الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتهت جولة -كريستوفر روس- الثالثة في الصحراء و لا مخرج واضح المعالم في الأفق

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2013 / 11 / 3
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


أكمل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ، "كريستوفر روس" ، مؤخرا جولته الثالثة في الجزائر. جولة زار خلالها مبعوث الأمم المتحدة الرباط والعيون و السمارة وتندوف و نواكشوط و الجزائر العاصمة. إذ حلّ بالرباط قبل أن يتوجه إلى مخيمات تندوف ، ثم زار العيون و السمارة ، قبل أن يقصد نواكشوط والجزائر العاصمة.
بعد جولات من المفاوضات بــ "غرينتري" ( مانهاست ) وجولاته السابقة ، يبدو أن قضية الصحراء لن تعانق الحل النهائي في أي وقت قريب ، لأن الملف خلال جولة "كريستوفر روس" الثالثة لم يتحرك ولو بمقدار قيد أنملة.
سوف يقدم المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ، كريستوفر روس ، تقريره عن واقع الحال و استنتاجاته الرئيسية من زيارته، في إطار مشاورات لجنة الأمم المتحدة الرابعة بشأن قضايا السياسة العامة وإعادة التوطين ، في مجلس الأمن بنيويورك.
ولكن كما هو الحال في الزيارات السابقة ، "كريستوفر روس" يعود إلى نيويورك خالي الوفاض . إذا كان مبعوث الأمم المتحدة، كلما حلّ بالمغرب، يعقد لقاءات مع انفصاليي الداخل ، يقتصر على لقاء قادة جبهة البوليساريو بمخيمات الحمادة .
ثلاث جولات متتالية و متشابهة إلى حد التطابق جدا، وفي كل مرة يتم اعتماد نفس طريقة العمل والسير على نفس السكة.
في هذا السياق قال "جيل بارنيو" رئيس مجموعة صداقة المغرب – الاتحاد الأوروبي : "على الرغم من إرادة "كريستوفر روس" التغيير المنهجي في مقاربة نزاع الصحراء ، لا يمكننا إلا أن نرثي عدم إحراز أي تقدم ، هذا النزاع الذي، بالمناسبة لم يتغير على مدى السنوات الـ 37 الماضية".
ويبدو أن التغيير الملاحظ، هو أن الانفصاليين ضاعفوا – بشكل ملفت للنظر- الجهود بالداخل.
خلال زيارته إلى مدينة العيون والسمارة ، كان في استقبال "كريستوفر روس" بعض تجمعات ومحاولة افتعال اشتباكات بين موالين للبوليساريو وقوات الأمن. وأصبح افتعال الاشتباكات شائع جدا في جنوب المملكة من طرف الانفصاليين اغتناما لكل فرصة وجود وفود أجنبية أو شخصيات دولية ، وهذا بغرض الاستثمار السياسي.
في آخر خرجاتها الإعلامية ، بعد لقائها مع "روس" في العيون ، توعدت "أمينتو حيدر"، رئيسة "كونديسا"، بمزيد من العنف والاشتباكات في الأقاليم الجنوبية. ففي تصريحها لصحيفة من جزر الكناري ، قالت أن " تعبئة الصحراويين تسير على نحو متزايد اتجاه العنف "، وهو تصريح يتطابق بالتمام والكمال مع مواقف قادة البوليساريو ، الذي لم يتوقفوا منذ مدة عن التلويح باللجوء إلى استخدام العنف لتسوية القضية.
وكعادتها الجزائر تغسل يديها مرة أخرى. ففي الوقت الذي ترى فيه الأمم المتحدة أنها جزء من نزاع ، و أنها تستضيف الانفصاليين على أراضيها ، تكرّر الجزائر دون كلل أسطوانتها المشروخة " الجزائر مجرد بلد مجاور و مراقب في نزاع بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو".
وفي نفس الفترة أرسلت الجزائر وزير خارجيتها ، "رمضان العمامرة" إلى نواكشوط، وكان في استقباله الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز. في حين
اتجه وزير الشؤون العامة و التعاون ، صلاح الدين مزوار ، بدوره إلى باريس و مدريد ، لسحب البساط من تحت أقدام الجزائر .
هذا بعد أن وصف الملك محمد السادس - في خطاب افتتاح دورة البرلمان الخريفية- الوضع بالحساس، سيما وأن مناورات أعداء الوحدة الترابية لن تتوقف. وهذا ما أضحى يستوجب – أكثر من أي وقت مضى- تعبئة قوية ويقظة متوقدة في كل وقت وحين و مبادرات فعالة.
ورغم أن زيارة "كريستوفر روس" الأخيرة جاءت بعد تأخر دام شهورا في أعقاب تصويت مجلس الأمن الدولي على قرار جديد ينص على ضرورة الاستمرار في المفاوضات، واعتراف المبعوث الأممي بأن المفاوضات غير المباشرة لم تسفر عن نتائج ملموسة، وتعهد بتطويرها، إلا أنه لم يطرح مقترحات جديد لتحريك مفاوصات البحث النهائي. وبالرغم أنه اعتبرفي مارس الماضي، أن حل نزاع الصحراء أضحىأكثر إلحاحا من أي وقت مضى، وذلك اعتبارا لحالة عدم الاستقرار المتنامية في الساحل.
فقبل هذه الزيارة الأخيرة تأكد فشل كريستوفر روس في إيجاد صيغة جديدة لتحريك المفاوضات، الأمر الذي كان قد أدى إلى طرح الأمم المتحدة إشراف الأمين العام للأمم المتحدة "بان كيمون" على الجلسة المقبلة من المفاوضات.
وحسب المتتبعين سيتضمن التقرير المفصل حول الجولة على الملاحظات التي رصدها "روس" وكذلك ملاحظات قوات "المينورسو" حول حقوق الإنسان والثورات الطبيعية وشكل المفاوضات المقبلة بين المغرب والبوليساريو.
ومن المعلوم أن المغرب طرح منذ أعوام مبادرة لتمكين الأقاليم الجنوبية من نظام الحكم الذاتي، هذا بعد أن ضبط استراتيجية لتنمية تلك الأقاليم . في حين تتمسك الجزائر بإجراء استفتاء لتقرير المصير، لتلك الأقاليم وتقول الجزائر ان المغرب سبق ان عارضت فكرة إجراء الاستفتاء. وتدرك الأمم المتحدة ومبعوثها مدى صعوبة تقريب وجهات النظر بين الرباط و الجزائر في المفاوضات الجديدة و"روس" يعلم أن المقترح المغربي الخاص بمنح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية قد نال مساندة ودعم جزء مهم من أعضاء مجلس الأمن ودول الاتحاد الإفريقي.
وجاءت زيارة "روس " بُعيد حالة من التوتر كان قد خيم على العلاقات المغربية ـ الأمريكية بسبب ملف الصحراء وملفات أخرى، بعدما انتقدت واشنطن ما اعتبرتها خروقات الرباط في منطقة الصحراء ، وهو ما رفضه المغرب بشدة. إذ كانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أصدرت تقريرا قويا حول حقوق الإنسان في الصحراء ، وأوصت بربط المساعدات بمدى احترام المغرب لما اعتبرته الالتزامات المغربية في مجال حقوق الإنسان. واتهم التقرير الأجهزة الأمنية المغربية بخرق حقوق الساكنة. ورفض المغرب على لسان وزير الاتصال مضمون التقرير، لأنه تضمن معطيات متعددة لا علاقة لها بالواقع. واعتبرالوزير أن التقرير الأمريكي منحاز لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار ما اعتبره تقدم المغرب في مجال احترام حقوق الإنسان وتوقيع على اتفاقيات دولية حول هذه الحقوق. وقد مرّت العلاقات المغربية-الأمريكية بنوع من التوتر منذ محاولة الولايات المتحدة تكليف القوات الأممية "المينورسو" مراقبة حقوق الإنسان في المنطقة المتنازع عليها. علما أن هذا أن القرار الأمريكي لم يجد قبولا في مجلس الأمن.
إن قضية الصحراء قضية الجميع من مؤسسات الدولة والبرلمان، والمجالس المنتخبة، وكافة الفعاليات السياسية والنقابية والاقتصادية، وهيئات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، وجميع المواطنين، والدفاع عن قضية الوحدة الترابية بات مسئولية مشتركة . وهذا أمر لا مندوحة أن يستدعي تغيير الإستراتيجية ، وتجاوز السلبية التي طبعت مواقف الأحزاب السياسية التي ظلت موسومة دائما بالانتظارية التواكل مما أفقدها الفاعلية . إن الظرفية الحالية تفرض اعتماد إستراتيجية هجومية . سيما وأن الأوضاع الأمنية التي خلقتها التنظيمات الإرهابية في شمال مالي ، ليبيا ، تونس ، نيجيريا ، النيجر، ورقة رابحة في يد المغرب لإقناع الدول بمصداقية مشروع الحكم الذاتي لإخراج ملف الصحراء من وضعية الباب المسدود وانتشال جولات المفاوضات بخصوصه من "براثين الفشل المستدام".
إن قضية الصحراء تمثل معركة مصيرية، واعتماد استراتيجية هجومية شرسة بخصوصها تتطلب التمكن من مجموعة من المعطيات والمعلومات والآليات للترافع عن القضية الوطنية بشكل ناجع، خصوصا من طرف المجتمع المدني. يجب الخروج من دائرة إكراه ضعف آليات الدفاع والمحاججة لدى الذين يريدون الدفاع عن الملف داخل الوطن وخارجه، والمطلوب اليوم، أن يمتلك المغرب إطارات وفعاليات تمتلك القوة والدفاع ولا تعوزها المعطيات والمعلومات الضرورية، حتى نخرج من "حالة المحامين المدافعين الفاشلين" عن قضية عادلة بجميع المقاييس، كما ظل سائدا إلى حد الآن عموما.
فالمغرب يتوفر على مقترح حل يحظى بمساندة واسعة، وما ينقصه اليوم هو معرفة كيف تصريفه عالميا كسبيل للخروج من حالة الباب المسدود. علما أن الجزائر حاليا ترفض الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، لأنه يرعبها حقا، لأنها تدرك، حق الإدراك، أن هناك مجموعة من المناطق الجزائرية ستطالب بالحكم الذاتي، لذا ستظل متصلبة في موقفها وإن أدى بها الأمر إلى اللعب بورقة دور العنف وترويض الإرهاب ليس في الصحراء فقط، ولكن في المنطقة بأسرها والساحل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا