الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سفراء الفوائد والموائد !

فؤاد الطائي

2013 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


أردت أن أبدأ هذه الاطلالة القصيرة في موضوع تضيق به الصدور لمجرد التفكير فيه لا لأنه ابن الحاضر وحسب وانما هو سليل الماضي بل ويوحي لي بأستمراره وأمتداده في الغيب كمستقبل مجهول ليس له حدود أو سدود .
أتأمل ملامح صبي غير عادي من الزمن البعيد .. هو أيضا واحد من عامة القوم وبسطائهم يقف القيصر ويتوجه نحوه بسطوته وزهوه ليضمه الى صدره اعجابا ويخلع خاتمه الثمين ويقدمه له قائلا .. أنا قيصر روسيا أردت أن أضفي شرفا على خاتمي وعندما تضعه في أصبعك سيكتب له الخلود ! .. ذلك الصبي كان الموسيقار الشهير شوبان !
نعم .. بين الحاكم والرعية أجده يختل ميزان المفاضلة والقياس اذا ما توسطهما الابداع الواعي حينها قدر السلطة أن تهبط وقدر الانسان النير أن يعلو متجاوزاً الزمان والمكان والكم والاوزان !
ومع شيوع التحضر والثقافة والتمدن في سلوك وعقل الانسان تنحسر قطعا المناصب والالقاب والرتب والاسماء وتتقهقر مستكينة أزاء الفكر الخلاق والعمل المبدع والمقاصد النبيلة وأيضا أزاء كل ما من شأنه أن يبني وطناً راسخاً وأنساناً فاعلا معافى .
أجدني لست في موضوعي هادفا الانتقاص من وظيفة أو مهنة أو صنعة فكلها تبني وكلها يكمل بعضها وهي في الآخر محصلة لواقع نحياه بكل تفاصيله وتعقيداته ولكني حيال أعتراض يكمن في الاختيار والتدبير والموقع المناسب والوقت الصحيح وتلك هي المسألة !
من هذه النقطة يأتي موضوعي أو موضوع الحديث عن مرفق مهم في العالم المعاصر وهو السفارات العراقية والمؤسسات والملحقيات الادارية والثقافية في أرجاء الدنيا وهي بالطبع ليست وليدة الامس القريب فقد نشأت مع تأسسيس الدولة العراقية الحديثة في عشرينات القرن الماضي .. نشأت رصينة مكتملة الاداء والتنظيم شكلاً ومضموناً .. طواقمها متمكنة وخلفيات أفرادها مؤهلات وتدرج في الخبرة واهتمام بالسمعة والسلوك .. وزراء خارجية ذلك الزمن أسماءهم فرضت نفسها في تاريخ العراق السياسي وكلهم تدرجوا في المناصب والمهام ولم يأتوا في غفلة من الزمن ليعتلوا مناصب كبيرة على مقاساتهم ! .. والاسماء عديدة كعبد المحسن السعدون ونوري السعيد ومزاحم الباجه جي وتوفيق السويدي وجعفر العسكري وغيرهم ممن كان السفراء يترشحون ويقيمون من خلالهم .. وكان أسم العراق مهابا مميزا من خلال سلكه الدبلوماسي في الخارج المتابع لمصالح العراق ورفع شأنه في السياسة الخارجية أو في اتفاقياته ونشاطاته التجارية والثقافية ومتابعة شؤون الجالية العراقية وحضور فعالياتها في المجالات الدراسية والفنية أينما وجدت السفارة ..
لكن سفراء اليوم .. سفراء الزمن الغابر .. سفراء المحاصصة والاحزاب المشبوهة فشيئ آخر .. وشكل آخر .. وطعم آخر ! .. فهم صورة طبق الاصل للداخل الهجين والعليل الغارق في ظلام التخلف والتعصب الغبي والفوضى وصراع القوميات والطوائف وتقاسم أرض العراق وثرواته على يد غرباء مجهولي الهوية والاصل .. هم دمى من صنع وتدبير السيد المحتل .. ولهذه الدمى ُصنِعَتْ حاويات أختير لها عناوين كبيرة كالدستور والبرلمان ومجلس الوزراء ومجلس الرئاسة .. وكلٌّ عن المعنى الصحيح مُحرَّف ! .. سفرائنا والطاقم الملحق بهم كلهم خرجوا من رحم تلك الصورة الكئيبة .. صورة الاحزاب ! .. صورة الاقارب والاحباب !.. وغير هؤلاء لم ولن يطرق عليهم باب !!
هم كغيرهم أنتموا الى أحزاب اليوم ليضمنوا المكان قبل أن يشغله أنس أو جان .. أنهم حقا شطار وعرفوا من أين تأكل الكتف ! .. هؤلاء يعيشون في كل ظرف ولا يعترفون بالوطن ولا يمثلونه في الخارج .. ولاءهم فقط لولي نعمتهم ولمن أتى بهم .. فأحزابهم هي الدولة ولتحيى المصالح ! .. هم جزء من لعبة السياسة في هذا الزمان .. أي زمان ؟ .. زمان فيه رعايا البلد وأبناؤه في المهجر من مثقفين وعلماء ومبدعين يَستجْدون أنتباه السفارات لهم وتقدير مكانتهم .. فنانون يقيمون معارض تعكس وجه الوطن المضئ لا يحضر مناسباتهم السفير ولا تدعمهم السفارة في شيء ..كتاب وأدباء يؤلفون ويبدعون والسفارة لا تدري ! .. مسرحييون وسيينمائيون ينشطون وينظموا المهرجانات التي تحتضن وتدعم الكفاءات في الداخل والخارج والسفير غائب !.. وكما قيل فاقد الشيء لا يعطيه .. ومن تعوزه الثقافة الحقة من الطبيعي تجاهلها وتحاشى الاقتراب منها كي لا يحس بما ليس فيه ! .. تواجدهم وحضورهم فاعل في دعوات الموائد والفوائد !
أرثيك يا وطني .. فعصرك عصر نعاجٍ تهابها الذئاب !؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رجل في فلوريدا بعمر ال 66 عاما يكتشف صدفة أنه ليس أميركيا


.. العربية ويكند | استطلاعات الرأي تساعد على التنبؤ بنتائج الان




.. العربية ويكند | مركز -بيو للدراسات-: هامش الخطأ في استطلاعات


.. العربية ويكند | بلينكن يعزف الغيتار في كييف بالتزامن مع تقدم




.. العربية ويكند | زوجة الأمير هاري تكشف للمرة الأولى عن أصولها