الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خصوصية الثقافة العربية

حسين عوض

2013 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لكل أمة ثقافتها التي تتمثل في نهوضها وتطورها, وتعتبر طاقة الابداع للنشاط الانساني في المجال الفكري والأدبي والاجتماعي.
الثقافة هي ابداع وابتكاروتتمثل الخصوصية الثقافية في العالم العربي من خلال اللغة العربية والمعتقدات الروحية والمسلكيات الاجتماعية والفنية وانماط الحياة, وتأسست الثقافة العربية في عصر التدوين منذ اربعة عشرقرنا العصر الذي يشكل الاطار المرجعي للعقل العربي, وهناك تهمة حول علاقة العرب بلغتهم بأن الثقافة العربية شكلية لا تميل إلى المضمون .
إن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم ولغة التخاطب والتواصل والكتابة والفن ولغة الشعر والقصة والرواية, ويضاف اليها الموروث الشعبي المعرفي.
وفي كتاب البرت حوراني (الفكر العربي في عصر النهضة) يقول العرب اشد شعوب الأرض إحساسا بلغتهم, ويقول الكاتب الجزائري المفكر الاسلامي الكبير مالك بن نبي (إن الكلمة لمن روح القدس, أنها تساهم إلى حد بعيد في خلق الظاهرة الاجتماعية, فهي ذات وقع في ضمير الفرد شديد, إذ تدخل إلى سويداء قلبه, فتستقر معانيها فيه, لتحوله إلى إنسان ذي مبدأ ورسالة...).
تتسم الثقافة العربية بسمة الثبات, سمة الثبات فيما يتعلق بالمصادر, من عقائد وتشريعات وقيم ومناهج, وسمة التغيير في ما يتعلق باجتهادات المسلمين على اختلافها, الأمر الذي يجعل منها دينا ومنهجا للحياة لأن الأمة العربية صارعت في الماضي الكثير من الإمبراطوريات الكبيرة, واتسعت جغرافيتها نتيجة الفتوحات الإسلامية.
لقد تعرضت المنطقة العربية إلى هجمات صليبية واجتياح المغول وتقويض الخلافة العباسية, وأعقبها السيطرة التركية على العالم العربي بعد سقوط الأندلس, وفي العقد الثاني من القرن العشرين الاستعمار الأوروبي, وبعد الحرب العالمية الثانية الاحتلال اسرائيلي لفلسطين عام 1948, وأعقب هذه المرحلة استقلال بعض الدول العربية التي كرست الأستبداد والفساد من خلال الانقلابات وحكم العسكر, ومع ظهور هذه الأنظمة بدأت تتكرس ثقافة تلونت بالهزائم والاندحار والانقلابات العسكرية التي خلفت التخلف على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على امتداد عقود.
لم تنعم الشعوب العربية بالاستقرار والديمقراطية وإنما تكرست سياسة التوريث والنظام العشائري في الدول العربية, وأدى ذلك إلى استقواء اسرائيل وتفوقها على كل الأنظمة العربية مدعمة من الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الغربي, وتتحمل الأحزاب العربية بكوادرها وكتابها ومثقفيها مسؤولية كبيرة فيما وصلت إليه الدول العربية من تخلف وفساد وقمع للحريات نتيجة صمتها وسكوتها على على سياسة الأنطمة الديكتاتورية.
تبدو الخشية على ثقافتنا العربية, أمرا حيويا في مرحلة عصر العولمة, وذلك نظرا لجسامة التحديات التي تواجهها كأمة وهوية وثقافة, وخاصة أن الثقافة تشكل أهم خصائص الأمم وتعتبر روح الأمة وهويتها, بما تحويه من عناصر اللغة والعادات والتقاليد وغيرها من الخصائص التي تشكل في نهاية المطاف هوية الأمة, وبالرغم من كل التيارات الغربية العاتية, ورغم تأثر الثقافة العربية بها, إلا أنه لا يمكننا أبدا تجاهل أن هذه الثقافة العربية ظلت رغم كل ذلك الحاضن الأساسي لشخصية الأمة, والموجهة لسلوكها ما يدل على مكانتها رغم كل ما أصابها من تصدعات على مدى التاريخ, وهناك مفكرون عرب يطالبون بالعقلنة, ويعتبرون الثقافة العربية متخلفة بسب غياب العقل, ويتمثل هذا التيار العقلاني ب (شبلي الشميل وفرح انطون وسلامه موسى واسماعيل مظهر وقاسم امين وقسطنطين زريق...
أما الجانب السلبي في الثقافة العربية يتمثل بالدغمائية والذكورية والسلطوية وانعكاس ذلك على الأصعدة الاجتماعية والسياسية والفكرية.
على الصعيد الاجتماعي تبرز سلطة الأب في الأسرة, وسيطرة الرجل على المرأة وتغييب دورها في العديد من المجتمعات العربية, ويقتصر دورها على الانجاب وتربية الأطفال.
على الصعيد السياسي فشل القيادات السياسية الحاكمة وعجز الأحزاب السياسية العربية المعارضة والموالية من أخذ دورها في تحقيق الحياة الكريمة لشعوبها.
على الصعيد الفكري التضييق على حرية الرأي والفكر والرقابة الحكومية البوليسية على الصحافة والنشر, وسياسة التهديد والترغيب للكتاب والصحفين والفنانين, وادى ذلك إلى تراجع الانتاج الثقافي وفساد المشرفين على الثقافة والفن مما دفع إلى هجرة العقول العربية للعالم الأمريكي والأوروبي.
أدى تكريس سياسة الأنظمة الشمولية في العالم العربي على مدار سبعة عقود إلى ثقافة تحمل في مضمونها انهيار شبه كامل للانسان العربي نتيجة مصادرة هذه الأنظمة للحريات الديمقراطية وممارستها ابشع انواع العنف والقتل والاعتقال والخطف والتهجير و تشكل هذه الأنظمة اليوم عقبة أمام تطورالمجتمعات العربية على كافة الأصعدة وانعكاس هذا التطور على الثقافة, وفي ظل الأنظمة الشمولية والتوريثية فالعالم العربي بحاجة إلى البدء ببناء ثقافة الأمة والمجتمع بدلا من ثقافة القائد, ويستدعي ذلك مناهج تعليمية تربوية هدفها التخلص من الأمراض التي حطمت دور الأمة على الصعيدين الداخلي والخارجي, ولا يتم ذلك إلا بالخلاص من الأنظمة القمعية الشمولية والتوريثة.
وبالرغم من ذلك لقد تم كسر جدار الخوف لدى الشعوب العربية وبرز ذلك من خلال رياح التغيير التي هبت في العالم العربي, واليوم تواجه هذه الثورات مرحلة مخاض صعبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نحتاج لكل انواع التحليل والتفكيك
محمد البدري ( 2013 / 11 / 6 - 19:25 )
هل يجوز صبغ المنطقة من المحيط الي الخليج بنمط ثقافي واحد؟ الثقافة هي انعكاس ونعبير حي وفعال ومتجدد للعلاقة الاجتماعية فرديا أو جمعيا والبيئية في تلاحمهما لضمان استقرار حياتي ومجتمعي. فهل لو فككنا كل نمط في هذه المساحة الواسعة لوصلنا لنفس نتائج المقال؟ تحياتي وتقديري واحترامي

اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس