الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق دولة بدون سيادة

خدر شنكالى

2013 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


العراق دولة بدون سيادة

مفهوم السيادة وفق القانون الدولي العام ، هو قدرة الدولة على ممارسة سلطاتها الداخلية والخارجية بشكل كامل ودون تدخل من احد ، اي ان للسيادة جانبان او مظهران ، مظهر داخلي ومظهر خارجي ، فالسيادة في مظهرها الداخلي ، تعني قدرة وامكانية الدولة في فرض سيطرتها وسلطاتها على كافة مواطنيها ضمن حدودها الجغرافية المعروفة وبما تمتلك من حقها في تشريع القوانين وتطبيقها وتنفيذها على الجميع وبصورة متساوية عن طريق اجهزتها او مؤسساتها الدستورية ، ونظرا لاهمية السيادة في اكتمال اهلية الدولة وشخصيتها القانونية ، فقد اعتبرها فقهاء القانون الدولي من اهم خصائص واركان قيام الدولة ، فلا نكون امام دولة مستقلة وكاملة الاهلية دون تمتعها بالسيادة الكاملة على اراضيها ومواطنيها .
اما السيادة في مظهرها الخارجي ، فهي قدرتها على اقامة افضل العلاقات مع الدول الاخرى وبما تخدم مصالح ومستقبل شعبها وعلى اساس الاحترام المتبادل ووفق الاعراف الدبلوماسية المعترف بها واحترام السيادة والاستقلال السياسي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعقد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وتوفير الحماية الكاملة لمواطنيها في خارج حدودها وفق الاعراف والمعاهدات الدولية .
والسيادة نوعان ، سيادة كاملة وهي ان تكون الدولة لها الحرية والارادة الكاملة في تصريف شؤونها الداخلية والخارجية دون اكراه او تدخل خارجي ومهما كانت نوعية هذا التدخل ، وسيادة ناقصة وهي عندما تكون الدولة غير قادرة فعليا على ممارسة سلطاتها وصلاحياتها الداخلية والخارجية ايضا اي دولة ضعيفة او ما تسمى بالدولة ناقصة الاهلية ، كما هو الحال في العراق اليوم .
فالدولة العراقية ونتيجة لاخطاء انظمتها السياسية المتكررة ، فقد عانت ولاتزال تعاني من مشكلة مزمنة في ممارستها لسيادتها الداخلية والخارجية ، وخاصة في العقد الاخير من القرن العشرين وعندما قام النظام العراقي السابق باحتلال جارتها الكويت وثم قيام التحالف الثلاثيني بقيادة الولايات المتحدة الامريكية باخراج القوات العراقية من الكويت وما تلا ذلك من آثار مأساوية كبيرة بحق الشعب العراقي ، فقد اصدر مجلس الامن الدولي اكثر من 70 سبعون قرارا بحق العراق اهمها ، نزع اسلحة العراق ، ومنعه من التصرف بوارداته النفطية وتشكيل ما يسمى بصندوق تنمية العراق ، والزامه بتعويض الكويت والدول الاخرى وكذلك الشركات الاجنبية عن جميع مالحق بهم من اضرار ، وترسيم الحدود وغيرها من القرارات الدولية التي افقدت العراق سيادته واستقلاله واصبح دولة خاضعة لأوامر خارجية وتابعة للارادة السياسية لهذه الدولة او ذاك وخاصة امريكا وايران التي سنحت لهما الفرصة لتنفيذ سياساتهما واجنداتهما في العراق والمنطقة بصورة عامة ، وقد اصاب الشلل جميع قطاعات الدولة العراقية مما ادى ذلك الى عجزها التام في ممارسة سلطاتها وسيادتها الداخلية تجاه مواطنيها .
وبعد سقوط النظام العراقي في 2003 ، تنفس الشعب العراقي الصعداء على امل انتهاء هذا الفصل المأساوي من تاريخ العراق ، ولكن الامر ازداد سوءا لاسيما وان الولايات المتحدة الامريكية قد اعلنت صراحة وبموجب قرار دولي رقم 1487 / 2003 احتلالها لدولة العراق مما افقدت العراق سيادتها الكاملة وبصورة رسمية وفق قواعد القانون الدولي ، وكان بول بريمر هو الحاكم الفعلي للعراق وباستطاعة الجندي الامريكي البسيط من اعتقال اكبر مسؤول في الدولة العراقية والتصرف باموالها وثرواتها بل والتدخل في جميع امور الدولة ومؤسساتها حتى القضائية منها ، وما ان خرجت القوات الامريكية من العراق وانهاء الاحتلال واستلام العراقيين لدفة الحكم في البلاد حتى دخل العراق في مرحلة جديدة من التدخلات الخارجية في شؤونها لاتقل تأثيرا عن الاحتلال الامريكي ، فاصبح العراق ساحة مستباحة للتدخلات الخارجية ومرتعا لتصفية حساباتها وتنفيذ اجنداتها في داخل العراق ، ففي كل مناسبة او حتى بدونها نرى ان الكونترول الدولي او الخارجي يسارع في توجيه قيادات العراق الى فعل وتنفيذ ما يستوجب عليهم فعله وحسب رغبات هذه الدول وبما يحقق مصالحهم ضاربين مصالح العراق وشعبه عرض الحائط ، اي ان العراق اصبح دولة مفعولا بها ورسم خارطتها السياسية ومستقبلها مرهون بمدى تحقيق مصالح هذه الدول .
فالولايات المتحدة الامريكية وان كانت قد خرجت من العراق بصورة شكلية ، الا انها لازالت صاحبة النفوذ الاقوى في اتخاذ القرار السياسي العراقي ورسم مستقبل العراق ، وأيران التي تعتبر نفسها وريثة عن الاحتلال الامريكي في العراق فان تدخلها في شؤون العراق معروفة ومكشوفة للجميع حتى وصل الامر بها اخيرا الى التدخل في اختيار رئيس دولة العراق ! وكأن الاخيرة هي مدينة تابعة لولاية الفقيه في ايران ، وتدخل تركيا المستمر في العراق وخاصة مسألة كركوك الغنية بالنفط وذات الاغلبية التركمانية بعد الكورد يضاف الى ذلك سياستها التوسعية في ولاية الموصل وكأن هاتين المدينتين ايضا هما ولايتين تابعتين للسلطان العثماني ، اما دول الخليج ( البعض وليس الكل ) فان ماكيناتها مستمرة في تدمير العراق من خلال دعمهم للجماعات الارهابية ، فهل من المعقول ان يتم في يوم واحد تفجير اكثر من 10 عشر سيارات في العراق !؟ من اين هذه الاموال والامكانيات الكبيرة اذا لم يكن وراءها دول لها مصلحة في تدمير العراق ؟ ثم هل من المعقول ان لاتعلم الحكومة العراقية او بالاحرى المؤسسة المخابراتية العراقية بالدول التي تقف وراء هذه التفجيرات !؟ ولماذا لم تتخذ الحكومة العراقية موقفا حازما امام هذه الدول وتدخلهم السافر في شؤون العراق ؟
ان صمت الدولة العراقية او بالاحرى ما يسمى ( بالدولة العراقية ) امام هذه التدخلات المستمرة في شؤونها لايعطي الا تفسيرا واحدا وهي ، انشغال قادة العراق الجديد بالطائفية المقيتة وولائهم لمرجعياتهم الدينية والحزبية الضيقة مع غياب دور الدولة المتمثلة بالقانون ، مما ادى هذا الى انشغال كل منهم بمصالحه الخاصة وانتهاز الفرصة بكسب المزيد من المال دون النظر الى المصالحة العامة العليا لهذا البلد وهذا الشعب الذي ضاق الامرين على مدى اكثر من ثلاثة عقود من الزمن ، والنتيجة بقاء الدولة ضعيفة وغير قادرة على اتخاذ مواقف تجاه الدول التي تتدخل في شؤونها وبالتالي فقدانها لسيادتها وهيبتها ودورها في المجتمع الدولي .

خدر شنكالى












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة