة مع الزخم والجرأة والحيوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح بين


.. بوتين: كيف ستكون ولايته الخامسة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد -بتعميق- الهجوم على رفح


.. أمال الفلسطينيين بوقف إطلاق النار تبخرت بأقل من ساعة.. فما ه




.. بوتين يوجه باستخدام النووي قرب أوكرانيا .. والكرملين يوضح ال