الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دساتير مصرية «2» دستوران للثورة العرابية

رفعت السعيد

2013 / 11 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


وكما هى العادة ففى كل ثورة ينبت عشب سام يتسلق ويحاول أن يتقدم بنصف حل، ويساوم باسم الثورة. هكذا فعل شريف باشا فقدم دستوراً يليق بالباشوات وكبار الملاك، وعندما احتج البعض صاح «إنهم فلاحون ولا يستحقون أكثر من ذلك» لكن الثوار رفضوا وصاح عبد الله النديم «ومسلكى أن أكشف حقائق الأمور ملتزماً جانب التصريح لا التلميح، وأن أجلوا مبادئ الحرية، وأن أبين معايب اللصوص الذين نسميهم أولى الأمر، ومثالب الخونة الذين ندعوهم وهماً أمناء الأمة، ومفاسد الظلمة الذين ننعتهم جهلا ولاة النظام».. ويقول «وأعلنت حب العسكر والتعويل عليهم وناديت بانضمام الجموع إليهم. وبينت مثالب الحكام ولا أعرفهم إلا بالجهلاء الأسافل ولا أبالى بهم وهم ملء المحافل» [د.على الحديدى – عبد الله النديم – صـ431].

لكن القوى الأكثر ثورية لم تكتف بهذا الهجوم العنيف على الحكام وإنما أعدت دستوراً كاملاً يمكن اعتباره الأكثر تقدمية فى كل ما صاغته مصر من دساتير. وقد صدر الدستور عن مجموعة من الشباب الملتفين حول النديم وقد سموا أنفسهم اسمين إمعاناً فى السرية وهما «جمعية اتحاد مصر الفتاة» والآخر «جمعية فتيان مصر» ويمكننا أن نلحظ أسلوب النديم فى كل فقراته. وأسمى الدستور «لائحة إصلاح» وتبدأ لائحة الإصلاح ببيان أسباب شقاء البلاد وقالت «إنها عديدة لا تحصى وكثيرة لا تستقصى ولكنها أوردت بعضها مثل: اجتماع السلطة فى يد واحد- عدم وجود قوانين تبين الحقوق والواجبات للحاكمين والمحكومين- عدم وجود حقانية مستقيمة الأحكام جيدة التوزيع بالتساوى بين الأنام- نقصان المعارف العمومية.

وتقول«أما السبب الأول فهو أشد تلك الأسباب تأثيراً حتى يمكن القول إن سبب الشقاء الحالى إنما هو الحكومة الاستبدادية» وتقول «إن رعية الحكومة الاستبدادية يكونون كالعبيد الأرقاء يرهبون سيدهم ولا يحبونه، ويخافون الحكومة ولكن لا يحترمونها، وتتمكن فيهم أقبح الطبائع إذ يفرحون بما ينزل بحاكمهم من المصائب حقداً عليهم ويعظم فيهم الخداع والنفاق بسقوط دولة الاستقامة والاستحقاق».

وبعد توصيف دقيق لأوضاع مصر تقدم اللائحة اقتراحات مبهرة كسبيل للإصلاح ونجتزئ باختصار شديد بعضاً منها «إن توزيع السلطة هو أحسن وسيلة إلى إصلاح البلاد فجميع الوطنيين الأذكياء يعرفون أن الحكومة المطلقة تكون عاقبتها وخيمة- ويجب ألا يكون شخص رئيس الحكومة مقدساً، وأن تحدد حقوقه- إن توزع السلطة الى إجرائية [تنفيذية] ونيابية وقضائية- أن تحصل المساواة بين عموم المصريين أمام القانون وأن يتولوا الوظائف أيا كانت بدون تفريق فى الدين أو الأصل- أن تصان الحرية الشخصية، بمعنى ألا يوقف أحد أو يقبض عليه أو يسجن إلا بمقتضى القانون- أن يصان المنزل وتراعى حرمته- أن تصان حرية الأديان وتراعى بالعدل والمساواة- أن تعطى الحرية التامة والحقة للمطبوعات والاجتماعات العمومية، إلا إذا صارت مؤدية للإخلال بالقانون والنظام- ألا يعزل القضاة من مناصبهم- أن يراعى استقلال السلطة النيابية وتحدد حقوقها وواجباتها وامتيازاتها- يجب أن تهتم الحكومة بالمعارف العمومية على نفقتها- ويجب ألا يؤخذ من الأولاد أجرة التعليم كما لا يجب تقسيمهم إلى من يدفع ومن لا يدفع حتى لا يعطى ذلك لبعض الأولاد الإحساس بالرفعة، وبعضهم بالانحطاط، وهذا أصعب ما يكون على النفس، ولهذا يجب أن يكون التعليم والكتب وأدوات التعليم كل ذلك يعطى مجاناً للتلامذة جميعاً.

ويجب أن تقرر حرية المطابع والجرائد فإن الحرية الذاتية من المبادئ الأساسية المقدسة». وبعد.. فيا أعضاء لجنة الخمسين فى عام 2013، هاكم بعض يسير ما ورد فى دستور مقترح من فتيان مصر فى عام 1879 أى منذ قرن وأربعة وثلاثين عاماً.

فهل نطمح أن نكون مثلهم؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا