الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنى أتهم: الحكومة و-المدبلجين- وغيرهم

محمد السعدنى

2013 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


قد يحيلنا العنوان إلى رسالة الكاتب الفرنسى الشهير إميل زولا "إنى أتهم" لرئيس جمهوريته "فيليكس فور" بشأن الضابط اليهودى "دريفوس" الذى أدين ظلماً بالتجسس لصالح ألمانيا وجرد من رتبته ونفى إلى جزيرة الشيطان.
حين لاذ بالصمت كبار الكتاب والمثقفين من معاصريه، أمثال بلزاك، جى دى موباسان وجوستاف فلوبير، تقدم إميل زولا مجازفاً ونشر رسالته بجريدة الفجر "L’AURORE" متهماً سلطات الدولة بأنها أدانت بريئاً لتبرأ مجرماً، معتمدة أدلة ملفقة وظفتها سياسياً لإرضاء إئتلافات وحركات وجماعات المعادين للسامية، الذين شكلوا بمظاهراتهم ومسيراتهم ضغطاً على الحكومة الضعيفة، فأرادت استرضائهم ومصالحتهم على حساب الحق والعدل والحرية. والقياس هنا مع الفارق، إذ أتخذ من رسالة "زولا" مدخلاً لمناقشة المسئولية السياسية لكل من نخبتنا الحاكمة، وتلك الناشطة فى الفضاء العمومى للدولة، وقد جاءت مواقفهم والتزاماتهم الأخلاقية تجاه وطننا المأزوم متأرجحة مابين الإنتهاز والنفاق والتردد وانحسار الرؤية ومغازلة الجماهير، والتحسب لرد الفعل الدولى المغرض، فتحولت بهم السبل إلى وكلاء للمصالح الأمريكية والغربية فى الحكومة وخارجها، أو محرضين على غياب بوصلة العمل الوطنى وتعطيلها ، كما لو كانوا "نواطير" الحراسة للهياكل والنظم السياسية الفاشلة والمنظمات الدولية الممولة، كما يقول عالم الاجتماع الفرنسى "بيير بورديو"، وقادهم النزق إلى حد الإصطفاف مع الإرهابيين وركوب موجاتهم المخاتلة الخرقاء. ترتفع أصواتهم "المدبلجة" بطلب المصالحة مع تنظيمات الإخوان بدوافع ملفقة عن الإنسانية والديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما تخرص أصواتهم عن إدانة عمليات الإجرام والعمالة للتنظيم الدولى والتأسيس للفوضى فى الجامعات والمدارس والمساجد والكنائس والميادين والمواصلات العامة ومنشآت الدولة والملكيات الخاصة بالمواطنين المغلوبين على أمرهم أمام حكومة عاجزة، أتهمها الآن: بالتواطؤ. إنى أتهم، فهل تسمع يا د.زياد بهاء الدين، يامن وعدت ببذل أقصى الطاقة لعدم صدور قانون تنظيم التظاهر، فهل أنت راض عن إغتيال البراءة فى كنيسة الوراق بعد حرق خمسة وسبعين كنيسة قبلها، أويعجبك القرصنة على جامعة الأزهر، وكأنك ود.الببلاوى ود. أحمد البرعى تقدمون أرواح المصريين ودمائهم على المذبح فداءً للرضى الأمريكى وبقاء الحكومة، أليس فى القتل العامد والممنهج للمسيحيين من شركاء الوطن جريمة تهدد أمننا القومى؟. وربما لاتدرون أنكم فقدتم بالفعل ثقة الناس وحزتم كما حكومتى شرف وهشام قنديل غضب الشعب وارتيابه في سياساتكم الغريبة الباهتة.
يتحدث الكثيرون من البلهاء والسذج كما يتخندق المغامرون والواعون لما يفعلونه، سواء بحس النية أو عكسها، ويجيشون أنفسهم ضد قانون تنظيم التظاهر، وكأننا نرفل فى بلهنية العيش الآمن بفضل مظاهرات صبية الإخوان المأفونين المتآمرين وإجرامهم. ماذا تنتظر يادكتور ببلاوى ونائبك حتى توقف مهزلة تردد الفعل الحومى وترديه مقابل إجرام الإخوان وإرهابهم، ألا يؤثر ذلك على السياحة والاستثمار والتنمية والإنتاج؟! أم هذه ليست من مكونات الإقتصاد المسئولة عنه هذه الحكومة العاجزة؟!
مابالكم لاتتحركون ولا حتى تقرأون، وكتب لكم كثيرون، ومقالاتى "فى الفكر والسياسة" ومنذ ثورة يناير شاهدة أننا تنبأنا بما يحدث الآن وقدمنا كثيراً من الحلول والأفكار، ولا تهتز لكم قصبة بينما لم يعد فى قوس صبر الناس منزع، كما يقول التراث العربى، أم أنكم لاتفهمون إلا بالإنجليزية، وعلينا أن نكتب لكم بها لعلكم تتحركون. هل يدفعكم للإرتعاش ويخيفكم مايكتبه البعض إدعاء باسم حقوق الإنسان والديمقراطية والمصالحة؟! ألا تعرفون أنهم يؤجرون خدماتهم لأعتى المؤسسات رجعية وإرجافاً وتآمر؟!
القضية لم تعد قانون تظاهر أوغيره، إنما هى الإرادة السياسية الغائبة. أو لنعلنها بوضوح: إنها محاولات إحراج الفريق السيسى الذى فوضه الشعب ليحميه من الإرهاب، بينما بهاء الدين ووراءه جيش من تلاميذ البرادعى و"المدبلجون" يعرقلون المسيرة، وأنتم تصغون لهم وهم طبعة أمريكية ناطقة بالعربية المكسرة، طبعة مدبلجة يصعب تمصيرها.
نعم إنى أتهم، وهى صيحتى كما قال زولا فى رسالته: "إنها صرخة احتجاج نارية، ذلك أن لدى شغف لتنوير الذين تم حجبهم فى الظلام وعلينا بالدافع الوطنى أن نحمى ونساعد الذين عانوا كثيراً وآن لهم التمتع بالسعادة والهدوء"، وكأن كلماته هنا تحيلنا لممارسات جماعة الإخوان الذين تم حجب خمسة أجيال منهم فى ظلام تنظيمهم الدولى، ولازالوا يروعون الناس وعلينا أن نحمى الشعب لينعم بالحياة بعيداً عن إرهابهم.
وأنظروا مايقوله زولا أيضاً عن مجموعته القصصية "روجون – ماكار" التى قدمها مع بدايات الجمهورية الفرنسية الثالثة والتى تتبع فيها خمسة أجيال من عائلة واحدة، فيها المحترمون "Rougon" وسيئ السمعة "Macquarts"، وقد وصفهم بقوله" "أريد أن أصور في بداية عهد الحرية وتلمس الحقيقة جماعة لا يمكنها أن تمارس ضبط النفس في اندفاعها الإنتهازى لامتلاك كل الأشياء الجيدة التي يتيحها لها التقدم، فتخرج عن مسارها بسبب زخم الحياة حولها والانقباضات القاتلة التي ترافق ولادة نظام جديد ". وكأنه يكتب عن أحوالنا، ولازلت أتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل