الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظمة راية الشغيلة وتجربتي معها 4 ــ 5

جاسم الحلوائي

2005 / 6 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حدث هذا قبل نصف قرن - القسم الثاني
منظمة راية الشغيلة وتجربتي معها
( 4 ــ 5 )
بعد أن إستمع حسين سلطان إلى ما جرى لي؛ أخبرني بأن العجوز (أمه) كانت مصّرة على أن تجلب لي التنباك (التتن) الى الموقف! وبالكاد تمكنوا من إقناعها بضرر ذلك على الجميع، كان حسين يريد ترطيب الجو بسرد موقف أمه، لأنه لاحظ عدم الإرتياح على وجهي عند دخولي الصريفة، قبل أن يناولني البيان الصادر من"راية الشغيلة" في 13 حزيران 1956. كان مضمون البيان هو إعتراف منظمة "راية الشغلة" بأنها سلكت سلوكا إنشقاقيا تخريبياً خاطئاً بتأسيس تنظيمها ومركزها القيادي المستقل. وبأن خطوتها التي أسمتها "إنتشالاً" كانت مخالفة صريحة لمباديء الماركسية ــ اللينينية التي توصي بالمحافظة على وحدة الحزب. وأشار البيان الى دسائس الأوساط الأستعمارية والرجعية والصهيونية لشق وحدة الحزب.[1] ولم تكن هناك أية إشارة الى دور الأنحراف اليساري والسلوك البيروقراطي والفردي، اللذان كانا سائدين في قيادة الحزب، في شق وحدته.
أبديت إعتراضي على البيان وعدم قناعتي به، فأخذ حسين يدي وإختلى بي في زاوية وقال لي" أنا مخّول بإخبار بعض الرفاق بحقيقة الأمر وأنت واحدا منهم؛ بأن هذا هو رأي خالد بكداش"[2] وخلاصته هو"إن آراؤكم صحيحة ولكن سلوككم (الإنشقاق)غير صحيح". قي اليوم الثالي إلتقى بي فرحان طعمة عضو اللجنة المركزية. كانت خلاصة رأيي وموقفي هو إنني غير مقتنع بالبيان الصادر من المنظمة، ولكنني أضع نفسي جنديا في خدمة الحزب. وعدني بصدور توضيحات من الحزب حول الموضوع في المستقبل القريب . أخذ عنواني، وطلب مني العودة الى كريلاء بصفتي مسؤولا للمنظمة الحزبية في المدينة .
بعد لقائي بفرحان طعمة بحوالي إسبوعين جاءني مندوب الحزب ومسؤولى الحزبي، وإذا به باقر إبراهيم. نفس الشخص الذى سبق وأن إلتقيته قبل عام في موقف كربلاء.
فرحت لذلك لأني أعرفه، ولأنه خلف عندي إنطباعاً جيدا في حينهً. جلب باقرمعه، ضمن ما جلب، بياناً صادراً عن اللجنة المركزية مؤرخ في17 حزيران 1956. رحبت فيه اللجنة المركزية بعودة المناضلين الحزبيين ؛ وأدانت الأفكار الأنشقاقية وإنتقدت المقاييس البيروقراطية التي عولجت بها مشاكل الرفاق الفكرية والسياسية. ودعا البيان الى أن يسود الجو المبدأي المتحرر من ترسبات الأوضاع الأنقسامية في الحياة الداخلية، بعيداً عن مظاهر " الإنتصار" و "الإنكسار". وتعبيرا عن شعور الحزب بهذا الواجب قررت اللجنة المركزية تبديل إسم "القاعدة"، الجريدة المركزبة للحزب، بإسم "إتحاد الشعب".
 سلمني باقرالشهيد (علي النور) الذي كان مع الحزب مرشحاً ومنح العضوية على عجل؛ وكان العنصر الوحيد لدى الحزب في المدينة. وقد شكلت لجنة لمدينة كربلاء قوامها علي النور وصاحب باقر وانا سكرتيرها. وكانت اللجنة تقود خليتين أو ثلاث . وجمهرة من المؤيدين والأصدقاء . ومن موقعي الحزبي هذا كان عليّ إقناع المنظمة بما لست مقتنعا به! كنت أعيش أزمة فكرية. كان يهمني جداً أن أكون عضواً في الحزب الشيوعي العراقي وأكون كادرا جيداً فيه ، وبالتالي لابد أن أكون صادقا معه . في حين كان الحزب ينتظرمني أن أقدم نقداً ذاتيا ــ مخالفاً لقناعتي ــ كشرط لوضع الثفة الكاملة بيّ . كنت أرى بأن السياسة اليسارية الإنعزالية والبيروقراطية والفردية، لقيادة باسم، والتي أدينت بهذه الأوصا ف تحديداً في أكثر من إجتماع للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، تتحمل مسؤولية كبيرة في الأنشقاق إن لم تكن المسؤولية الأكبر. وليس الأمر كما جاء في بيان اللجنة المركزية مجرد "مقاييس بيروقراطية لمعالجة..." بل كانت بيروقراطية وفردية على جميع الأصعدة؛ ويجب أن تدان، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
أولاً : الّف(بهاء الدين نوري ــ باسم) لجنة مركزية ولم يضم اليها مَن كان عضوا أو مرشحا في زمن الرفيق فهد وليس هناك أية شائبة على موقفه في التحقيق.[3]
ثانياً : لم يعقد أي إجتماع للجنة المركزية، ولم يفعل ذلك حتى عندما أصدرأهم وثيقة سياسيةـ فكرية بالنسبة للحزب ألا وهي الميثاق الوطني، أي برنامج الحزب. علما بأنه غيّر ستراتيج الحزب لمرحلة التحررالوطني الدمقراطي من "حكم وطني دمقراطي" الى "حكم جمهوري شعبي يمثل إرادة العمال والفلاحين والجماهير الشعبية. [4] 
ثالثا : طرد مجموعة كبيرة من كوادر الحزب القديمة، وبقرار فردي، لأختلافهم فكرياً مع قيادته. [5]
رابعاً : تسمية رئيس وزراء (كامل الجادرجي) وتوزيع الحقا ئب الوزارية وطرح ذلك على الجماهير، كشعار للمطالبة به في الشارع، دون إستشارة كامل الجادرجي والأطراف المعنبة الأخرى.[6]
وهكذا اختزلت ضرورة إدانة السلوك البيروقراطي الفردي ، واليسارية الإنعزالية ، والتي سبق وأن أدينت من قبل اللجنة المركزية كما أسلفت، الى مجرد" مقاييس بيروقراطية عولجت بها مشاكل الرفاق الفكرية والسياسية". لقد إقتصر بيان منظمة "راية الشغيلة" على إدانة السلوك الإنشقاقي ووصفه بأبشع الأوصاف ولم يشر، لامن قريب ولا من بعيد ، الى أسباب الإنشقاق. أما إشارة الحزب لمسؤولية قيادة (باسم) فجاءت خجولة جدا. فما هي دوافع وأسباب هذاالموقف ؟
 
يتبع
[1] ـ في أول لقاء لي مع الرفيق عزيز محمد في سجن بعقوبة عام 1957 ، إستفسر مني ،بلهجة مشوبة بالغضب " عرفنا بأنه عمل تخريبي وإنتهازي...والأستعمار والرجعية، ولكن ما علاقة الصهيونية بالموضوع ؟! بناء على هذا الحادث، وبناء على الإحتكاك المباشر بعزيز محمد ورفاقه قي السجن، أستطيع القول، وبثقة، إنهم لم يطلعوا على نص البيان قبل صدوره. ألا إن ذلك لا يعني بأنهم لم يكونوا مطلعين على مجريات الأمور خارج السجن، أو إنهم لم يوافقوا على حل المنظمة.
[2] ـ أضاف حسين سلطان الى إن المفاوضات كانت تجري بشكل جيد وقبيل وصول المفاوضات الى نهايتها، عاد الرسولان. (أحدهم يمثل المنظمة والآخر الحزب) اللذان كانا مرسلين الى خالد بكداش للتحكيم. فجاءت النتيجة بهذا الشكل.
[3] ـ عزيز سباهي " عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي " الجزء الثاني، ص 60 .
[4] ـ زكي خيري " تاريخ الحزب الشيوعي العراقي " ص 191 .
[5] ـ جريدة القاعدة، أواخر شباط 1953 .
[6] ـ عزيز سباهي. عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي، ص 74 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف