الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هروب من ماضي

جواد الديوان

2013 / 11 / 4
سيرة ذاتية


تلاحقه اشباح ضحاياه في التسعينات من القرن الماضي، اضافة الى انتشار للعنف وقوده الثاروالطائفية. امضى السنوات الاخيرة خارج العراق، غسل فيها ذنوبه، وتطهر بطقوس دينية فحج البيت الحرام وتصدق وامور اخرى. ولن يعرفه احد بعد ان احرقت الحرب الاهلية الاخضر واليابس من شهود على وقائع حكم صدام ومطالبين بالثار واخرين. ويتاكد باليقين له ثقب في ذاكرة العراقيين تغادرها الشخصيات ومعالمها وتاريخها وجرائمها واثامها، واسائاتها، وتاخذ بيده احزاب السلطة ليتـسنم منصبا. ويتحقق الحلم "يتربع على راس مؤسسة". انها دعوات والدته وبره بها، هكذا حدث نفسه مرارا، وشكر الله كثيرا.
مثلا لم يحلم يوما برئاسة جلسة يحدد فيها وقتا للمتكلمين من كبار القوم او علمائه، و قد يطلب من احدهم ان يكتفي من مداخلاته او ليسكت عن موضوع. "عصامي" قالها بصوت عال، كلمة تليق به وتصفه، فقد بنى نفسه بنفسه، وانتشى حال قراءة الاوامر والتعليمات وتوضح اسناد المهمة له، ويردد امام ضيوفه قول النابغة الذبياني ممتدحا ذكاء الشاعر وحلمه وقابلياته:
نفس عصام سودت عصاما وعلمته الكر والاقداما
وتزاحم نشوته ذكريات من سنواته السابقة, ايامها تمر الاعوام، وهو يرتعد خوفا امام المسؤول الفني وكذلك الاداري او السياسي (الحزبي)، ولم يستطع التواصل معهم بالنظر. يقف مثل التلميذ، ويتصنع الضعف والانكسار ليقدم الاحترام، وليشعر المسؤول بالقوة والسطوة والهيبة. يضع يداه على صدره، وخط نظره يتصل بالارض مباشرة وتحت قدميه، وهو يستمع للنصائح والاوامر والارشادات والانتقادات يرافقها التهديد والوعيد، وربما بذاءات هولاء المسؤولين. يبدا الكلام بالاستاذ، كلمة تتكرر متناثرة بين الجمل، وكلماته الاخرى المبعثرة عندما يوضح او يجيب على سؤال، وتزداد الحالة سوءا بدفاعه عن نفسه او بتقديم اعذار.
يدعو الله ليتجنب تلك المواقف، او على الاقل يقل زمن استمرارها، ولا يطول وقوفه بين يدي الاستاذ. وبعضهن تـنتبه للضعف والذل، مع الحيرة، ربما لانه من محافظة ... او هذا هو الاسلوب الامثل للنجاح في الحياة العملية والعلمية، وياخذن منه موضوعا للتندر والقصص المبالغ فيها. ويتوسل للائمة الاطهار لتجنبه تلك المواقف، فهو يتصبب عرقا خلالها حتى في الشتاء من التوتر والاضطراب، ويلاحظه كل من حوله.
تاكد بشكل قاطع من محاولات المسؤولين ليبقوه فترات اطول، او ربما تمتعوا باضطرابه وتوتره وضعفه وخوفه. "ساديون" ردد في سره مرات، لذتهم بالم الاخرين ومعاناتهم. اضحى متاكدا بعد ان ساورته الشكوك حول تكرار المواقف بوجود نساء، سكرتيرات ومتدربات او موظفات بعناوين كثيرة. لاطفته احداهن في قراءة وتكرار ابيات للجواهري منها:
لم يعرفوا لون السماء لفرط ما انحنت الرقاب
ولفرط ما ديست رؤوسهم كما ديس التراب
تيقن انها تسخر منه، وتشجع غيرها كذلك. لعنها سرا، كما صب جم غضبه على الشاعر. وحيرته صورة ترسمها الابيات بدقة متناهية. ترى هل عرفت الفتيات بانفعالاته ذليلا امام ...، "لا فالجواهري حالة خاصة". يقنع نفسه بذكاء الشاعر او بعواطفه، ولكن للمتدربات وللموظفات ولغيرهن هموم اخرى في الحياة. وزاحمت ذكرياته الفرح برئاسة الجلسة! ويفشل ان يمثل بطل النابغة الذبياني فلم تعلمه نفسه الكر والاقداما.
في حياته اجتاز الامتحانات والمطبات بسهولة ويسر، فلم يجد اساتذته فيه منافسا لهم في المهنة. وتاكدوا من ضعف قدراته في اتخاذ قرارات علمية وعملية، يتحمل معها مسؤولية اكبر. يتردد في وصف الاحداث! وينتظر تكامل ظهور الصورة ليسمي الاحداث بمسمياتها. وهكذا يفضلونه الاساتذة عن اخر يقدم وصفا للاجزاء الناقصة من الصورة، لينطق باسم الحدث، محددا ذلك بكل دقة مع الادلة والاستنتاج، ويجذب انظار الناس عندها. كما يعرف اساتذته بانه لا يحبذ الظهور العلني ولا لعب دور الاول او الناجح والرابح، ولا يملك الشجاعة المطلوبة لخوض مغامرة. فهو الافضل من الاخرين، فقد تغير زمن النابغة الذبياني، واختفى الكر والاقداما فعليا دون معانيها.
في حياته العملية، تمنى لو يبتعد عنه منافسيه في التملق والخضوع وتقديم الولاء والطاعة، كما ود لو اختفى من امامه الاذكياء وكذلك الشجعان. وتمنى لو لم ينافسه احد على قلب فتاة!. ونصحه بعضهم ان يتحدث بصوت خافت ومنخفض عن ازدراء هؤلاء للولاة والحكام وعبيد الله في السلطة. لم يشعر وقتها بالاثم ولا الذنب لاختفاء الاخرين، المهم تربعه على هذا المنصب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الصين.. بوتين بحاجة لدعم كيم | #سوشال_سكاي


.. 9 دول حدّثت أسلحتها النووية وتأهبت.. وخوف من كارثة مقبلة




.. الجيش الإسرائيلي: نسيطر على 70% من مدينة رفح


.. غارة تستهدف منزلاً ببلدة ميس الجبل جنوبي لبنان




.. قراءة عسكرية| ما غاية التوغل الإسرائيلي غرب وجنوب مدينة رفح؟