الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات الحب والحرب : رواية 42

حبيب هنا

2013 / 11 / 6
الادب والفن



يقول خليل : حدثني صديقي صخر، أنه التقى ذات مساء صديقنا الذي تعرفت على تالا عندما كنت بصحبته فقال له : لم أر في حياتي كلها نظرات مملوءة بالحب كتلك التي رأيتها في عيني خليل عندما تعرف على تالا علماً أنني تجاهلت تلك النظرات حتى لا أتسبب له بأي إحراج، خاصة وأنه يعرفها للتو ومن خلالي، غير أنه لا بد من التأكيد قبل أن أستغرق في الحديث عنه، من الإشارة إلى أن تالا منذ اللحظة الأولى بادلته الشعور رغم عدم الاكتراث، وحتى التجاهل لهذه النظرات، ومع ذلك، كانت بين الحين والآخر تحاول اكتشاف المعنى الحقيقي لاستمرار النظر إليها، وهي تعرف تماماً أنها تعبر عن حب حقيقي ينبغي عدم التفريط به .
في تلك اللحظة بالذات قررت إطالة أمد اللقاء حتى يتأكد كلاهما مما عزم أمره عليه. علي هذا النحو عرفت أن لقاءات كثيرة ستكون بينهما بمعزل عن وجودي أنا العابر بالصدفة في حياتهما .
وعندما تم الإعلان عن الخطبة، وأنا واحد من المدعوين لحضور توقيع عقد القران، لم أفاجأ، خاصة أن خليلاً تعمد أن يدعوني للحضور إثباتاً على أن تلك النظرات لم تتجاوز الخطوط الفاصلة بين القيم الأخلاقية والحياة العامة التي قد تنطوي علي الفهم الخاطئ عندما يتعلق الأمر بمستقبل علاقة تمخض عنها الزواج ، مما يعني أنه أراد قطع الطريق على من يحاول المس به وبسلوكه المعروف بالاتزان غير أنه رغم ذلك، لم أحاول الإشارة إليه من قريب أو بعيد عندما دعاني للحضور،
واكتفيت باعتبار الدعوة مجرد احترام للصداقة التي بيننا ولا علاقة لها بأي منحى آخر. قد تستغرب هذا التصرف، ولكن طبيعة صداقتنا تحتم عليّ احترام مشاعر وخصوصية أصدقائي، مع العلم لا استبعد أن يكون خليل على نحو ما لاحظ أنني تعرفت على نظراته من اللقاء الأول، وليس هذا فقط، بل ربما تالا أيضا تشكل في ذهنها عدم مروري عن هذا اللقاء مرور الكرام ودون معرفة إلي أين سيفضي بهما.
هذا الاعتقاد حاولت ترسيخه عندما حضرت تالا إلى الفندق الذي ننزل فيه. فقد جاملتهما لبعض الوقت ثم غادرت المكان كي أفسح لهما المجال ليقولا ما يرغبان به لبعضهما البعض.
أنا اعرف صديقنا ، لم يتوقع مني أن أحب بهذا القدر من الإخلاص؛ ولأنه فوجئ بهذا الأمر وأنا لم أفاجئه ذات مرة بما هو داخلي من إحساس غالباً ما يفيض منسوبه ويطل علي المحيطين بي عند المفاصل الحرجة. ولكن،لا اخفي عليك أنني عندما كنت طفلاً حلمت أن أتزوج امرأة جميلة وزكية أنجب منها أربعة أطفال ، اثنان لي أربيهم حسب أهوائي وما ارتئيه مناسباً وفق أساليب التربية الحديثة حتى أفسح أمامهما المجال واسعاً كي يقررا السلوك الذي يسلكانه عندما يشتد عودهما، واثنان آخران أترك لهما فرصة الاختيار منذ الطفولة مع متابعة عدم الانحراف عن السلوك العام، في محاولة أن أسهم فيها بنصيبي من الدفاع عن الوطن .
ففي الأولى، أكون قد وصلت إلى توفير المناخات المناسبة للتعليم وتحقيق أعلى الطموحات لنهل العلم من منابعه وخلق عادة السعي للوصول إلى المعرفة المطلوبة . فإن استطاعا خدمة الوطن في هذا الإطار كان ذلك غاية ما أطمح، وإن لم يستطيعا فلا بأس لأنه في الحالة الثانية ستصيبهما البطالة وعدم توفير لقمة العيش في صميم الحياة اليومية، وبالتالي يستوي عندهما الحياة والموت ويُضْحِيان في ظل الرعب المتواصل وانحياز العالم إلى جهة الظالم مستعدين للرد على أبشع الجرائم التي يتعرض لها شعبنا دون أن يرف لهما جفن . بالإضافة إلى أنه قد يساهم أربعتهم في نصيبهم من الدفاع عن الوطن، ولكن كل بطريقته . الأول بالعلم، فيما الثاني باللغة التي لا يفهم الاحتلال سواها .
وبهذا أكون قد ساهمت بنصيبي في استمرار الصراع إلى أن نحصل على حقوقنا كاملة . علماً بأن هذا الأمر لم يسبق لي أن تحدثت عنه، لدرجة أخذ عليّ البعض الخوف من صوت الانفجارات والطائرات وما يترافق مع حالة الحرب الدائمة في غياب إيجاد حل عادل ومنصف ولا يساوي بين المحتل والواقع تحت الاحتلال .
هنا بالضبط، يصيبنا الخطر في مقتل . نصل إلى قناعة غير قابلة للشك : ما دمنا لا نملك شيئاً، فلسنا بحاجة إلى الاهتمام بأشياء الآخرين، فهي ليست من حقنا وليس من حقنا في أبسط الحدود الاهتمام بها أو الدفاع عنها . هذا الأمر قد نسحبه على مختلف مناحي الحياة بما فيها الوطن، ذلك أن الظلم واحد مهما حاولنا تخفيف وطأته، أكان على يد الاحتلال أو العالم الصامت على جرائمه، أم على أيدي من يتحكمون بالشعب باسم الوطن في ظل غياب العدالة الموجبة بين مختلف شرائح المجتمع وفئاته بعيداً عن الانتماءات السياسية التي هي في المحصلة غاية الغرض منها الوصول إلى الأهداف الوطنية التي تزيل عن كاهلنا ظلم الاحتلال وبطشه .
إذن، كيف لنا والحال هذه، أن ندافع عن وطن لا يساوي بين أفراده، في الحقوق والعدالة والفرص ؟ عندئذ، نستسلم للسكينة ونقول لأنفسنا : علينا أن نترك الدفاع عنه للمستفيدين منه، للذين يجبون أرباحه دون وجه حق، من دمنا وحاجتنا إلى رغيف الخبز .
هذه المعادلة مكمن الخطر في انتشارها بين معظم الناس، فيصبح الوطن أرضاً مباحة، سائبة لا مدافع عنها ومحل أنظار الطامعين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع