الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مريم

عبد الصمد فكري

2013 / 11 / 3
الادب والفن


هي البكر الوحيد في أسرتها، والعاشرة... بعد أن كانت أمها قد فقدت عشرة أبناء أثناء لحظة الولادة،
هي فتاة جميلة فاتنة غاية في الروعة والسحر، متعلمة وتدرس... في ربيعها العشرين.
عند سيرها تلفت أنظار المارين، لا يستطيع أحد كبح أعينه من محاولة التحديق إليها، بشعرها الطويل الأشقر المرصوص على كتفيها، بساقيها الرشيقتين، تسير وكأن الأرض تنبث زهرا وحدائق خلفها، بصدرها الممتلئ حبا وعشقا ومرحا ومودة.
تعرفت على شاب في السابعة والعشرين من عمره، فسحرها جماله وطوله وطريقة كلامه المعسول، فكان أول حب في حياتها، وبعد سنة من التعارف، طلب يدها، فلم تتردد مريم صافية الذهن والقلب الممتلئ بالحب، وكلامها الذي يشبه صوت غرير المياه العذبة، لا يمل المرء من سماعه ولا يتعب من النظر إليه، فمجرد التحديق بها يشعرك وكأنك موجود بالجنة مع ملاك طاهر وبريئ كمريم.
ذهب الشاب إلى منزل مريم، ومن شدة فرحة الأبوين، عانقاه وحملاه أعلى درجات المحبة، واعتبراه ابنا ثانيا لهما، فكان الشاب يود السفر خارج البلاد لكي يعمل ويساعد نفسه، ودون تردد من مريم وقفت إلى جانبه بعد أن أقنعها أنه سيرسل ليحضرها معه بعد ذلك... فاشترت له كل لوازم السفر من ملابس و حاجيات إلى تذكرة الطائرة، فأصر أن يتم الخطوبة قبل المغادرة.
بعد مضي أسبوعين، عاد الشاب من السفر مضجرا ثقيل الهم، لم يقدر على السفر (أو على فراق مريم) ورغم ذلك لم تتخلى عنه، فأعطته سيارتها ووكلت أباها لكي يبحث له عن عمل.
فكان كل عمل يلجأ له لا يستقر به لأسبوع، فحتى المنزل الذي كانا يمكثان به كانت أم مريم تدفع أجرته، فبدأ يغيب عن زوجته لشهر.. لشهرين.. فعادت مريم لبيت أبويها، واتصلت به مرارا وتكرارا لتسأله عن سبب غيابه عنها.
وفي إحدى الأيام جاءت إحدى صديقات مريم، فأخبرتها أن زوجها يخونها مع زميلاتها سابقا في الدراسة بعد أن كانت قد اكتشفت في سيارتها لوازم صديقاتها، وصورا لإحداهن معه في هاتفه، فواجهته.. وإعتدر.. وسامحته.
بعد شهر من الخيانة المرة والقاسية، لم يزرها ولم يسأل عن أحوالها وهي التي عانت الأمرين من مضاجعته لزميلاتها وعدم تحمله للمسؤولية، أصبحت من عداد الأموات، لا تخرج من المنزل، لا ترى صديقاتها، لا تعيش حياة الشباب، لتصبح كالمرأة العجوز تجلس في ركن تنتظر..
فاتصلت به، وطلبت منه القدوم، ليضعوا حلا (ويا ليته حدا) لحياتيهما، فأخبرها أن أمه أرغمته على عدم زيارة مريم وأسرتها، فذهب الملاك الطاهر مريم ليستقصي عن السبب، لتستقبلها بنظرة حادة تنقص من مكانتها وترفض الحديث إليها.
بعد ذلك أخبرها الزوج (عار عليه هذه الكلمة) الماكر المخادع الضعيف القاسي الخبيث المنحط اليائس.. (ويا ليتني لم أنتهي من سبه وشتمه) أنه لم يكن يحبها، وأنه غلط غلطة حياته بالإرتباط بها.
تعبت مريم.. وتعب أبويها معها، كيف لا وهي في الثانية والعشرين من عمرها، ستصبح مطلقة.. وهمها، ماذا سيقول الناس عني : ربما وجدها غير عذراء.. هي لم تستطع الحفاظ على بيت الزوجية.. لا تصلح أن تكون زوجة فهي وحيدة والديها ومدللة أكثر من اللزوم، لذلك الزوج طلقها..
كيف ستصبح مريم الطاهرة البريئة الوسيمة والإنسانة بعد طلاقها، كيف ستعيش؟ وبأي وجه ستعيش. يا ليتني كنت قابلتك قبلا، فلن أسمح لدمعة واحدة من النزول من عينيك، سأحملك فوق قلبي وأطير بكي أعلى درجات السعادة، ولن تعرفي معنًا للهم والحزن.. لكن الحياة الأن مازالت أمامك، آمِنِي بشيء واحد هو : تبا لكل من لا يعرف قيمتي ولا يحترمني ولا يقدرني، فالحياة تعاش مرة واحدة في العمر وليس هنالك من شيء يمنعك من البحث من جديد، ويستحق منك الانتهاء.
هذا حال مريم، وأين المفر
10:55...2013/02/26
عبد الصمد فكري
المغرب - الدار البيضاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7


.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح




.. عرض يضم الفنون الأدائية في قطر من الرقص بالسيف إلى المسرح ال


.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل




.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع