الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى ألبير كامو A. Camus

أحمد دلباني

2013 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


رسالة مفتوحة إلى ألبير كامو
A. Camus
(1913- 1960)
أحمد دلباني
1
صديقي الكبير ألبير،
رأيتني مدفوعا إلى مُخاطبتك مُباشرة بنوع من المُحاورة التي أريدُ أن أقول فيها كلاما كثيرًا بينما تلتزمُ فيها، أنت، بالصمت الذي طالما سحرك ورأيتَ فيه جوهرَ العالم. رأيتني مُلزما، أيضا، بمُعانقة وحدتك الصعبة العالية، ومُحاولة الاقتراب من صَحوك القاسي الذي تلفعتَ به في مفازة الوجود منذ أشرفت على تراجيديا الحياة قبل قرن من الزمان. لعلك تتذكرُ جيّدًا صديقي، وأنت تدلفُ العصرَ، كيف أنَّ الحياة لم تكن جاهزة لاحتضانك أو هدهدة أحلامك. لعلك تتذكرُ مسرحَ العالم الخائب الذي استقبلك بالصخب والعنف، وبيأس حضارة فاوستية أطلقت من قمقم تاريخها ماردَ العنف بشكل غير مسبُوق. لم يمنحك هذا المسرحُ الوحشيّ الدَّامي الوقتَ الكافي لتغتسلَ، من جديدٍ، بشلال الغبطة الكونية المُتفجر من عناق الشمس والبحر على شواطئ تيبازة. لم يمنحك العصرُ فرصة الدخول في هارمونيا صوفية مع الأشياء تُعيدُ ابتكارَ غنائية السَّعادة البسيطة المُرتبطة بالأرض والجسد، والمُتحرّرة من ميراث الآلهة المُنسحبة، كرها، من مسرح العالم وأقداره.
أخاطبك، صديقي الكبير، بعد مُرور قرن على مجيئك لتفتحَ عينيك وعقلك على عصر قاتم حرَّر براثن الوحش التاريخيّ من قفازات حداثة ظلت تعتقلُ تطلعاتنا وأحلامنا بسرديَّاتها المُتآكلة. أخاطبك وأنا أدرك مقدارَ رباطة الجأش التي كان على جيلك أن يتحلى بها من أجل أن يُحرِّرَ المعنى والقيم النبيلة من مهاوي العدمية التي فغرت فاها. لقد كان عليكم أن تُعيدوا بعث أدوار "الجميلة والوحش" في طبعة تذكر بالتراجيديا القديمة. لقد كان عليكم أن تجابهوا وحشَ العالم بما يكتنزهُ القلبُ من بداهة النبل والشجاعة والظمأ إلى العدالة والحقيقة. وأنا، شخصيا، لا يهمني أن أعرفَ لمن كانت الغلبة. الغلبة لم تكن تستهويك أبدًا، على ما أظن، بقدر ما كان يتملكك الإصرارُ على المُجابهة. أليس كذلك؟ ولكن، على ما أرى، كان يعني لك الشيءَ الكثير أن يخلعَ عليك بروميثيوس بُردتَهُ التي تحملُ رائحة البطولة الإنسانية وهي تقاومُ وضعا أعمى لا يُطاق.
أعرفُ صديقي، بالطبع، أنك كنتَ وريثا لحضارة حملت معولها منذ بداية العصور الحديثة في فعل تخريبٍ مُنظم لنظام المعنى الذي أرست دعائمَهُ التقاليدُ اللاهوتية. لقد كان على الحداثة الظافرة، آنذاك، أن تطردَ الآلهة من المشهد وأن تُحرِّرَ المعنى من السماء القديمة التي يبست أوصالها وأصبحت "فارغة" كما تُعبِّر. لقد استعادَ بروميثيوس أمجادهُ عند أجدادك الذين قذفوا بالإنسان في أتون تجربة القتل المُحرِّر الذي جعل ساحاتِ العصر تمتلئ بجثث الآلهة. وكان لفاوست أن يُكمل التجربة بأن يزاوج بين رغبة المعرفة وإرادة القوة التي مثلت إكسيرًا للإنسان الغربيّ وهو يفقدُ العلوّ ويشهدُ، بأسى كبير، انهيار الغائيات الكلاسيكية. هكذا اكتمل العرضُ الذي بلغ لحظاتِه الأكثر تراجيدية - وأنت يُقذفُ بك في هذا العالم – مع اندلاع حربين عالميتين كشفتا عن سقوط العالم الغربيّ في وحل تاريخ فقد البريقَ ولم يعُد سردية تروي قصة انعتاق الإنسان من آلة الاستلاب العملاقة. ولا يسعُني هنا، صديقي، إلا أن أسجّل إعجابي الكبير بمواقفك وأنت ترفضُ عدمية العصر اليائسة وهي تطلقُ أكثرَ الرغبات تدميرًا وبربرية من عُقالها في ظل غياب مرجعيات مُتعالية تُحدّدُ الوجهة والهدف. لا يسعُني إلا أن أعجبَ بانتصارك للإنسان والعدالة أمام تاريخ أريدَ له أن يكون إلها للأزمنة الحديثة ومطهرًا يقودُ إلى جنة موعودة تحدثت عنها بعض الإيديولوجيات الأثيرة في عصرنا.
لقد كان عليك، صديقي الكبير، أن تناضل على جبهتين وضدَّ ماردين إيديولوجيين برمجا لسحق الإنسان: الفاشية والشمولية الثورية. وقد رأيت في ذلك نتيجة من نتائج حضارة وثقافة قتلت الله وجعلت التاريخ والقوة يُنبوعين للمعنى والقيم والمُبادرة والعمل. كان عليك أن تنتشل الإنسانَ من أسر العدمية التي مدَّت بظلالها على زماننا، وأن تُحرِّرهُ من يوتوبيا التاريخ الساحقة. كان عليك أن تجهرَ بفضائل بسيطة نسيها اللغط الإيديولوجي، وأن تُعيدَ اكتشاف أخلاق السعادة التي غيَّبها تراثٌ كامل من العقائديات المُتصلبة. لقد هالك أن ترى الإنسانَ، قاتلَ الآلهة، يُسحقُ كالحشرة تحت سنابك التاريخ الأهوج وقد تحرَّر من سجن السماء، أو يُصبحُ وسيلة من وسائل تأكيد القومية وهي تُحاولُ ملء الفراغ الذي خلفه المُقدَّسُ الديني القديم. كأنك أردت أن تُنبِّه صاحب الفكر الشمولي / الإيديولوجي إلى انحرافه الأصلي الذي برَّر به عدمية العصر وغياب المنارات في ظلمة الأزمنة. لقد قلت "لا" كبيرة للعصر الذي انحرفَ عن وجهته الإنسانية ونسيَ الحب والأرض والعدالة والفرح الوجوديَّ العميق بعد انغماسه في كتابة رواية أخرى للخلاص الذي عرفنا وجهَه المُرعبَ القاتم. فلم يكن لينين وستالين أصدقاء للحرية، ولم تكن دولة الديمقراطيات الشعبية بقمعها ومُحتشداتها ونمذجتها للفكر مطهرًا يُنتظرُ منه أن يقودَ إلى فردوس أعلى يتحرَّرُ فيه الإنسانُ، أخيرًا، من رحلة اغترابه التي طالت. لقد شهدنا، صديقي الكبير، السقوط المُدوي لهذا النموذج الذي كتبتَ في نقده صفحاتٍ عظيمة لم تُفهم يومها. وهذا على غرار ما شهدتهُ أنت، آنذاك، من سقوطٍ لأوهام الفاشية التي ظلت سكرى بفلسفة القوة باعتبارها بديلا لمرجعية القيم الآفلة في عالم صامت.
2
صديقي الكبير،
لقد أنكرت على عصرك – وهو يفتكُ بالآلهة ويُطيحُ بالعلوّ – أن يُعيدَ تمثيل دور الآلهة. لقد دافعت عن براءة العالم والإنسان أمام ميراث ثقافة الخطيئة، ووقفتَ في وجه كل مُحاولات العقل الفلسفيّ الحديث الرَّامية إلى تنصيب التاريخ إلها جديدًا أو مطهرًا يُحمّلُ الإنسان مسؤولية الخضوع والانسحاق تحقيقا لإرادة عليا وانتظارًا لصباحاتٍ قيل إنها سوف تُغني. ولكن لم يكن من المُمكن أن تُغنّي، كما نعرفُ جميعا، تلك الصَّباحاتُ من وراء القضبان أو في مجاهيل الغولاغ الرَّهيبة. يُعجبني كثيرًا دفاعك عن الحياة أمام التاريخ، ودفاعك عن العالم أمام سرديات القوة. يُعجبني دفاعك عن شمس الحاضر - الطافحة بجنون الغبطة ونتوء الوعي بالحرية تحت السَّماء الفارغة - أمام وعُود الجلادين بخلاص كنتَ تدركُ، جيّدًا، أنه لن يكونَ إلا قناعا للآلهة الجديدة.
ربما لم يكن عصرنا، فعلا، مُكتنزا بغبطة بروميثيوس ونُبله العالي الذي دشنَ عهدَ الإنسان ونهاية استبداد الآلهة. ربما خمدَ أوَارُ الرغبات الفاوستية قليلا بعد مُغامرات الإنسان الغربي منذ أيقظ الوحش النائم في غابة العصر. هذا ما دفع بك صديقي، على ما أعتقدُ، إلى أن ترى في سيزيف تجسيدًا لأسطورة العصر ورمزا لكينونة ورثت حطامَ الحضارة ووجه الحداثة القاتم. لقد حملتَ صورة سيزيف في وجه الذين اعتقدوا أنَّ بإمكانهم أن يُقنعونا بتقديم الحاضر قربانا على مذبح النبوات الزائفة. لم تكن، صديقي، مأخوذا بالنبوات على ما يبدو وأنت المسكونُ بالشمس وضوء اللحظة التي تُتيحُ لك فرصة العلو والخلق في الصحراء. لم تكن تنتظرُ المجيء. كان همك أن تتعهَّدَ وردة الخلق والإبداع في قلب اللاجدوى الفادحة. لم يكن الإنسانُ عندك وعدًا بالتحقق وإنما كينونة حاضرة حاولتَ جاهدًا إنقاذها من صراط المُبشرين الذين بدأوا المسيرَ إلى فراديسهم الوهمية بالدَّوس على الجماجم.
ربما لم يفهمك الكثيرون وأنت تعدُو وسط الخراب مُحاولا إنقاذ وجه الإنسان، يُحاصرك جنونُ الدَّعوات إلى الخلاص من حاضر احتضنتَهُ رغم عذاباته ويباس عُوده. كان عليك أن توجّهَ حرابَ النقد لفلسفة التاريخ المُعاصرة وهي تقودُ موكبا مهيبا من أجل بناء صرح قيصر الجديد في مملكة العدمية التاريخية. لم تفعل الثورة التاريخية شيئا آخر غير إنتاج الدولة الشمولية وسفح دم الحاضر على مذبح اليوتوبيا الجديدة. رأيت في ندَّاهة التاريخ إغراء لم يقُد إلا إلى عالم الاستعباد والخضوع ولم يكشف إلا عن عالم الرعب الذي حبلت به عدمية العصر. كانت الفاشية والإيديولوجية الثورية الشمولية واقفتين على مسرح واحد وتُمارسان خيانة منظمة ومنطقية لروح التمرُد الأصيلة في ذات الإنسان. لم تستطع أن تقبلَ بسحق الإنسان مهما كانت المُبرِّرات. لم تقبل بالجريمة. كنت شاهدًا على الجريمة التي مهَّدت لها فلسفاتٌ نصَّبت نفسها وكيلة على السَّير الحسن لملحمة التاريخ الباذخة وهي تُدجن الإنسانَ وتصعدُ به إلى جُلجلة المحو انتظارًا لشروق لبسَ قناعَ غودو كما نعلم. لم يفتنك انتظارُ الأرض الموعودة وظللت تفضلُ التحديق في لحظتك، موقنا كسيزيف أنَّ الخلاصَ في احتضان اللامعقول واللاجدوى ومُمارسة فن السَّعادة الصَّعب.
لقد كنتَ بهذا المعنى، صديقي ألبير، الوعيَ النقديّ لمرحلة صاخبة أرادت – من وراء شعارات الثورة والتقدم – الإجهاز على الحاضر المليء وإدانة الحياة باسم اليوتوبيا. كنتَ نصيرًا للتمرُد الذي ظل يقدحُ شررَ الحياة في رماد الأزمنة ويُؤكدُ طاقة الخلق ونفسَ الكرامة عند الإنسان. كنتَ صوتا يلهجُ بالعدالة والحرية تحت السَّماء الفارغة والتي سرعان ما امتلأت بآلهة فانية أرادت خنق كل تطلع إلى العدالة باسم الحتمية التاريخية وإنقاذ الإنسان من الاغتراب. هذا ما جعلك تعتبرُ الثورة التاريخية سقوطا مُدويا لطاقة التمرد في أحبولة الأمل الزائف، وارتماءً في أحضان إرادة القوة. هذا يعني إن كان التمرد كوجيتو يؤكدُ الوجود وجدارة الحياة بنفسها، فإن الثورة التاريخية مثلت كوجيتو آخر يرتكز على إثبات الوجود من خلال فعل القتل المنظم. لقد رأيت الجلاد يختبئ في رحم الثورة وينتظرُ لحظة تحولها إلى دولة وسلطة. رأيت في ثنايا الشمولية وعدًا بمحو التعدد والاختلاف، وشرَكا يتربَّصُ بطائر الحياة والحرية. رأيت الغولاغ في النظرية التي دعت إلى تحرير الإنسان. وهنا، صديقي، أتفقُ كثيرًا مع من رأى في مواقفك البصيرة نقدًا لم نتفطن إلى أهميته إلا مُؤخرًا بعد فقدان العقائديات المُتصلبة بريقَها أخلاقيا وسياسيا.
إنَّ رجفة اللامعقول التي لفحتك - قبل أن تُبلورَها فلسفيا - ظلت حساسية العصر الأولى وهو يقفُ على خرائب المعنى المُتهدّم بفعل الحداثة وانحرافاتها. وقد كان لإرادة القوة أن تتحرَّرَ من عقالها لتُصبحَ ينبوعا للقيم يُعيدُ سيرة الآلهة في لبُوس جديد. هذا ما أنكرتهُ على أهل عصرك والنازيين منهم تحديدًا. لقد كنتَ إيجابيا ولم تُبرِّر العودة إلى الغاب. ظللت تتمسَّكُ بالمعنى الوحيد الأثير لديك وسط يباب الحياة المُعاصرة التي فقدت العلو والجدارة: المعنى المُتفجر من قلب الإنسان. كان عليك أن تُجابه اللامعقول بالخلق وأن تجعلَ القلبَ ينبوعا للقيم انطلاقا من حسِّك الأخلاقي العالي وذلك الظمأ الحارق إلى العدالة والحرية. كنتَ المُبشِّرَ بعالم إنسانيّ الوجه لا يتواطأ مع عالم الشقاء واللاعدالة الأبدية. كنتَ زارعَ الورد الوحيدَ في الجليد اللانهائيّ. ذهبتَ إلى الأقاصي ولم تفتنكَ نداءاتُ الآلهة العديدة وهي تتوقُ إلى الانبعاث والانتقام من شراسة ذئب الأنتروبوس التاريخيّ. تمسَّكتَ بقنديل الحب الإنسانيّ في ظلمة العصر، وعانقتَ الأرضَ الكريمة الحُبلى دوما بأعياد الشمس والبحر والجسد السَّكران بخمرة اللحظة. انحزتَ إلى الجسد ولم تقع – وأنت طائر البرية الحر - في أحبولة النظرية.
لقد سَحرني وعيُك الحاد البادي في بعض أعمالك الإبداعية التي تسردُ نضال الإنسان ضد اللامعقول وتدعو إلى ضرورة التضامن البشريّ في مُواجهة عالم رمى عنه عباءة الغائية العلوية. فضلتَ التحديقَ في شمس اللحظة وضوء الفجيعة السَّاطع حيثُ لا مُجيرَ من صمت العالم وعبثية الكينونة إلا إرادة الخلق وتأكيد جدارة الإنسان بنفسه. لم تشأ أن يمُدَّ الإنسانُ يده إلى تفاحة السقوط في الأمل التاريخي الذي علم الطغاة إهدارَ دم الحاضر وقيادة القطعان البشريّة إلى أفظع الدركات. أعرفُ أنك كنتَ تقفُ على يباب العصر موقنا بالإنسان ورافضا لسطوة التاريخ وقد أصبح سماءً أخرى ولاهوتا دنيويا. رفضتَ أحجيات الجلادين وتحمَّلتَ غربة الأنبياء العُزّل مُعانقا عطيَّة الحياة الفادحة. كنتَ وفيا للإنسان والأرض، لصيقا بالشمس والبحر من الشرفة التي أتاحتها لك بلادي الجزائر. لم يكن الحاضرُ عندك معبرًا إلى الأعلى، وفضَّلت وجيبَ الحياة في الإنسان الواقعي على النماذج المُقترَحة في نظريات ملأت العصرَ بالصَّخب والضجيج مُشيحة بوجهها عن الحاضر المليء. سيزيفُ حاضرٌ دوما. هكذا تكلمت صديقي الكبير. لا شيءَ يستطيعُ محوَ إيقاع الرتابة الأبدية. الوعيُ ناتئ كالصخرة المُدبَّبة والصحراءُ لانهائية. ولكنَّ القلبَ جائعٌ دوما إلى ما يمنحُ الأشياءَ ضوءَ المعنى وغبطة وجودٍ يعي ثمالة الحرية في عالم صامت. هكذا تكلمت. سيكونُ الخلقُ والتضامن البشريّ يُنبوعين لمُجابهة اللامعقول. هكذا تكلمت.
3
صديقي الكبير،
أعرفُ أنك الآن في قلب النقاش الفكريّ والسياسيّ بين ضفّتي المُتوسط بعد مرُور قرن على مجيئك إلى هذا العالم. لقد كنتَ تجربة مُشعة في اكتناه المعنى وحرقة تأكيد جدارة الحياة بالخلق وابتكار العدالة والسعادة في عالم أوصدَ، أبديا، بوَّابات المعنى المليء. كما أعرفُ أنك مُحاصَرٌ بالقراءات التي لم تنل منك كثيرًا. ولكن عذرًا، صديقي، إن رأينا فيك وجها من أوجه الأدب الأمبراطوري وقد تزامن إنتاجك وتفكيرُك مع نهاية الحقبة الكولونيالية الكلاسيكية حاملا أشواقها ويأسَها. وربما رأى البعضُ في ثنايا أدبك ملامحَ عنصرية واستعمارية واضحة. إذ لم يستطع النزوع الإنسانيّ والأخلاقي عندك إخفاءَ "اللاشعور الكولونيالي" عن مبضع النقد الثقافي والما بعد كولونيالي كما مارسه إدوارد سعيد مثلا. كل هذه الأمور أصبحت معروفة في عصر تجاوز منظومة التفكير الكولونيالي ومنطق الأمبراطورية التي أخضعت العالم وزجَّت بفسيفسائه الثقافية في قمقم المركزية الغربية. لقد انتهى عصرُ نرجس الذهبي. ولعلك لم تفلت نهائيا من نوستالجيا ذلك العصر وأنت تُدافع عن "الجزائر الفرنسية" مُحاولا أن تُصلحَ عُنفَ التاريخ الكولونيالي باقتراح صيغة تعايش تضمنُ للحاضر امتدادًا أقل انتهاكا لكرامة الإنسان الجزائري في دولة فرنسية فدرالية تعدّدية. لقد جئتَ مُتأخرًا قليلا.
يبدُو لي، صديقي، أنَّ للتاريخ مسارًا لا يخضعُ دائما لنوايا أصحاب الإرادة الطيبة وأنت منهم بكل تأكيد. لذا لن أصفك بالكاتب الاستعماري الفج. لقد حاولت أن تُدافعَ عن الإنسان الذي هو من لحم ودم وعن واقع سياسي تعدّدي رأيتَ استحالة تدميره إلا بالسقوط في العنف الأعمى وحماقة تضييع أجمل المواعيد مع التاريخ. لم تختر، كما عهدناك دوما، الأشواقَ المُرتبطة بالحلول الثورية وأحلام نُشدان عدالة قد تقتلُ أمك في شارع من شوارع العاصمة الجزائرية التي أحببتها حدَّ الهوس الصوفيّ. ولكنَّ هذا الحاضرَ الذي تمسَّكت به كان ثقيلا جدّا على الشعب الجزائري إلى الدرجة التي لم يعُد مُمكنا معها الاعتقادُ بإمكان إصلاحه. وفعلا، صديقي، لم يكن الاستعمارُ الفرنسيّ جاهزا للاعتراف بكونه مثل وجها من وجوه أمبريالية التاريخ الغربي الحديث القائم على العنف والعنصرية. لم يكن الاستعمارُ جاهزا لتجاوز مركزيتة والاعتراف بالآخر. ظل نظاما يقومُ على الظلم واللامُساواة. ولم يكن هذا الأمرُ ليزول إلا بزواله باعتباره نظاما مُتخلفا وغير إنسانيّ. من هنا يبدو لي، صديقي، أنك كنتَ تُدافعُ عن استمرار وضع لم يعُد بإمكانه الاستمرارُ والعالمُ يشهدُ، آنذاك، يقظة الوعي القوميّ والوطنيّ لشعوبٍ عرفت الوصاية التي مارسها مُمثلو حداثةٍ شوَّهت ميراثَ الأنوار. حداثة حبلت بهيغل ونابوليون؛ بفكرة المركزية وسيف الفتح معا. كان يجبُ تفكيك العقل الحداثي التقدمي الحديث والكشف عن مُضمراته التي جعلت منه عقلا عنصريا مُتمركزا على ذاته. وقد تكفل النقد الطليعيّ بذلك مع موجة التفكيك التي فتحت أعين نرجس الغربيّ على التعدد في العالم.
لم يكن نُبلك الأخلاقيّ كافيا لتجاوز تراجيديا التاريخ والتنبيه إلى مُمكنات التعايش بعيدًا عن دوَّامة العنف والعُنف المُضاد بعد اندلاع حرب التحرير الجزائرية. ولم يكن مُمكنا أن يُقدّمَ الاستعمارُ الآفلُ تاريخيا، آنذاك، طبعة مُنقحة من صُورته التي خبرها الجزائريون جيّدًا وهم يُضطهدون ويُستغلون ويُهمَّشون في ظل نظام الاستيطان والقهر والتمييز منذ أكثر من قرن. لم تعُد فكرة الإصلاح نفسها مطلبا أو مشروعا ناجحا للخروج من مآزق النزعة الإنسانية الكلاسيكية وهي تكشفُ عن صلافتها وأزمتها مع ذاتها ومع الآخر. ربما كنتَ، صديقي، آخرَ من يُمثلُ يأسَ الفكر الأمبراطوري الأوروبيّ الذي أفاقَ على نهاياته غير السَّعيدة بعد انتفاضة الأطراف والهوامش. أنا، شخصيا، لا أشك أبدًا في صدقك وحُرقتك إلى العدالة والتآلف والحرية بعيدًا عن مُمارسات سَحق الإنسان وتدجينه. ولكنك فضلتَ الوقوفَ إلى جانب الأمر الواقع الذي كرَّسهُ الاستعمار تاريخيا ولم تستطع أن تخرجَ من انحباسك الإيديولوجيّ داخل قلعة فرنسا العنصرية. ظلت الجزائرُ، زمنا طويلا، أرضا عذراء تتكلمُ بلغة الشمس والبحر ومَجد سماوات ثملة بغياب الآلهة. كانت تيبازة وجميلة النضاختين بالضوء وبرياح الغبطة اللافحة ولم تكن ذاكرة أو تاريخا أو شعبا حاولتم إنكارَ هُويَّته بكل الوسائل. لم يكن لنا وجودٌ كامل في مجال فكركم المرئيّ كما ذهب إلى ذلك كاتب ياسين بحق. كنا "عربا" يُمثلون قوة عمل لفرنسا وعبئا ديمغرافيا وسياسيا وأمنيا لا غير. لم يستطع حسّك الأخلاقيّ العالي أن يتجاوز حدودَ التضامن والتعاطف إلى التفكير في ضرورة الثورة على ميراث الأمبراطورية. وأنت تعرفُ، صديقي، أنَّ العالمَ لم يكن – في بداية الخمسينيات من القرن الماضي – جاهزا لإقناع طفل الأحلام التحررية العريضة بحكمة عالمكم الشائخ.
4
لقد اختلفنا، صديقي، حول الجزائر ومصيرها ومُستقبلها. ولكن لنقل: إنَّ قوة الأشياء حكمت بصلاحية التصور الجزائري وضرورته التاريخية. وربما لن تنزعجَ كثيرًا إن قلتُ لك إنَّ استقلال الجزائر كان أقربَ إلى العدالة التي ظللت تلهجُ بها عبر مسارك الإبداعيّ والفكري المُتميز. لقد احترمك الكثيرُ من الجزائريين رغم رواسب الحنين الكولونيالي الذي ظلت تنضحُ به كتاباتك. نفهمُ جيّدًا أنَّ دفنَ الأم أصعبُ على الإنسان من أيّ شيء آخر. ومن سوء حظك، صديقي، أنك رأيت المرحلة تستعدّ لمراسيم القداس الجنائزي المهيب استعدادًا لإعلان موت الأم العظيمة التي نشأتَ في كنفها وحاولت جاهدًا أن تُطيل أمدَ إقامتها في عصر أصبحَ يمُج حضورَها. لم تكن لك تلك الحظوة التي جعلت بعضَ أسلافك يبتهجون بقتل الأب في فعل تدشين مشهديّ للعصر الحديث. لقد ألقى عليك العصر الآفلُ، خلافا لذلك، بُردته وانتدبك لتنوبَ عنه في فعل دفاع يائس عن الأبوية. فكيفَ لم تنتبه؟
أين ما كنتَ تدعو إليه وأنت تلقي خطابك العظيم في حفل استلامك جائزة نوبل يا صديقي؟ أين مهامُ الفنان كما فهمتَها في عصر سحقَ الإنسانَ وقتله ودجَّنه وأوقع طائر أشواقه وتطلعاته العميقة إلى الحرية والعدالة في شباك النظرية وقد أصبحت مُعتقلا وزنزانة؟ ألم تقل إنَّ الفنان في عصرنا يجبُ، أخلاقيا، ألا ينحاز إلى من يصنعون التاريخ وإنما إلى ضحاياه؟ ألم نكن من ضحاياهُ يا صديقي؟ فكيف اخترت أن تنحاز إلى قوة التاريخ الكولونيالي الأعمى الذي كتب سردية الفتح والاضطهاد بدعوى تحمّل أعباء "الرجل الأبيض" في تحضير "الأمم المُتوحشة"؟ كيف لم تتطهَّر من وحشية التاريخ وعنفه وعنصريته انتصارًا للإنسان الجزائريّ الذي لم يطلب أكثر من الحرية والكرامة والمُساواة؟ لم يكن كافيا أن تغتسلَ بشمس تيبازة وبحرها كي تكونَ جزائريا يا صديقي، وإنما كان الأجدر بك أن تدرك أنَّ الجزائر ليست جغرافيا خاوية من الإنسان والتاريخ الطافح بأنين المُعذبين وعذابات المقهورين والمُستغَلين. كان على فكركم الكولونيالي أن ينفتحَ على المُختلِف وأن يقبلَ بتلك الزحزحة المأساوية التي جعلت قلعة المركزية الغربية تتفتتُ وتتآكل. أخشى أن أقولَ إنك تردَّدت في أن تكونَ طليعيا كما عهدناك.
لقد انتصرَ شعبي وانتصرت المُقاومة التي قادتها "جبهة التحرير الوطني" يا صديقي. كان الاستقلالُ السياسيّ بداية وعي الأمة الجزائرية بذاتها، ومُنطلقا لاستعادة ذاكرتها وبناء صُورتها الجديدة في أفق التطلع إلى الحرية والعدالة والتنمية الشاملة. ولكننا لم ننتصر كثيرًا على رواسب الماضي الأبوي في سلوكنا السياسيّ وفي مشاريعنا النهضوية والثقافية والتربوية. لم نستطع إحداثَ القطيعة مع نظام الفكر القديم ونحنُ نستنجدُ بنماذج التنمية التي اقترحتها إيديولوجيات وتجارب ناهضة آنذاك. كنا نريدُ خنقَ رواسب الكولونيالية فينا فإذا بنا نبعثُ صورًا كثيرة من الاستبداد والأحادية التي تجلت في غلبة العسكريّ على السياسيّ، وغلبة الانقلاب والقوة على الشرعية التي طالما تغنينا بها. أصبح الاستقلالُ يبدو، شيئا فشيئا، صورة أخرى من صُور اعتقال الشعب الجزائري في زنزانة الفكر الواحد والحزب الواحد وعبادة الزعيم. أصبحت الحرية ذكرى أو كلمة فارغة لم تجد لها موضع قدم في عالم الاحتكار الجديد الذي أبعد الشعب عن بيداغوجيا المُشاركة الواعية في صنع مصيره بكل سيادة. لقد وقعنا، بكل أسفٍ، في ما كنت تُحذر منه دائما يا صديقي.
لقد كان على الدولة الوطنية الناشئة أن تتحمَّل أعباءَ دخول التاريخ وأمانة صنع مُستقبل مُختلف ينبثقُ معه الكيان الوطني السيّدُ العادل، وتنبثقُ معه المُواطنة الجزائرية بعد طول غياب. ولكنَّ الديمقراطية التي اعتمدناها في صيغتها الشعبية ظلت قناعا يُخفي انتقامَ الرغبة الأبوية في إخضاع المُختلف ومحو التعددية ونمذجة الفكر والتفكير في الشعب باعتباره رعية تحتاج دوما إلى وصاية. والغريبُ في الأمر أنَّ الاستبداد السياسي كان يتبجَّحُ مُعلنا قدرته على تمثيل الشعب وتحقيق تطلعاته. تلك غنائية الديمقراطية الاشتراكية المعروفة. كأنَّ معركة التنمية والبناء كانت تتطلب كل ذلك الصخب الإيديولوجي الذي لا يُمكنه أن يزدهرَ إلا مع غياب العقل والعلم والمُشاركة السياسية الفعلية التي تكشفُ عن حيوية واقع تعدديّ ورغبة في العيش المُشترك. كانت ثقافتنا السياسية هزيلة ومُمارساتنا كاشفة عن أعماق تعودُ إلى ما قبل الحداثة السياسية والفكرية. لقد وقعنا في أسر الهرولة وراء التحديث الشكلي والتنمية الكمية وأهملنا التنمية البشرية. وقد كان فشلنا ذريعا ومُدويا لولا فضائل الريع النفطيّ الذي ظل روقة توت أخيرة تسترُ، دائما، عورة نموذجنا التنموي.
لعل أبرز ما يكشفُ عن رواسب الأحادية والأبوية التي انتفضت في سلوكنا السياسيّ هو قضية الهوية الوطنية. ونحنُ نعرفُ أنَّ الهوية ظلت دائما ساحة صراع رمزي من أجل تبرير الهيمنة ومنح الشرعية للسلطة القائمة. لقد ارتبطت الهوية بفكرة الثوابت التي برعنا في استخدامها من أجل لجم كل حركية داخل المجتمع الجزائريّ ومن أجل تأجيل مواعيدنا مع العصرنة والحداثة الفعلية واحترام حقوق الإنسان. لقد مثلت الهوية مسرحَ تدافع علنيّ شهدَ حربَ مواقع بين أطراف النزاع، وظلت مساحيقَ تُلمِّعُ وجهَ إرادة القوة التي صنعت تاريخنا القريب. ظل الإسلامُ والعربية وجهين مُهمَّين يشكلان مخزونا رمزيا ذا قدرة على الاستخدام السياسيّ الناجع، ولم يشكلا انتماءً إلى فضاء حضاريّ عظيم مُمتدّ في الزمان والمكان. لم يكن الإسلامُ والعربية هوية بالمعنى الكيانيّ وإنما ورقة سياسية رابحة في يد قوى المُحافظة والرَّجعية من جهة أولى، وفي يد جهاز الحكم الذي برع في اختزال الفسيفساء الثقافية واللغوية والإثنية الجزائرية إلى مُكوّن ديني أو لغوي واحد من جهة أخرى. هذا يكشفُ، بصورة سافرة، عن تحول الهوية المفتوحة إلى مُجرَّد أداة إيديولوجية وعائق أمام الاعتراف بالتعدّد الذي يبقى الشرط الضروريّ للتعايش وبناء المُواطنة بالمفهوم الحديث.
رُبَّما يطرحُ هذا الأمرُ مشكلة الديمقراطية في جزائرَ ما بعد الاستقلال. فلم نعرف إلا صُورًا مُشوهة ومُبتسرة من "الديمقراطية الشعبية" وأسلوبها الديماغوجي المُبتذل في إدارة الأمور وتناول المُشكلات. كانت ديمقراطية النخبة العسكرية التي ادَّعت، طويلا، أنها وكيلة على الشعب المُغيَّب قسرًا من حقه في بناء المُستقبل المُشترك. كانت ديمقراطية الحزب الواحد الذي شوَّه كثيرًا اسمَ "جبهة التحرير الوطنيّ" قائدة النضال ضدَّ الاستعمار الفرنسيّ. لقد كان هذا النموذج السياسي / التنموي تجليا لرغبة سلطوية استبدادية تناغمت مع روح اللحظة آنذاك إقليميا ودوليا والزمنُ الأمبراطوري يلفظ أنفاسه. ويسرّني صديقي، هنا، أن أحدّثك عن فشل هذا النموذج وسُقوطه المُدوي أواخر القرن العشرين. فلم يكن من المُمكن أن تستمرَّ ثقافة الغولاغ السياسي والشمولية الفكرية / الإيديولوجية والأحادية الحزبية في اعتقال الشعوب وخنق تطلعاتها المشروعة إلى الحرية والكرامة والانفتاح السياسي والتعددية والمُشاركة الفعلية في بناء البيت المُشترك. لقد كان فشل هذا النموذج كارثيا في بلادي أيضا وكان حصادُه مُرّا. ونحنُ نعرفُ أنَّ الجزائرَ شهدت انتفاضة الشباب ضدَّ انسداد آفاق الأمل وضدَّ الاحتكار والتهميش والفشل في تحقيق التنمية المُتوازنة. وما زاد من خطورة الأوضاع طلوع شجرة الأصولية الدينية اللعينة على أرض خيباتنا وجحيمنا بأوجُههِ الاقتصادية والاجتماعية. لقد أدَّى فقدان البوصلة في الجزائر المُستقلة إلى اعتصام الشباب بقشة الخلاص الوحيدة التي وفرتها الاتجاهاتُ الدينية المُتطرفة. كان يجبُ البحث عن الانتماء في عالم فككته الإيديولوجيا الغوغائية، وعن دفء المعنى في بلدٍ لم يستطع تحصينَ أجياله الطالعة تربويا وثقافيا ضدَّ إمكان السقوط في التطرف. إنَّ الجزائرَ لم تنجح في بناء دولة حديثة تستجيبُ لتطلعات الشعب كما حلم بذلك رُوَّادُ حرب التحرير ومُحّررُو بيان الفاتح من تشرين الثاني (نوفمبر) 1954. ما زال ينقصنا الكثيرُ من أجل تحقيق نموذج الدولة العصرية ودولة المُؤسَّسات الديمقراطية المُعبّرة فعلا عن حيوية الشعب ومُكوناته بعيدًا عن منطق الاحتكار وتهميش القوى الحية المُبدعة ولجم حركية المُجتمع التعدّدي الناهض. فمنذ تمَّ إبعاد النخب السياسية المُستنيرة غداة الاستقلال ما زالت دودة الأحادية ورغبة الهيمنة الخفية على الفضاء السوسيو- سياسي تنخرُ كل مُحاولاتنا في ترسيخ التقاليد الديمقراطية في بلدنا.
5
صديقي الكبير ألبير،
لم أكن لأطلبَ منك، شخصيا، أن تكونَ على غير ما كنت عليه. لا يحقُ لي أن أحاكمَ حياة واعية وحُرَّة ومُناضلة بصورة لافتة ومُدهشة كحياتك. لا يحقُ لي أن أحاكمَ أعمالك الفنية والفكرية العظيمة كما يفعلُ من يحملونَ في داخلهم سوطا ومنافيَ وجلادين. ولكن، بالمقابل، رأيتُ أننا نختلفُ قليلا حول ما نحب. هذا ما يهمّني. جنونُ الحب لا يُحاكمُ ولا يُدان. يكفي أن يُفهمَ ويكفي أن نستعيدَ من أجله، أحيانا، التبرير الذي تُوفرهُ قوة الأشياء السَّاحقة. المهمّ أننا أحببنا الحرية والعدالة. أحببنا أيضا، وبنوع من التطرف، انعتاقَ الانسان والوعي من سلاسل ماض لم تشفع له سطوتهُ في حجب حقيقة الهيمنة. وربما أصِبتُ، شخصيا، بضربة شمس وأنا أقعُ في أسر رغبتك العالية المُدهشة في أن نحيا كقدِّيسين دون إله. هذا ميراثنا المُشترك. ولهذا اعتبرتك صديقا. سأنقلك إلى مدفن العظماء في قلبي الذي احتفى قبلك بالكثير من الذين علموني السَّير الصَّعب على جسر هش يقودُ إلى بيت الأرض. ولتنقلك فرنسا، إن شاءت، إلى مدفن عظمائها استجابة لضغط ذاكرتها الكولونيالية. لا يهم. والأمران مُختلفان على ما أظن. الصداقة ليست سياسة، كما أنَّ السياسة ليست صداقة. أعتقدُ أنَّ ضفتي المُتوسط تفهمان الآن جيّدًا ما أقول.
تحياتي وتقديري.
----------------
أحمد دلباني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولكسفاغن على خطى كوداك؟| الأخبار


.. هل ينجح الرئيس الأميركي القادم في إنهاء حروب العالم؟ | #بزنس




.. الإعلام الإسرائيلي يناقش الخسائر التي تكبدها الجيش خلال الحر


.. نافذة من أمريكا.. أيام قليلة قبل تحديد هوية الساكن الجديد لل




.. مواجهة قوية في قرعة ربع نهائي كأس الرابطة الإنكليزية