الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تضامنا مع الجماهير الطلابية بمرتيل

وديع السرغيني

2013 / 11 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


خلال هذه السنين كلها ، و بعد أن اعتنقنا الماركسية ، و التزمنا و دافعنا عن تعاليمها و عن خلاصاتها العلمية الوجيهة ، اصطدمنا أكثر من مرة بالمفاهيم الغريبة و التفسيرات الناقصة ، روجت و تروج لها بعض الأوساط اليسارية باسم الإشتراكية و باسم الماركسية و اللينينية حتى .
من بين هذه المفاهيم ، ما يتعلق بجهاز الدولة ،في محاولة من هذه الجهات لمحاربة و تشويه نظرة الماركسية له ، باعتباره جهاز قمع طبقي ولد لحماية و خدمة الطبقة المسيطرة ، و صيانة أمنها و مصالحها ، ضد جميع المضطهدين و المستغلين و المهمشين ، فئات و طبقات .
و من بين أقرب الناس لاستيعاب هذا المفهوم ، بل و أشدهم استغرابا أمام ما يروج له البعض ، و ما يسعى له في محاولة لتفنيذ هذه الخلاصة الماركسية ، من خلال الإدعاء بإمكانية " التربية على حقوق الإنسان " داخل جسم هذا الجهاز القمعي ، حتى يتبدد " الشطط " و تنمحي " الخروقات " في مجال حقوق الإنسان ، و التي تبقى في نظرهم حالات شاذة و معزولة وجب فضحها و مساءلتها و متابعتها عبر تقديمها للقضاء ، الذي يجب عليه قول كلمته الفصل بكل شفافية و استقلالية .. إلخ .
هؤلاء الناس الذين استوعبوا الأطروحة الماركسية دون أن يطلعوا عليها ، و دون أن تكون لهم الفرصة لمعرفة من هو ماركس و ما هي حرفته ، هل هو لاعب كرة أو مغني أو ممثل .. إلخ . هم الناس الذين أجبرتهم المظالم الطبقية و التعسفية على الإنخراط في النضال الإحتجاجي الصريح ، بعد أن أعيتهم الشكايات و الرسائل التظلمية و الحوارات المغشوشة مع مسؤولي الدولة من كل الأنواع و الأصناف .. ناس من مختلف الفئات و الطبقات الشعبية المسحوقة و المهمومة ، تلاميذ ، طلبة ، معطلون ، موظفون ، عمال ، فلاحون بدون أرض و باعة جوالون .. إلخ . خبروا الإحتجاجات و الإعتصامات و المسيرات و أدركوا جيدا ماهية الدولة و طبيعة أجهزتها القمعية ، من درك و مخازنية و بوليس و عسكر و أعوان و مخبرين .. إلخ التي لا تتوانى عن التدخلات الهمجية و الشرسة ضد أي احتجاج و كيفما كان حجم الإحتجاج و كيفما كانت مطالب المحتجين .
خلال هذا الأسبوع عرفت مدينة مرتيل الجامعية احتجاجات طلابية في إطار الإتحاد الوطني لطلبة المغرب ، نظمتها الجماهير الطلابية تعبيرا منها عن رفضها لتسعيرة الحافلات ، بعد أن تجاهلت الشركة الإستعمارية التي نالت صفقة هذا القطاع خصوصية بعض الفئات ، الطلبة و التلاميذ ، التي من المفترض أن تنعم بمجانية التنقل . و كان طبيعي جدا ، و إلا شككنا في ماركسيتنا و أطروحتها عن الدولة و أجهزتها السلطوية و القمعية ، أن تتدخل جحافل القمع بالهراوات و عبر الركل و الضرب و السحل و الشتم و الملاحقة داخل الساحة الجامعية ، بل و إلى قلب المدرجات و أمام أعين الأساتذة " المبجلين " الذين سارعوا لإصدار بيان لهم يدينون الطلبة الذين " اعتدوا "على البوليس عبر رشقهم بالحجارة ، دون الإشارة إلى حرمة الجامعة و لحقوق الطلبة في تعريفة تنقل تلائم منحتهم و واقع محنتهم الجامعية و الدراسية . و لم تكن غزوة مرتيل التتارية خائبة بطبيعة الحال ، حيث كانت الغنيمة 6 طلبة معتقلين و العديد من الجرحى و المعطوبين و لائحة من المتابعين ، لا لشيء إلا لكون الجماهير الطلابية تجرأت و التحمت و التفت حول إطارها و اتحادها العتيد للمطالبة بحقوق بسيطة و مشروعة ، أولها هذا المطلب الذي عده الطلبة ضمن المكتسبات التاريخية التي لم تكن تنغص في شيء أرباح الشركة المنسحبة من القطاع .
سيبدو الأمر عاديا بالنسبة لمجموعة من الطلبة المناضلين في مدن جامعية أخرى تعودت على الإعتقالات و المحاكمات و المداهمات بشكل سنوي أو أكثر من مرة في السنة ، كما هو الحال في مراكش و القنيطرة و فاس و أكادير ... إلا أن الأمر غير العادي هو تردد الطلبة في التعاطي الإيجابي مع اتحادهم أوطم ، و توجس الفصائل التقدمية المتشبثة بأوطم من وحدة الصف و توحيد المطالب و النضالات و المعارك ، حيث تكون الفرصة أكثر من مرة لدعم هذه الفكرة و للمراكمة في اتجاه تحقيقها ليبقى التشرذم و التشتت واقعا يفرض نفسه بقوة بالرغم من صدقية و تضحية مناضلي و مناضلات الفصائل الطلابية التقدمية .
كان لزاما على الطلبة و المناضلين و المناضلات ، في نظرنا ، أن يلتفتوا لمشاكل التسجيل و المنحة و السكن و النقل و الإكتظاظ و حرمة الجامعة لتشكيل أرضية وحدة طلابية لخوض المعارك الوحدوية و لارجاع ثقة الجماهير الطلابية في اتحادها الطلابي أوطم ، و تنظيم الطاقات الطلابية و تعويدها على المسؤولية و المحاسبة و النقد و النقد الذاتي و جميع الأساليب الديمقراطية التي شكلت أوطم تاريخيا مدرسة لها .
قد يدعي البعض أن هذه المطالب لا تتجاوز ذلك المستوى الخبزي المنبوذ من عدد كبير من المتمركسين ، لنقول لهم و نجيب صراحة أن من لا يستميت في الدفاع عن هذه المطالب الخبزية و سائر النضالات الإجتماعية و الديمقراطية لن ينجح أبدا في تمتين علاقته مع الجماهير البائسة و المحرومة ، و ما يعارضه الماركسيون اللينينيون في هذا السياق هو الإكتفاء بالسقف الخبزي الإجتماعي و الديمقراطي ، هو زرع الوهم حول أهمية الإصلاحات و مراكمة الإصلاحات السياسية و الإقتصادية كحلل نهائي لمشاكل و قضايا الطبقات الإجتماعية المستغلة و المسحوقة . هو كذلك الإكتفاء بترديد شعارات التغيير و الثورة ، دون التفات لطبيعة الفضاء الذي نشتغل فيه و دون الأخذ بعين الإعتبار المطالب اليومية الملحة التي ترفعها الجماهير عموما ، كانوا طلبة أو معطلين أو عمال أو باعة متجولين أو فلاحين بدون أرض أو مواطنين بدون سكنى ... إلخ . هو ذا موقفنا و هي ذي نظرتنا رفعا لأي لبس أو تشويه .
ختاما لهذه المقالة المتواضعة أجدد تضامني مع كافة الطلبة المعتقلين و جميع المعتقلين السياسيين و أناشد جميع المناضلين الديمقراطيين اتخاذ المواقف و الأشكال النضالية الملائمة لخوض المعارك من أجل إطلاق سراح المعتقلين ، كما لا يفوتني تسجيل الدعم كل الدعم لنضالات الحركة الطلابية في جميع المواقع المقاومة ، مثمنا جميع الخطوات الوحدوية التي أطلقت شرارتها ندوة 23 مارس و ما تلاها من خطوات ميدانية وحدوية في اتجاه استرجاع الإتحاد و توطيد أوتاده داخل الجامعة كممثل وحيد و شرعي لمجموع الطلبة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال