الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم للطفل السوري

بدر الدين شنن

2013 / 11 / 8
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


وسط انفجارات قنابل وصواريخ الحرب .. وصرخات الاستغاثة .. ننحني خجلاً أمام الطفل السوري .. الذي لم نستطع أن نمنع عنه الغيلان والذئاب .. وصار في الزمن السوري الرديء .. شهيداً .. ومشرداً .. ومرعوباً . وننحني للأم السوريية .. إجلالاً .. لاحتضانها أطفالها .. تحت القصف .. وتحت الحصار .. وفي مهاجر الذل ومراكز الإيواء ..

بين ركام الدمار الهمجي .. يتساءل الطفل السوري الصغير ، حسب وعيه البرعمي ، لماذا هو يتعرض .. للجوع .. والرعب .. والتهجير .. ولكل هذه الشراسة والظلم في قتله .. وفي اغتيال حقه في الحياة .
وتتساءل الأم الثكلى بأبنائها .. والأرملة لعزيز عمرها .. لماذا كل هذا التوحش .. في تدمير العائلة السورية .. ومصادرة المستقبل .. بالعبث بحياة ومصير الأطفال .. وخلايا المجتمع .

لايستطيع الطفل ، الذي يتراوح عمره بين عدد أصابع الكفين ، أن يحدد من المسؤول عما جرى ويجري له ، من استباحة دمه .. وأمنه .. ومستقبله . لكنه يعي ، أن الكبار الذين يحبون أن يظهروا ، أنهم قادرون على كل شيء .. لابد أن يحموه .. ويمنعوا عنه الوحوش ..

والأم ، البسيطة المنغمسة ، بهم لقمة العائلة .. ودراسة الأبناء .. واحتواء حب وراحة الزوج .. ليس بوسعها أن تفسر الأحوال .. وتحلل السياسة .. وترسم دروب الحل . لكن بوسعها ، بعد أن ذاقت قهر الحرب المدمرة .. وآلامها .. وعايشت توحش الولوغ في الدم ، والتلاعب بقيم ورثتها .. واعتادت عليها .. وقدستها .. أن تدل بأصبعها على المسؤولين عما ألم بها وبأسرتها من آلام وحرمان ، وضياع ، ومذلة .. إنهم أولئك الذين يتصدرون مقابلات التلفزيونات .. ويزعمون أنهم يمثلون الشعب . أي أنهم يمثلونها ، ويمثلون أبناءها وزوجها ، الذين قتل منهم من قتل .. وشرد معها من تشرد . إنهم أولئك الذين يعلنون أنهم مصممون .. وخلفهم تقف دول كبرى وصغرى ، على الوصول إلى أهدافهم .. عبر مواصلة القتال والقتل والتدمير .. من قرية إلى قرية .. ومن بيت إلى بيت في شوارع المدن . أي أنهم مصممون على قتل المزيد من الأطفال ومن الأمهات .. وتهجير المزيد من العائلات المستهدفة منازها ومدنها ، ومعتقداتها . وكأنهم جردوا من الضمير والأخلاق والمشاعر الإنسانية ، وتحولوا إلى آلات مبرمجة على الإتيان بالأفعال المشينة ..
وإنهم أولئك الكبار في الدول العظمى ، الذين لايفكرون بالطفل السوري .. وما يرتكب بحقه من جرائم .. وإنما يفكرون فقط .. عبر مفاعيل آلة الحرب .. كيف سيستحوزون على مليارات الأطنان من مخزون الطاقة في سوريا .. وكيف سيستخدمون الجغرافيا السورية في مشروعاتهم العولمية للهيمنة على العالم .

والأطفال والأمهات يتساءلون .. لماذا ؟ .. وما الذي سيحصلون عليه في النهاية .. ؟ ..

إن عدد القتلى السوريين بعامة والأطفال بخاصة .. هو وصمة عار في جبين من قرر وأشعل الحرب .. ومن قرر .. ويقرر متابعة هذه الحرب .

إن الصراع الكارثي في سوريا ، قد أنتج أزمة إنسانية ، هي من أسوأ وأخطر الأزمات في تاريخ سوريا .. هي أكبر من أزمة الصراع على السلطة .. وأكبر من التكالب الدولي للهيمنة على سوريا .. وأكبر من كل الخسائر المادية لهذه الحرب مهما بلغت .. إنها أزمة الطفل السوري النفسية .، إنسان المستقبل .وما تحمله من تشوهات وآلام إلى بنية المجتمع القادم .

تصوروا طفلاً عمره ثلاث سنوات أو أكثر قليلاً .. يترقب خائفاً .. بين لحظة وأخرى .. سقوط قنابل الهاون قرب أو فوق مأواه .. ولما تسقط القنابل المتوقعة .. يرتجف .. ويصرخ .. ويبكي .. لأنه رأى مرات ومرات .. كيف تمزق هذه القنابل أجساد رفاقه من أبناء الجيران .

وتصوروا أماً تخاف على عرضها .. وعرض بناتها .. من فوضى الاشتباكات .. واستخدام منزلها في هذه الاشتباكات . لأنها تعرف ما الذي جرى هنا وهناك في المنازل المبتلاة في هذه الفوضى .

قبلة حارة على وجنات أطفال سوريا .. أنى وجدوا .. في بيوتهم .. الذين يكابدون الحصار .. والرعب .. والقنابل المفاجئة .. وشح اللقمة .. أو في خارجه .. في جميع مخيمات الهجرة ومراكز الإيواء ، الذين يكابدون البرد والمرض والحرمانات وذل التهجير .

وقبلة أخوية على جبين الأم السورية البطلة التي تحتضن أبناءها .. تحت النار .. والحصار .. وفي خيام اللجوء والإيواء المهينة .

ومن أعماق الجراح .. وبرك الدم .. والبيوت المدمرة .. ترتفع أصوات كل الشرفاء تردد .. إن سوريا الأبية العريقة .. لن تسمح لهذا العار أن يستمر .. وسيعرف الشعب السوري الشجاع .. أن يعيد زرع الزهور .. والأمان .. والفرح .. للطفولة الضحية .. وللأم الحزينة .. وسيحاسب كل من ارتكب هذه الجرائم بحق الطفولة والأمومة

إن الطفل السوري المسلوب منه الأمان .. وربما الأخ .. أو الأم .. أو الأب .. الذي حكمت عليه الحرب اللاإنسانية واللاأخلاقية .. أن يموت في أي لحظة .. يستحق أن يكرس يوم خاص من أجله .. من أجل حمايته .. وإعادة الفرحة لعينيه .. وإعادة ألعابه وكتب المدرسة وقبلات أمه إليه ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدعو سوريا -لاستغلال الهدوء- للتقارب مع المعارضة والتح


.. VODCAST الميادين | حمة الهمامي - الأمين العام لحزب العمال ال




.. غريتا ثونبرغ تنضم إلى آلاف المتظاهرين لأجل المناخ في هلسنكي


.. نيران تأتي على البرلمان الكيني إثر اقتحامه من آلاف المحتجين




.. ماكرون: -برنامج اليمين واليسار سيؤديان الى حرب أهلية في فرنس