الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-محظور- في شوارع القاهرة

ناصر البحيري

2013 / 11 / 2
كتابات ساخرة


اضطررت، آسفا، أن أكون في وسط القاهرة وقت بداية ساعات الحظر، ولأني أسكن في حلوان - جنوب القاهرة , والتي تبعد حوالي 30 كيلو من وسط المدينة - فكان يجب عليّ أن أستقل مواصلة غير رسمية ؛ لأن وسائل المواصلات الرسمية تلتزم بـقرارات الحكومة المجيدة وتعمل بها خاصة فيما يتعلق بالركون "للأنتخة"،ولكن هناك وسائل مواصلات أخرى غير رسمية تفضل أن تعمل ساعات قليلة أثناء ساعات الحظر؛ للحصول على مكاسب خيالية من وجهة نظر أصحابها - الغلابة أيضًا - ، فسائقو الميكروباصات، يعملون في هذا الوقت ويسلكون شوارع ضيقة للوصول إلى حلوان.
تجمع المضطرون أمثالي على السائق الواقف أمام مقر الحزب الوطني المحترق في ميدان عبد المنعم رياض، واشترط السائق أن يتقاضى على كل "راس"، كما وصفَنا هو، 10 جنيهات كاملة كأجرة له رغم أنها في الأوقات العادية 2 جنيه فقط، وافق الجميع "بجملة الاضطرار" وركبنا السيارة التي انطلقت مباشرة سالكة شارع الكورنيش في اتجاه مدينتنا الغائبة، وحمدنا الله كثيرا ؛ إذ يبدو أن السائق لا يلقي بالا لمسألة الحظر هذه، وذهبت رأسي غير الواثقة في الحكومة والشرطة على السواء وقالت لي، إن السائق سيُرشِي كل من يقابله من لجان منتشرة وسيتقاسمان؛أي السائق والأمن، فرق الأجرة التي حصلها منا نيابة عنهم "مش واثق بقى".
وقبل أن تصل السيارة منطقة البوابة في مصر القديمة , علم السائق من مصادره الخاصة، أنّ ثمة مظاهرة كبيرة - قال إنها للإخوان أمام المحكمة الدستورية- قطعت شارع الكورنيش، فامتعض البعض وتهلل الآخرون إذ إننا في العربة أيضا نمثل اتجاهات مختلفة، وغيّر السائق اتجاهه بناءً على المعلومات التي وردت إليه سالكا طريق الأوتوستراد بعد أن طلع الكوبري الدائري من منطقة البوابة.
وكان عدد من الركاب سينزل على الكورنيش، فوعدهم السائق أن يعود إليه من منطقة طره، صعدنا الكوبري، ووصل إلى الأوتوستراد، ومشى غير عابئ بالقاهرة التي خيم عليها جو من الرهبة أشبه بمدينة شيكاغو كما أتخيلها، ولكم تخيلت أن السائرين في الشوارع في هذه اللحظة ما هم إلا لصوص أو بلطجية لا يعملون إلا في وقت الحظر، واستعجبت كثيرًا من السيارات التي تتجه إلى وسط البلد أو مدينة نصر وسألت نفسي أين الحظر إذا؟، لكني لا أنكر أن الريبة تأخذك وتخطف قلبك في هذه اللحظات.
عاد السائق إلى الكورنيش مرة أخرى سالكا كوبري طرة، وتندر الركاب على السجن ووصفوه بالفندق الخمس نجوم ؛ كون أن قيادات سياسية ووزارء يقبعون فيه الآن.
وحال وصولنا إلى الكورنيش، وقبل أن نصل إلى منطقة المعصرة، وقف السائق وعرفنا أن شارع الكورنيش مقطوع لوجود اشتباكات دامية بين مجموعة من بلطجية - كما أخبرنا السائق أيضا- ، وعادت السيارة أدراجها لتدخل في منطقة المعصرة من الداخل ونمشي في شوارع ما أنزل الله بها من سلطان، ورغم أن المعصرة تابعة – إداريا- لمدينة حلوان إلا أنني لم أكن أتخيل أن مثل هذه الشوارع موجودة في قلب القاهرة أحد أجمل العواصم في الخمسينيات وما قبلها كما أخبرنا "نجيب محفوظ" في رواياته.
عدنا مرة أخرى إلى طريق الأتوستراد بعد أن ظللنا أكثر من ساعة في دهاليز منطقة المعصرة، ولكم راودتني شكوك أن البلطجية سيهاجومننا ويأخذون مني جهاز الكمبيوتر الخاص بي وكنت قد اشتريته من وقت قريب.
ودخل السائق من عند جامعة حلوان وحال رؤيتها اطمئن قلبي لأني ببساطة يمكنني أن أنزل في هذه المنطقة وأمشي إلى البيت لكن السائق عاد مرة أخرى ودخل في دهاليز، أعرفها في هذه المرة، إلى أن وصل بالقرب من بيتي فتنفست الصعداء واتصلت بحيبتي أخبرها أنني ما زلت حيًّا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لك
علي فهد ياسين ( 2013 / 11 / 2 - 20:07 )
مقال معبر ويعطينا ملامح اوضح لجانب من الصورة المصرية في هذه الايام التي لانعرفها نحن غير المصريين لان مايصلنا من الاعلام يمثل زاوية نظر الجهة التي ترسم لنا الصورة
شكرا لك عزيزي ناصر البحيري

اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي