الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس: الكُتّاب الفاسدون وعودة الرجعية

محمد الحمّار

2013 / 11 / 2
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


في الأعوام الأخيرة، تلك التي تلت الثورة و التي يعيش فيها التونسيون مناخا غير مسبوق من حرية التعبير، وكأنّ تأويلا سيئا لهاته القيمة النبيلة قد استغلته بعض الأقلام الصدئة ذات الريش المنتوف والحبر الجاف لتدعو الرجعية ورموزها إلى العودة من بابٍ خِلناه أوصدَ أمامها إلى الأبد وخرجت منه بلا رجعة: باب التطبيل و التزمير و التزكير للواقف والتملق والنفاق للسلطة و المتاجَرة بضمير الشعب.

قد يكون المرء شبهَ كاتب أو كاتبا صغير أو كاتبا متدربا إلا أنه لو كان بحق كاتبا حقا فلا يمكن أن يكون فاسدا. لكن يا خيبة المسعى، حيث هنالك من الكتاب التونسيين من يصف، مثلا، بكل حماس وبحِرفية تامة، شخصيةً سياسية برُتبة رئيس حزب أو وزير مثلا ويشدد على بقاء هذه الشخصية على رأس التنظيم السياسي أو الوزارة، ثم لا تكاد تمر بضعة أسابيع حتى ينبري نفس الكاتب ليقذف نفس الشخص وينعته بكل النعوت السلبية وذلك أثناء اللقاءات المباشرة على غرار الاجتماعات النقابية وكذلك على المواقع الاجتماعية .

وهناك من يحكم على جموع المواطنين التونسيين الذين ساندوا تحوّل 3 جويلية في مصر بأنهم غير ديمقراطيين، مواصلا بذلك على درب التصفيق للسلطة القائمة. وهناك من يندسّ في عقول القراء المستقلين ممن يفضلون توخي الحياد والموضوعية وذلك بأن يوهموهم، عنوة، بصحة أخبارٍ ملفقة ذات عناوين رنانة و مشفوعة بتحاليل مفعمة بالتبشير الإيديولوجي لعلّ تلك المادة المسمومة أن تُثني المواطنين عن المداومة على مكافحة الفساد بكل أنواعه.

وفضلا عن كونهم مشجعين على الفساد فإنّ هؤلاء كلهم ممن ينتقدون رأي الكتاب الآخرين. ولئن كان مِن حقهم أن يفعلوا ذلك فإنهم ينتقدون بلا حجة ولا برهان، عفوا بواسطة حجة مزدوجة ويا لها من حجة: اعتماد الكتاب الآخرون ما يروّجه إعلام العار من أخبار و الانصياع لعقلية حزب التجمع المنحل . بينما هي حجة من نوع الذريعة والشماعة، صالحة بامتياز لكل زمان ومكان في مملكة الفساد الأدبي التي يديرونها.

فحتى لو كان الإعلام مازال يَعير التونسيين وحتى لو ما يزال هنالك تجمعيون فإنّ مجرد انبراء هؤلاء الكَتبة المضللون و تلكم الأقلامٍ المرتعشة (رغم إيهامهم قرائهم بأنّ ملؤُهُم ثقة بالنفس وقدراتٍ مهنية عالية) ضد الرأي الحر وتأليبهم الرأي العام ضد الحقيقة ولو كانت مُرة وضدّ الباحثين عنها ولو كانوا من الهواة، لأقوى دليل على أنّهم طائفة لا تبالي بتطوير الحياة بقدر ما تبالي بالتقرب الدنيء من رؤوس أحزابها ومن أيقوناتها الإيديولوجية.

وقد يكونون مأجورين لهاته الغاية. كما قد يكونون من المتطوعين لكنّ تطوعهم من الصنف الوصولي والانتهازي الذي يخدم كل شيء عدا مصلحة الوطن. إنهم كَتَبة العار.

إنّ هؤلاء القراصنة، مجتمعين، مثَلُهم مَثُل فريق الكرة الذي يتوخّى طريقة دفاعية في اللعب أمام منافس قوي (الكتاب الشرفاء). يسجلون نقاطا ثمينة فعلا لكن هذا مما يشكل فوزا مؤقتا لا غير، و على حساب مَن، على حساب جمهور بسيط منَحَهم ثقته ليذودوا عن حظوظه (ليفسروا له الواقع السياسي) لكنهم في الحقيقة يغالطونه بواسطة أداءٍ لا يتناسب مع الطرائق العلمية ولا الأخلاق. فينتهي أمر اللاعب المتلاعب إلى قبول الأهداف تلوَ الأهداف في مرمى الفريق (الجمهور وهو الشعب المتلاعب به).

ألا يعلم كَتبة الشيطان أنّ أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم وأنّ الهجوم لا يعني التهجم والتنكيل وإنما يعني بناء الأفكار والتصورات مثلما يَبني اللاعب الشريف والمُتحلي بالروح الرياضية الخططَ و الهجمات؟

في نهاية المطاف نستنتج من كل هذا أنّ هذه الطائفة من محترفي الرذيلة تسبح ضد التيار بل وهي معادية للحق طالما أنها تستخدم أشرف وسيلة، ألا وهي القلم بشهادة القرآن الكريم، لتحقيق غرض هو بدوره متباين مع طموحات الشعب ألا وهو دعوة الشر لإلقاء ظلاله على العباد والاستتباب في البلاد، حيث إنّ الشر لا يعود من تلقاء نفسه وإنما بفعل فاعل جرّاء حرص هؤلاء الأوغاد، المتستّرين، على عودته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة