الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشرشل والقضاء وكوتا الايزيدية

خدر شنكالى

2013 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


تشرشل والقضاء وكوتا الايزيدية

من المتعارف عليه والمعمول به في اغلب الانظمة السياسية المعاصرة ، ان هناك سلطات ثلاثة ( تشريعية ، تنفيذية وقضائية ) تقوم بمهام ادارة الدولة كل حسب اختصاصاتها التي يحددها الدستور باعتبار الاخير هو اعلى واسمى قانون في الدولة ، فالسلطة التشريعية تقوم بتشريع القوانين عن طريق ممثلي الشعب الموجودين في البرلمان وباعتبار ان الشعب هو المصدر الرئيسي للتشريع ، بالاضافة الى مهامها في مراقبة وعمل السلطة التنفيذية ، والسلطة التنفيذية تقوم بتنفيذ القوانين التي تصدرها او تشرعها السلطة التشريعية اضافة الى مهامها الاخرى كتشغيل وادارة المرافق العامة ووضع السياسة العامة للدولة ، اما السلطة القضائية فهي سلطة مستقلة عن السلطات الاخرى ومهامها تطبيق القوانين والقرارات التي تصدر من السلطتين التشريعية والتنفيذية ، بل ان اهم واجب مقدس يقع على عاتق هذه السلطة هو مراقبة القوانين والقرارات التي تصدرها السلطتين التنفيذية والتشريعية ومدى تطابقها مع الدستور ، ولكي نكون امام دولة قانونية يجب ان تتمتع السلطة القضائية باستقلال تام عن السلطات الاخرى ولايجوز التدخل في شؤونها باي شكل من الاشكال ، وان درجة التقدم والتطور لاي دولة ومدى تمتع شعوبها بحقوقها تقاس بمدى التزامها بسيادة القانون ، وهنا نتذكر القول الشهير لرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل اثناء الحرب العالمية الثانية وعندما كانت الطائرات الالمانية تقصف العاصمة البريطانية لندن بشكل عنيف ، فسأل عن وضع بلاده فاجاب ( طالما القضاء بخير فان البلد بخير ) ، وفي موقف آخر له ، وعندما امرت المحكمة بنقل احدى المطارات العسكرية لانها كانت قريبة من المناطق السكنية مما يشكل خطرا على حياة السكان ، فعندما سأل تشرشل عن المدة المتبقية من تنفيذ الحكم فاجابوه ( 48 ) ساعة فقط ، فقد امر تشرشل بنقل المطار فورا وقال جملته المشهورة ( خير لبريطانيا ان تخسر الحرب لا ان تتوقف عن تنفيذ حكم قضائي ويخسر القضاء البريطاني هيبته ) .
هكذا كان العظماء ينظرون الى القانون علما ان بريطانيا العظمى لحد اليوم لاتمتلك دستورا مكتوبا وانما مجموعة من الاعراف والتقاليد التي استمر العمل بها لسنوات طويلة حتى اصبحت قواعد عرفية ملزمة او ما يسمى بالدستور العرفي .
فما بالك بالعراق الجديد ، العراق الجمهوري النيابي ( البرلماني ) الديمقراطي الاتحادي الموحد (( هكذا جاء في الدستور )) الذي يمتلك دستورا طويلا وميزانية ضخمة ومؤسسات وهيئات لاتعد ولاتحصى ومسؤولين بحقوق وامتيازات هي الاكثر في جميع دول العالم المتحضرة ، ولكن نتيجة لغياب القانون وعدم احترام هذه المؤسسات والهيئات ( بما فيها السلطتين التشريعية والتنفيذية ) للقانون والدستور ، فان الدولة العراقية ستبقى في حالة من الفوضى السياسية والاجتماعية وعدم الاستقرار ومزيد من الانفلات الامني وبالتالي انهيار البلد ، وان الاقليات هم الشريحة الاكثر تضررا في هذه الحالة لان القانون هو الملجأ الوحيد لهم عند تعرضهم للغبن والظلم ومصادرة حقوقهم المشروعة .
ان الاجحاف والغبن المستمر بحق الايزيدية ، احدى المكونات الاساسية للشعب العراقي والكوردستاني بصورة خاصة وحرمانها من حقوقها الدستورية والقانونية المشروعة لخير مثال على غياب دور القانون في المنظومة السياسية العراقية باكملها ، وان التجاهل المتعمد من قبل السلطة التشريعية العراقية في منح المكون الايزيدي مقاعد برلمانية ( كوتا ) وبما يتناسب مع كثافتهم السكانية يعتبر تجاوزا كبيرا على القانون والدستور بل وسابقة خطيرة في هضم حقوق الاقليات وتهدد العملية الديمقراطية في العراق ، مما يستوجب على المحكمة الاتحادية التي تمثل السلطة القضائية في العراق التدخل والقيام بواجبها المقدس في مراقبة عمل البرلمان والتأكيد على قرارها المرقم 11 لسنة 2010 والزام البرلمان بضرورة صياغة النص القانوني وبما يتفق مع قرار المحكمة الاتحادية العليا بوجوب منح المكون الايزيدي المقاعد البرلمانية التي يستحقه وحسب الاليات المعتمدة ، وان المحكمة الاتحادية العليا هي الجهة المختصة بالرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة وان قراراتها باته اي قطعية وملزمة لكافة السلطات منها السلطة التشريعية ، وان اي اتفاق او مساومة من قبل الكتل السياسية على حساب قرار المحكمة وبما يخالفه او ينقص من قيمته يعتبر باطلة اساسا استنادا الى المادة ( 49 ) من الدستور وبدلالة المواد ( 13 و 93 و 94 و 88 ) منه ، كما ان مسألة زيادة المقاعد البرلمانية حسب الزيادة السكانية ليست لها اية علاقة بزيادة عدد مقاعد كوتا الايزيدية ، لان المسألة الاخيرة محسومة بقرار قضائي قطعي صادر من اعلى جهة قضائية ورقابية في العراق وهي المحكمة الاتحادية العليا ، ولايحق لاي شخص او اية جهة المساومة او التنازل عن الحقوق المكتسبة للمكون الايزيدي بموجب هذه القرار او نيابة عنهم .
وفي الختام نقول ، قد لاتعطي عمالقة وفحول السياسة في العراق اي اهمية لهذه الكتابات البسيطة التي تنشر على صفحات النت وغيرها من وسائل الاعلام المختلفة ، لان هذا ليس بالشيء الغريب في دولة لاتحترم القانون والقضاء ، ولكن تبقى للكلمة قيمتها وللاعلام دوره الفاعل في تغيير الانظمة والمجتمعات ويبقى القانون ( كما قال تشرشل ) هو الضامن لتماسك واستقرار اي بلد وميزان تقدمه وهيبته وسلامة ونجاح نظامه الديمقراطي .

الحقوقي
خدر شنكالى










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو