الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة ..تعريفها..أنواعها..نشأتها..نقدها (الجزء الثالث)

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2013 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية




: الحركة المناهضة للعولمة
لم تنبثق العولمة كاسم من مناهضيها وخصومها، " فالذين امتدحوها هم أنفسهم الذين سمّوها عولمة وفرضوها خصوصاً على اليسار السياسي من خلال اللعب على النزعة الإنسانية القديمة في الوصول إلى المواطنة العالمية. والإعلام الحصيف هو الذي شدّد باستمرار على أن لا مفرّ من العولمة. وإن أشباه الفلاسفة من دعاة الحداثة هم الذين شرّعوا طابعها الايجابي المفترض".
العولمة كاسم كانت نتاج عقل منظري رأس المال ومؤسساته الدولية ومنظري البنتاغون، و سبقها قبل أن تصبح اسماً متداولاً في الكتابات ووسائل الأعلام حملة تضليل واسعة النطاق منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي.كان اشهرها ولأكثر تضليلاً ونفاقا الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب عشيت ما عرف بحرب"تحرير" الكويت أو عاصفة الصحراء أمام الكونغرس الأمريكي عندما تحدث عن >>نظام عالمي جديد: عصر جديد أكثر تحرراً من التهديد بالرعب، وأقوى في السعي وراء العدالة، واضمن في البحث عن السلام، عصر يمكن أن تزدهر فيه وتعيش في انسجام أمم العالم جميعها، في الشرق والغرب كما في الشمال والجنوب. مئة جيل بحت عن طريق السلام هذا المتعذر إيجاده،في حين عاثت ألف حرب فساداً على امتداد المجهود البشري. وهذا العالم الجديد يكافح اليوم لكي يولد.
الليبرالية الجديدة والعولمة.
وما يجمع الليبرالية الجديدة للقرن التاسع عشر مع الليبرالية الجديدة للقرن العشرين هو موقفها من دور الدولة التدخلي في الحياة الاقتصادية والحرية المطلقة لرأس المال. وما يفرقهما هو أن مذهب الليبرالية الجديدة للقرن التاسع عشر جاء في الطور الليبرالي للبورجوازية الصاعدة بينما الليبرالية الجديدة للقرن العشرين جاءت في الطور الإمبريالي للبورجوازية وفي ظل أزمة اقتصادية أدخلت جميع البلدان الرأسمالية المتقدمة في حالة كساد عميقة، جامعة لأول مرة معدل نمو منخفض مع معدل تضخم مرتفع. (أزمة السبعينيات من القرن الماضي).
يقوم مذهب الليبرالية الجديدة على ثلاثة أقانيم حسب منظريها:
1- تخفيف مستوى تدخل الدولة في الاقتصاد وتقليص نفقاتها العامة واقتطاعاتها الضريبية المخصصة لتمويل البرامج الاجتماعية.وهذا يشمل الصحة،التعليم، النقل، الطاقة، الاتصالات، والثقافة..الخ.
2- إطلاق المبادرة الخاصة وتحجيم القطاع العام عن طريق تعميم الخصخصة(بما فيها مياه الشرب) وتأمين مرونة اكبر لسوق العمل بما في ذلك إباحة التسريح والعمل الجزئي أو المؤقت بما يتيح خلق جيش احتياطي من العاملين.
3- إطلاق الحرية المطلقة ورفع الحواجز التي تعوق حرية تنقل رأس المال أو استثماره أو سحبه.


تأثير العولمة الدولي واعادة هيكلته لمقتضيات حاجة و مصلحة قمم راس المال العالمي:
• الشركات المتعددة الجنسيات.
الشركات العابرة للقارات أو متعددة الجنسيات. هذه الشركات (العملاقة منها تحديداً و التي يقدر عددها على الصعيد العالمي بحوالي مئة شركة) أصبحت ليس فقط متحكمة بالاقتصاد العالمي من خلال المؤسسات المالية الدولية ( البنك الدولي، صندوق النقد الدولي..الخ) وإنما بالسياسة العالمية من خلال التحكم بالبرلمانات التي تسن القوانين التي ترتأيها هذه الشركات أو التحكم بالحكومات من اجل الدفاع عن مصالحها أو إزالة كل ما من شأنه إعاقة عملها واستثماراتها عبر العمل السياسي أو عبر العمل العسكري إذا اقتضى الأمر وهو ما أصبح يعرف اليوم بالعولمة العسكرية.
• ثورة الاتصالات.
العولمة لم تكن نتاج التطور العاصف وثورة الاتصالات والمعلومات وإنما شكلت هذه الثورة في الاتصالات واحدة من المجالات التي تم توظيفها لمزيد من تركيز ومركزة رأس المال. ويكفي أن نعلم أن المستفيدين من هذه الثورة لا يتعدى حتى اليوم وبعد عقد ونيف على انطلاقة العولمة سوى عدد قليل من السكان.( 10% من سكان العالم يستخدمون الانترنيت والثورة الرقمية80% منهم في الدول الغنية).
• عالم أحادي القطب.
مع سقوط المعسكر " الاشتراكي" وتفكك الاتحاد السوفييتي أصبحت الفرصة مهيأة لقوى رأس المال لإعادة صياغة العالم وفقاً لاحتياجاته ومصلحته، وهو شيء ليس جديداً في تاريخ رأس المال.
• العسكرة والصراع على الهيمنة.
كان يمكن للمراكز الإمبريالية بعد سقوط المعسكر" الاشتراكي" أن تدخل في تنافس اقتصادي لاحتواء وتقاسم العالم وفق أجندة الليبرالية الجديدة، ولكن أزمة الرأسمالية الأمريكية( المديونية، انخفاض دخل المواطن الأمريكي بنسبة 40% مابين عام 1980 وعام 1995) وصعود أوروبا الموحدة( وبشكل خاص بعد توحيد ألمانيا) هدد الهيمنة التي تمتعت بها الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية. هكذا شهدنا حروب إقليمية بأهداف عالمية لاسيما بعد أن أصبح مستبعداً الصدام العسكري المباشر بين المراكز الإمبريالية.
• الارهاب وارادته في السيطرة على العالم من خلال الاسلحة المتطورة

ولادة الحركة بداية بزوغ آمل جديد لإنسانية المناهضة للعولمة....
1- ولدت حركة عالمية مناهضة للعولمة وصفتها صحيفة "نيويورك تايمز" بعد تظاهرات 15 شباط 2003 احتجاجاً على التهديدات الأمريكية بغزو العراق بأنها القوة العظمى الوحيدة في مواجهة الولايات المتحدة.
2- ولادة حركة أممية يمكن أن تشكل أداة تماسك وتضامن بين الشعوب والأمم الديمقراطية كما تشكل وسيلة ناجعة للكفاح الاجتماعي في مواجهة العولمة وبناء عالم آخر يقطع مع عالم رأس المال، عالم متعدد وديمقراطي و لامركزي، يقوم على التعاون والشراكة في موارد الكوكب ومهاراته.
ماذا نناهض؟؟؟؟
- أن نناهض الطور الجديد للرأسمالية وكل افرازاتها، العسكرة والقواعد العسكرية، الحرب، العنصرية.
- أن نناهض التمييز بكافة أشكاله- التمييز القومي، التمييز العرقي، التمييز الجنسي-..الخ.
- أن نناهض اللامساواة في توزيع ثروة الكوكب الذي نعيش عليه- الفقر، المرض، التهميش.
- أن نناهض التحكم في مقدرات الأمم والشعوب من قبل حفنة من طغم رأس المال، الفوارق الطبقية التي تتسع سواء داخل كل بلد أو بين البلدان المتنافسة.
- أن نناهض تدميراً للبيئة التي تحتضننا وتحويلها إلى وسيلة للربح وتكديس الثروة.
- أن نناهض تخلي الدولة عن واجباتها اتجاه مواطنيها في تأمين الحقوق الأساسية، التعليم، الصحة، النقل، السكن، الغذاء، والعناية بالأمومة والصحة الجنسية لدى كل النساء..الخ.
- أن نناهض تحويل الدولة إلى شرطي يؤمن فقط حرية تحرك رأس المال واستثماراته.
- أن نناهض الديون التي تثقل كاهل بلدان الجنوب نتاج قرنين من النهب الاستعماري واللاتكافؤ في العلاقات التجارية.
- أن نناهض كافة أشكال الديكتاتورية سواء ديكتاتورية القطب الواحد على الصعيد العالمي أو ديكتاتورية الأنظمة المحلية والتي تشكل الأرض الخصبة لتمدد العولمة وخدمة سياساتها.
- أن نناهض سحق الهويات القومية وتغول الثقافة الأمريكية وتحطيم الدول الوطنية وتفتيتها إلى كيانات عرقية واثنية وطائفية ليعاد توحيدها تحت سلطة رأس المال الإمبراطوري العالمي.
- أن نناهض الاحتلال في فلسطين والعراق وكل أشكال التهديدات العسكرية التي تتعرض لها المنطقة العربية في لبنان أو سورية أو إيران.
المنطقة العربية والعولمة
لا أجد حاجة لشرح النتائج الكارثية التي لحقت أو التي ستلحق بالمنطقة العربية جراء هجوم العولمة العسكرية وما يمكن أن يترتب عليها إذا ما حققت أهدافها كاملة.
إن ما جعل المنطقة العربية هي الهدف الرئيس للعولمة العسكرية يكمن في:
1- النفط والصراع على الهيمنة. فقد شكل وجود المنطقة العربية وجوارها فوق خزان الطاقة العالمي (النفط) واحداً من الأسباب الرئيسة للهجوم العسكري المعولم.
2- وجود "دولة" إسرائيل كأحد أعمدة العولمة العسكرية واقتناص اللحظة التاريخية لفرض الدولة الصهيونية في المنطقة كدولة وحيدة مالكة للقوة العسكرية والاقتصادية.
3- استسهال قوى العولمة السيطرة على المنطقة وإعادة ترتيبها وفق أجندتها في ظل وجود أنظمة ديكتاتورية فاسدة و مكروهة من شعوبها عملت كل ما في وسعها خلال عقود لحرمان هذه الشعوب من المشاركة في تقرير مصيرها.

في ظل هذه الشروط التي تخضع لها المنطقة العربية لن تجد الشعوب العربية مفراً من مواجهة شرسة وقاسية مع قوى العولمة وستدفع الكثير في هذه المواجهة، ولكن ما ستدفعه من خلال المواجهة سيكون اقل بكثير مما ستدفعه في حال استسلمت لقوى العولمة أو أخذت بنصيحة أولئك الداعين للانخراط فيها أو التكيف معها.
نقد العولمة الـجــديــدة والدعـوة إلـى عولمة بديلة: بانهيار الاتحاد السوفياتي وتفكك النظام الاشتراكي الدولي واختفائهما وإعادة هيكلة العالم وتوحيده مجدداً على أساس السوق وخلال سنوات معدودة طوي قرن من انقسام العالم إلى شرق وغرب إلى اشتراكية ورأسمالية.

مرحلة جديدة من عولمة السوق

كان الهدف من التدويل الامبريالي التحكم في مصادر المواد الأولية الاستراتيجية كالحديد والفحم والنفط والنحاس والبوكسايت (خام الألومينوم) وغيرها توسيع الأسواق القطرية وإقامة أسواق إقليمية وربط الأولى بالثانية وتشكيل أسواق دولية مترابطة. تمثلت في التمركز الرأسي والاندماج في الفروع الصناعية والقطاعات الاقتصلدية الرئيسة، وفي التوسع الجغرافي إقليميا ودوليا بحيث تحقق الرأسمالية "تعولمها" (أي تحولها إلى العالمية).
تواصلت هذه العملية حتى الحرب العالمية الأولى حتى بدا العالم آنذاك قيد التحول إلى سوق عالمية موحدة. لكن اندلاع ثورة أوكتوبر في سنة 1917 وإقامة الاتحاد السوفياتي حالا دون تواصل العملية.

نقد العولمة

يتعرض نظام العولمة الراهنة إلى نقد أو تنديد من حركات شتى مناهضة لها في شمال الكرة الأرضية وجنوبها من ملايين العمال الفنيين والمهندسين والمختصين الأخرين ومن قادة الفلاحين والمزارعين والعمال والنقابيين فضلاً عن النساء.
1- تقليص دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي وطرح القطاع الخاص بديلاً عن القطاع العام وتصفية القطاع العام الصناعي والإنشائي والخدمي.
2- وتقليص الاستثمار العام والغاء نظم الحماية الصناعية
3- رفع أسعار الوقود والكهرباء
4- إخضاع القطاع التعاوني لقوانين السوق
5- وقف التعيين في الوظائف العامة الفنية والإدارية قد أدى إلى تعطيل عملية النمو الاقتصادي ونشر البطالة وتفاقم الفجوة بين الأجور والأسعار
6- بروز ظاهرة الاحتكار الاقتصادي
7- تقويض الخدمات الاجتماعية ولاسيما التعليم والصحة والسكن




المصادر:
------------------
1- العولمة –دراسة تحليلية نقدية – د. عبد الله عثمان التوم ---د.عبد الرؤوف محمد آدم – دار الوراق لندن 1999








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات