الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى الأمام ..إلى الأمام حصاد نهاية السنة

ابراهيم زهوري

2013 / 11 / 3
الادب والفن


إلى الأمام ..إلى الأمام
حصاد نهاية السنة

إبراهيم زهوري
- "بدنا ( أي نريد ) الحلاوة ...بدنا الحلاوة " !!
هكذا إعتاد أن يتمرد وأن يحتج بحروف كلمتين عاريتين فقط ضد أهل الطالب الذي صدرت نتيجة نجاحه في امتحان الشهادة الثانوية رهط من أطفال المخيم مجتمعين كخلية نحل نشطة زاعقين صارخين بأعلى صوتهم كجوقة كورال -;-نظم للتو بغية تحقيق ما أمكن من مطلبهم المتفق عليه باﻹ-;-جماع في لحظة عنفوان حين يأتي يطرق بابهم هائجا-;- صيف كل سنة وكأن له من ضمان الشرعية ما يكفي لوحده تفسير وحشية تحدي إندفاعهم العنيدحتى تخال أنه من صميم حقهم المهدور أوالمغتصب , لايستطيع أن يردعهم في زفة اﻹ-;-نفلات العفوية هذه أحد أو أن يجرؤشخص-;-ما بزجرهم و طلب منهم الهدوء أو حتى التمني عليهم بالتحلي بقليل من الصبر , كل هذه الهمروجة اﻹ-;-حتفالية التي تنتقل دوما -;-منسابة لوحدها مستسلمة لقدر براءة الحرية مثل أشرعة زورق شط يتيم لاتسكن خريف طيبتها دروب مروج ضفاف ملتوية,سارحة ليس لها حدود دونما إعداد معقدأوتخطيط مسبق من مكان قريب إلى مكان بعيد آخر نحو مصدر التهاني والتبريكات وكأنها تصميم فرقة فرسان خيّالة تطارد طيف شبح أعيته لعنة الترحال, كاليتامى يرشدهم صوت الطبل الفاجر الرعديد حين يدعوهم فرادى وجماعات إلى ساحة الحرب طمعا-;- في غنائم إنتصاراته وهي جمع ما يستطيع أحدهم للكثير من السكاكر الصلبة والطرية يحفظهم بحرص شديد كحرص الصياد على لحم طرائده , لايبخل على أقرانه ولا يمانع على عملية تبادل مستعجلة إن تمناها غيره أحد ,يضعهم في كيس بلاستيكي أسود - بعد أن يملئ جيوبه وتنتفخ وجنتيه وتتكور من شدة القضم وروعة المضغ - كغلة تجوال أخيرةمع نهاية شمس النهارتكفيه مؤونة يومين أو ثلاثة على الأكثر , والحلوى المغلفة متنوعة تنوع أصناف الفاكهة الشهية يرغبهاولايفرّط بها إن جاءت هبة بالمعروف وتوفرت هدية بالمجان وخاصة تلك المحشوة بالكريماوالشوكولاتة مطعمة بالسمسم مختلطة بحبات البركة السوداءكتطريزة ثوب الفاتنات,وعلى الأغلب ترميها عليهم متكرمة كزخات المطر المنهمرة عندعتبة باب بيتهاالأم التي غلبها سحر ميعاد الفرح وأطارت من ثوب حيائها شرارة السعادة الغامرة كل علامات الخجل وكأنها في لحظتها الفريدة هذه تعلق لأول مرة إكليل فخر وغار تتويجا-;- لإيثار تفاني جهودها ليسجل مجد الواقعة في دفتر الذكريات العصي على -;-رقع النسيان , يرفع رأسهاعاليا -;-لتحصد حينهاورد إبتسامات اﻹ-;-عجاب وعدّة الكلام المنمق عن التقدير والتفاني من الأقارب والجيران وإشارات الحسد المخفية وغمزات الغيرة المستترة من خصومها الأباعد وهي من المؤكدأنها في لجة النشوة وعرين البهجة هاتين لا تعير اهتماما-;-واضحا-;-لما قد يجري من حولها قد يدفع في اتجاه تفاقم مثل صغائر هذه الأمور فليس من السهولة أن تقع في قاع حمى الهموم مجرد فريسة ضعيفة تنهشها غيلان الزمن الأغبر , لذلك تطلق عاليا-;- وهي تدرك قمة قيمة ماهي فيهمن جوف أحشائها حبل الزغاريد طويلا-;- له ما يبرره في قاموس يأس المعذبين وتدعمه على الفور بأجمل رباعيات المواويل ,عينيها زائغتين ترجم الوجوه الجاهدة وتعري قشور النفاق البليدة , وبين الحين والآخر تناشد منصاعة لمهابة منظرحشد غير متوقع أمام الباب المفتوح على مصراعيه بأن يعلو الهتاف أكثر وأن يعاد الترداد مرارا-;- كرمى عيون المحتفى به وأهله الطامعين بارتفاع منسوب حدة الصخب إلى درجة ينافس فيها ويعلو على صوت احتفال مماثل وقريب ,ترتفعان يديها نحو الأعلى دون تردد مثل ابتهال إيمان خشوع المريد في كنف تجلي الحضرة اﻹ-;-لهية تشكر الله على وفرة نعمته التي جاءت في ريعان وقتها تماما-;-.. حينئذ تقبض أصابع بطن كفيها المحناة على ما تيسر لها من قطع الحلوى وترشهم في الهواء كرذاذ الماء في ظهيرة قيظ وكأنها بذلك تدفع العطش بعيدا-;- منزويا-;- لترتاد ينبوع ألقها أجمل الغزلان ..وبدون نداء إيعاز أو إعلان من نفير يهجم الأولاد وتتراكض أرجلهم النحيلة في كل حدب وصوب ليأخذوا نصيبهم قانعين بما توفر لهم من اللقى المنطرحة على الرمل كما سرب الحمام يحط على كومة حب, أما هذه السنة تحديدا-;- كانت الإحتفالات محض خروج عن عادة المألوف لكنها ليست بهذه الغرابة الشديدة التي يمكن أن تفسد لأصحاب الشأن مؤانسة المناسبة أو أن تنغص عليهم بهجة المتعة العلنية فقد كان على الأطفال أنفسهم أن يصموا آذانهم بمحض إرادتهم ويخرسهم عن حنجرة الهتاف تحين وثبة الترقب لينحنوا قليلا -;-إلى مستوى الركبتين يشبه تماما-;- ركوع المصلي في صلاته حتى لايسقطوا مضرجين بدمائهم ضحايا رخيصة في براثن مرمى نيران شبكة الأزيز الأحمر التي تشكلها ضاربة عرض الحائط كما يقولون زخات الرصاص المتطاير كالشرر وهم يتدافعون كنوبة التائه في صحراء, مهرولين تسبقهم علامات عدم الرضى وسيل الشتائم الساخطة , يدوسون بعضهم بعضا-;- علّ منهم من يفلح ويفوز في التقاط المقذوفات الفارغة الساخنة وهي تندس عشوائية خائبة مراوغة أصداء زوايا غبار أرجاء المكان المهجن الذي أضاع هدرا-;- وعن طيب خاطر بريق عذريته منذ أن باعت الأم لسان زحف زغاريدها بحفنة رصاصات بندقية مأجورة كاذبة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل سيبدأ پيو بالغناء بعد اكتشاف موهبته؟ ????


.. حكايتي على العربية | التونسية سارة الركباني تحترف السيرك بشع




.. الفنان درويش صيرفي: أعطيت محمد عبده 200 دانة حتى تنتشر


.. بأنامله الذهبية وصوته العذب.. الفنان درويش صيرفي يقدم موال -




.. د. مدحت العدل: فيلم -أمريكا شيكا بيكا- كان فكرتي.. وساعتها ا